Posts

Showing posts from 2017

لوحات عالميـة – 437

Image
الفقـر للفنانة الألمانية كاثـي كولفيـتز، 1893 معظم الرسّامين يميلون إلى إظهار جمال العالم في لوحاتهم. لكن كاثي كولفيتز كرّست وقتها وموهبتها لرسم الجانب المظلم من الحياة، حيث الألم والحزن والمعاناة جزء من الحالة الإنسانية. عاشت هذه الرسّامة كشاهد على زمنها الذي اتّسم بالاضطرابات السياسية والاجتماعية، وعاصرت حربين عالميتين، ورأت عيانا معاناة البشر والحيوات الكثيرة التي أزهقت، بمن فيهم ابنها الذي قُتل في الحرب العالمية الأولى وحفيدها الذي قُتل في الحرب الثانية. كانت كولفيتز فنّانة ملتزمة وأصبحت بنظر الكثيرين تجسّد ضمير ألمانيا بدعوتها إلى السلام ونبذ الكراهية والحروب، وهو موقف شجاع ومحفوف بالمخاطر بالنسبة لأيّ فنّان عاش في ألمانيا في تلك الفترة. وعندما تحوّل الحكم النازيّ إلى فاشية شمولية، أصبحت السلطة تنظر إلى فنّها بعين الشكّ والتوجّس. ومنع النازيّون آنذاك ودمّروا كلّ ما كانوا يعتبرونه فنّا منحلا واضطهدوا، بل وقتلوا العديد من الرسّامين والمفكّرين والمثقّفين. لوحات كاثي كولفيتز ليست جميلة ولا مريحة، بل تثير الحزن والألم لأنها تتحدّث عن الحرب والجوع والفقر والمو...

لوحات عالميـة – 436

Image
الكاهـن المتـزلّـج على الجليـد للفنان الاسكتلندي هنـري ريبـيـرن، 1790 كانت نهاية القرون الوسطى تمثّل العصر الذهبيّ للوحات التي تصوّر مناظر الثلج والتزلّج على الجليد. ولم يكن هذا بالشيء المستغرب، ففي تلك الفترة ساد أرجاء أوربّا ما عُرف بالعصر الجليديّ الصغير، وكان على الناس وقتها أن يواجهوا الظروف الصعبة الناتجة عن الجوّ البارد جدّا. وكان من أفضل فنّاني هذا النوع من الرسم كلّ من هندريك ايفركامب ويوهان جونكيند وفريدريك كروزمان وغيرهم. الرسّام هنري ريبيرن رسم، هو أيضا، واحدة من أشهر لوحات الفصول وأكثرها جاذبيةً. وفيها يظهر راهب يُدعى روبيرت ووكر وهو يتزلّج في بحيرة لوك المتجمّدة في اسكتلندا. ووراءه يظهر أفق فضّيّ تذوب فيه التلال في الجليد. المفارقة التي تثيرها الصورة هي أن زعيما دينيا يجد ما يكفي من الوقت لأن يتخفّف من أعباء مسئولياته ويمارس هوايته الأثيرة. وهو في اللوحة يبدو جادّا، وفي نفس الوقت منهمكا في إمتاع نفسه. المنظر يثير أيضا شعورا بالانضباط والمهارة، فذراعا الرجل مطويتان خلف ظهره لتخفيف المقاومة. والمنحنيات الظاهرة على سطح الجليد تشير إلى آثار الم...

لوحات عالميـة – 435

Image
بورتـريه ماريّـا بورتيـناري للفنان الألماني هانـز ميمـلينـك، 1470 استمرّ عصر النهضة حوالي مائتي عام، وكان له تاريخ طويل ومعقّد ما يزال يُدرَّس ويناقَش حتى اليوم. في ذلك العصر، شهد الرسم والنحت والمعمار ازدهارا غير مسبوق في أماكن متفرّقة من أوربّا. هانز ميملينك كان احد أعظم رسّامي البورتريه في عصر النهضة الشمالية. ورغم انه مولود في ألمانيا، إلا انه اعتُبر رسّاما هولنديّا لأنه قضى معظم حياته في بورغيس الواقعة في مقاطعة الفلاندرز والتي كانت آنذاك مستعمرة ايطالية. كان ميملينك متأثّرا بأسلوب فان دايك في تركيزه على الدقّة وإبراز التفاصيل. وقد ترك بصمته على عدد من الرسّامين الايطاليين في القرن الخامس عشر، بمن فيهم رافائيل. لوحات ميملينك تتميّز بأناقتها مع إحساس كبير بالتناغم. وملامح شخوصه تنطق بالجمال والنعومة، كما في رسمه لوجوه المادونات. كان الرسّام قد انتقل إلى هولندا عام 1465، حيث درس على يد روهيير فان دير وايدن ثم اكتسب جنسية بورغيس وصار واحدا من أهم الرسّامين فيها. وبحلول عام 1480، كان قد أصبح احد أغنى الأثرياء في المدينة بفضل براعته في رسم البورتريه وإتقانه ت...

لوحات عالميـة – 434

Image
الكمـان القـديـم للفنان الأمريكي وليـام هـارنيـت، 1887 في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كان رسم الطبيعة هو الاتجاه الغالب على الرسم في أمريكا، بالنظر إلى جمال وتنوّع الطبيعة الأمريكية التي كانت تغري الفنّانين برسمها، بالإضافة إلى مضامينها المجازية والروحية. ولهذا السبب لم يكن رسم الحياة الساكنة يحظى سوى بالقليل من الاهتمام. ومن بين الرسّامين الأمريكيين الذين اختاروا أن يتخصّصوا في تصوير الحياة الصامتة وليام هارنيت، الذي أصبح في ما بعد احد أشهر الرسّامين الذين برعوا في هذا النوع من الرسم. كان هارنيت يُلّقب بأبي الحياة الصامتة في أمريكا، وكانت لوحاته مشهورة في زمانه، وما يزال لها جاذبية حتى اليوم. كان هارنيت بارعا في فنّ الإيهام الذي نشأ أوّل الأمر في فرنسا، ويعني رسم الأشياء بأحجامها الحقيقية وبواقعية شديدة في فراغ ثلاثيّ الأبعاد باستخدام المنظور، مع تفاصيل دقيقة وألوان حقيقية ونسيج مقنع، لدرجة أن المظهر العامّ للأشياء المرسومة يبدو قريبا جدّا من الواقع. هذه اللوحة تُعتبر تحفة هارنيت بلا منازع. وقد اعتبرها النقّاد وقتها انجازا كبيرا وغير عاديّ في مجال التلوين...

لوحات عالميـة – 433

Image
شـاي في سانتـا مونيكـا للفنان الروسي نيكـولاي فيتشيـن، 1923 كان نيكولاي فيتشين احد كبار الفنّانين الروس الذين تخصّصوا في رسم البورتريه. وبسبب قدرته الكبيرة على الإمساك بجوهر الشخص المرسوم، أصبح يُصنّف في عِداد مشاهير الفنّانين الانطباعيين الذين برعوا في هذا النوع من الرسم. كان فيتشين تلميذا لامعا للرسّام الروسيّ المشهور ايليا ريبين. وتحت إشراف الأخير، رسم فيتشين في سان بطرسبورغ عددا من اللوحات ذات المواضيع التاريخية، ثم بدأ يركّز على رسم البورتريه. وقد سافر في عام 1904 إلى سيبيريا مع صديق جيولوجيّ، وزار بعض المناطق الريفية هناك وسجّل بعض مظاهر الحياة اليومية للمزارعين المحليّين. وفي ما بعد، أصبحت رسوماته تلك للحياة الزراعية في روسيا حديث المعارض الكبيرة في أوربّا وأمريكا. في فبراير من عام 1917، تنازل القيصر نيكولاي الثاني عن الحكم في روسيا وتولّت السلطة في موسكو حكومة ثورية. ثم لم تلبث البلاد أن دخلت فترة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية والحروب الأهلية المتقطّعة. وأدّى ذلك إلى انهيار القانون ونقص الأغذية والدواء وغيرها من ضرورات الحياة. لذا قرّر فيتشين أن ي...

لوحات عالميـة – 432

Image
العائلـة المرحـة للفنان الهولندي يـان سْتـين، 1668 كان يان ستين احد أشهر رسّامي ما يُعرف بالعصر الذهبيّ للفنّ الهولنديّ. ولوحاته معروفة بعمقها السيكولوجيّ وبروح الدعابة فيها ووفرة الألوان. كان حكواتيّا بارعا مع موهبة مسرحية ومعرفة بكيفية اختيار المزاج الذي يناسب كلّ لوحة. وكانت أعمال ستين تُقيّم عاليا من قبل معاصريه وتبيع جيّدا. وقد رسم خلال حياته أكثر من ثمانمائة لوحة لم يتبقّ منها اليوم سوى ثلاثمائة. واشتهر خاصّة ببراعته في رسم الضوء وباهتمامه بالتفاصيل، وخاصّة رسم السجّاد وغيره من أنواع النُّسُج والأقمشة. أسلوب الفنّان الفخم في الرسم، والمضمون الأخلاقيّ للوحاته، لفت إليه أنظار الكثيرين في عصره وفي العصور التالية. كان يوظّف في رسوماته أفكارا من المسرح. وكثير من الشخصيات التي رسمها هي شخصيات مسرحية وليست من الواقع. وللوهلة الأولى قد تظنّ أن مناظره رُسمت لمجرّد التسلية، غير أنها في الغالب تتضمّن إشارات ورسائل خفيّة، بالإضافة إلى إشارات من الأدب والأمثال الهولندية القديمة. من أشهر أعمال ستين هذه اللوحة، وفيها يرسم مشهدا من الحياة اليومية هو عبارة عن عائلة يجت...

لوحات عالميـة – 431

Image
بورتريه شخصيّ: الحيرة ما بين الرسم والموسيقى للفنانة السويسرية انجيـليكا كوفمـان، 1794 في القرن الثامن عشر، كان العرف الشائع في أوربّا هو أن تبقى النساء في المنازل وأن يركّزن اهتمامهنّ على تربية الأطفال ورعاية العائلة. وكانت أفكار شخصيّات مثل جان جاك روسو ونابليون تؤكّد على هذا المنحى. وما كرّس ذلك الاتجاه أكثر هو إقبال الناس وقتها على دراسة واستعادة حياة وتراث الرومان الأقدمين الذين كانت أعرافهم لاجتماعية تنحو باتجاه إخضاع النساء لإرادة الرجال ومنحنهنّ القليل جدّا من الحقوق. لكن هذا لم يمنع ظهور بعض النساء المبدعات اللاتي اضطررن لاستخدام أسماء ذكورية لكي لا يُتّهمن بمصادمة العرف الاجتماعيّ، والقليل منهنّ تمكنّ من انتزاع بعض الحقوق والتمتّع باستقلالية نسبية. ومن بين هؤلاء الرسّامة انجيليكا كوفمان التي ولدت لأب كان يعمل رسّاما محترفا، وقد علّمها منذ صغرها أصول الرسم. كان عمرها ستّة عشر عاما عندما أخذها والدها معه إلى النمسا وايطاليا وألمانيا حيث زارت العديد من المتاحف واستنسخت أعمال بعض كبار الرسّامين، كي تطوّر مهاراتها وتوسّع معرفتها بأساليب الرسم وطرقه المبتكر...

لوحات عالميـة – 430

Image
لله ما أعطـى ولله ما أخـذ للفنان البريطاني فـرانك هـول، 1868 كان الرسّام فرانك هول معروفا بتعاطفه الشديد مع أحزان وهموم الفقراء والمحتاجين. وكان يزور قرى الصيّادين ويرسم النساء والأطفال داخل بيوتهم المتواضعة. بل انه لم يتردّد في دخول الأحياء الواقعة في أطراف لندن، رغم خطورتها. وقد رسم من واقع زياراته تلك مناظر لم يكن الناس قد رأوها من قبل، وإن كانوا قد قرءوا عنها في روايات تشارلز ديكنز وغيره من الكتّاب الواقعيين الانجليز. في ذلك الوقت، كان الفنّانون يفضّلون رسم مناظر للرجال وهم يزاولون أعمالهم اليومية. لكن هول كان يركّز على النساء والأطفال ويرسم ردود أفعالهم على الكوارث والموت. في إحدى لوحاته ، يرسم الفنّان زوجة صيّاد وهي تدفن وجهها بين يديها تعبيرا عن قلقها، إذ تنتظر ما يبدو وكأنه أخبار محزنة عن زوجها. وفي لوحة أخرى ، نرى أمّاً حزينة فقدت طفلها للتوّ. وإلى جانبها تظهر طفلتها الأخرى وهي تنظر إليها بحزن إذ لا تعرف ما الذي يمكنها فعله للتخفيف عن أحزانها. في زمن هول، كانت الوفيات في أوساط الأطفال الرضّع عالية جدّا، خاصّة بين الفقراء. وكان طفل من كلّ خمسة أ...

لوحات عالميـة – 429

Image
متحف صُوَر لمناظر من روما الحديثة للفنان الايطالي جيـوفاني باولـو بانيـني، 1759 كان جيوفاني بانيني أشهر فنّان رَسَم معالم مدينة روما. وهو يشبه كثيرا مواطنه الرسّام كاناليتو الذي اشتهر برسوماته لمدينة فينيسيا. وقد رسم الاثنان العديد من اللوحات التي كانت تروق لزوّار المدينتين من الأجانب. وبفضل لوحاته التي كان العديد منها يصوّر آثار روما القديمة، أسهم بانيني إلى حدّ كبير في الترويج للسياحة في ايطاليا والتعريف بمعالمها. وكانت مناظره مطلوبة كثيرا من قبل زوّار المدينة، خاصّة الشغوفين بالآثار الكلاسيكية. وكانوا يشترونها للاحتفاظ بها كتذكارات للمدينة ولصروحها القديمة والمشهورة. كان معظم زبائن بانيني من انجلترا، وكان بينهم أمراء ونبلاء وتجّار. وفي ما بعد انتقل ذلك الشغف بايطاليا وحضارتها إلى الأمريكيين في القرن التاسع عشر. كانت رسومات هذا الفنّان لمباني وآثار روما تتميّز بدقتّها ووضوحها، وكان أحيانا يضعها في سياق غير مرّتب ويضفي عليها عناصر من الحقبة الرومانسية ومن أواخر عصر الباروك. ولطالما أثارت تلك الصور الحنين إلى ايطاليا كأرض قديمة وخالدة. هذه اللوحة هي واحدة من سلس...

لوحات عالميـة – 428

Image
بورتـريه امـرأة تُدعـى سافـو القرن الأوّل الميلاديّ تُعتبر سافو أوّل شاعرة أنثى عرفتها الحضارة الإنسانية وأحد الأصوات النسائية القليلة التي تتحدّث إلينا من العصور القديمة. وقد عاشت على أرض جزيرة ليزبوس اليونانية في الفترة ما بين عامي 620 و 570 قبل الميلاد. وكان سكّان هذه الجزيرة مشهورين باهتمامهم بالآداب والفنون. حياة سافو تلفّها الأساطير والمعلومات المتوفّرة عنها قليلة. لكن يقال مثلا أن أسلافها جاءوا من الأناضول أو من بلاد فارس، وأنها ولدت حوالي عام ستمائة قبل الميلاد لإحدى العائلات الثريّة. وما من شكّ في أن هذه المرأة لعبت دورا مهمّا في إعادة صوغ مفردات الفنّ والحبّ والرغبة. وقصّتها تتغيّر من عصر إلى عصر تبعا لتغيّر نظرة المجتمع إلى مسائل الجندر والجنسانية. وقيل أيضا أنها كتبت أشعارها لطائفة من النساء اللاتي كنّ يحتفين بالأنثى ويركّزن على مسائل النضج والزواج والولادة وما إلى ذلك. وقد كتبت سافو تسعة دواوين شعرية تضمّ أكثر من عشرة آلاف بيت. وكانت قصائدها مشهورة جدّا في العالم القديم الذي كان ينظر إلى أشعارها كرمز للحبّ والرغبة بين النساء. وهناك رأي يقول إن س...

لوحات عالميـة – 427

Image
حقول الخشخاش بالقرب من ارجنتوي للفنان الفرنسي كلـود مـونيـه، 1873 كان من عادة الانطباعيين أن يولوا أهميّة خاصّة للانطباع الفوريّ للمنظر مع إغفال معناه أو دلالته. وقد قدّموا في أسلوب رسمهم الجديد نظرة حديثة عن عالم مقبول ومحتفى به. كلود مونيه كان الشخصية الرائدة والأكثر أهمّية في الحركة الانطباعية. وكان هو وزملاؤه، بيسارو ورينوار وسيسلي، مهتمّين كثيرا بالإمساك بالتأثيرات البصرية لضوء الشمس على ألوان وأشكال الطبيعة. في هذه اللوحة، والتي رسمها في نفس الوقت تقريبا الذي رسم فيه لوحته المشهورة انطباع عن شروق الشمس، يكشف مونيه عن شغفه بالألوان برسمه منظرا لحقول الخشخاش في بلدة ارجنتوي الواقعة على ضفاف نهر السنين على بعد حوالي عشرة كيلومترات من باريس. كان الفنّان قد عاش في تلك البلدة حوالي ستّ سنوات من عام 1871 إلى 1878. وهو يستذكر في اللوحة نزهة قام بها على الأقدام بصحبة زوجته وابنه في احد أيّام الصيف. في مقدّمة الصورة تظهر زوجته كميل التي تمسك بمظلّة وتعتمر قبّعة مع ابنه جان الذي يمسك بباقة من الأزهار بينما يختفي وسطه بين العشب. وهما مرسومان بضربات من البنفسجيّ والأ...

لوحات عالميـة – 426

Image
الليـل: مينـاء في ضـوء القمـر للفنان الفرنسي كلـود جوزيـف فيـرنيه، 1771 كان كلود فيرنيه احد أشهر الفنّانين الذين تخصصوا في رسم المناظر البحرية في القرن التاسع عشر. وكانت أعماله مثار إعجاب الكثيرين. وقد امتدحه الفيلسوف الفرنسيّ دونيه ديديرو وتعجّب من قدرته على التوفيق بين عدّة تأثيرات متباينة للضوء. كان ديديرو مفتونا بمناظر الطبيعة، خاصّة عندما تكون في حالة ثورة وغضب، وكان يجد فيها بعضا من مظاهر الفخامة والعظمة. فيرنيه نفسه كان متأثّرا بمناظر الطبيعة الكلاسيكية لنيكولا بُوسان وكلود لوران وبالمناظر البحرية لمناطق شمال أوربّا في القرن السابع عشر. وقد تلقّى في روما تدريبا على يد كلّ من الرسّامين اندريا لوكاتيللي وجيوفاني بانيني. وهذه اللوحة تُعتبر نموذجا للمناظر التي كان يرسمها. وهي لا تصف مكانا محدّدا، لكنها تستدعي شاطئا متوسّطيا ربّما كان في جنوب نابولي. وفيها نرى مشهدا ليليّا لمجموعة من صيّادي الأسماك. بعضهم يستريحون على الشاطئ بعد عناء يوم عمل ويُعدّون طعامهم على نار بسيطة، بينما يظهر آخرون وهم يصطادون على ضوء القمر. وإلى اليمين نرى برجا محصّنا وضخما يذكّر ب...

لوحات عالميـة – 425

Image
امـرأة تقـرأ رسـالة للفنان الهولندي يوهـان فيـرميـر، 1660 بعض الروائيين، من أمثال مارسيل بروست وأغاثا كريستي وتريسي شيفالييه وسوزان فريلاند وكاثرين ويبر وغيرهم، استدعوا مناظر فيرمير في أعمالهم الأدبية. وقد يكون احد الأسباب هو الغموض الذي يحيط بهذا الرسّام بعد أن عاش مائتي عام في عالم النسيان بعد موته. كما أن السمة السردية للوحاته تتيح لكلّ شخص أن يؤلّف قصّة خاصّة عنها. لوحات فيرمير عن الحياة المنزلية للهولنديين تأخذ المتلقّي إلى مكان وزمان مختلفين. ورغم مرور أكثر من ثلاثمائة عام على وفاته، إلا انه ما يزال لصوره نفس النوعية ونفس القوّة والقدرة على إشراك المتلقّي وجعله جزءا من القصّة. أحيانا يقال أن فيرمير كان يرسم فنّاً من اجل الفنّ. لكن هذا الرأي لا يدعمه الواقع، فقد كان يرسم غالبا بتكليف من الآخرين، ولو كان يرسم لنفسه أو من اجل المتعة الشخصية لكان هذا الكلام صحيحا. في هذه اللوحة، يصوّر فيرمير امرأة تقف جانبيّا وسط غرفة وترتدي معطفا من الساتان الأزرق الشاحب بينما تقرأ رسالة. وجهها في الظلّ تقريبا وفمها مفتوح بعض الشيء ورأسها منحنٍ إلى الأمام قليلا. وعلى الطاول...

لوحات عالميـة – 424

Image
منظـر طبيعـيّ من بـورمي للفنان الفرنسي هنـري إدمـون كـروس، 1908 يشير مصطلح الانطباعية الجديدة إلى أسلوب في الرسم توضع فيه الألوان على رقعة القماش كنقاط صغيرة جنبا إلى جنب. والناظر يرى هذه الألوان من مسافة كمزيج بصريّ وكأنماط زخرفية تشبه الموزاييك. وبداية الفكرة تعود إلى عام 1880، عندما درس الرسّام الفرنسيّ جورج سورا بعض الكتابات التي تتحدّث عن نظرية الألوان، ثم ابتكر تقنية جديدة في الرسم اسماها فصل الألوان أو التقسيمية. والميزة الأساسية لها هي أنها تعطي وهجا وحيوية اكبر للألوان. وعندما توفّي سورا في سنّ مبكّرة خلفه بول سيغناك الذي استبدل تسمية التقسيمية بالنقطية. وفي عام 1886 استبدل الناقد فيليكس فينيون المصطلح بالانطباعية الجديدة. ولم تلبث هذه الحركة أن انتشرت إلى بلجيكا وهولندا على أيدي رسّامين مثل فان ريسلبيرغ ويان توروب وغيرهما. وحتى فان غوخ عاصر هذه الحركة واهتمّ بنظريات زعيمها سورا ورسم عدّة لوحات بطريقة النقطية. ومن أشهر شخصيّاتها أيضا هنري كروس وماكسيميليان لوس وسيغناك، ثم انضمّ إليهم في ما بعد كميل بيسارو. وكلّ هؤلاء وظّفوا النظريات العلمية للون وال...

لوحات عالميـة – 423

Image
أغنـية الـراعـي للفنان الفرنسي بييـر بوفـي دو شافـان، 1891 بعض الحركات الفنّية نشأت كمحصّلة لعقود من التغيير الثقافي، والبعض الآخر ظهرت نتيجة للاكتشافات الحديثة. وقريباً من نهاية القرن التاسع عشر، نشأت حركات فنّية ابتدعها وقادها كتّاب وأدباء. ففي عام 1886، نشر الشاعر والناقد الفرنسيّ جان موريه في جريدة لوفيغارو ما عُرف بالبيان الرمزيّ. في ذلك الوقت، كانت الرومانسية هي المهيمنة على الفنّ والأدب في أوربّا طوال ثمانين عاما. وقد دعا موريه في بيانه إلى التحوّل من التصوير الطبيعيّ للعالم إلى التعبير عن الأفكار الذاتيّة، أي أن يركّز الفنّانون على تصوير رؤاهم الخاصّة باستلهام عالم الأساطير الغامضة. ومن هنا ولدت الرمزية في الفنّ والأدب. وقد اعتنق العديد من الرسّامين الفكرة الجديدة وطوّروا من خلالها أسلوب رسم مبتكرا ومبسّطا. وكان في طليعة هؤلاء كلّ من بول غوغان وبيير بوفي دو شافان اللذين حوّلا مشاهد الحياة اليومية إلى ما يشبه الطقوس. ثم لم يلبث أن تبعهم آخرون مثل اوديلون ريدون الذي ساعده خياله الجامح على منح حياة جديدة لهذه الفكرة من خلال مخلوقاته المهجّنة والظلاميّة. ...

لوحات عالميـة – 422

Image
آخـر أيّـام بـومبـي للفنان الروسي كـارل بـريـولـوف، 1830 إبتداءً من منتصف القرن الثامن عشر، أصبحت قصّة ثوَران بركان فيزوف موضوعا يثير افتتان الناس واهتمامهم. وفي نفس الوقت بدأ علماء الآثار عمليات الحفر بحثا عن مدينة بومبي القديمة والمدفونة تحت رماد البركان. كانت تلك الحادثة ذات جاذبية خاصّة بالنسبة للرسّامين الرومانسيين. ومن بين هؤلاء كارل بريولوف الذي قضى في ايطاليا ثلاثة عشر عاما درس خلالها مدارس الفنّ وأعمال كبار الرسّامين. وأثناء إقامته في ايطاليا، وبالتحديد عام 1827، زار الرسّام مواقع التنقيب والحفر في بومبي ورأى المدينة محفوظة تحت طبقات كثيفة من الرماد. كانت الكارثة سريعة ومفاجئة وأدّت إلى مقتل غالبية سكّان المدينة في يوم واحد وتوقُّف الحياة بشكل تامّ. ولكي يرسم منظر الكارثة، بدأ بريولوف بدراسة الآثار التي وُجدت في مكان الحادثة، ثم قرأ الرسائل التي كتبها المؤرّخ الرومانيّ بليني الابن الذي كان شاهد عيان على ما حلّ ببومبي وجارتيها هيركولانيوم وستابيا. كما قضى الرسّام وقتا طويلا في المتاحف محاولا أن يتخيّل كيف تصرّف الناس بعد الكارثة، وحضر في فلورنسا عرضا أث...

لوحات عالميـة – 421

Image
مدينة الحمّامات وجامعها للفنان السويسري بـول كلـي، 1914 يُعتبر بول كلي صاحب أكثر اللوحات موسيقيةً في القرن العشرين. الكثير من لوحاته تتضمّن صورا لموسيقيين وعازفي بيانو ومغنّين وضاربي دفوف. وكثيرا ما كان يمزج صوره بعناصر موسيقية مثل الصيغ والنوتات والتواقيع، وبعناصر البناء الموسيقيّ كالنغم والهارموني والبوليفوني والإيقاع التصويري وخلافه. ومن خلال أشكاله ورموزه التجريدية، كان كلي يعبّر عن أكثر المواضيع تنوّعا والتي كان يرسمها من مخيّلته، وفي طليعتها الموسيقى والشعر والأدب وعلاقتها بالعالم. كان الرسّام مفتونا بالكلمات والأنغام. والأسماء الشاعرية الجميلة التي كان يختارها للوحاته تشي بشغفه هذا الذي يعكس ميله لكلّ ما هو فانتازيّ وشاعريّ وتأمّليّ. ورغم النجاح الذي حقّقه أثناء حياته، إلا انه اعتُبر فنّانا ثانويّا. وفقط بعد موته بدأ يحصل على ثناء النقّاد ومديحهم. ونظرة متفحّصة على نتاجه تشير إلى التأثيرات العظيمة التي تركها على كلّ مدارس الرسم تقريبا. والمعروف أن كلي قضى حياته كلّها باحثا عن الاستعارات والرموز. وكان يملأ رسوماته بالأسهم والاتجاهات وبالحروف الغامضة وأ...

لوحات عالميـة – 420

Image
غـرفة النـوم للفنان الفرنسي هنري ماتيس، 1921 في عام 1917، ذهب هنري ماتيس، وكان وقتها في سنّ الثامنة والأربعين، إلى نيس في جنوب فرنسا كي يتخفّف من أعراض إصابته بالتهاب شعبي حادّ. وقد أحبّ المدينة كثيرا وأحسّ فيها بسعادة كبيرة وقّرر أن يبقى هناك حتى نهاية عمره. وماتيس يصف نيس بقوله: معظم الناس يأتون إلى هنا من اجل الضوء والصور المشهدية. وأنا جئت من شمال فرنسا، وما أذهلني حقّا هنا هو الألوان البديعة والنهارات اللامعة في يناير خاصّة. وعندما أتذكّر أنني سأرى هذا الضوء كلّ صباح، فإنني لا استطيع التعبير عن مقدار سعادتي". وفي نيس رسم الفنّان مجموعة من لوحاته للاستديو ضمّنها صورا لأشخاص قليلين. وقد رسم اللوحات بأسلوب واقعيّ وضمّنها بعضا من موتيفاته المفضّلة التي أراد من خلالها ربط الفراغ الداخليّ بالخارجيّ، كالأرضية المبلّطة والارابيسك والطاولة المغطّاة بالقماش والمرآة البيضاوية والشبّاك الفرنسيّ والبلكونة بالإضافة إلى امرأة أو اثنتين. وفكرة رسم الاستديو تكرّرت في لوحاته كثيرا وبالتحديد في العشرينات وبداية الثلاثينات. وإليه يعود الفضل في ابتكار هذه الفكرة، ثم أتى...

لوحات عالميـة – 419

Image
امـرأة تقـرأ رسالـة للفنان الهولندي جيـرارد تير بـورش، 1660 كان جيرارد تير بورش احد أشهر الرسّامين الهولنديين في القرن السابع عشر. وقد عُرف خاصّةً ببراعته في رسم البورتريهات التي يحتشد فيها مجموعة من الأشخاص. وهو من هذه الناحية يختلف عن يوهان فيرمير وبيتر دي هوك اللذين كانا يكتفيان برسم شخص أو شخصين في اللوحة والباقي عبارة عن فراغات. ويعود إلى هذا الرسّام الفضل في ابتكار مناظر الديكور العالي المكانة الذي أصبحت له شعبية كبيرة في الربع الثالث من القرن السابع عشر. وكانت أعماله الديكورية تتّسم بمستوى عالٍ من الحسّية والنقاء. ولوحاته في معظمها عبارة عن مناظر حميمة لرجال ونساء مستغرقين في أداء أعمالهم. وقد تميّز تير بورش بإحساسه العظيم باللون وبتعامله الرائع مع الضوء والظلّ والنسيج. في هذه اللوحة، يرسم الفنّان غرفة تظهر فيها امرأة واقفة وترتدي فستانا ازرق وأصفر وهي تقرأ رسالة في حضور امرأة أخرى وصبيّ. الموديلات في اللوحة هم أفراد عائلة الرسّام. المرأة التي تقرأ الرسالة هي أخته غير الشقيقة والصبيّ هو شقيقه الأصغر. اللوحة تُعتبر إحدى تحف الرسّام، وهي الأولى في سلسلة من...

لوحات عالميـة – 418

Image
عاشـقـان للفنان الإيراني رضـا عبّـاسي، 1630 تأثّر الفنّ الفارسيّ في بداياته بالثقافة الصينية والهندية، لكنه طوّر سماته الخاصّة في ما بعد. وكان الفنّ وقتها يتضمّن أعمال السيراميك والهندسة المعمارية والنسيج وأعمال المعدن وكتابة الخطّ والرسم. من ناحية أخرى، كان رسم المنمنمات مجالا صغيرا نسبيّا، لكنه كان يشكّل جزءا مهمّا من أشكال الرسم، وكان حكّام فارس يولونه أهميّة فائقة. ومن أبرز من برعوا في رسم المنمنمات الفنّان رضا عبّاسي الذي يعدّه الكثيرون احد أعظم الرسّامين الإيرانيين في القرن السابع عشر. كان المعلّم الأوّل في مدرسة أصفهان التي تُعتبر أشهر مدرسة فارسية في رسم المنمنمات. كان عبّاسي متأثّرا بمدرسة قزوين في الرسم، مفضّلا رسم مواضيع الطبيعة على التصوير الإيضاحي الذي كان قد هيمن على فنّ المنمنمات لأكثر من مائتي عام قبل ذلك. وقد أحدث هذا الرسّام تغييرا جذريّا في الرسم الفارسيّ بتوظيفه المبكّر لخطّ الكتابة والألوان غير المألوفة. وكان الرسّامون في زمانه يقلّدون أسلوبه، لكنهم لم يقتربوا من مستواه، مع أن العديد منهم أنتجوا أعمالا مميّزة حتى بداية القرن الثامن عشر. و...

لوحات عالميـة – 417

Image
امـرأة بلبـاس فضفـاض للفنان الفرنسي اندريـه ديـريـن، 1906 في عام 1900 ظهرت الوحوشية، وهي مدرسة فنّيّة لم تعمّر طويلا. وقد حمل لواءها مجموعة من الفنّانين الحداثيين الذين كانت أعمالهم تركّز على نوعية الرسم والألوان القويّة أكثر من القيم الواقعية والتجسيدية التي احتفظت بها الانطباعية. وقد استمرّت الوحوشية إلى ما بعد عام 1910، واعتُبرت أحيانا نوعا من التعبيرية. وكان زعيماها هما هنري ماتيس وأندريه ديرين. لكن هذا الأسلوب الجديد قوبل بانتقادات واسعة بسبب الألوان الدراماتيكية التي كان يوظّفها والتي دفعت النقّاد للسخرية من لوحاتهم وأسماها احدهم الوحوش البرّيّة، ومن هنا اشتُقّ اسمها. غير أن هناك أسماء أخرى ارتبطت بهذا الاتجاه، مثل موريس مارينو وموريس فلامنيك وراؤول دوفي وفان دونغن، بالإضافة إلى جورج براك زميل بيكاسو في تأسيس التكعيبية. كانت لوحات الوحوشيين تتّسم غالبا بتوظيف الفرشاة الجامحة والألوان الغامقة، مع درجة عالية من التبسيط والتجريد. ويمكن اعتبار هذه المدرسة تطوّرا متطرّفا من "ما بعد انطباعية" فان غوخ، مع مزيج من نقطية جورج سورا وغيره من الانطباعيين الجدد...

لوحات عالميـة – 416

Image
سـوق ليـلـيّ تضيـئه الشمـوع للفنان الهولندي بيتـروس فـان شيـندل، 1863 كان بيتروس فان شيندل رسّاما متخصّصا في رسم الأسواق التي تضيئها الشموع ليلا. ويبدو أن هذا كان موضوعه المفضّل الذي لم يكن ينافسه فيه احد تقريبا. وفي لوحاته كان ينقل، مع شيء من الدراما، أنواعا شتّى من أنشطة الناس في الليل، محاولا إبراز الفروق الدقيقة بين مستويات وتأثيرات متعدّدة من الأضواء والظلال والانعكاسات. ولكلّ لوحة من لوحاته أناقتها الخاصّة التي تجعلها مفعمة بالحركة والحيوية. وفي ما بعد، رسم الفنّان لوحات أخرى مع مصادر ضوء إضافية غير الشموع وضوء القمر، مثل مصابيح الزيت والألعاب الناريّة والنار المفتوحة. وخلال فترة قصيرة، أصبح فان شيندل سيّد هذا النوع من الرسم في العصر الرومانسيّ، أي في القرن التاسع عشر. وبعض لوحاته تصلح لأن تكون سجلا عن طبيعة مدينة أمستردام وتضاريسها ومبانيها في القرن التاسع عشر. وبالنسبة إلى الذين لا يعرفون الكثير عن لاهاي أو روتردام في تلك الفترة، ربّما تُوفّر بعض تلك الصور انطباعا مُقنعا عن مشاهد الأسواق الليلية في مدن هولندا الكبيرة في منتصف القرن قبل الماضي. وهذه ال...

لوحات عالميـة – 415

Image
سيّـدة تكتـب رسـالة للفنان الهولندي يوهـان فيـرميـر،1665 عاش يوهان فيرمير قبل أكثر من ثلاثمائة عام. وحتى اليوم لا يُعرف عنه أو عن حياته سوى الشيء القليل. خبراء الفنّ المعاصرون فحصوا السجلات المدنية القديمة في بلدة ديلفت حيث عاش، بحثا عن معلومات عنه أو عن عائلته، لكنهم لم يجددوا الكثير. كما انه لم يترك صورة تقول لنا شيئا عن ملامحه. لكن من المعروف انه عمل في تجارة الفنّ لبعض الوقت في شبابه مع والده البروتستانتيّ. لكنه وقع في هوى امرأة كاثوليكية تُدعى كاترينا بولنز ثم لم يلبث أن تزوّجها، الأمر الذي دفع عائلته لأن تطرده من البيت وتتبرّأ منه. فاضطرّ لأن ينتقل إلى منزل والدة زوجته في الحيّ الكاثوليكيّ من البلدة، حيث عاش هناك بقيّة حياته. كان يوهان وكاترينا قريبين من بعضهما كثيرا. ومعظم العائلات الهولندية في ذلك الوقت كانت تكتفي بطفلين أو ثلاثة، لكنه وزوجته أنجبا احد عشر طفلا ملئا بهم البيت وعاشوا حياة فقر وعوز. وقد اضطرّ أحيانا لأن يقايض دائنيه بلوحاته. في ذلك الوقت، غزا الفرنسيون والألمان هولندا، وكان طبيعيّا أن يعاني الناس من تردّي الاقتصاد والأحوال المعيشة نتيجة ا...

لوحات عالميـة – 414

Image
فناء منزل في الريف الجزائريّ للفنان الأمريكي فريـدريك آرثـر بريـدجمان، 1920 كان فريدريك آرثر بريدجمان رسّاما استشراقيا مشهورا في زمانه. لكن الكثيرين اليوم يعتبرونه منسيّا إلى حدّ ما، مع أن أعماله تظهر بانتظام وتبيع جيّدا في مزادات الفنّ العالمية. وهناك من يقول إن السبب في أن اسمه أصبح غير متداول كثيرا اليوم هو أن ترويجه لنفسه أثناء حياته منع الآخرين من الاقتراب منه أو تناول فنّه تناولا نقديّا. ومنذ وفاته، لم يظهر كتاب يؤرّخ لسيرة حياته كما لم يقم أيّ من المتاحف الكبيرة بتنظيم معرض لأعماله. كان بريدجمان عاشقا كبيرا لبلدان وثقافات الشرق. وقد أخذته أسفاره الطويلة إلى المغرب والجزائر ومصر وسوريا وتركيا ليطّلع على مظاهر الحياة فيها وليصوّرها. وهو لم يكن رسّاما فحسب، بل كان أيضا شاعرا وأديبا ومؤلّفا وعازفا موسيقيّا. واهتمام جامعي الفنّ العرب، على وجه الخصوص، بفنّه وفنّ غيره من رسّامي الاستشراق مردّه في الأساس كون الرّسم الاستشراقي هو السجلّ البصريّ الوحيد المتوفّر اليوم عن حياة شعوب المنطقة في القرن التاسع عشر. لكن هناك سببا آخر يتمثّل في تقدير هؤلاء الجامعين لبراعة و...