Monday, February 13, 2006

لوحـات عالميـة - 81


ثــلاث قـطـط ســوداء
للفنانة الكندية مــود لـويــس

لوحة شهيرة ومألوفة للكثيرين، وهي تجسّد البساطة والعفوية في أجلى معانيهما.
كانت مود لويس تهتمّ برسم مظاهر الحياة الريفية في مقاطعة نوفاسكوشيا، حيث الحيوانات والطبيعة وأنماط شتّى من أنشطة الحياة اليومية.
ومع ذلك لم تنظر لويس إلى نفسها يوما باعتبارها فنانة. فهي لم تتلقّ تعليما نظاميا في الفن ولم تذهب إلى غاليري يوما، لكنها كانت تمارس الرسم لأنها ببساطة كانت تجد فيه متعتها الكبرى.
عاشت مود لويس حياة غير سعيدة في اغلبها، إذ ولدت بإعاقة في ظهرها ويديها رافقتها طيلة حياتها. كما عانت طويلا من آلام المفاصل المزمنة.
ورغم ذلك رسمت الفنانة عددا كبيرا من اللوحات التي تصوّر القطط والطيور والغزلان والثيران، وتميّزت لوحاتها بإحساس قويّ بالموضوع وبراعة في التشكيل بفضل قوة الملاحظة والإدراك العالي لكل ما تقع عليه عيناها في الطبيعة المحيطة من صور ومؤثّرات.
كانت مود لويس تحبّ الحيوانات والأطفال كثيرا، لكن ولعها بالقطط كان استثنائيا، لدرجة أنها أصبحت عنصرا ثابتا في معظم لوحاتها.
و "ثلاث قطط سوداء" هي بلا شك اشهر لوحات الفنانة وأكثرها استنساخا وانتشارا، وهي نموذج لأسلوبها الفني المتفرّد. وأوّل ما توحي به اللوحة للناظر هو البراءة والعفوية، مع أن القطط تبدو هنا لعوبة وشقية بدليل هذه النظرات الصارمة التي توجّهها للناظر وذلك البريق المنبعث من عيونها وهي تجلس في هذا الجزء الهادئ من الحديقة محاطةً بالأزهار والفراشات.
كانت القطط مصدر سعادة كبرى للفنانة، وقد تمكّنت من تجسيد هذا الإحساس في اللوحة بطريقة عفوية وصادقة. وليس بالمستغرب أن ينجذب عشّاق القطط وباعتها وهواة اقتنائها إلى هذه اللوحة فيعلّقوها في بيوتهم ومتاجرهم. عبر القرون، كانت القطط إما تتمتّع بمكانة عالية أو تعامَل كالشياطين. لكن نادرا ما كان يتمّ تجاهلها. وقد ظهرت في الفنّ منذ عصور مبكّرة. المصريون القدماء كانوا يعاملون القطط بكثير من الاحترام. وإحدى الإلهات الفرعونيات رُسمت على شكل امرأة برأس قطّة. وفي كتاب الأموات، يظهر رسم لإله الشمس على هيئة قطّة كبيرة تقتل أفعى.
الفنّ الياباني هو الآخر عُني كثيرا برسم القطط. ويعتقد اليابانيون أن القط الأبيض يجلب الحظ الحسن والسعادة.
كما تظهر القطط في بعض لوحات الرسّامين الأوربيين مثل رينوار وبيكاسو ومانيه وحتى دافنشي. في إحدى لوحاته يرسم رينوار فتاة نائمة على كرسي بينما تستقرّ على حضنها قطّة صغيرة.
في أخريات حياتها، أصبحت لوحات مود لويس اكثر بساطة من حيث التصميم واكثر غنى في الألوان والخطوط. ومع نضج أسلوبها الفني أصبحت تتبنّى رؤية فنية تنحو باتجاه المزيد من التجريد. وكانت عندما تروق لها لوحة من لوحاتها أو عندما يبدي الناس إعجابا باللوحة، تباشر في رسم نسخ أخرى منها مع بعض التعديل والتحوير وبما لا يؤثّر على الفكرة الأصلية للوحة.
توفّيت مود لويس في العام 1970 عن عمر ناهز السابعة والستين. وقد كانت حياتها موضوعا للعديد من البرامج التلفزيونية الوثائقية والكتب، كما انتج فيلم سينمائي عن حياتها وفنّها.

موضوع ذو صلة: القطّ في ثقافات الشعوب