Friday, October 14, 2005

لوحـات عالميـة – 65


امـرأة تقشـر التفّــاح
للفنان الهولندي بيـتر دي هــوك، 1663

تعتبر هذه اللوحة أحد أهمّ واشهر الأعمال الفنية في تاريخ الفن الهولندي. رسم بيتر دي هوك امرأة تقشر التفاح في العام 1663، وتصوّر مشهدا منزليا من ذلك العصر، تظهر فيه امرأة مع طفلتها وهي منهمكة بتقشير التفاح.
أهم سمات هذه اللوحة هي التكنيك الفريد الذي استخدمه الفنان في تعاطيه مع الضوء، إذ نرى الضوء يتسلل عبر النافذة ليغمر الجزء المظلم من ديكور الغرفة. هذا الملمح الخاص دفع بعض مؤرخي الفن في البداية للاعتقاد بأن صاحب اللوحة هو يان فيرمير الذي عُرف عنه اهتمامه بالمناظر المنزلية وبراعته في تمثيل الضوء. لكن في ما بعد رجحت وجهة النظر الأخرى التي تعزو اللوحة إلى بيتر دي هوك الذي كان متأثرا في ما يبدو بأسلوب فيرمير.
ولد هوك في دلفت بهولندا وتتلمذ على يد كارل فايريتيوس. وفي الفترة من 1650 – 1660 أنجز هوك افضل أعماله الفنية التي أهلته للقب شاعر المناظر المنزلية الأكبر في هولندا. ولم ينافسه على هذا اللقب سوى فيرمير الذي كان ينتظم معظم لوحاته نمط واحد ومحدّد يتمثل في رسم امرأة وحيدة تقف أو تجلس في إحدى زوايا الغرفة، بخلاف دي هوك الذي كان يرسم مناظر عائلية جماعية.
نساء هوك هنّ في الغالب إما زوجات أو أمّهات أو خليلات، بصحبة أطفال وخدم.
وبشكل عام فإن لوحات الفنان تستمدّ موضوعاتها من مفردات البيت الهولندي من فراغات وملابس وديكورات وشبابيك يتسرّب منها الضوء لينعكس على الجدران والأثاث والأرضيات. ويمكن القول أن لوحات الفنان، بشكل عام، تقدّم صورة مصغّرة لما كانت عليه منازل الهولنديين في القرن السابع عشر.
من غير المعروف على وجه القطع تاريخ وفاة دي هوك، غير أن من شبه المؤكّد انه توفي في سن الخامسة والخمسين بعد أن قضى السنوات الأخيرة من حياته في مصحّ للأمراض العقلية.

Wednesday, October 12, 2005

لوحـات عالميـة – 64


المونـاليــزا
للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1506

الموناليزا أو الجيوكاندا هي اشهر لوحة في تاريخ الفن بلا منازع. وبسبب هذه اللوحة، توارت الجوانب الأخرى التي شكّلت شخصية الفنان الكبير ليوناردو دافنشي. فنادرا ما يتذكّره أحد اليوم باعتباره مهندسا أو نحّاتا أو رياضيا أو فلكيا بارزا.
ما تبقّى من دافنشي اليوم وما حفظ اسمه في سجلّ الخالدين هو إبداعه لهذه اللوحة بالذات، التي طغت شهرتها أحيانا كثيرة على شهرة الفنان الذي أبدعها.
وقد ظلت الموناليزا مثارا للكثير من النقاشات والدراسات الأكاديمية التي لم تترك جانبا من جوانب هذا العمل الفني الفريد إلا وتعرضّت له بالنقد والدراسة والتمحيص.
وقد قام العديد من الفنانين التشكيليين بتعديل وتغيير ملامح المرأة التي تصوّرها اللوحة التي تستقرّ اليوم في متحف اللوفر بباريس، من اجل خدمة فكرة ما أو غاية سياسية أو اجتماعية معينة.
وكمثال على ذلك، ما فعله الفنان السوريالي الفرنسي مارسيل ُدوشان الذي رسم موناليزا بشاربين وملامح ذكرية، محاولا بطريقة ساخرة ترجمة كلام سيغموند فرويد الذي أشار إلى غموض فكرة الجندر عند دافنشي وزعم أن الفنان ربما كان مثليا، جنسيا، وأنه عندما رسم اللوحة لم يرسم في واقع الأمر سوى نفسه.
وهناك فنانون آخرون أعادوا رسم اللوحة بأسلوب ينحو باتجاه "أنسنة" موناليزا ونزع المسحة الميثيولوجية عنها وجعلها اقرب إلى روح ومزاج الطبقة الوسطى، عبر تقويض الأعراف والقواعد الصارمة التي كانت تتّبع في رسم البورتريه إبان عصر النهضة الأوربي.
الحديث عن قصة الموناليزا ودافنشي متشعّب وطويل، وهناك العديد من المواقع الإليكترونية المكرّسة للحديث عن اللوحة والفنان بإسهاب وتوسّع اكثر..

موضوع ذو صلة: نساء في الرسم

Tuesday, October 11, 2005

لوحـات عالميـة – 63


عــربـة القــشّ
للفنان البريطاني جـون كونستـابـل، 1821

لوحة أخري من اكثر الأعمال الفنية شهرةً واحتفاءً في بريطانيا. رسم جون كونستابل عربة القشّ في العام 1821، وفيها يصوّر منظرا طبيعيا في مقاطعة سافولك حيث ُولد ونشأ.
كان كونستابل يهتمّ بتصوير مظاهر الحياة في الريف الإنجليزي، وقد قضى سنوات عديدة مسافرا في أرجاء الريف ومتأملا جمال الطبيعة ومترجما مشاهداته إلى لوحات وألوان تنبض بالحياة.
في اللوحة تظهر عربة يجرها حصانان وهي تمشي الهوينا عبر مياه النهر. وفي المروج البعيدة إلى أقصى اليمين ظهرت مجموعة من دارسي القشّ وهم يعملون. في هذه اللوحة تتجلى مقدرة الفنان في توزيع الألوان والظلال والكتل والتحكّم بدرجات الضوء، كما تظهر براعته الفائقة في تمثيل الغيوم على نحو خاص.
عند عرض اللوحة لاول مرة لم تلاق ِ كبير استحسان في بريطانيا. لكن بناءً على إلحاح صديقه الفرنسي متعهّد الفنون، قام جون كونستابل بنقل اللوحة إلى فرنسا. وفي صالون باريس حظيت بإعجاب ملك فرنسا الذي منح الفنان ميدالية ذهبية تقديرا لموهبته.
أثناء حياته لم يحقق جون كونستابل سوى القليل من الشهرة في بلده. ولم يلفت أسلوبه الكلاسيكي في رسم مناظر الطبيعة انتباه الكثيرين. لكنه اليوم يعتبر أحد اكثر الفنانين البريطانيين تميّزا، بل يمكن اعتباره اعظم فناني بريطانيا الذين تخصّصوا في تصوير الطبيعة أثناء الحقبة الرومانسية.
بعض النقّاد يشيرون إلى أن طريقة تمثيل كونستابل للطبيعة تذكّر إلى حدّ كبير بتفاصيل الطبيعة التي تتضمنها قصائد وليام ووردزوورث اشهر شعراء بريطانيا الرومانسيين.
كان كونستابل زميلا للفنان جوزيف تيرنر أثناء دراستهما في الأكاديمية الملكية، لكنهما لم يصبحا صديقين أبدا. وقد كان كونستابل يرفض التصوير البانورامي للطبيعة، بل كان يفضّل الإمساك بتأثيرات الضوء المتغيّر وأشكال الغيوم المتحرّكة في سماء الريف. لذا لم يكن مستغربا أن ُيلقب بـ "فنّان الغيم".
توفي جون كونستابل في العام 1837، والى اليوم ما يزال الكثير من تفاصيل المواقع، التي تضمّنتها هذه اللوحة وغيرها من أعماله، ماثلة للعيان.