Friday, September 21, 2007

لوحات عالميـة - 133‏

نابليـون عابـراً جبـال الألـب
للفنان الفرنسي جـاك لـوي دافيـد، 1801

رسم جاك لوي دافيد هذه اللوحة الشهيرة بناءً على طلب نابليون بونابارت.
في ذلك الوقت، لم يكن القائد الفرنسي قد تُوّج امبراطورا بعد. لكنّه كان بحاجة إلى شرعية تاريخية تؤهّله لأن يصبح حاكما مطلقا على فرنسا.
ووجد أن حادثة قيادته جيشا عَبـَر به جبال الألب في ربيع عام 1800 في محاولة لمفاجأة جيش النمسا المتمركز في ايطاليا تصلح لان تكون موضوعا لعمل فني يذكّّر من خلاله العالم انه ثالث جنرال في التاريخ يحقّق ذلك الانجاز بعد كلّ من شارليمان وهانيبال.
وقد أصّر نابليون على ألا يجلس لرسم البورتريه، كما لم يكن مهتمّا كثيرا بأن يظهر بهيئته الحقيقية.
كل ما كان يشغله هو أن يبذل الفنان قصارى جهده ليرسم حصانه بطريقة تعطي انطباعا عن جسارة صاحبه وقوّته وشجاعته.
هذا على الرغم من حقيقة أن نابليون عندما عبر جبال الألب لم يكن يمتطي حصانا بل بغلا، وذلك نزولا عند نصيحة مستشاريه الذين أقنعوه أن البغال أكثر قدرةً على التحمّل والعمل في الأجواء الشديدة البرودة.
في اللوحة يظهر نابليون في لباس جنرال وقد اعتمر قبّعة وتقلّد سيفا مرصّعين بالذهب وتوشّح رداءً احمر طويلا تلوّحه الريح.
كما يبدو رأسه مائلا باتجاه الناظر بينما راح يومئ بيده اليمنى إلى شيء ما أمامه. أما اليد اليسرى فقد شدّ بها رسن الحصان الذي اخذ بالتراجع إلى الخلف بفعل اشتداد الرياح وقسوة المناخ. ورغم ذلك، لا تبدو على ملامح وجه نابليون أيّ علامات بالإحساس بالبرد أو التعب.
وفي الخلفية يمكن رؤية بعض الجنود بأسلحتهم وعتادهم وهم يجاهدون لصعود الجبال تحت سماء رمادية مثقلة بالغيوم.
وفوق الصخور المثلجة الظاهرة في مقدّمة اللوحة حفر الفنان أسماء شارليمان وهانيبال ونابليون.
أثناء حياته، كان يُنظر إلى نابليون ليس باعتباره احد أعظم القادة العسكريين في التاريخ فحسب، وإنما أيضا إلى كونه إداريا مدنيّا من الطراز الأول.
إذ لم يكتفِ بإحداث تغييرات راديكالية في المؤسّسة العسكرية والجيش وإنما اشرف أيضا على وضع "قانون نابليون" الذي كان نواة للقانون المدني في ما بعد. كما أعاد تنظيم التعليم وعقد اتفاقية طويلة المدى مع المؤسّسة البابوية.
من الواضح أن هذه اللوحة التي استغرق انجازها سنتين كانت مجرّد دعاية سياسية محضة.
ومن المعروف أن نابليون كان يرعى ويدعم رموز الحركة النيوكلاسيكية، ومن ضمنهم الفنّان دافيد، الذين كانوا يستقون أفكارهم ومواضيع أعمالهم من التراث الكلاسيكي الذي خلّفه فنّانو اليونان وروما.
الجدير بالذكر أن نابليون أصبح حاكما على فرنسا في العام 1799، وامتدّت امبراطوريّته لتشمل معظم أرجاء أوربّا.
لكنه في ما بعد مُني بهزيمة كبيرة في لايبزيغ وأجبر على التنازل عن عرش فرنسا في العام 1814 م.
وما كاد ينجح في جمع شتات أنصاره ومؤيّديه حتى تلقّى هزيمة قاسية أخرى ونهائية في واترلو عام 1815 م.
وفي أواخر حياته نُفي إلى جزيرة سينت هيلينا الموحشة، وبقي فيها إلى أن مات بالسرطان عام 1821 م.

Tuesday, September 18, 2007

لوحات عالميـة - 132‏

جيــوديكـــا
للفنان البريطاني جـوزيف تيــرنــر، 1841

تعتبر هذه اللوحة أحد أروع الأعمال الفنية التشكيلية التي تتّخذ من مدينة البندقية موضوعا لها.
كما أنها تقدّم مثالا آخر على عبقرية جوزيف تيرنر في تمثيل الخصائص الغامضة للماء والضوء والغيم من خلال هذه الصورة البصرية البديعة عن تجربته في المدينة الايطالية.
هذه اللوحة بيعت العام الماضي في مزاد كريستي بـ نيويورك بمبلغ 36 مليون دولار. وهي واحدة من ثلاث لوحات زيتية بدأ تيرنر رسمها في العام 1821 م لصالح الأكاديمية الملكية للفنون.
واللوحة تصوّر منطقة قنال جيوديكا ذات يوم غائم، حيث تظهر في الوسط سان جيورجيو والى اليسار مادونا ديلا ساليوت والى اليمين كنيسة زيتيلا.
في هذا المشهد المبهج الذي يغلب عليه اللون الأصفر وتدرّجاته المختلفة، يبدو الماء شفيفا رائقا وتبدو المباني الظاهرة في الخلفية كما لو أنها تذوب وتغرق في الضوء.
وقد استخدم الفنان ألوانا سميكة كي يمسك بتأثيرات الماء والضوء وانعكاساتها على الأبنية كما استخدم ضربات فرشاة دقيقة كي يؤكّد على التفاصيل الجميلة للكنيسة ولرجال القوارب.
عُرف تيرنر بميله لرسم الأشكال والخطوط التي تتحوّل إلى ضباب ودخان أو إلى ضوء قويّ يتساقط من السماء أو يتصاعد من الماء.
كما كان يركّز دائما على إظهار التباين بين الأجسام والأشياء القريبة والبعيدة. لكن أهمّ سمة في أعماله هي انبهاره الكبير بالمؤثرات البصرية للماء والنار وعناصر الطبيعة إجمالا.
وقد اعتمد الفنان في رسمه اللوحة على مجموعة من الألوان المائية التي عمل على توليفها خلال زيارته للبندقية في العام الذي سبق رسمه للوحة.
وأخيرا، يصنّف تيرنر باعتباره احد أعضاء الحركة الرومانسية، بينما يعتبره آخرون رائدا من روّاد الانطباعية الأوائل.

موضوع ذو صلة: ترنيمة العبيد