Tuesday, June 26, 2007

لوحات عالميـة - 123‏

رقـص فـي كولـومبــيا
للفنـّان الكولـومبـي فرنانـدو بوتيـرو، 1983

لوحات بوتيرو تذكّر إلى حدّ كبير بروايات مواطنه الأشهر غابرييل غارسيا ماركيز التي يمتزج فيها الواقع بالخيال وتحتشد بقصص السحر والأساطير الشائعة بكثرة في ثقافات أمريكا اللاتينية.
ويمكن بسهولة التعرّف على لوحات ومنحوتات بوتيرو بسبب المبالغة التي يستخدمها في تمثيل أعضاء شخوصه والطابع الكاريكاتيري الذي يغلب على لوحاته حيث الأشكال الدائرية والأعضاء المنتفخة.
ولد بوتيرو في العام 1932 في مدينة ميديين التي ما يزال طابع فنّ الباروك غالبا على كنائسها. وفي مرحلة تالية سافر إلى أوربّا ليدرس أعمال كبار الرسّامين. وقد تلقى في مدريد دروسا في أكاديمية الفن وأنجز أعمالا تترسّم خطى فاليسكيز وغويا. كما ذهب إلى إيطاليا ليدرس أساليب فنّانيها العظام.
في هذه اللوحة يصوّر بوتيرو مشهدا من مقهى ليلي تحتشد أجواؤه بالموسيقى والرقص.
وهناك سبعة موسيقيين ضخام بالإضافة إلى راقصين اصغر قليلا. وعلى الأرض تناثرت حبّات من الفاكهة.
وكما في معظم لوحات بوتيرو، يبدو الأشخاص هنا كما لو أنهم يتأهّبون لالتقاط الصور..
والكثير من مواضيع لوحات بوتيرو عبارة عن ترجمة لقصص وأساطير اختزنها عقله منذ الطفولة.
إن الفنان يحتفي بالحياة على طريقته الخاصة. لكن خلف روح الهزل والسخرية التي تطبع رسوماته، ثمّة دائما فكرة سياسية أو مضمون فلسفي أو اجتماعي ما.
في العديد من لوحات بوتيرو نرى صورا لرؤساء وجنود ورجال دين. وهو كثيرا ما ينتقد العسكر والبورجوازيين ورموز السلطة.
ويلاحظ حضور العناصر الكولومبية بقوة في لوحات بوتيرو، خاصة العلم وألوانه المتعددة.
وقد حوّل بوتيرو بعض لوحاته إلى أعمال نحتية ضخمة يمكن رؤية بعضها في ميادين العديد من عواصم العالم.
في بدايات عام 2004 تبرّع بوتيرو بمجموعة من عشرين لوحة صوّر فيها جوانب مختلفة من العنف الطويل الذي شهدته بلاده، وأهدى تلك الرسومات إلى متحف كولومبيا الوطني.
ومؤخّرا رسم بوتيرو خمسين لوحة أخرى كرّسها لأحداث سجن أبو غريب وقد عبّر الفنان في تلك الرسومات عن شعوره بالصدمة والغضب جرّاء تعذيب السجناء هناك وانتهاك حقوقهم.

موضوع ذو صلة: دردشة مع فرناندو بوتيرو

Monday, June 25, 2007

لوحات عالميـة - 122‏

العــروس اليهـوديـّـة
للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1662

رسم رمبراندت هذه اللوحة البديعة بناءً على طلب شخص أرادها أن تكون تذكارا لحفل زواجه.
ومع مرور الأيام اكتسبت اللوحة الكثير من الرواج وأصبحت عنوانا للحميميّة وللعاطفة القويّة التي تربط بين رجل وامرأة.
وقد بلغ من شعبية هذه اللوحة أن فان غوخ أعلن ذات مرّة انه مستعدّ للتنازل عن عشر سنوات من عمره مقابل أن يقف أمام هذه اللوحة لمدّة عشرة أيام كي يتملى جمالها ويتمعّن في تفاصيلها وألوانها.
في اللوحة يظهر رجل وهو يربّت على صدر وكتف عروسه الشابّة، في لمسة تفيض بالإحساس بالحماية والعاطفة المتأجّجة.
في المشهد ليس هناك تواصل بين المرأة والرجل من خلال النظر، ربّما لان عقليهما وقلبيهما متّصلان بحميمية وكأنّهما جسد واحد دونما حاجة حتى إلى الكلام.
بعض مؤرّخي الفنّ تحدّثوا عن أسباب انجذاب رمبراندت لرسم لوحات تتضمّن عناصر يهودية.
وقد أرجع بعضهم ذلك إلى أن الفنان كان متعاطفا مع اليهود بسبب الاضطهاد الذي تعرّضوا له.
لكن هناك من يقول إن الفنان إنّما كان يرسم أصدقاءه وجيرانه. وقد قضى رمبراندت جانبا من حياته في الحيّ اليهودي بأمستردام حيث كان يقابل فنانين وتجّارا وأعيانا كانوا ينتمون لطائفة السفارديم، وقد رسم لبعض هؤلاء بورتريهات.
الرجل والمرأة يقفان هنا في غرفة مظلمة، كما أن الخلفية هي الأخرى مظلمة وليس فيها ما يمكن أن يصرف اهتمام الناظر بعيدا عن المنظر الأصلي، باستثناء النباتات الموضوعة في آنية جهة اليمين.
رسم رمبراندت الأيدي بطريقة ناعمة كما أن طريقته في رسم ألوان الثياب والنسيج تضفي على المشهد رونقا ودفئا.
رغم أن رمبراندت كان صديقا مقرّبا من الفيلسوف اليهودي سبينوزا، ورغم انه ُعرف بانجذابه للتصوّف اليهودي، فإن بعض النقّاد يشكّكون في صحّة ووجاهة إطلاق أسماء يهودية على بعض لوحاته، ويتساءلون ما إذا كان الأمر مبرّرا فعلا.
بل إن هناك من النقّاد من يتساءل ما إذا كان العروسان الظاهران في اللوحة يهوديّين حقا.