Saturday, March 04, 2006

لوحـات عالميـة – 83


لاعبــو الـــورق
للفنان الفرنسي بـول سيـزان، 1892

يُنظر إلى هذه اللوحة باعتبارها إحدى اشهر اللوحات في تاريخ الفن الحديث.
واللوحة هي واحدة من خمس لوحات رسمها الفنان بول سيزان وضمّنها نفس الفكرة: أشخاص يلعبون الورق.
وقد استمدّ سيزان موضوع اللوحة من أجواء منطقته الباريسية "ايكسان بروفانس" التي كانت تضم أخلاطا من البشر، من عمّال وحرفيين وفلاحين وأناس عاديين.
في اللوحة حاول سيزان إعادة اكتشاف وظيفة الحيّز والخطوط. وبناء اللوحة يعتمد في الأساس على مركز الزجاجة الكائنة في منتصف الطاولة، والتي تقسم الحيّز إلى مناطق متقابلة للتأكيد على الطبيعة الثنائية للموضوع.
كان سيزان صديقا مقرّبا من اميل زولاالذي اصبح في ما بعد أحد اشهر الروائيين الفرنسيين.
وقد تأثّر سيزان بكل من اوجين ديلاكروا وادوار مانيه، لكنه تأثر اكثر بأسلوب كميل بيسارو الذي دعمه كثيرا وعرّفه بأسلوب الانطباعيين في تمثيل الضوء والإمساك بتأثيرات الطبيعة المتحوّلة، من خلال نثر الألوان بضربات خفيفة والاقتصاد في رسم الخطوط.
في "لاعبو الورق" يبدو الجوّ جادّا وكئيبا إلى حدّ ما، ومما يعزّز هذا الانطباع الطاولة ذات الألوان البنّية والخلفية الأكثر قتامةً بفعل مزج الألوان الزرقاء والسوداء.
وفكرة لعب الورق ظهرت في المراحل الأخيرة من حياة سيزان الفنية. ويقال بأن الفنان ربما أراد من وراء الفكرة تصوير المواجهات التي كانت تجري بينه وبين والده الذي كان ينتقص منه دائما ويشكّك في موهبته.
كان سيزان يهتّم في الغالب برسم الأشياء الأكثر ثباتا وديمومة كالمناظر الطبيعية والمباني والطبيعة الساكنة. و "لاعبو الورق" تعتبر خروجا على النسق الفني الذي اختطه لنفسه. وربّما يكون السبب عائدا إلى ارتباط الفنان الوثيق بأجواء وتفاصيل بيئته المحلية.
ولسنوات طوال ظلّ سيزان غير معروف سوى لدائرة صغيرة من زملائه القدامى ولبعض الفنانين الانطباعيين الجدد والمتحمّسين، من أمثال فان غوخ وبول غوغان.
لكن عند وفاته في العام 1904، كان سيزان قد حقّق مكانة أسطورية بين فنّاني عصره، وُعرضت أعماله في اكبر المعارض الفنية، وكان يتقاطر على مرسمه الكثير من الفنانين الشبّان لملاحظته والتعلّم منه.
ومنذ سبع سنوات بيعت لوحته المسمّاة "ستارة وآنية خزف وصحن فاكهة Rideau, Cruchon et Compotier" في مزاد سوثبي بأكثر من ستين مليون دولار، لتصبح بذلك سادس أغلى لوحة فنية في العالم.

موضوع ذو صلة: غداء مع سيزان

Thursday, March 02, 2006

لوحـات عالميـة – 82


سيّــدة جزيــرة شـالــوت
للفنان البريطاني جون ويليام ووترهاوس، 1888

ارتبط عصر الملك الانجليزي آرثر بالكثير من قصص السحر والأساطير.
ومن اشهر تلك الأساطير أسطورة سيّدة جزيرة شالوت. وتحكي الأسطورة عن سيّدة أصابتها لعنة وُحكم عليها بالعيش وحيدة في قلعة بجزيرة نائية تسمّى شالوت.
في القلعة عاشت السيّدة لوحدها بلا رفيق أو مؤنس، ولان القوى السحرية كانت تمنعها من النظر إلى الخارج مباشرة فقد كانت السيّدة تكتفي بالنظر إلى العالم خارج قلعتها من خلال مرآة.
وكانت المرأة تمضي وقتها داخل القلعة في الغناء وغزل النسيج. وكانت ترى كل شئ خارج ذلك المكان منعكسا في المرآة.
وذات يوم لمحت في المرآة خيال الفارس لانسلوت الذي كان من فرسان ارثر وكانت واقعة في حبه، فأطلت من النافذة متجاهلة نصائح السحرة.
وفي الحال تهشّمت المرآة ولاحت في الأفق نذر عاصفة قوية وكان ذلك دليلا على قوّة اللعنة وتأثير السّحر.
وفي صباح خريفي عاصف، تقرّر السيّدة مغادرة سجنها الانفرادي في القلعة وتبحر في قارب نقشت عليه اسمها. وخلال تلك النهرية تغني أغنية الموت الأخيرة. وبعد وفاتها، يعثر الأهالي على جثّتها ويتعرّفون عليها.
الفنان ووترهاوس كان مفتونا بالأساطير الارثرية والشخصيات الأدبية والتاريخية وجسّد بعضها في العديد من لوحاته. وقد استند في رسمه للوحة على مقطع من قصيدة للشاعر البريطاني الفرد تينيسون.
ولد جون ووترهاوس في روما، وعندما أتى إلى انجلترا درس في استديو والده، الفنان هو الآخر، ثم في أكاديمية الفنون الملكية.
تأثر بـ لورانس تاديما ورسم مشاهد من الحياة في إيطاليا حيث كان يقيم.
يغلب على لوحات ووترهاوس الطابع الكلاسيكي، لكنه مصنف بكونه منتميا للأسلوب ما قبل الرافائيلي بسبب تركيزه على رسم النساء الجميلات وافتتانه بفكرة الأنوثة وتبنيه للاتجاه الواقعي في الرسم.
من الجدير بالذكر أن أسطورة سيّدة شالوت كانت موضوعا للكثير من الروايات والأفلام والمقطوعات الموسيقية.