منظـر طبيعـيّ من بـورمي
للفنان الفرنسي هنـري إدمـون كـروس، 1908
للفنان الفرنسي هنـري إدمـون كـروس، 1908
يشير مصطلح الانطباعية الجديدة إلى أسلوب في الرسم توضع فيه الألوان على رقعة القماش كنقاط صغيرة جنبا إلى جنب. والناظر يرى هذه الألوان من مسافة كمزيج بصريّ وكأنماط زخرفية تشبه الموزاييك.
وبداية الفكرة تعود إلى عام 1880، عندما درس الرسّام الفرنسيّ جورج سورا بعض الكتابات التي تتحدّث عن نظرية الألوان، ثم ابتكر تقنية جديدة في الرسم اسماها فصل الألوان أو التقسيمية. والميزة الأساسية لها هي أنها تعطي وهجا وحيوية اكبر للألوان.
وعندما توفّي سورا في سنّ مبكّرة خلفه بول سيغناك الذي استبدل تسمية التقسيمية بالنقطية. وفي عام 1886 استبدل الناقد فيليكس فينيون المصطلح بالانطباعية الجديدة.
ولم تلبث هذه الحركة أن انتشرت إلى بلجيكا وهولندا على أيدي رسّامين مثل فان ريسلبيرغ ويان توروب وغيرهما. وحتى فان غوخ عاصر هذه الحركة واهتمّ بنظريات زعيمها سورا ورسم عدّة لوحات بطريقة النقطية.
ومن أشهر شخصيّاتها أيضا هنري كروس وماكسيميليان لوس وسيغناك، ثم انضمّ إليهم في ما بعد كميل بيسارو. وكلّ هؤلاء وظّفوا النظريات العلمية للون والإدراك كي يخلقوا تأثيرات بصرية مستلهمين الأساليب التي طوّرها العلماء.
وكثير من الانطباعيين الجدد كانوا يستخدمون تجانبات وتمازجات غير متوقّعة من الألوان على رقعة الرسم لخلق أضواء لامعة وذات بريق أخّاذ.
كان هنري كروس احد ممثّلي هذه الحركة التي لم تعش طويلا. وهو في هذه اللوحة، يرسم منظرا طبيعيا من بلدة بورمي في جنوب فرنسا التي عاش فيها اعتبارا من عام 1891.
والصورة عبارة عن منظر طبيعيّ لتلال تظهر في مقدّمتها أشجار زيتون وأعداد من الماعز. وفي الخلفية تتناثر أشجار أخرى مرسومة بالألوان الخضراء والزرقاء والأرجوانية والبرتقالية والصفراء.
ويلاحظ أن الرسّام أضفى على الطبيعة سمة زخرفية، كما رسم أفرع أشجار الزيتون بأشكال حلزونية تذكّر بالرسم اليابانيّ. وبدلا من الاكتفاء بلمسات نقطية رفيعة، رسم الفنّان بقع ألوان كبيرة وبيضاوية مليئة بالحركة والطاقة. والطبيعة المحيطة تستثير الأضواء اللامعة لجنوب فرنسا والتي تضفي على المشهد تأثيرات مدهشة.
وقد بدأ كروس رسم اللوحة في محترفه كي يسمح للخيال أن يهيمن على عمله ولكي يجسّد رؤيته الداخلية، ثم أكمل رسمها أمام الطبيعة لتحقيق التناغم المطلوب.
وفكرة الرؤية الداخلية تتوافق مع اعتقاد الانطباعيين الجدد بأن رسم الطبيعة يجب أن يركّز على النواحي الدائمة والأبدية وليس على الأشياء العابرة والمتغيّرة للطبيعة كما كان يفعل الانطباعيون.
تأثير الانطباعية الجديدة استمرّ لبعض الوقت، رغم أنها كانت مجرّد فترة انتقالية في تاريخ الرسم. وفقط بضعة رسّامين ظلّوا مخلصين للحركة مثل كروس وسيغناك، بينما كان آخرون مثل ماتيس وبراك وديرين وبيسارو وديلونيه ينظرون إليها على أنها مجرّد خطوة باتجاه شيء ما مختلف وجديد.
ومعظم الانطباعيين الجدد كانوا يتبنّون أفكار اليسار السياسيّ الفرنسيّ، وهذا واضح في رسومات سورا عن الطبقة العاملة. كما كانت الرؤى المثالية للاشتراكية الفوضوية واضحة في المناظر اليوتوبية التي رسمها الانطباعيون الجدد والتي تمزج بين المضمون الإيديولوجيّ والنظرية الفنّية.
وحتى عندما لا يكون الدافع وراء رسوماتهم سياسيّا فإن تصويراتهم اللامعة والأنيقة للمدن والبحر والضواحي والمناطق الريفية كانت تعكس بحثهم الدائم عن التناغم.
في لوحة أخرى بعنوان أشجار صنوبر على الشاطئ ، يرسم كروس أشجار صنوبر في نفس هذه المنطقة المطلّة على البحر المتوسّط. وهو ينسج من ألوان باردة سطحا يشبه التطريز. واللوحة التي تتألّف من طبقات من الألوان المشعّة هي مثال رائع على الطبيعة الناضجة للفنّان.
ولد هنري ادمون ديلاكروا في مايو من عام 1856، وفي ما بعد غيّر اسمه الأخير إلى كروس كي يميّز نفسه عن الرسّام اوجين ديلاكروا.
وبدأ الفنّان دراسته للرسم عام 1878 في أكاديمية الفنّ في ليل ثم في باريس. وقد تأثّر في بداياته بباستيان لابيج ومانيه وبالرسّامين الانطباعيين. وكان يعرض أعماله بانتظام في صالون المستقلّين بباريس.
صداقة كروس مع سيغناك أكسبته مزيدا من الثقة، فرسم مناظر للبحر والحياة في الريف. لكن ابتداءً من عام 1890 بدأ يتخلّى عن الألوان النقطية الصغيرة ويرسم بضربات فرشاة اعرض. وفي عام 1905 نظّم أوّل معرض منفرد للوحاته.
مناظر كروس الطبيعة لا تخلو من شاعرية، وهي تذكّر بالأشكال الانطباعية في الرسم اليابانيّ، كما أنها تقدّم رؤية "اركادية" مثالية وتوصل إحساسا بالخلود.
توفي الرسّام في باريس عام 1910 عن ثلاثة وخمسين عاما متأثّرا بإصابته بمرض السرطان.
وبداية الفكرة تعود إلى عام 1880، عندما درس الرسّام الفرنسيّ جورج سورا بعض الكتابات التي تتحدّث عن نظرية الألوان، ثم ابتكر تقنية جديدة في الرسم اسماها فصل الألوان أو التقسيمية. والميزة الأساسية لها هي أنها تعطي وهجا وحيوية اكبر للألوان.
وعندما توفّي سورا في سنّ مبكّرة خلفه بول سيغناك الذي استبدل تسمية التقسيمية بالنقطية. وفي عام 1886 استبدل الناقد فيليكس فينيون المصطلح بالانطباعية الجديدة.
ولم تلبث هذه الحركة أن انتشرت إلى بلجيكا وهولندا على أيدي رسّامين مثل فان ريسلبيرغ ويان توروب وغيرهما. وحتى فان غوخ عاصر هذه الحركة واهتمّ بنظريات زعيمها سورا ورسم عدّة لوحات بطريقة النقطية.
ومن أشهر شخصيّاتها أيضا هنري كروس وماكسيميليان لوس وسيغناك، ثم انضمّ إليهم في ما بعد كميل بيسارو. وكلّ هؤلاء وظّفوا النظريات العلمية للون والإدراك كي يخلقوا تأثيرات بصرية مستلهمين الأساليب التي طوّرها العلماء.
وكثير من الانطباعيين الجدد كانوا يستخدمون تجانبات وتمازجات غير متوقّعة من الألوان على رقعة الرسم لخلق أضواء لامعة وذات بريق أخّاذ.
كان هنري كروس احد ممثّلي هذه الحركة التي لم تعش طويلا. وهو في هذه اللوحة، يرسم منظرا طبيعيا من بلدة بورمي في جنوب فرنسا التي عاش فيها اعتبارا من عام 1891.
والصورة عبارة عن منظر طبيعيّ لتلال تظهر في مقدّمتها أشجار زيتون وأعداد من الماعز. وفي الخلفية تتناثر أشجار أخرى مرسومة بالألوان الخضراء والزرقاء والأرجوانية والبرتقالية والصفراء.
ويلاحظ أن الرسّام أضفى على الطبيعة سمة زخرفية، كما رسم أفرع أشجار الزيتون بأشكال حلزونية تذكّر بالرسم اليابانيّ. وبدلا من الاكتفاء بلمسات نقطية رفيعة، رسم الفنّان بقع ألوان كبيرة وبيضاوية مليئة بالحركة والطاقة. والطبيعة المحيطة تستثير الأضواء اللامعة لجنوب فرنسا والتي تضفي على المشهد تأثيرات مدهشة.
وقد بدأ كروس رسم اللوحة في محترفه كي يسمح للخيال أن يهيمن على عمله ولكي يجسّد رؤيته الداخلية، ثم أكمل رسمها أمام الطبيعة لتحقيق التناغم المطلوب.
وفكرة الرؤية الداخلية تتوافق مع اعتقاد الانطباعيين الجدد بأن رسم الطبيعة يجب أن يركّز على النواحي الدائمة والأبدية وليس على الأشياء العابرة والمتغيّرة للطبيعة كما كان يفعل الانطباعيون.
تأثير الانطباعية الجديدة استمرّ لبعض الوقت، رغم أنها كانت مجرّد فترة انتقالية في تاريخ الرسم. وفقط بضعة رسّامين ظلّوا مخلصين للحركة مثل كروس وسيغناك، بينما كان آخرون مثل ماتيس وبراك وديرين وبيسارو وديلونيه ينظرون إليها على أنها مجرّد خطوة باتجاه شيء ما مختلف وجديد.
ومعظم الانطباعيين الجدد كانوا يتبنّون أفكار اليسار السياسيّ الفرنسيّ، وهذا واضح في رسومات سورا عن الطبقة العاملة. كما كانت الرؤى المثالية للاشتراكية الفوضوية واضحة في المناظر اليوتوبية التي رسمها الانطباعيون الجدد والتي تمزج بين المضمون الإيديولوجيّ والنظرية الفنّية.
وحتى عندما لا يكون الدافع وراء رسوماتهم سياسيّا فإن تصويراتهم اللامعة والأنيقة للمدن والبحر والضواحي والمناطق الريفية كانت تعكس بحثهم الدائم عن التناغم.
في لوحة أخرى بعنوان أشجار صنوبر على الشاطئ ، يرسم كروس أشجار صنوبر في نفس هذه المنطقة المطلّة على البحر المتوسّط. وهو ينسج من ألوان باردة سطحا يشبه التطريز. واللوحة التي تتألّف من طبقات من الألوان المشعّة هي مثال رائع على الطبيعة الناضجة للفنّان.
ولد هنري ادمون ديلاكروا في مايو من عام 1856، وفي ما بعد غيّر اسمه الأخير إلى كروس كي يميّز نفسه عن الرسّام اوجين ديلاكروا.
وبدأ الفنّان دراسته للرسم عام 1878 في أكاديمية الفنّ في ليل ثم في باريس. وقد تأثّر في بداياته بباستيان لابيج ومانيه وبالرسّامين الانطباعيين. وكان يعرض أعماله بانتظام في صالون المستقلّين بباريس.
صداقة كروس مع سيغناك أكسبته مزيدا من الثقة، فرسم مناظر للبحر والحياة في الريف. لكن ابتداءً من عام 1890 بدأ يتخلّى عن الألوان النقطية الصغيرة ويرسم بضربات فرشاة اعرض. وفي عام 1905 نظّم أوّل معرض منفرد للوحاته.
مناظر كروس الطبيعة لا تخلو من شاعرية، وهي تذكّر بالأشكال الانطباعية في الرسم اليابانيّ، كما أنها تقدّم رؤية "اركادية" مثالية وتوصل إحساسا بالخلود.
توفي الرسّام في باريس عام 1910 عن ثلاثة وخمسين عاما متأثّرا بإصابته بمرض السرطان.