بورتريه شخصيّ: الحيرة ما بين الرسم والموسيقى
للفنانة السويسرية انجيـليكا كوفمـان، 1794
للفنانة السويسرية انجيـليكا كوفمـان، 1794
في القرن الثامن عشر، كان العرف الشائع في أوربّا هو أن تبقى النساء في المنازل وأن يركّزن اهتمامهنّ على تربية الأطفال ورعاية العائلة. وكانت أفكار شخصيّات مثل جان جاك روسو ونابليون تؤكّد على هذا المنحى.
وما كرّس ذلك الاتجاه أكثر هو إقبال الناس وقتها على دراسة واستعادة حياة وتراث الرومان الأقدمين الذين كانت أعرافهم لاجتماعية تنحو باتجاه إخضاع النساء لإرادة الرجال ومنحنهنّ القليل جدّا من الحقوق.
لكن هذا لم يمنع ظهور بعض النساء المبدعات اللاتي اضطررن لاستخدام أسماء ذكورية لكي لا يُتّهمن بمصادمة العرف الاجتماعيّ، والقليل منهنّ تمكنّ من انتزاع بعض الحقوق والتمتّع باستقلالية نسبية.
ومن بين هؤلاء الرسّامة انجيليكا كوفمان التي ولدت لأب كان يعمل رسّاما محترفا، وقد علّمها منذ صغرها أصول الرسم. كان عمرها ستّة عشر عاما عندما أخذها والدها معه إلى النمسا وايطاليا وألمانيا حيث زارت العديد من المتاحف واستنسخت أعمال بعض كبار الرسّامين، كي تطوّر مهاراتها وتوسّع معرفتها بأساليب الرسم وطرقه المبتكرة.
وفي ايطاليا، انتظمت الرسّامة في أكاديمية فلورنسا للتصميم وكانت تتردّد على متحف اوفيتزي المشهور لتقليد الأعمال الفنّية الموجودة فيه.
كما توفّرت لها فرصة الالتقاء بعالم الآثار الألمانيّ المشهور يوهان فينكلمان الذي أمدّها بدروس مهمّة في علم المنظور وظّفتها في ما بعد في رسم أعمالها. وهناك أيضا قابلت الرسّام الأمريكيّ بنجامين ويست الذي كان يزور روما في ذلك الحين.
كانت كوفمان مهتمّة بالأفكار الجمالية للحركة النيوكلاسيكية التي كانت تركّز على الدقّة التاريخية والتأثير المسرحيّ وتوظيف الآثار في الأدب والرسم. وكان لتلك الحركة تأثير كبير على الرسم والنحت والمعمار والأدب في أوربّا القرن الثامن عشر.
في ذلك الوقت، بدأ المثقّفون والمتنوّرون يعيدون اكتشاف تراثهم القديم كما تجسّده حضارات وآثار اليونان القديمة. وكان الرسم والنحت وسيطين مفضّلين في إيصال رسائل أخلاقية من خلال توظيف الرمز والأسطورة.
عندما كانت كوفمان صغيرة، كانت تفكّر في ما الذي تريد أن تكونه عندما تكبر. كانت وقتها قد بدأت ترسم وكان لديها في الوقت نفسه شغف بالموسيقى والغناء.
تردّدها وحيرتها في أيّ الفرعين تختار، الرسم أو الموسيقى، دفع والدها لأخذها إلى احد أصدقائه لاستشارته في الأمر. وقد نصحها ذلك الصديق بأن تختار الموسيقى على أساس أنها مهنة سهلة ومتاحة للنساء، بينما الرسم حرفة صعبة ولا يمتهنها سوى الرجال عادة.
والرسّامة في هذه اللوحة تصوّر حيرتها تلك وكيف أنها فضّلت في نهاية الأمر الرسم على الموسيقى. وقد استلهمت في اللوحة قصّة البطل الأسطوريّ هيروكليس الذي كان هو الآخر محتارا بين الشهرة أو الترف.
وتَظهر الرسّامة في الصورة وهي واقفة بين امرأتين، الأولى إلى اليمين ترمز للرسم والأخرى إلى اليسار ترمز للموسيقى. وعليها أن تختار الذهاب مع إحداهما.
المرأة التي ترمز للموسيقى ترتدي فستانا احمر وتمسك بيدها نوتة موسيقية. أما التي ترمز للرسم فترتدي فستانا ازرق وأمامها رقعة رسم وألوان. كما أنها تنظر إلى الرسّامة وتشير بيدها إلى معبد يقوم على تلّة قريبة، في إشارة - ربّما - إلى المجد الذي ينتظرها إن هي اختارت الرسم.
كانت هوفمان تعرف أن الرسم سيكون مهمّة صعبة وغير مناسبة لها كامرأة، لأنها باختياره تكون قد اقتحمت منطقة تخصّ الرجال. ومع ذلك قرّرت أن لا تقيّد حياتها بجنسها.
في اللوحة، تظهر وهي تعطي يدها للمرأة إلى اليمين وتميل بجسدها نحوها، بينما تشدّ على يد المرأة الأخرى في ما يشبه إيماءة الوداع. وعلى الرغم من أنها كانت عازفة موهوبة على أكثر من آلة موسيقية، إلا أنها تقرّر أخيرا أن تودّع الحياة السهلة للموسيقى وأن تتبع الحياة الصعبة للرسم.
بدأت هوفمان الرسم في مرحلة مبكّرة من عمرها واستمرّت ترسم حتى الأشهر الأخيرة قبل وفاتها. وخلال سنوات حياتها الطويلة أنتجت مئات اللوحات وأصبحت رسّامة مشهورة في عصرها، وتناولت في صورها مواضيع أسطورية وتاريخية وأدبية بأساليب القرن الثامن عشر.
وقد نجحت كرسّامة واستطاعت تخطّي أعراف المجتمع الذكوريّ، وذلك بفضل تشجيع والدها لها وصداقتها لبعض المشاهير في زمانها مثل الرسّام جوشوا رينولدز الذي ربطته بها علاقة طويلة، بالإضافة إلى الفيلسوف الألمانيّ يوهان غوته الذي التقته في روما أثناء زيارته الإيطالية المشهورة.
ولدت انجيليكا كوفمان في سويسرا عام 1741 لأبوين كاثوليكيين متديّنين. وبعد وفاة والدتها وهي صغيرة، سافرت مع والدها في أرجاء عديدة من أوربّا. وقد انتهى بها المطاف في انجلترا التي قضت فيها سنوات عدّة، وفيها أسهمت مع آخرين في تأسيس الأكاديمية الملكية في لندن.
وبعد عودتها إلى روما استمرّت ترسم، ومن بين لوحاتها التي رسمتها آنذاك لوحة تصوّر موت دافنشي. كما أقامت لها صالونا كان يحضره بعض المشاهير الذين كانوا يأتون إلى ايطاليا زائرين.
وعندما توفّيت في عام 1807، أقيمت لها جنازة كبيرة أشرف عليها النحّات المشهور انطونيو كانوفا الذي كان معروفا، هو أيضا، بفنّه النيوكلاسيكيّ وبأعماله المنفّذة ببراعة وإتقان. ولوحات الرسّامة موجودة اليوم في أشهر المتاحف الأوربّية والأمريكية.
وما كرّس ذلك الاتجاه أكثر هو إقبال الناس وقتها على دراسة واستعادة حياة وتراث الرومان الأقدمين الذين كانت أعرافهم لاجتماعية تنحو باتجاه إخضاع النساء لإرادة الرجال ومنحنهنّ القليل جدّا من الحقوق.
لكن هذا لم يمنع ظهور بعض النساء المبدعات اللاتي اضطررن لاستخدام أسماء ذكورية لكي لا يُتّهمن بمصادمة العرف الاجتماعيّ، والقليل منهنّ تمكنّ من انتزاع بعض الحقوق والتمتّع باستقلالية نسبية.
ومن بين هؤلاء الرسّامة انجيليكا كوفمان التي ولدت لأب كان يعمل رسّاما محترفا، وقد علّمها منذ صغرها أصول الرسم. كان عمرها ستّة عشر عاما عندما أخذها والدها معه إلى النمسا وايطاليا وألمانيا حيث زارت العديد من المتاحف واستنسخت أعمال بعض كبار الرسّامين، كي تطوّر مهاراتها وتوسّع معرفتها بأساليب الرسم وطرقه المبتكرة.
وفي ايطاليا، انتظمت الرسّامة في أكاديمية فلورنسا للتصميم وكانت تتردّد على متحف اوفيتزي المشهور لتقليد الأعمال الفنّية الموجودة فيه.
كما توفّرت لها فرصة الالتقاء بعالم الآثار الألمانيّ المشهور يوهان فينكلمان الذي أمدّها بدروس مهمّة في علم المنظور وظّفتها في ما بعد في رسم أعمالها. وهناك أيضا قابلت الرسّام الأمريكيّ بنجامين ويست الذي كان يزور روما في ذلك الحين.
كانت كوفمان مهتمّة بالأفكار الجمالية للحركة النيوكلاسيكية التي كانت تركّز على الدقّة التاريخية والتأثير المسرحيّ وتوظيف الآثار في الأدب والرسم. وكان لتلك الحركة تأثير كبير على الرسم والنحت والمعمار والأدب في أوربّا القرن الثامن عشر.
في ذلك الوقت، بدأ المثقّفون والمتنوّرون يعيدون اكتشاف تراثهم القديم كما تجسّده حضارات وآثار اليونان القديمة. وكان الرسم والنحت وسيطين مفضّلين في إيصال رسائل أخلاقية من خلال توظيف الرمز والأسطورة.
عندما كانت كوفمان صغيرة، كانت تفكّر في ما الذي تريد أن تكونه عندما تكبر. كانت وقتها قد بدأت ترسم وكان لديها في الوقت نفسه شغف بالموسيقى والغناء.
تردّدها وحيرتها في أيّ الفرعين تختار، الرسم أو الموسيقى، دفع والدها لأخذها إلى احد أصدقائه لاستشارته في الأمر. وقد نصحها ذلك الصديق بأن تختار الموسيقى على أساس أنها مهنة سهلة ومتاحة للنساء، بينما الرسم حرفة صعبة ولا يمتهنها سوى الرجال عادة.
والرسّامة في هذه اللوحة تصوّر حيرتها تلك وكيف أنها فضّلت في نهاية الأمر الرسم على الموسيقى. وقد استلهمت في اللوحة قصّة البطل الأسطوريّ هيروكليس الذي كان هو الآخر محتارا بين الشهرة أو الترف.
وتَظهر الرسّامة في الصورة وهي واقفة بين امرأتين، الأولى إلى اليمين ترمز للرسم والأخرى إلى اليسار ترمز للموسيقى. وعليها أن تختار الذهاب مع إحداهما.
المرأة التي ترمز للموسيقى ترتدي فستانا احمر وتمسك بيدها نوتة موسيقية. أما التي ترمز للرسم فترتدي فستانا ازرق وأمامها رقعة رسم وألوان. كما أنها تنظر إلى الرسّامة وتشير بيدها إلى معبد يقوم على تلّة قريبة، في إشارة - ربّما - إلى المجد الذي ينتظرها إن هي اختارت الرسم.
كانت هوفمان تعرف أن الرسم سيكون مهمّة صعبة وغير مناسبة لها كامرأة، لأنها باختياره تكون قد اقتحمت منطقة تخصّ الرجال. ومع ذلك قرّرت أن لا تقيّد حياتها بجنسها.
في اللوحة، تظهر وهي تعطي يدها للمرأة إلى اليمين وتميل بجسدها نحوها، بينما تشدّ على يد المرأة الأخرى في ما يشبه إيماءة الوداع. وعلى الرغم من أنها كانت عازفة موهوبة على أكثر من آلة موسيقية، إلا أنها تقرّر أخيرا أن تودّع الحياة السهلة للموسيقى وأن تتبع الحياة الصعبة للرسم.
بدأت هوفمان الرسم في مرحلة مبكّرة من عمرها واستمرّت ترسم حتى الأشهر الأخيرة قبل وفاتها. وخلال سنوات حياتها الطويلة أنتجت مئات اللوحات وأصبحت رسّامة مشهورة في عصرها، وتناولت في صورها مواضيع أسطورية وتاريخية وأدبية بأساليب القرن الثامن عشر.
وقد نجحت كرسّامة واستطاعت تخطّي أعراف المجتمع الذكوريّ، وذلك بفضل تشجيع والدها لها وصداقتها لبعض المشاهير في زمانها مثل الرسّام جوشوا رينولدز الذي ربطته بها علاقة طويلة، بالإضافة إلى الفيلسوف الألمانيّ يوهان غوته الذي التقته في روما أثناء زيارته الإيطالية المشهورة.
ولدت انجيليكا كوفمان في سويسرا عام 1741 لأبوين كاثوليكيين متديّنين. وبعد وفاة والدتها وهي صغيرة، سافرت مع والدها في أرجاء عديدة من أوربّا. وقد انتهى بها المطاف في انجلترا التي قضت فيها سنوات عدّة، وفيها أسهمت مع آخرين في تأسيس الأكاديمية الملكية في لندن.
وبعد عودتها إلى روما استمرّت ترسم، ومن بين لوحاتها التي رسمتها آنذاك لوحة تصوّر موت دافنشي. كما أقامت لها صالونا كان يحضره بعض المشاهير الذين كانوا يأتون إلى ايطاليا زائرين.
وعندما توفّيت في عام 1807، أقيمت لها جنازة كبيرة أشرف عليها النحّات المشهور انطونيو كانوفا الذي كان معروفا، هو أيضا، بفنّه النيوكلاسيكيّ وبأعماله المنفّذة ببراعة وإتقان. ولوحات الرسّامة موجودة اليوم في أشهر المتاحف الأوربّية والأمريكية.