بورتـريه امـرأة تُدعـى سافـو
القرن الأوّل الميلاديّ
القرن الأوّل الميلاديّ
تُعتبر سافو أوّل شاعرة أنثى عرفتها الحضارة الإنسانية وأحد الأصوات النسائية القليلة التي تتحدّث إلينا من العصور القديمة.
وقد عاشت على أرض جزيرة ليزبوس اليونانية في الفترة ما بين عامي 620 و 570 قبل الميلاد. وكان سكّان هذه الجزيرة مشهورين باهتمامهم بالآداب والفنون.
حياة سافو تلفّها الأساطير والمعلومات المتوفّرة عنها قليلة. لكن يقال مثلا أن أسلافها جاءوا من الأناضول أو من بلاد فارس، وأنها ولدت حوالي عام ستمائة قبل الميلاد لإحدى العائلات الثريّة.
وما من شكّ في أن هذه المرأة لعبت دورا مهمّا في إعادة صوغ مفردات الفنّ والحبّ والرغبة. وقصّتها تتغيّر من عصر إلى عصر تبعا لتغيّر نظرة المجتمع إلى مسائل الجندر والجنسانية.
وقيل أيضا أنها كتبت أشعارها لطائفة من النساء اللاتي كنّ يحتفين بالأنثى ويركّزن على مسائل النضج والزواج والولادة وما إلى ذلك.
وقد كتبت سافو تسعة دواوين شعرية تضمّ أكثر من عشرة آلاف بيت. وكانت قصائدها مشهورة جدّا في العالم القديم الذي كان ينظر إلى أشعارها كرمز للحبّ والرغبة بين النساء. وهناك رأي يقول إن سافو لم تصبح مشهورة إلا بعد وفاتها بثمانمائة عام.
وفي أحد الأوقات، كانت مكتبة الإسكندرية تضمّ نسخا من دواوينها، لكنها ضاعت إلى الأبد بعد انتصار المسيحية على عالم اليونان الوثنيّ. وهناك رواية تقول إن احد الباباوات أمر بإحراق مخطوطات أشعارها، بحجّة أنها فاسدة ومبتذلة.
لكن في عامي 2005 و 2014، اكتشف خبراء أجزاء طويلة من أشعارها التي تتحدّث في بعضها عن الشيخوخة والسنّ المتقدّم. لكن ظروف ذلك الاكتشافين ظلّت غير معروفة.
سافو كانت الشاعرة الوحيدة التي أدرج القدماء اسمها في قائمة الشعراء الغنائيين المهمّين. وبعض المؤرّخين يشيرون إلى أنها لعبت دورا مهمّا في تاريخ الأدب القديم لا يقلّ عن دور هوميروس.
وقصيدتها المشهورة "إصنعوا الحبّ لا الحرب" هي النقيض للإلياذة، لأنها تضع قيمة الحبّ في درجة أعلى من قيم المؤسّسة الحربية الإغريقية.
والواقع أن لا احد يعرف على وجه التأكيد كيف كانت ملامح سافو. ومعظم الأوصاف التي تذكرها تعود إلى مئات السنين بعد وفاتها.
لكن في مايو من عام 1760، عُثر على هذا البورتريه في احد منازل مدينة بومبي الأثرية الايطالية. وكان جزءا من مجموعة من الزخارف التي كانت تزيّن جدار أحد البيوت المهجورة في المدينة قبل أن يدمّرها البركان المشهور.
ثم لم تلبث اللوحة أن أصبحت إحدى أشهر الجداريات في العالم. وهي تعرّف المرأة الظاهرة فيها على أنها سافو. واللوحة اقرب ما تكون إلى بورتريه مثاليّ أكثر منها تصويرا لامرأة حقيقية.
وفيها تظهر المرأة التي يُظنّ أنها الشاعرة المشهورة وهي تمسك بقلم وبلوح من الخشب، وفي هذا رمز للتعلّم والثقافة.
ووضعها للقلم على فمها يوصل معنى التفكير العميق قبل أن تشرع في الكتابة مجدّدا. كما أن وضعية المرأة الدارسة أو المتأمّلة في الصور القديمة تشي بانتمائها إلى عائلة ميسورة الحال.
كما أن المرأة تضع على رأسها خمارا تبرز من أطرافه خصلات ذهبية تغطّي جبينها وجانبي وجهها وتضفي عليها شيئا من الجدّية والوقار.
من الأشياء الأخرى اللافتة أيضا العينان الواسعتان والرداء ذو الألوان البنّية والخضراء والقرطان الذهبيّان اللذان يزيّنان أذنيها.
ورغم كثرة من يقولون بأن البورتريه يصوّر سافو فعلا، إلا أن هناك وجهة نظر تشكّك في هذه الفرضية، على اعتبار أن الألواح الخشبية كانت تُستخدم عادةً للحساب وليس لكتابة الشعر.
ولأنه لا توجد للشاعرة صورة من عصرها، فإن ملامحها غير معروفة على وجه اليقين. ومعظم الصور القديمة والحديثة لها إمّا تخيّلية أو مفاهيمية. لكن بعض المصادر القديمة تذكر أنها كانت صغيرة القوام وسمراء، وهو وصف مستمدّ من بعض قصائدها، على الرغم من انه لا يتوافق مع الأفكار المثالية للإغريق عن جمال المرأة.
ومع ذلك ففي الفترات اللاحقة، صُنعت لها تماثيل عدّة ورُسمت صورها على العملات المعدنية وعلى الأواني الخزفية . بل إن سكّان جزيرة ليزبوس طبعوا صورتها المتخيّلة على عملاتهم. كما أن تمثالا لها يزيّن اليوم مجلس بلدية سيراكوزا في صقلّية.
وفي بعض صورها المرسومة، تظهر وهي تحمل عودا أو قيثارة، ما يشي بأنها كانت أيضا مغنّية. ومن أشهر الفنّانين الذين رسموا سافو في العصر الحديث كل من جون وليام غودوورد و وليام كوتاربنسكي و النحّات بروسبير ديبيناي ، كما تظهر في تمثال رومانيّ يعود إلى الحقبة الهيلينية.
من الواضح أن سافو كانت موضع احتفاء كبير في زمانها، وكانت قصائدها تملأ أرفف المكتبات القديمة لقرون. وفي العصور التالية، أصبحت حياتها عنصر إلهام لمسرحيات وروايات وكتب كثيرة. كما استُنسخت العديد من قصائدها ووُضعت دراسات لا تُحصى عن حياتها وشعرها.
بعض النقّاد المعاصرين حاولوا التخفيف من جموح قصائد سافو الايروتيكية بالقول أنها تصف تقاليد طقوسية أو شكلية. ورغم فقدان معظم قصائدها، إلا أنها ظلّت حتى اليوم موضع افتتان العديد من المؤرّخين والفنّانين.
وقد احتفى بها أفلاطون واصفا إيّاها بالملهمة العاشرة. كما خصّص لها الشاعر الفرنسيّ بودلير قصيدة بعنوان "ليزبوس" ضمن ديوانه "أزهار الشرّ".
في مرحلة تالية، انتقلت الشاعرة وعائلتها إلى جزيرة صقلّية بإيطاليا بعد أن حُكم عليهم بالنفي لسبب ما.
وفي تلك الفترة أحبّت نجّارا يُدعى "فيون". لكن يبدو أن ذلك الحبّ كان من طرف واحد. فأقدمت على قتل نفسها بالقفز من قمّة جرف في الجزيرة. وقد تحوّل ذلك المكان في ما بعد وطوال قرون إلى مزار سياحيّ.
والشاهد الرخاميّ الذي يعلو قبرها يحمل كلمات من إحدى قصائدها تقول فيها أنها لن تموت لأن دواوينها التسعة ستظلّ خالدة مثل الملهمات التِّسع.
وقد عاشت على أرض جزيرة ليزبوس اليونانية في الفترة ما بين عامي 620 و 570 قبل الميلاد. وكان سكّان هذه الجزيرة مشهورين باهتمامهم بالآداب والفنون.
حياة سافو تلفّها الأساطير والمعلومات المتوفّرة عنها قليلة. لكن يقال مثلا أن أسلافها جاءوا من الأناضول أو من بلاد فارس، وأنها ولدت حوالي عام ستمائة قبل الميلاد لإحدى العائلات الثريّة.
وما من شكّ في أن هذه المرأة لعبت دورا مهمّا في إعادة صوغ مفردات الفنّ والحبّ والرغبة. وقصّتها تتغيّر من عصر إلى عصر تبعا لتغيّر نظرة المجتمع إلى مسائل الجندر والجنسانية.
وقيل أيضا أنها كتبت أشعارها لطائفة من النساء اللاتي كنّ يحتفين بالأنثى ويركّزن على مسائل النضج والزواج والولادة وما إلى ذلك.
وقد كتبت سافو تسعة دواوين شعرية تضمّ أكثر من عشرة آلاف بيت. وكانت قصائدها مشهورة جدّا في العالم القديم الذي كان ينظر إلى أشعارها كرمز للحبّ والرغبة بين النساء. وهناك رأي يقول إن سافو لم تصبح مشهورة إلا بعد وفاتها بثمانمائة عام.
وفي أحد الأوقات، كانت مكتبة الإسكندرية تضمّ نسخا من دواوينها، لكنها ضاعت إلى الأبد بعد انتصار المسيحية على عالم اليونان الوثنيّ. وهناك رواية تقول إن احد الباباوات أمر بإحراق مخطوطات أشعارها، بحجّة أنها فاسدة ومبتذلة.
لكن في عامي 2005 و 2014، اكتشف خبراء أجزاء طويلة من أشعارها التي تتحدّث في بعضها عن الشيخوخة والسنّ المتقدّم. لكن ظروف ذلك الاكتشافين ظلّت غير معروفة.
سافو كانت الشاعرة الوحيدة التي أدرج القدماء اسمها في قائمة الشعراء الغنائيين المهمّين. وبعض المؤرّخين يشيرون إلى أنها لعبت دورا مهمّا في تاريخ الأدب القديم لا يقلّ عن دور هوميروس.
وقصيدتها المشهورة "إصنعوا الحبّ لا الحرب" هي النقيض للإلياذة، لأنها تضع قيمة الحبّ في درجة أعلى من قيم المؤسّسة الحربية الإغريقية.
والواقع أن لا احد يعرف على وجه التأكيد كيف كانت ملامح سافو. ومعظم الأوصاف التي تذكرها تعود إلى مئات السنين بعد وفاتها.
لكن في مايو من عام 1760، عُثر على هذا البورتريه في احد منازل مدينة بومبي الأثرية الايطالية. وكان جزءا من مجموعة من الزخارف التي كانت تزيّن جدار أحد البيوت المهجورة في المدينة قبل أن يدمّرها البركان المشهور.
ثم لم تلبث اللوحة أن أصبحت إحدى أشهر الجداريات في العالم. وهي تعرّف المرأة الظاهرة فيها على أنها سافو. واللوحة اقرب ما تكون إلى بورتريه مثاليّ أكثر منها تصويرا لامرأة حقيقية.
وفيها تظهر المرأة التي يُظنّ أنها الشاعرة المشهورة وهي تمسك بقلم وبلوح من الخشب، وفي هذا رمز للتعلّم والثقافة.
ووضعها للقلم على فمها يوصل معنى التفكير العميق قبل أن تشرع في الكتابة مجدّدا. كما أن وضعية المرأة الدارسة أو المتأمّلة في الصور القديمة تشي بانتمائها إلى عائلة ميسورة الحال.
كما أن المرأة تضع على رأسها خمارا تبرز من أطرافه خصلات ذهبية تغطّي جبينها وجانبي وجهها وتضفي عليها شيئا من الجدّية والوقار.
من الأشياء الأخرى اللافتة أيضا العينان الواسعتان والرداء ذو الألوان البنّية والخضراء والقرطان الذهبيّان اللذان يزيّنان أذنيها.
ورغم كثرة من يقولون بأن البورتريه يصوّر سافو فعلا، إلا أن هناك وجهة نظر تشكّك في هذه الفرضية، على اعتبار أن الألواح الخشبية كانت تُستخدم عادةً للحساب وليس لكتابة الشعر.
ولأنه لا توجد للشاعرة صورة من عصرها، فإن ملامحها غير معروفة على وجه اليقين. ومعظم الصور القديمة والحديثة لها إمّا تخيّلية أو مفاهيمية. لكن بعض المصادر القديمة تذكر أنها كانت صغيرة القوام وسمراء، وهو وصف مستمدّ من بعض قصائدها، على الرغم من انه لا يتوافق مع الأفكار المثالية للإغريق عن جمال المرأة.
ومع ذلك ففي الفترات اللاحقة، صُنعت لها تماثيل عدّة ورُسمت صورها على العملات المعدنية وعلى الأواني الخزفية . بل إن سكّان جزيرة ليزبوس طبعوا صورتها المتخيّلة على عملاتهم. كما أن تمثالا لها يزيّن اليوم مجلس بلدية سيراكوزا في صقلّية.
وفي بعض صورها المرسومة، تظهر وهي تحمل عودا أو قيثارة، ما يشي بأنها كانت أيضا مغنّية. ومن أشهر الفنّانين الذين رسموا سافو في العصر الحديث كل من جون وليام غودوورد و وليام كوتاربنسكي و النحّات بروسبير ديبيناي ، كما تظهر في تمثال رومانيّ يعود إلى الحقبة الهيلينية.
من الواضح أن سافو كانت موضع احتفاء كبير في زمانها، وكانت قصائدها تملأ أرفف المكتبات القديمة لقرون. وفي العصور التالية، أصبحت حياتها عنصر إلهام لمسرحيات وروايات وكتب كثيرة. كما استُنسخت العديد من قصائدها ووُضعت دراسات لا تُحصى عن حياتها وشعرها.
بعض النقّاد المعاصرين حاولوا التخفيف من جموح قصائد سافو الايروتيكية بالقول أنها تصف تقاليد طقوسية أو شكلية. ورغم فقدان معظم قصائدها، إلا أنها ظلّت حتى اليوم موضع افتتان العديد من المؤرّخين والفنّانين.
وقد احتفى بها أفلاطون واصفا إيّاها بالملهمة العاشرة. كما خصّص لها الشاعر الفرنسيّ بودلير قصيدة بعنوان "ليزبوس" ضمن ديوانه "أزهار الشرّ".
في مرحلة تالية، انتقلت الشاعرة وعائلتها إلى جزيرة صقلّية بإيطاليا بعد أن حُكم عليهم بالنفي لسبب ما.
وفي تلك الفترة أحبّت نجّارا يُدعى "فيون". لكن يبدو أن ذلك الحبّ كان من طرف واحد. فأقدمت على قتل نفسها بالقفز من قمّة جرف في الجزيرة. وقد تحوّل ذلك المكان في ما بعد وطوال قرون إلى مزار سياحيّ.
والشاهد الرخاميّ الذي يعلو قبرها يحمل كلمات من إحدى قصائدها تقول فيها أنها لن تموت لأن دواوينها التسعة ستظلّ خالدة مثل الملهمات التِّسع.