Posts

Showing posts from 2007

لوحات عالميـة - 154

Image
لاس هيلانديراس أو أسطورة اراكنـي للفنان الإسباني دييـغـو فـيلاســكيــز، 1657 رسم فيلاسكيز هذه اللوحة في السنوات الأخيرة من حياته. ومنذ ذلك الوقت، ُينظر إليها كأحد أعظم الأعمال التشكيلية التي أنتجها عصر النهضة الأورّبي. وقد استقطبت اللوحة اهتمام الكثير من النقّاد والمؤرّخين الذين تباينت تفسيراتهم وتحليلاتهم لمضمونها. وعبر العصور المختلفة حاول الكثيرون "تفكيك" هذه اللوحة في محاولة لكشف أسرارها والاقتراب من عالمها السحري، غير أن ذلك لم يؤدّ سوى إلى زيادة غموضها. والبعض يعتبر أن هذه اللوحة أشبه ما تكون بلوحة الشطرنج لشدّة إبهامها واستعصائها على أي شرح أو تفسير. كان فيلاسكيز رسّاما عظيما واستثنائيا وكان سابقا لزمانه بفضل موهبته المبدعة وعقليته الفذّة المفكّرة. وقد رسم لاس هيلانديراس "أو عاملات النسيج بالاسبانية" بناءً على طلب احد أصدقائه في القصر. واللوحة تتضمّن أسطورة داخل أسطورة. والموضوع الرئيسي فيها استوحاه الرسّام من أسطورة اراكني الإغريقية التي أوردها الشاعر الروماني اوفيد في كتابه التحوّلات . وتحكي الأسطورة قصّة فتاة تدعى اراكني، كانت بارعة في الرسم على النسيج. ...

لوحات عالميـة – 153

Image
نبـوءات حـافــظ للفنان الإيراني إيمـان مـالكــي، 2003 لشدّة واقعية هذه اللوحة ووضوح ودقّة تفاصيلها، قد يظنّها الناظر لأوّل وهلة صورة فوتوغرافية. وهذه النقطة ربّما تثير بعض الإشكالات والتساؤلات. لكن لا بدّ أولا من قراءة اللوحة والمرور سريعا على بعض تفاصيلها. في اللوحة نرى شقيقتين تجلسان في شرفة منزلهما المطلّ على منظر حضري. الكبرى تمسك بنسخة من ديوان حافظ الشيرازي بينما راحت الصغرى تحدّق فيها بانتظار ما ستقرؤه من شعر. وباستثناء السماء الممتدّة التي يختلط فيها الغبار بالغيم، لا توجد في الخلفية الكثير من التفاصيل ما عدا بعض الأشجار والبنايات التي تلوح من بعيد. وقد يكون الفنان أراد من وراء الاقتصاد في رسم الخلفية تركيز انتباه الناظر إلى الموضوع الأساسي؛ أي الفتاتين والجوّ الذي يوحي به الحوار في ما بينهما بشأن الكتاب. المشهد فيه إحساس حالم وقدر غير قليل من الرومانسية. والتعابير البادية على ملامح الفتاتين هي مزيج من الحزن والترقّب. بالنسبة للإيرانيين، فإن حافظ الشيرازي ليس مجرّد شاعر فحسب، بل هو جزء لا يتجزّأ من الروح الإيرانية نفسها. وربّما لا يضاهيه شهرة وذيوعا سوى عمر الخيّام. وقد بلغ من ...

لوحات عالميـة – 152‏

Image
شمشــون و دليـلــة للفنان الهولندي بيتـر بـول روبنــز، 1610 كلف نيكولاس روكوكس صديقه الفنان روبنز برسم لوحة تتّخذ من قصّة شمشون ودليلة موضوعا لها كي يعلّقها في منزله. وشمشون، حسب ما تذكر الأساطير، كان بطلا يهوديا يقال انه كان يتمتّع بقوى وقدرات جسدية خارقة. وتذكر الروايات الانجيلية أن ملاكا ظهر لامّه قبل أن يولد وأخذ عليها عهدا بأن تحسن تربيته فتمنع عنه الخمر ولا تطعمه إلا الغذاء الطيّب وأن لا تقصّ شعر رأسه أبدا. ويقال إن شمشون كان يصارع أعداءه فينتصر عليهم لوحده مهما كان عددهم وعدّتهم. وتروي بعض القصص كيف انه صارع سبعا ضخما فصرعه، وكيف اقتلع بوابّات مدينة محصّنة بيديه العاريتين، وكيف أباد جيشا بأكمله وليس معه من سلاح سوى عظمة حيوان ميّت! إلى آخر تلك القصص الغريبة. وقد حاول أعداء شمشون مرارا القبض عليه أو قتله، غير أنهم لم يستطيعوا. لكن سقوط شمشون تحقّق عندما وقع في حبّ امرأة جميلة تدعى دليلة. وقد رشا أعداؤه المرأة كي تساعدهم في معرفة مصدر قوّته ومن ثم تمكينهم من السيطرة عليه. وفي إحدى الليالي وبعد عدّة محاولات من المرأة، كشف لها سرّ قوّته المتمثل في شعره الذي لم يقصّ أبدا. وا...

لوحات عالميـة – 151‏

Image
صباح الخير مسيو كوربيه للفنان الفرنسـي غوستـاف كـوربيـه، 1854 ينقسم النقاد كثيرا حول غوستاف كوربيه. بعضهم يعتبره رسّاما موهوبا. والبعض الآخر يعزو شهرته وذيوع اسمه إلى نرجسيّته وفوضويّته. وثمّة من يزيد على ذلك بالقول إن كوربيه كان فنانا إباحيا ومستفزّا بل وعديم الحياء بدليل لوحتيه "النائمتان" و "أصل العالم". لوحته "صباح الخير مسيو كوربيه" هي أشهر أعماله على الإطلاق. وقد بلغ من شهرتها أن العديد من الحركات الاشتراكية في العالم استخدمت اللوحة في أدبيّاتها واعتبرت مضمونها ترجمة للشعارات الاشتراكية العتيدة التي تدعو إلى المساواة والحرّية والعدالة. في اللوحة يصوّر كوربيه حادثة لقائه مع الثريّ الفريد بروياس الذي ُعرف برعايته للفنون وتشجيعه للفنانين. مكان المقابلة طريق ترابي في منطقة ريفية تحيطها الأشجار والمزارع الخضراء تقع على مقربة من منزل بروياس. إلى اليمين يبدو كوربيه بمظهره البسيط حاملا أدوات الرسم فوق ظهره. وفي مواجهته يقف بروياس ذو المظهر الأنيق الذي يشي بمكانته وطبقته. وخلف بروياس يقف خادمه الذي يحمل عباءته وأشياءه الأخرى. لغة الجسد في هذه اللوحة مه...

لوحات عالميـة – 150‏

Image
شابّ يجلس على صخرة أمام شاطئ البحر للفنان الفرنسـي إيبـوليت فـلانـدران، 1855 في هذه اللوحة، المألوفة إلى حدّ ما والمثيرة للمشاعر، نرى شابّا يجلس فوق صخرة على شاطئ البحر وقد نكّس رأسه إلى أسفل وأسلم نفسه لنوبة تفكير عميق. الجوّ العام للمشهد يعطي شعورا بالوحدة واليأس والحزن العميق. ولا بدّ وأن الشاب أتى إلى هذا المكان المنعزل والهادئ بنفس مثقلة بالهموم والآلام والتحدّيات. إنه هنا في مواجهة مع نفسه وليس أمامه سوى البحر والأفق الممتدّ .. والصمت. هناك أيضا الهدوء الغامض والحالة التأمّلية التي تطبع المشهد. لكن أهمّ ما يلفت الانتباه في اللوحة هو أن الشاب يبدو عاريا. غير أن العري هنا جزئي ومحسوب بدقّة بحيث لا يحمل أية إيحاءات ايروتيكية أو حسّية قد تصرف ذهن المتلقي بعيدا عن الموضوع الأساس. ولهذا السبب عمد الرسّام إلى حجب المناطق الحسّاسة في جسد الشاب وركّز على تمثيل الرأس واليدين والقدمين بأسلوب شديد الواقعية. ثم هناك وضعية الجلوس في اللوحة. فالشّاب يجلس بهيئة قريبة من هيئة جلوس الجنين في بطن أمّه. هل لهذه الجزئية مغزى ما؟ قد يكون الفنّان اختار هذه الوضعية لكي يؤكّد على حالة اليأس التي تتملّك ا...

لوحات عالميـة – 149‏

Image
رُعـــاة أركــاديـــا للفنان الفرنسـي نيكـولا بُـوســان، 1627 تستمدّ هذه اللوحة المشهورة موضوعها من قصّة أسطورة، أو بالأحرى من مقطع قصيدة للشاعر الروماني فرجيل الذي عاش قبل الميلاد يتحدّث فيه عن الرعاة الأركاديين "نسبة إلى أركاديا". وأركاديا منطقة في اليونان عُرفت في الأزمنة السحيقة بسهولها الخصبة وتلالها الخضراء وحدائقها الغنّاء. كما اشتهرت بنهرها الذي أتى على ذكره الشاعر الانجليزي كولريدج في إحدى قصائده. كانت أركاديا بمثابة الفردوس المفقود أو اليوتوبيا التي طالما تحدّث عنها الشعراء والفلاسفة وكان الوصول إليها أمرا في غاية الصعوبة إذ كانت تحيطها الجبال الوعرة من مختلف الجهات. وفي أركاديا كانت تكثر البحيرات والغدران والمروج والغابات. ولم تكن سكناها مقتصرة على البشر وحدهم، بل كان يعيش معهم مخلوقات أخرى مثل عرائس البحر وحوريات الغابات وملكات الليل و الجياد المجنّحة بالإضافة إلى عدد غير قليل من الآلهة. في ذلك الزمان كان أهل أركاديا يشتغلون برعي الماشية. لم يكن يكدّر صفو حياتهم شيء، وكانوا يمضون جلّ وقتهم في عزف الموسيقى والغناء والرسم. ومع الأيام أصبحت موسيقاهم محلّ تقدير وإع...

لوحات عالميـة - 148‏

Image
منظـر لـ ديـلـيـفـت للفنان الهولنـدي يـوهـان فيـرميــر، 1660 لوحة أخرى لـ فيرمير يعتبرها الكثير من النقاد ومؤرّخي الفن احد أفضل الأعمال التشكيلية الغربية التي تصوّر طبيعة الحياة في مدينة بحرية. بل أن الروائي الفرنسي مارسيل بروست يعتبرها أجمل لوحة وقعت عليها عيناه. والمدينة التي اختارها فيرمير موضوعا لهذه اللوحة هي ديليفت ، مدينة الفنان التي ولد فيها وعاش وتوفّي. وفي العصور اللاحقة أصبح اسم هذه المدينة مرادفا لاسم هذا الفنان العظيم الذي خلـّد في رسوماته الكثير من مظاهر الحياة اليومية فيها، ابتداءً من البيوت ذات الديكورات الزخرفية المتوهّجة وانتهاءً بالوجـوه التي طالما أحبّها وألفها. رسم فيرمير هذه اللوحة حوالي منتصف القرن السابع عشر، وهي الفترة التي شهدت ذروة ازدهار الفنون والثقافة في هولندا. في ذلك الوقت، كان فيرمير يعتبر ثاني أشهر رسّام هولندي بعد رمبراندت، وكان رسم المدن تقليدا شائعا لدى عدد غير قليل من الرسّامين الهولنديين. ومن الواضح أن فيرمير بذل جهدا كبيرا في رسم اللوحة التي تشهد كل تفاصيلها بقوّة ملاحظة الفنان وبراعته في الإمساك بتأثيرات الضوء والظل. وهذا واضح من خلال طريقة ت...

لوحات عالميـة - 147‏

Image
بورتريـه امـرأة مجهــولـة للفنان الروسـي إيفــان كـرامسـكـــوي، 1883 هذه اللوحة الجميلة يمكن أن تندرج ضمن تلك النوعيـة من الأعمال التشكيلية التي يقف أمامها الإنسان متأمّلا بصمت روعة تفاصيلها وتناغم ألوانها واتساق خطوطها دون أن يشعر بالحاجة لان يفهمها على المستوى الفكري أو الانفعالي من اجـل أن يقدّر البراعة والإتقان اللذين وظّفا في رسمها. في هذه اللوحة نرى نموذجا للجمال المثالي للأنثى التي تضجّ ملامحها بالفتنة الممزوجة بقدر غير قليل من الإثارة والغموض. وقد تكون اللوحة مألوفـة للذين سبق وأن طالعوا رواية الكاتب الروسي الكبير ليو تولستوي آنا كارينينا ، إذ ظلّت صورة المرأة تزيّن غـلاف العديد من طبعات تلك الرواية التي ترجمت إلى جميع لغات العالم تقريبا. وقد بلغ من شهرة هذه اللوحة في روسيا أن بعض النقّاد يضعونها ضمن أفضل خمس لوحات في تاريخ الفـنّ الروسي كلّه. الفنان إيفان كرامسكوي يعود إليه الفضل أيضا في إقناع تولستوي بأن يوافق للمرّة الأولى على أن يرسم له بورتريه . وهو البورتريه الذي تحـوّل في ما بعد إلى أهمّ أثر تشكيلي يصوّر الروائي الروسـي الأشهر أثناء حياته. وقد باشر الفنان رسم البورتريه ...

لوحات عالميـة - 146‏

Image
بــرج بــابـــل للفنـان الهولندي بيـتر بـريغــل الأبّ، 1569 ارتبط اسم بابل تاريخيا بالقائد نبوخذ نصّر وبالحضارة السومرية. وقد تحوّلت هذه المدينة إبّان حكمه إلى اكبر حواضر العالم القديم. وفي ما بعد أصبحت بابل جزءا من مملكة النمرود. وفي عهده بدأ بناء البرج الذي اقترن باسم المدينة وأصبح في ما بعد إحدى عجائب الدنيا السبع. حدث هذا في ما بين القرنين السادس والسابع قبل الميلاد، أي بعد فترة قصيرة من وقوع حادثة الطوفان. تقول المصادر التاريخية إن من نجوا من طوفان نوح وجدوا في بابل ملجئا وملاذا لهم. كانوا يتحدّثون لغة واحدة ويعيشون معا في سلام. لكن الملك النمرود كان واقعا تحت هاجس الخوف من أن يتفرّق الناس ويتوزّعوا على الأرض، تنفيذا لأوامر الربّ الذي دعاهم لتكثير النسل والسير في مناكب الأرض لتعميرها. لذا قرّر النمرود بناء برج عظيم يطاول السماء واختار أن يُبنى على قمّة البرج معبد كي يكون المؤمنون قريبين من الله، وبذا يجدون ما يشدّهم إلى أرضهم ويرغّبهم في البقاء فيها. ولوحة بيتر بريغل الأبّ هي أشهر عمل تشكيلي يتّخذ من تلك الحادثة موضوعا له. وأهم ما يلفت الانتباه في اللوحة هو تركيز الفنان على إبراز...

لوحات عالميـة - 145‏

Image
حانـة فـي الــ فولـي بيـرجيـر للفنان الفـرنسـي إدوار مـانـيــه، 1882 رسم ادوار مانيه هذه اللوحة قبل سنة من وفاته. ورغم مرور أكثر من مائة عام على ظهورها، ما يزال يُنظر إليها باعتبارها واحدة من أكثر اللوحات إثارة وغموضا في تاريخ الفنّ التشكيلي العالمي. كان مانيه معجبا كثيرا بأسلوب دييغو فيلاسكيز، ولطالما عبّر عن افتتانه بالألغاز البصرية المعقّدة التي ضمّنها الرسّام الاسباني الأشهر لوحته الذائعة الصيت وصيفات الشرف . لكن يبدو النقاد منقسمين بشدّة حول مضمون هذه اللوحة وقيمتها الإبداعية. بعضهم يرى أنها خالية من أي معنى كما أنها لا تنطوي على أيّ إبداع حقيقي من وجهة النظر الأكاديمية البحتة. لكنّ نقادا آخرين يرون أن اللوحة نتاج عقلية فذّة ومقدرة فنية فائقة على استخدام اللغة البصرية للمزاوجة بين الواقع الملموس والعالم المجرّد. المكان الذي تقدّمه اللوحة هو الفولي بيرجير، وهو عبارة عن صالة باريسية شهيرة توفّر لروّادها ضروبا من اللهو والتسلية المختلفة وتقدّم فيها المشروبات وتعزف الموسيقى وتقام فيها العروض والألعاب البهلوانية. في اللوحة نرى فتاة تقف وسط الحانة وأمامها صفّ من الفواكه والزهور ...

لوحات عالميـة - 144‏

Image
بورتريـه الشاعـر الفقيـر للفنان الألمـاني كـارل شبـيتــزوغ، 1839 هذه اللوحة مشهورة ليس في ألمانيا، بلد الرسّام، فحسب، وإنما خارجها أيضا؛ في أوربّا وأمريكا وغيرهما. وقد كشف استفتاء اجري مؤخّرا عن أن اللوحة تحتلّ المركز الثاني في قائمة الأعمال التشكيلية الأكثر تفضيلا عند الألمان. ويأتي قبلها الموناليزا وبعدها مباشرة لوحة البريخت ديورر "أرنب برّي صغير". أما صاحب اللوحة، كارل شبيتزوغ، فهو نفس الفنان الذي رسم في ما بعد دودة الكتب The Bookworm ، وهي لوحة مشهورة جدا يعرفها عشّاق الكتب والمعنيّون بأمور الثقافة عموما. ومن الواضح أن معظم أعمال شبيتزوغ تستمدّ موضوعاتها من رؤية الفنان إلى أحوال الطبقة الألمانية الوسطى، خاصّة المثقفين، خلال القرن التاسع عشر. في هذه اللوحة يصوّر الفنان حال الشاعر معتمدا على الصورة النمطية المألوفة عن الشعراء . فهم مثاليون وحالمون وميّالون لان يعزلوا أنفسهم عن واقع المجتمع. وهم يكرّسون كلّ وقتهم وجهدهم للكتابة والتأمّل والإبداع. ثم إن معظم الشعراء، رغم إبداعهم وذكائهم وتميّزهم، غالبا ما يعيشون حياة فقر وعَوَز. في اللوحة نرى شاعرا مستلقيا على سري...

لوحات عالميـة - 143‏

Image
جمـال روســي للفنان الروسـي ألكسـي هـارلامــوف، 1921 قد لا يكون ألكسي هارلاموف اسما متداولا كثيرا في أوساط الفنّ التشكيليّ العالميّ، لكن لوحاته تدلّ على انه كان رسّاما متميّزا. كان تخصّصه الأساسيّ رسم البورتريه، لكن له لوحات يصوّر فيها الفقراء والفئات الاجتماعية الأقلّ حظّاً. وكان قد حقّق نجاحا كبيرا في بلده روسيا، حيث رسم بورتريهات للعديد من أفراد الطبقة الارستقراطية فيها. في تلك الفترة، كان الاتجاه السائد الذي يغلب على أعمال الفنّانين الروس هو رسم المواضيع الدينية وتصوير السفن والحياة البحرية بشكل عام. لم يمكث هارلاموف طويلا في مدينته سانت بطرسبورغ، إذ دائما ما كانت تحدوه الرغبة في السفر والتعرّف على تجارب فنّية جديدة. لذا هاجر إلى فرنسا، وهناك اتّسعت تجربته ونمت موهبته الفنّية أكثر وأصاب المزيد من النجاح والشهرة. ولوحاته تذكّرنا إلى حدّ ما بأسلوب رينوار من حيث طريقته في استخدام الألوان والظلال، وإن كان يغلب على أسلوبه الطابع النيوكلاسيكيّ والواقعيّ. في هذه اللوحة الجميلة استخدم هارلاموف ابنته كموديل، وهو كثيرا ما رسمها في العديد من البورتريهات بأوضاع مختل...

لوحات عالميـة - 142‏

Image
أرنـب بـرّي صغيـر للفنان الألماني البـريخـت ديورر، 1502 لا بدّ وان الكثيرين منا ألفوا رؤية هذه اللوحة، إذ لا تخلو منها كتب المطالعة المدرسية القديمة والحديثة. كما أنها تتبوّأ دائما المراكز الأولى في قوائم اللوحات الفنية الأكثر مبيعا، خاصة تلك اللوحات التي تقتنى لأغراض الديكور والزينة المنزلية. واللوحة تنتمي إلى ذلك النوع من الأعمال الفنّية التي قد لا تلفت الاهتمام ولا ترتاح لها العين لأوّل وهلة. لكن النظر إلى تفاصيلها بشيء من التمعّن والتركيز سرعان ما يكشف لنا بعضا من ملامح الجمال والتفرّد فيها. الملاحظة الأولى بشان اللوحة هي أنها تقدّم رسما واقعيا ومفصّلا يصل إلى درجة الكمال لأرنب برّي في وضع متحفّز. ويبدو الحيوان الصغير كما لو انه يحاذر الوقوع في قبضة عدوّ متربّص ينوي مهاجمته. وإذا كانت لوحات مود لويس تعتبر أفضل ما رُسم عن عالم القطط، فإنه يمكن القول إن هذه اللوحة تصوّر أشهر حيوان في تاريخ الفنّ التشكيلي العالمي كله. وثمّة احتمال بأن يكون البريخت ديورر رسم اللوحة لمجرّد المتعة الفنّية فحسب. ومع ذلك فإن كلّ شعرة وكلّ جزء وكل تعبير فيها يعدّ مؤشّرا على أن اللوحة أنجزت بحساسية...

لوحات عالميـة - 141‏

Image
بورتـريه اديـل بلـوكبــاور 1 للفنان النمساوي غـوستـاف كليـمـت، 1907 في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات العشرين كان يعيش في فيينّا عاصمة النمسا تاجر يهودي اسمه بلوكباور. كان هذا الرجل قد ورث عن والده ثروة طائلة. وكانت له زوجة اسمها أديل، تنحدر هي أيضا من أصول ارستقراطية. ومثل زوجها، كانت هي الأخرى تتمتّع بالكثير من الوجاهة والنفوذ. كانت اديل سيّدة حديثة ومتحرّرة، ولطالما أحيت في قصرها المناسبات والحفلات المختلفة وأحاطت نفسها بأعيان وصفوة المجتمع من ساسة وأدباء وفنّاني وموسيقيي ذلك الزمان، وعلى رأسهم الموسيقي ريتشارد شتراوس والرسّام غوستاف كليمت. كان بلوكباور يحبّ زوجته كثيرا وقد عاش الاثنان حياة هانئة ومستقرّة. ولم تخمد جذوة ذلك الحبّ أو تفتر حتى عندما تبيّن لهما أنهما لن يرزقا بأطفال طيلة ما تبقّى لهما من عمر. وتعبيرا من بلوكباور عن محبّته لزوجته، كلّف صديقه الفنان كليمت برسم بورتريه لها. وبالفعل قام كليمت برسم هذه اللوحة التي استغرق انجازها ثلاث سنوات. وفيها تظهر اديل بلوكباور بمظهر المرأة الفخورة والمعتدّة بنفسها. ولا يقلل من هذا الانطباع نظراتها الغامضة ولا الشفتان الحمرا...

لوحات عالميـة - 140‏

Image
ليلـة مرصّعـة بالنجـوم فـوق الـرون للفنان الهولندي فنسنـت فــان غــوخ 1888 عُرف عن فان غوخ افتتانه برسم السماء الليلية. وقد رسم هذه اللوحة، بالإضافة إلى لوحتيه الشهيرتين ليلة مرصّعة بالنجوم و ساحة مقهى في الليل ، في فترات متقاربة أثناء إقامته في ضاحية آرل الباريسية. كان فان غوخ يجد في السماء وفي تأثيرات الضوء ليلا مادّة أغرته برسم بعض أشهر أعماله وأكثرها شعبية ورواجا. في هذه اللوحة الرائعة يحاول الفنان رسم تأثيرات الأضواء المشعّة من السماء وتلك المنبعثة من المصابيح الاصطناعية التي اكتشفت للتوّ آنذاك، محاولا الإمساك بانعكاسات ألوانها وخطوطها وظلالها على مياه نهر الرون الزرقاء. ومن المثير للاهتمام أن نعرف أن هذه اللوحة ظلت دائما محطّ اهتمام وإعجاب علماء الفلك الذين درسوها وحللوها ليتوصّلوا إلى استنتاج مؤدّاه أن فان غوخ كان دقيقا في تحديد موقع كل نجم في اللوحة، ما يؤكّد انه رسمها ليلا في الهواء الطلق وفي نقطة ما على ضفّة النهر القريب من منزله. أكثر ما يلفت الانتباه في اللوحة هو هذا الوهج اللوني الأخّاذ الذي يضيء كلّ جزء وكلّ تفصيل فيها. لا شيء هنا سوى السماء الليلية الممتدّة وهذه...

لوحات عالميـة – 139‏

Image
نســاء الجـزائـــر للفنان الفرنسي أوجيـن ديـلاكـــرو، 1834 في العام 1832 سافر أوجين ديلاكروا إلى اسبانيا وشمال أفريقيا في مهمّة ديبلوماسية. وكان لتلك الرحلة اثر كبير في اختيار الفنان مواضيع لوحاته التي ستظهر في ما بعد، والتي سجّل فيها جوانب من ملاحظاته ومشاهداته الشخصية في تلك البلاد. وحطّت به الرحال أخيرا في المغرب. حدث ذلك بعد فترة قصيرة من استيلاء فرنسا على الجزائر. وفي المغرب تمكّن ديلاكروا من أن يشقّ طريقه إلى مجتمعات النساء وعالم الحريم الغامض. في البداية لم تكن تلك المهمّة سهلة، بالنظر إلى التقاليد المحافظة والعادات الصارمة التي تلزم النساء بتغطية أجسادهن. وعندما شاهد ديلاكروا عالم الحريم لأوّل مرة أسكره المنظر وأحسّ بالدهشة والافتتان. إذ كان يعتقد دائما أن ثقافة شمال أفريقيا وأسلوب حياة أهلها بما تنطوي عليه من حيوية و "إكزوتية" في منتصف القرن التاسع عشر، كانت صورة مصغّرة عن الحياة زمن الإغريق والرومان. وبعد سنتين من ذلك التاريخ أنجز الفنان هذه اللوحة التي يعتبرها كثيرون إيذانا ببدء الحركة الاستشراقية في الثقافة والفن. في "نساء الجزائر" نرى ثلاث نسا...

لوحات عالميـة – 138‏

Image
بورتـريه ســاره برنــارد للفنان التشيـكي الفـونس مـوشــا، 1904 يعتبر الفونس موشا احد روّاد ما يُعرف بالفنّ الحديث الذي كان يهدف إلى إزالة الحواجز ما بين الرسم والجمهور. وكانت نظرية رموز هذا المدرسة تتلخص في أن الفن يمكن أن يستمدّ موضوعاته من مفردات الحياة الشعبية مثل إعلانات السلع وملصقات الشوارع والمترو وديكورات المسرح والسينما وخلافه. وأهمّية هذا البورتريه تعود إلى كونه يصوّر ساره برنارد، أشهر ممثلة فرنسية في منتصف القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وقد طلبت الممثلة من الرسّام انجاز ملصق يروّج لإحدى مسرحياتها من تأليف الكاتب المسرحي ادمون روستان. وكان البورتريه بمثابة نقطة التحوّل التي عرّفت الجمهور بـ موشا ودخل على إثره دائرة الأضواء والشهرة. كان البورتريه بعد إتمامه عملا تشكيليا يقترب من الكمال. ومن الواضح انه لا يخلو من الإثارة والشاعرية، بألوانه الشفّافة وخطوطه الناعمة وتموّجاته الرقيقة. وتبدو الممثلة هنا بنظرات واثقة وملامح جذّابة ومفعمة بالأنوثة. وقد عمد الرسّام إلى تضمين اللوحة انحناءات حسّية استوحاها من عناصر الديكور وألوان الطبيعة. وبعد انجاز البورتريه استمرّت ال...

لوحات عالميـة – 137‏

Image
ذكـــــرى للفنان البلجيكي رينـيـه مـاغـريـت، 1945 هل يمكن أن يحبّ احدنا عملا تشكيليا ما دون أن يفهم معناه أو يحيط بمضمونه أو يدرك دلالته سواءً كانت فكرية أو أخلاقية أو فلسفية؟ الجواب هو نعم بالتأكيد. يحدث أحيانا أن ننجذب إلى لوحة ما لمجرّد أنها تنطوي على متعة بصرية أو شعورية، دون أن نفهم بالضرورة معناها أو دلالتها أو الرسالة التي تتضمّنها. وهذه اللوحة توفّر مثالا على ذلك. ومنذ بعض الوقت وأنا أحاول تسجيل بعض انطباعاتي عن هذه اللوحة بعد أن اكتشفت أنني أصبحت مفتونا بها ومنجذبا إلى جوّها وتفاصيلها الغريبة والملتبسة. وكنت قد شاهدتها في بعض المواقع الشعرية والأدبية وفي كلّ مرّة يخامرني نفس الشعور من المتعة والافتتان باللوحة الغامضة. هنا، كما في كل أعماله السوريالية الأخرى تقريبا، يجمع رينيه ماغريت بين أشياء وعناصر لا رابط منطقيا في ما بينها: كرة مضرب وورقة من شجرة وتمثال نصفي مصنوع من الجبس على ما يبدو. وكل هذه الأشياء موضوعة فوق جدار. وفي الخلفية هناك ستارة طويلة حمراء تحجب جزءا من السماء التي تبدو ربيعية وغائمة. لكن الغموض يطلّ علينا من المشهد مجدّدا على هيئة سؤال: ترى ماذا قصد ...

لوحات عالميـة - 136‏

Image
الحـَــرَس الليــلـــــي للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1642 هذه اللوحة هي أشهر لوحات رمبراندت على الإطلاق، بل ويمكن القول إنها من اكبر الأعمال الفنية حجما إذ تبلغ مساحتها أكثر من مائتي قدم. ومثلما هو الحال مع بقية لوحاته لجأ رمبراندت، هنا أيضا، إلى لعبة الضوء والعتمة لإضفاء شيء من الحركية والدراماتيكية على المشهد. اللوحة تصوّر مجموعة من الحرس ينتظرون الأوامر من قائدهم لمباشرة دوريّتهم الليلية المعتادة. ويقال إن رمبراندت كُلّف بإنجاز هذه اللوحة من قبل قائد الحرس الذي يظهر في منتصف اللوحة معتمرا قبّعة سوداء و "جاكيت" اسود وياقة بيضاء. تضمّ اللوحة 34 شخصية وهو رقم يندر أن نرى له مثيلا في أيّ عمل تشكيلي آخر. ويُذكر أن رمبراندت تقاضى على اللوحة مبلغ 16000 غيلدر هولندي وهو مبلغ يعتبر كبيرا جدا في تلك الأيام. وقد اعتُبرت اللوحة بعد انجازها عملا ثوريا وظلت على الدوام موضع اهتمام كبير من جمهور النقاد والمهتمّين بالفنّ التشكيلي. فهذا البورتريه الجماعي الذي يُفترض انه يصوّر منظرا ثابتا تحوّل بفضل عبقرية رمبراندت إلى كرنفال صاخب من الضوء والحركة واللون، حيث يختلط فيه ضجيج الناس وقرع الطبو...

لوحات عالميـة - 135‏

Image
بورتريـه بينـدو آلتـوفيـتــي للفنان الإيطالي رافـائيــل، 1515 يعتبر رافائيل احد أعظم الرسّامين وأكثرهم أصالة وموهبة. وكان يعتبر دا فنشي صديقه ومعلمه ووالده الروحي، بينما كانت علاقته مع ميكيل انجيلو عاصفة ومتوّترة معظم الأحيان بسبب التنافس بين الرجلين. في هذا البورتريه الجميل رسم رافائيل صديقه بيندو آلتوفيتي الذي كان سليل عائلة عريقة من فلورنسا وصديقا للكثير من الفنانين المهمّين في عصره مثل ميكيل انجيلو ورافائيل. وأوّل ما يلفت الانتباه في هذا البورتريه هو وسامة صاحبه اللافتة وتعابيره الوقورة وملامحه الواثقة وفخامة لباسه وأناقة مظهره بشكل عام. وكلها أمور تشي بثراء الرجل وأصله النبيل. هناك أيضا التفاتة الرجل والطريقة التي ينظر بها والتي لا تخلو من مسحة مسرحية واضحة. ومما يجذب الانتباه أيضا في البورتريه روعة وتناغم ألوانه المكوّنة من الكحلي والأصفر ودرجاتهما وكذلك أناقة خطوطه ونعومة تفاصيله. هنا أيضا يمكن أن نتلمّس تعامل الفنان المبهر مع الأثاث والألبسة التي تشعّ بالضوء والألوان المتوهجة والباذخة. وكالعادة ركّز رافائيل على ملامح الرجل التي تعطي فكرة كافية عن مكانته وأهمّيته في مجتمع عصر ال...

لوحات عالميـة - 134‏

Image
بورتـريـه بـيـتـهوفــن للفنان الألماني جوزيـف كـارل شتـيلـر، 1820 من المؤكّد أن الكثيرين منّا ألفوا رؤية هذا البورتريه أو انه سبق لهم رؤيته ولو مرّة واحدة على الأقل من قبل. والبورتريه يمثل اليوم أشهر عمل تشكيلي يصوّر بيتهوفن، أكثر المؤلفين الموسيقيين تأثيرا وشهرة على مرّ العصور. وأهمية البورتريه تكمن في انه أنجز خلال حياة بيتهوفن نفسه، وبالتحديد في ربيع العام 1820، أي انه ينقل لنا بكثير من الوضوح والدقّة ملامح وجه الموسيقي الشهير وبعضا من مظاهر عبقريته. وقد استُنسخ وطبع من هذا البورتريه منذ انجازه ملايين النسخ ويمكن رؤيته على أغلفة الكتب والاسطوانات المدمجة التي تتضمّن أعمال بيتهوفن الموسيقية. أمّا فكرة رسم البورتريه فكانت بناءً على طلب من فرانز برينتانور وزوجته اللذين كانا صديقين لبيتهوفن. المعروف أن بيتهوفن كان يعاني دائما من آلام الظهر المزمنة بالإضافة إلى ظروف إعاقته. لذا فقد اضطرّ إلى أن يجلس أمام الرسّام أربع مرّات وفي أوقات متفاوتة لكي يتجنّب آلام الجلوس الطويل على الكرسي. في اللوحة يظهر بيتهوفن ممسكا القلم بيد وباليد الأخرى كراسّ نوتة موسيقية مكتوبا على غلافها اسم إحدى ...

لوحات عالميـة - 133‏

Image
نابليـون عابـراً جبـال الألـب للفنان الفرنسي جـاك لـوي دافيـد، 1801 رسم جاك لوي دافيد هذه اللوحة الشهيرة بناءً على طلب نابليون بونابارت. في ذلك الوقت، لم يكن القائد الفرنسي قد تُوّج امبراطورا بعد. لكنّه كان بحاجة إلى شرعية تاريخية تؤهّله لأن يصبح حاكما مطلقا على فرنسا. ووجد أن حادثة قيادته جيشا عَبـَر به جبال الألب في ربيع عام 1800 في محاولة لمفاجأة جيش النمسا المتمركز في ايطاليا تصلح لان تكون موضوعا لعمل فني يذكّّر من خلاله العالم انه ثالث جنرال في التاريخ يحقّق ذلك الانجاز بعد كلّ من شارليمان وهانيبال. وقد أصّر نابليون على ألا يجلس لرسم البورتريه، كما لم يكن مهتمّا كثيرا بأن يظهر بهيئته الحقيقية. كل ما كان يشغله هو أن يبذل الفنان قصارى جهده ليرسم حصانه بطريقة تعطي انطباعا عن جسارة صاحبه وقوّته وشجاعته. هذا على الرغم من حقيقة أن نابليون عندما عبر جبال الألب لم يكن يمتطي حصانا بل بغلا، وذلك نزولا عند نصيحة مستشاريه الذين أقنعوه أن البغال أكثر قدرةً على التحمّل والعمل في الأجواء الشديدة البرودة. في اللوحة يظهر نابليون في لباس جنرال وقد اعتمر قبّعة وتقلّد سيفا مرصّعين بالذهب وتوشّح ردا...

لوحات عالميـة - 132‏

Image
جيــوديكـــا للفنان البريطاني جـوزيف تيــرنــر، 1841 تعتبر هذه اللوحة أحد أروع الأعمال الفنية التشكيلية التي تتّخذ من مدينة البندقية موضوعا لها. كما أنها تقدّم مثالا آخر على عبقرية جوزيف تيرنر في تمثيل الخصائص الغامضة للماء والضوء والغيم من خلال هذه الصورة البصرية البديعة عن تجربته في المدينة الايطالية. هذه اللوحة بيعت العام الماضي في مزاد كريستي بـ نيويورك بمبلغ 36 مليون دولار. وهي واحدة من ثلاث لوحات زيتية بدأ تيرنر رسمها في العام 1821 م لصالح الأكاديمية الملكية للفنون. واللوحة تصوّر منطقة قنال جيوديكا ذات يوم غائم، حيث تظهر في الوسط سان جيورجيو والى اليسار مادونا ديلا ساليوت والى اليمين كنيسة زيتيلا. في هذا المشهد المبهج الذي يغلب عليه اللون الأصفر وتدرّجاته المختلفة، يبدو الماء شفيفا رائقا وتبدو المباني الظاهرة في الخلفية كما لو أنها تذوب وتغرق في الضوء. وقد استخدم الفنان ألوانا سميكة كي يمسك بتأثيرات الماء والضوء وانعكاساتها على الأبنية كما استخدم ضربات فرشاة دقيقة كي يؤكّد على التفاصيل الجميلة للكنيسة ولرجال القوارب. عُرف تيرنر بميله لرسم الأشكال والخطوط التي تتحوّل إلى ...

لوحات عالميـة - 131‏

Image
رقصــة الحيــاة للفنان النرويجي إدفـارد مونـك، 1900 لوحة أخرى من لوحات ادفارد مونك "أو مونش كما يُنطق اسمه أحيانا" وفيها يحاول تصوير الطبيعة المتغيّرة للمرأة، بدءا من طور البراءة إلى النضوج الجنسي والعاطفي ومن ثمّ إلى مرحلة الشيخوخة التي تفقد المرأة خلالها الكثير من جاذبيّتها وفتنتها. إلى يسار اللوحة تظهر شابّة جميلة بخدّين متورّدين وهي تخطو إلى الأمام بذراعين مفتوحين وقد تفتّحت إلى جوارها زهور الربيع، ربّما علامة التفاؤل والإقبال على الحياة. وفي الوسط نرى رجلا يراقص امرأة وقد اتّحدا في ذوبان حميم وكأنهما جسد واحد. ويظهر أن ثوب المرأة الأحمر يثير الرجل ويؤجّج حماسه. والى أقصى اليمين تبدو امرأة ترتدي فستانا اسود وهي تقف كتمثال صامت وقد شبكت يديها أمامها وعلت ملامحها نظرات باردة وكئيبة. وفي الخلف أيضا هناك صور لأزواج آخرين من الرجال والنساء وهم منهمكون في الرقص. بالنسبة لمونك، كان الرسم على الدوام وسيلة للتعبير عن مشاعر الحزن والألم. وفي الواقع فإن كثيرا من رسوماته تعبّر عن المصاعب والآلام التي مرّ بها في طفولته وشبابه، كما أن مضمون لوحاته يجسّد إلى حدّ كبير صورة المج...

لوحات عالميـة - 130‏

Image
صائدات المحار على شواطئ كانكال للفنـّان الأمريكـي جون سنغر سارجنت، 1878 كثيرة هي الأعمال الفنيّة التشكيلية التي تتّخذ من حياة البحر موضوعا لها. لكن ما يجعل هذه اللوحة مختلفة ومتميّزة عما سواها الحساسية الفائقة التي نفذّت بها والتوازن المدهش بين عناصرها ومفرداتها وهو ما ينعش المشهد كله ويضفي عليه شعورا بالغبطة الغامضة. والأمر الثالث هو أن صاحب اللوحة رسمها ولم يكن قد تجاوز الثانية والعشرين من عمره. في تلك السنّ الغضّة كان جون سارجنت يقيم في باريس التي درس فيها الفنّ واختارها وطنا ثانيا بعد أن اجتذبه سحرها وأضواؤها. وكانت هذه اللوحة نقطة تحوّل كبرى في حياة سارجنت الفنية. إذ عندما عرضها في صالون باريس من العام 1878 استقبلت بالكثير من الحفاوة والتقدير رغم انه كان وقتها ما يزال يمارس التجريب محاولا تلمّس طريقه في وسط يكثر فيه المشاهير والمبدعون. واللوحة تصوّر منظرا في قرية كانكال بمقاطعة بريتاني الفرنسية التي ارتبطت منذ القدم بحياة البحر واشتهرت بمينائها وشواطئها الجميلة. وكان سارجنت قد زار القرية في السنة التي سبقت رسمه للوحة، ولم يكن فيها سوى النساء والأطفال، حيث كان من عادة الرجا...

لوحات عالميـة - 129‏

Image
جــــــان دارك للفنّان الفرنسي جول باستيان ليباج، 1880 كانت جان دارك فتاة ريفية بسيطة وغير متعلّمة. لكن لأنها تأثّرت بوالدتها فقد نشأت كاثوليكية متديّنة، وكانت تصرف الساعات الطوال في التجوال في الغابات والحقول لوحدها مصلّية متأمّلة. وفجأة وقع حادث غيّر مسار حياتها رأسا على عقب، وتمثل في غزو انجلترا لأراضي فرنسا خلال ما عُرف بحرب المائة عام. في ذلك الوقت كانت هناك نبوءة راجت بين الفرنسيين مفادها أن فرنسا ستُحتلّ بسبب امرأة وستتحرّر على يد امرأة. تقول بعض المصادر التاريخية إن جان دارك كانت مستبصرة، أي أنها كانت تتوقّع الأحداث المستقبلية قبل وقوعها بفضل الأصوات التي كانت تسمعها والرؤى التي كانت تراها. وفي أحد الأيام أخبرت والدها أنها رأت نورا آتيا من السماء مصحوبا بأصوات تخبرها بأن تحرير البلاد سيكون على يديها. وتكرّرت الرؤيا مرارا وصارت جان دارك تتحدّث عن قدّيسين وقدّيسات يظهرن لها في الحقول والغابات. ولما كان الناس آنذاك ميّالين لتصديق مثل هذه القصص، فقد اعتبروا ما روته لهم جان دارك معجزة إلهية. في هذه اللوحة نرى جان دارك تتجوّل في حديقة منزلها حيث كانت تمارس الصلاة والتأمّل ...

لوحات عالميـة - 128‏

Image
تمثـال سينـت تيريـزا للنحّات الإيطالي جيان لورنزو بيرنيني، 1652 يمكن اعتبار جيان لورنزو بيرنيني أشهر نحّات أوربّي ظهر في القرن السابع عشر. وقد وصلت موهبة بيرنيني أوج نضجها عندما فرغ من انجاز هذا التمثال الذي وضع في ما بعد في كنيسة كورنارو بروما وما يزال فيها حتى اليوم. والتمثال يصوّر قصّة عشق صوفية روتها الراهبة الاسبانية المشهورة سينت تيريزا في كتاب سيرتها الذاتية. تقول القصّة إن الراهبة رأت ذات ليلة ملاكا جميلا يقف إلى جوارها وفي يده سهم ذهبي في طرفه لهب مشتعل. ولم يلبث الملاك الصغير أن غرس السهم في قلب الراهبة وعندما انتزعه من صدرها خيّل لها انه انتزع أحشاءها معه. كان الألم رهيبا، بحسب الراهبة، لكنه كان مصحوبا بلذّة عظيمة تمنّت لو أنها لا تغادرها أبدا. والواقع أن التّراث الصوفي بمجمله يتحدّث كثيرا عن الحب الإلهي وعن السُّكْر الروحي وكيف أن الألم يمكن أن يسعد صاحبه من حيث يشقيه ويعذّبه لأنه يتحوّل بفعل الشوق والمكابدة إلى لذّة. وفي قصائد الشعراء المتصوّفة إشارات كثيرة تحيل إلى هذا المعنى. وفي العصر الحديث كثرت المقولات والنظريات الفلسفية والأخلاقية التي تقرن ما بين اللذّة وا...

لوحات عالميـة - 127‏

Image
بورتريه بالداسار كاستيليوني للفنان الإيطالي رافـائيــل، 1515 أحد ملامح عظمة رافائيل وتميّزه عمّن سواه من الرسّامين هو براعته الفائقة في فنّ البورتريه. كان يلتقط الحالة الروحية والإنسانية والاجتماعية لشخوصه ثم يضيف إلى ذلك من الإيحاءات والدلالات الخاصّة ما يعين الناظر على التعرّف عن قرب على طبيعة الشخص ومكانته إلى غير ذلك من السمات الشخصية. هذا البورتريه يعتبره بعض نقّاد الفنّ واحدا من أعظم البورتريهات التي أنجزت خلال عصر النهضة الايطالي، لدرجة أن الرسّام الهولندي روبنز قام باستنساخه وتقليده تعبيرا عن إعجابه به وبالأسلوب الذي ُنفّذ به. وأوّل ما يميّز البورتريه روعة تصميمه ونعومة خطوطه وانسجام ألوانه واتّساق بنائه الهندسي العام. ويأتي بعد ذلك موضوع البورتريه نفسه، إذ انه يصوّر شخصية فكرية يعتبرها الكثير من المؤرّخين من أهم شخصيات عصر النهضة الايطالي. كان بالداسار كاستيليوني يعمل في بلاط اوربينو في بدايات القرن السادس عشر وكان كاتبا وأديبا بارزا ذا نزعة إنسانية. ولعلّ احد أسباب شهرة كاستيليوني ترجع إلى كونه مؤلف كتاب "رجل البلاط" الذي اعُتبر احد أعظم الكتب في زمانه. وقد...

لوحات عالميـة - 126‏

Image
إمــرأة تقــرأ كتــابا للفنان الفرنسي جان اونوريه فراغونار، 1772 يحدث أحيانا أن ينجذب أحدنا إلى لوحة ما ويشعر بمتعة النظر إليها والتمعّن في تفاصيلها مرّة بعد أخرى، دون أن يعرف على وجه التحديد ما الذي يشدّه إليها أو يعجبه فيها. هذا الكلام ينطبق إلى حدّ كبير على هذه اللوحة الرائعة التي تنطق جميع تفاصيلها بالإبداع المبذول في إنجازها والرّقة التي تعامل بها الفنان وهو يرسم خيوطها الدقيقة وألوانها الناعمة والبديعة. يصنّف جان اونوريه فراغونار باعتباره أشهر رسّام شاعري فرنسي خلال القرن الثامن عشر. كان غزير الإنتاج إذ رسم أكثر من خمسمائة لوحة تناولت مواضيع عديدة ومتنوّعة. وفي بدايات احترافه للرسم تتلمذ فراغونار على يد فرانسوا بوشير ثم سافر إلى ايطاليا ومكث فيها أربع سنوات قلّد أثناءها لوحات كبار فنّاني الباروك ورسم مناظر للطبيعة والريف الايطالي. قضى الفنان الجزء الأكبر من حياته خلال ما عرف بالفترة النيو كلاسيكية، لكنه مع ذلك ظلّ يرسم بأسلوب الروكوكو إلى ما قبيل اندلاع الثورة الفرنسية. وما لبث أن أبدى اهتماما خاصّا برسم المناظر المنزلية المستوحاة من فلسفة جان جاك روسو الأخلاقية ومن بعض...