بورتريـه بينـدو آلتـوفيـتــي
للفنان الإيطالي رافـائيــل، 1515
يعتبر رافائيل احد أعظم الرسّامين وأكثرهم أصالة وموهبة.
وكان يعتبر دا فنشي صديقه ومعلمه ووالده الروحي، بينما كانت علاقته مع ميكيل انجيلو عاصفة ومتوّترة معظم الأحيان بسبب التنافس بين الرجلين.
في هذا البورتريه الجميل رسم رافائيل صديقه بيندو آلتوفيتي الذي كان سليل عائلة عريقة من فلورنسا وصديقا للكثير من الفنانين المهمّين في عصره مثل ميكيل انجيلو ورافائيل.
وأوّل ما يلفت الانتباه في هذا البورتريه هو وسامة صاحبه اللافتة وتعابيره الوقورة وملامحه الواثقة وفخامة لباسه وأناقة مظهره بشكل عام. وكلها أمور تشي بثراء الرجل وأصله النبيل.
هناك أيضا التفاتة الرجل والطريقة التي ينظر بها والتي لا تخلو من مسحة مسرحية واضحة.
ومما يجذب الانتباه أيضا في البورتريه روعة وتناغم ألوانه المكوّنة من الكحلي والأصفر ودرجاتهما وكذلك أناقة خطوطه ونعومة تفاصيله. هنا أيضا يمكن أن نتلمّس تعامل الفنان المبهر مع الأثاث والألبسة التي تشعّ بالضوء والألوان المتوهجة والباذخة.
وكالعادة ركّز رافائيل على ملامح الرجل التي تعطي فكرة كافية عن مكانته وأهمّيته في مجتمع عصر النهضة الايطالي.
في ذلك العصر، كان الفنانون والمبدعون يركّزون على تمثيل الأفكار السامية والمثل الأفلاطونية باعتبارها تجسيدا لعظمة ونبل الإنسان.
في سنّ السادسة عشرة ورث آلتوفيتي مصرف والده الذي استطاع من خلاله تكوين ثروة طائلة مكّنته من أن يصبح شخصية متنفّذة عند البابا بول الثالث.
وظلّ نفوذه يمتدّ باطراد إلى أن أعلن على الملأ معارضته لأسرة ميديتشي وعزمه تأييد الحكم الجمهوري في فلورنسا.
غير انه لم يلبث أن قُبض عليه واتهم بالعصيان وصودرت جميع ممتلكاته في توسكاني.
في بعض الأوقات ساد اعتقاد خاطئ بأن رافائيل رسم هذا البورتريه لنفسه، ومما ساعد على رواج هذه النظرية حقيقة أن رافائيل نفسه كان معروفا بوسامته الفائقة وحسن مظهره.
وقد ولد هذا الفنّان رسّاما بالفطرة وكان دائما ميّالا للتفكير المتأمّل والحزين وأعماله جميعها، تقريبا، حتى تلك التي تتناول موضوعات دينية كانت تتمحور حول فكرتي الجمال والصفاء النفسي.
بورتريه بيندو آلتوفيتـي كان وما يزال موضوعـا للتناول والنقاش في أوساط نقّاد الفن والأكاديميين المتخصّصين، وقد ألف ديفيد براون كتـابـا عن قصّة البورتريه وخلفية العلاقة التي ربطت الفنّان المبدع بالمصرفي الوسيم.
توفي رافائيل بالحمّى في يـوم عيد ميلاده السابع والثلاثين ودُفن في البانثيون بروما وسط مظاهر حزن واسعة.