نسـاء يجمعـن الحصــاد
للفنان الفرنسي جان فرانسوا ميلليه، 1857
يمكن تصنيف ميلليه باعتباره فنّانا واقعيا. وهذا ما يوحي به عالمه المتجسّد في لوحاته.
ولوحته هنا تعتبر بإجماع معظم نقّاد الفنّ إحدى روائع الفن الكلاسيكي العالمي. ويمكن للمرء بسهولة أن يتعرّف على أسلوب هذا الفنان الذي يعطي أهمّية فائقة للتفاصيل، كالملابس وحركة الجسد وتوزيع اللون.
نساء يجمعن الحصاد تصوّر مجموعة من النساء المجهولات وهنّ منهمكات في جمع بقايا البذور المتخلفة عن موسم الحصاد في حقل مذهّب قبيل ساعة المغيب.
هذه اللوحة أثارت جدلا واسعا في فرنسا وقتها. فبعض نقاد الفن لم يستحسنوا فكرة أن ُيصوّر الفلاحون في هيئة من الاحترام والهيبة أو أن تصبح هذه الطبقة المجهولة والمتواضعة والمهمّشة موضوعا رئيسيا في عمل فنّي.
ومن هنا تنبع أصالة هذا الفنّان الذي رفض المسلّمات الكلاسيكية وأصرّ على تصوير المفردات البسيطة للحياة اليومية. ولهذا السبب ُسمّي "مصوّر الفلاحين".
اللوحة أهداها لمتحف اللوفر الفرد شوشارد الذي كان قد دفع في بدايات القرن الماضي حوالي المليون فرنك فرنسي من اجل استردادها من الولايات المتحدة.
ينحدر جان فرانسوا ميلليه من عائلة فلاحية صغيرة. ولم يكن مستغربا أن يكرّس فنّه لتصوير حياة الريف وأن يخلع على الفلاحين الذي يظهرون في رسوماته صفات البطولة والنبل والكرم.
تأثير ميلليه على الفنّ الأوربّي كان هائلا. فقد شجّع بودين واثّر كثيرا في مونيه وبيسارو. بل إن فان غوخ نفسه استوحى أفكار بعض لوحاته من صور ميلليه.
وهناك من النقّاد من يقول إن ميلليه بأسلوبه الفني المتفرّد كان هو الملهم الأول لأتباع المدرسة الفنية الجديدة التي جاءت بعده مباشرة ، أي الانطباعية.
وأخيرا، في "نساء يجمعن الحصاد" أجواء ضبابية وألوان دافئة، رغم أن المشهد نفسه يعبّر عن صورة من صور العوز والفقر المدقع.