مولـد فيـنـوس
للفنان الإيطالي سانـدرو بوتيتشيـللي، 1485
للفنان الإيطالي سانـدرو بوتيتشيـللي، 1485
تعتمد هذه اللوحة في موضوعها على أسطورة كلاسيكية هي أسطورة فينوس. في القرن الخامس عشر، كان الإيطاليون يحاولون توظيف الفنّ والأدب من اجل استعادة أمجاد روما. وكانوا مقتنعين بالحكمة المتفوّقة للقدماء، لدرجة أنهم كانوا يعتقدون بأن الأساطير الكلاسيكية تتضمّن بعض الحقائق العميقة والغامضة.
وكان الشخص الذي عهد إلى الرسّام بوتيتشيللي بمهمّة رسم الأسطورة هو أحد أفراد عائلة ميديتشي الغنيّة والمتنفّذة بغرض الاحتفاظ بها في منزله.
وقد أمر ذلك النبيل أحد أصدقائه بأن يشرح للفنّان رؤية الأقدمين لـ فينوس إلهة الجمال وهي تخرج من البحر في اليوم الأول للخلق، حسب الأسطورة.
في ذلك الوقت، أي في عصر النهضة، كانت معظم اللوحات التي تُرسم لنساء تُصوّر العذراء، وفيها تظهر بمظهر محتشم مع ابتسامة ملائكية ورأس منحنٍ لأسفل.
كان كلّ الفنّ تقريبا ذا طبيعة دينية، ولم يكن الرسّامون يجرؤون على رسم نساء عاريات، وعندما يفعلون فإنهنّ غالبا يُصوّرن كرمز للغواية والخطيئة.
ومع ذلك خرج بوتيتشيللي عن هذه القواعد الصارمة ورسم فينوس، ليس فقط باعتبارها إلهة جميلة وعفيفة ورمزا لقدوم الربيع وللأساطير الوثنية، وإنما رسمها عارية أيضا.
كان الرسّام وقتها منشغلا برسم لوحات دينية وأسطورية لأسرة ميديتشي. لكنه قرّر أن يرسم هذه اللوحة معتمدا على ما كان قرأه عن فينوس في العديد من المصادر. ويُحتمل انه تأثّر ببعض معاصريه الذين كانوا يعيدون اكتشاف الفنّ الإغريقي القديم وأفكار اليونان عن الجمال.
ومن بين هؤلاء كان هناك كاتب اسمه ليون البيرتي يُعتبر نموذجا لكتّاب عصر النهضة الايطالي. وقد كتب مقالا معبّرا فيه عن افتتانه بتمثال قديم لفينوس اكتُشف تحت احد البيوت القديمة. كما تحدّث عن أهميّة مراعاة المعايير الرياضية لشكل الإنسان وعن الأفكار الكلاسيكية التي تتحدّث عن الإتقان والحركة.
بالنسبة لالبيرتي، كانت الحركة ترمز للطاقة، لذا نجد حركة في العديد من أجزاء هذه اللوحة مثل أوراق أشجار البرتقال في الخلفية وخصلات الشعر التي تعبث بها الرياح والأزهار المتطايرة في الجوّ والأمواج المتهادية برقّة على الشاطئ وكذلك الملابس.
كان يُنظر إلى مولد فينوس باعتباره رمزا للغموض الذي انتقلت من خلاله رسالة الجمال الإلهي إلى أهل الأرض.
وبإمكان المرء أن يتخيّل كيف اعدّ بوتيتشيللي نفسه لإنجاز هذه المهمّة بطريقة مقنعة. فـ فينوس، طبقا للأسطورة الإغريقية، خرجت من البحر على صدفة دفعتها الرياح إلى الشاطئ وسط شلال احتفاليّ من الأزهار والورود المذهّبة. وعندما لامست قدماها الأرض، استقبلتها إحدى الحوريات بعباءة أرجوانية اللون لتغطّي عريها.
فينوس بوتيتشيللي تتمتّع بوجه ذي تقاطيع جميلة جدّا لدرجة انه يصرفنا عن ملاحظة الطول غير الطبيعي لعنقها والانحدار الحادّ لمنكبيها والطريقة الغريبة، نوعا ما، التي ُثبّت بها ذراعها الأيسر إلى جسدها.
لكن ذلك لا يقلّل من جمال وهارمونية التصميم الذي يعمّق الإحساس برقّة وهشاشة هذا الكائن الذي حطّ على شواطئ أهل الأرض كمنحة من السماء، بحسب الأسطورة.
وقد صوّرها الفنّان بطريقة توحي بالحركية والفورية من خلال سلسلة جميلة ومعقدة من الانحناءات والالتواءات، في نفس اللحظة التي تخطو فيها خارج صدفتها العملاقة باتجاه الشاطئ.
وقفة فينوس في اللوحة تذكّر بفينوس دي ميدتشي، وهو تمثال من الرخام يعود للأزمنة الكلاسيكية. وقد توفرت لبوتيتشيللي فرصة دراسة ذلك التمثال عن قرب.
أنجز الرسّام هذه اللوحة بدرجة عالية من الحرفية. وفينوس التي رسمها كانت أوّل لوحة ضخمة تُرسم في فلورنسا عصر النهضة. وحتى التقنية التي استخدمها في استخلاص الألوان كانت ثورية في زمانه، خاصّة الأزرق وبياض البيض، وقد حصل على نتائج رائعة.
اللوحة تشبه جدارية في سطوعها وتلقائيّتها. وقد حُفظت بطريقة استثنائية، والدليل أنها ما تزال إلى اليوم تبدو بنفس الوضوح الذي رُسمت به قبل قرون، إلا إذا استثنينا بعض التشقّقات القليلة والبسيطة.
في نهاية القرن الخامس عشر، قام الراهب المشهور سافونارولا بحملته المشئومة لإحراق "الأشياء التافهة" وتدمير المتع والكماليات الباذخة واللا أخلاقية كالمجوهرات وأدوات الشعر و"اللوحات الهابطة".
لكن لأن الرسّام كان صديقا لعائلة ميديتشي، فقد نجت اللوحة من ألسنة النيران وظلّت في سلام بمنزل العائلة خارج فلورنسا. وقبل عشرين عاما تمّ ترميمها وأعيدت إليها ألوانها اللامعة عندما أزيلت عنها طبقات الورنيش التي أضيفت إليها في القرن التاسع عشر وأدّت إلى اصفرارها وشحوب ألوانها.
مولد فينوس لوحة جميلة ومعبّرة وهي مألوفة كثيرا لدى مصمّمي برامج الكمبيوتر. وما تزال شركة ادوبي للرسوميات تستخدم هذه التحفة الفنّية في التعريف ببرنامجها ذي الشعبية الكبيرة ايللوستريتور. كما وُظّفت مشاهد وأجزاء من اللوحة في العديد من الكتب والروايات والأفلام السينمائية.
وكان الشخص الذي عهد إلى الرسّام بوتيتشيللي بمهمّة رسم الأسطورة هو أحد أفراد عائلة ميديتشي الغنيّة والمتنفّذة بغرض الاحتفاظ بها في منزله.
وقد أمر ذلك النبيل أحد أصدقائه بأن يشرح للفنّان رؤية الأقدمين لـ فينوس إلهة الجمال وهي تخرج من البحر في اليوم الأول للخلق، حسب الأسطورة.
في ذلك الوقت، أي في عصر النهضة، كانت معظم اللوحات التي تُرسم لنساء تُصوّر العذراء، وفيها تظهر بمظهر محتشم مع ابتسامة ملائكية ورأس منحنٍ لأسفل.
كان كلّ الفنّ تقريبا ذا طبيعة دينية، ولم يكن الرسّامون يجرؤون على رسم نساء عاريات، وعندما يفعلون فإنهنّ غالبا يُصوّرن كرمز للغواية والخطيئة.
ومع ذلك خرج بوتيتشيللي عن هذه القواعد الصارمة ورسم فينوس، ليس فقط باعتبارها إلهة جميلة وعفيفة ورمزا لقدوم الربيع وللأساطير الوثنية، وإنما رسمها عارية أيضا.
كان الرسّام وقتها منشغلا برسم لوحات دينية وأسطورية لأسرة ميديتشي. لكنه قرّر أن يرسم هذه اللوحة معتمدا على ما كان قرأه عن فينوس في العديد من المصادر. ويُحتمل انه تأثّر ببعض معاصريه الذين كانوا يعيدون اكتشاف الفنّ الإغريقي القديم وأفكار اليونان عن الجمال.
ومن بين هؤلاء كان هناك كاتب اسمه ليون البيرتي يُعتبر نموذجا لكتّاب عصر النهضة الايطالي. وقد كتب مقالا معبّرا فيه عن افتتانه بتمثال قديم لفينوس اكتُشف تحت احد البيوت القديمة. كما تحدّث عن أهميّة مراعاة المعايير الرياضية لشكل الإنسان وعن الأفكار الكلاسيكية التي تتحدّث عن الإتقان والحركة.
بالنسبة لالبيرتي، كانت الحركة ترمز للطاقة، لذا نجد حركة في العديد من أجزاء هذه اللوحة مثل أوراق أشجار البرتقال في الخلفية وخصلات الشعر التي تعبث بها الرياح والأزهار المتطايرة في الجوّ والأمواج المتهادية برقّة على الشاطئ وكذلك الملابس.
كان يُنظر إلى مولد فينوس باعتباره رمزا للغموض الذي انتقلت من خلاله رسالة الجمال الإلهي إلى أهل الأرض.
وبإمكان المرء أن يتخيّل كيف اعدّ بوتيتشيللي نفسه لإنجاز هذه المهمّة بطريقة مقنعة. فـ فينوس، طبقا للأسطورة الإغريقية، خرجت من البحر على صدفة دفعتها الرياح إلى الشاطئ وسط شلال احتفاليّ من الأزهار والورود المذهّبة. وعندما لامست قدماها الأرض، استقبلتها إحدى الحوريات بعباءة أرجوانية اللون لتغطّي عريها.
فينوس بوتيتشيللي تتمتّع بوجه ذي تقاطيع جميلة جدّا لدرجة انه يصرفنا عن ملاحظة الطول غير الطبيعي لعنقها والانحدار الحادّ لمنكبيها والطريقة الغريبة، نوعا ما، التي ُثبّت بها ذراعها الأيسر إلى جسدها.
لكن ذلك لا يقلّل من جمال وهارمونية التصميم الذي يعمّق الإحساس برقّة وهشاشة هذا الكائن الذي حطّ على شواطئ أهل الأرض كمنحة من السماء، بحسب الأسطورة.
وقد صوّرها الفنّان بطريقة توحي بالحركية والفورية من خلال سلسلة جميلة ومعقدة من الانحناءات والالتواءات، في نفس اللحظة التي تخطو فيها خارج صدفتها العملاقة باتجاه الشاطئ.
وقفة فينوس في اللوحة تذكّر بفينوس دي ميدتشي، وهو تمثال من الرخام يعود للأزمنة الكلاسيكية. وقد توفرت لبوتيتشيللي فرصة دراسة ذلك التمثال عن قرب.
أنجز الرسّام هذه اللوحة بدرجة عالية من الحرفية. وفينوس التي رسمها كانت أوّل لوحة ضخمة تُرسم في فلورنسا عصر النهضة. وحتى التقنية التي استخدمها في استخلاص الألوان كانت ثورية في زمانه، خاصّة الأزرق وبياض البيض، وقد حصل على نتائج رائعة.
اللوحة تشبه جدارية في سطوعها وتلقائيّتها. وقد حُفظت بطريقة استثنائية، والدليل أنها ما تزال إلى اليوم تبدو بنفس الوضوح الذي رُسمت به قبل قرون، إلا إذا استثنينا بعض التشقّقات القليلة والبسيطة.
في نهاية القرن الخامس عشر، قام الراهب المشهور سافونارولا بحملته المشئومة لإحراق "الأشياء التافهة" وتدمير المتع والكماليات الباذخة واللا أخلاقية كالمجوهرات وأدوات الشعر و"اللوحات الهابطة".
لكن لأن الرسّام كان صديقا لعائلة ميديتشي، فقد نجت اللوحة من ألسنة النيران وظلّت في سلام بمنزل العائلة خارج فلورنسا. وقبل عشرين عاما تمّ ترميمها وأعيدت إليها ألوانها اللامعة عندما أزيلت عنها طبقات الورنيش التي أضيفت إليها في القرن التاسع عشر وأدّت إلى اصفرارها وشحوب ألوانها.
مولد فينوس لوحة جميلة ومعبّرة وهي مألوفة كثيرا لدى مصمّمي برامج الكمبيوتر. وما تزال شركة ادوبي للرسوميات تستخدم هذه التحفة الفنّية في التعريف ببرنامجها ذي الشعبية الكبيرة ايللوستريتور. كما وُظّفت مشاهد وأجزاء من اللوحة في العديد من الكتب والروايات والأفلام السينمائية.