جــاكــي الحـمــراء
للفنان الأمـريكي انـدي وارهــول، 1964
اندي وارهول هو أحد رموز ما يعرف بالفنّ الشعبي الحديث. وقد ولد في ماساشوسيتس في العام 1928 لأبوين من اصل سلوفاكي، وأظهر موهبة فنية واضحة وهو ما يزال في سنّ مبكّرة.
ُعني وارهول في البداية برسم المنتجات التجارية بغرض الترويج لها، وربّما كان افضل مثال على ذلك هو لوحته التي تروّج لعلب الكامبل سوب (Cambell Soup Cans).
وسرعان ما حقّق وارهول المزيد من النجاحات واصبح الرسّام المفضّل لمجلات شهيرة مثل فوغ Vogue وغيرها..
وفي مستهلّ الستّينات من القرن الماضي بدأ وارهول في رسم لوحات لشخصيات مشهورة مثل مارلين مونرو و اليزابيث تايلور وغيرهما. وكان وارهول يركّز في أسلوبه الفني على إزالة الفوارق بين الفنّ التشكيلي والفنون التجارية التي تستخدمها المجلات والكتب الساخرة والحملات الإعلامية.
وفي العام 1962 أسّس وارهول ما ُعرف باستديو "المصنع"، حيث استعان بالكثير من العمال ذوي المهارات الفنية لانتاج لوحات وملصقات بكميات كبيرة تروّج لسلع ومنتجات تجارية وأفلام سينمائية.
وفي نهاية الستّينات تعرّض الفنان لمحاولة اغتيال على يد امرأة كانت تعمل في "المصنع". ورغم انه أصيب بثلاث رصاصات في صدره جرّاء المحاولة، فإنه نجا من الموت بأعجوبة، لكنه ظلّ يشكو من آثار ذلك الحادث بقيّة حياته.
وبعد تلك المحاولة، حدثت انعطافة حادّة في حياة وارهول ومساره الفنّي، فقد اخذ يكرّس جلّ وقته لرسم لوحات للمشاهير من الرجال والنساء مثل ميك جاغر ومايكل جاكسون وبريجيت باردو وسواهم.
في العام 1963، رسم اندي وارهول سلسلة من اللوحات لـ جاكلين كينيدي الأرملة الحزينة التي أصبحت محطّ اهتمام وتعاطف الرأي العام الأمريكي بعد اغتيال زوجها جون كينيدي.
وجاكي الحمراء هي إحدى اشهر هذه اللوحات، وقد استخدم وارهول لإنجاز اللوحة صورة فوتوغرافية التقطت لجاكلين كينيدي قبيل وقوع الحادث المأساوي.
في هذه اللوحة تبدو جاكلين سيدة واثقة وذكية. وقد استخدم وارهول خلفية حمراء للتأكيد على ملامح وجه المرأة وأضفى على شفتيها لونا احمر يتماشى مع الخلفية، في حين بدت ابتسامتها مشرقة تعكس شخصية امرأة تتصف بالرضا والعفوية.
وفوق عيني السيدة استخدم الفنان ضربات فرشاة بلون ازرق مائي، بينما اختار أن يلوّن أطراف شعرها الأسود بالأزرق الغامق. والنتيجة هي هذا التباين الحادّ مع اللون الأحمر الذي طغى على معظم اللوحة وأوحى للفنان بعنوانها.
اشتغال وارهول برسم المشاهير أدّى في النهاية إلى انه هو نفسه اصبح فنانا مشهورا بل وأحد أهمّ فناني ما ُيعرف بالفنّ الشعبي.
وارهول كان في الواقع شخصية غريبة الأطوار، فقد كان يصبغ شعره باللون الذهبي، وكثيرا ما كان يرتدي باروكات شعر فضّي، كما كان معروفا بميوله المثلية الجنسية.
توفي وارهول في عام 1987 بعد مضاعفات صحية إثر عملية أجريت له في المثانة، وشارك في جنازته اكثر من ألفي شخص.