Tuesday, October 25, 2005

لوحـات عالميـة – 68


بورتـريه للفنـانـة بقبّعـة من القـشّ
للفنانة الفرنسية لويـز فيجـي لـو بـران، 1790

ولدت لويز فيجي لو بران في باريس وتتلمذت على يد والدها الفنان. وبفضل ما كانت تتمتّع به من ثقافة وحضور وجمال، اصبح لها نفوذ كبير داخل أروقة السياسة في فرنسا الملكية خلال القرن التاسع عشر، رغم أنها كانت تنتمي في الأساس للطبقة الوسطى.
برزت لو بران خصوصا في رسم البورتريه وحققت الكثير من الشهرة والغنى. وفي العام 1778 تعرّفت على الملكة ماري انطوانيت التي قرّبتها منها وعيّنتها رسّامة للبلاط.
وفي 1783 أصبحت الفنانة عضوا في الأكاديمية الملكية التي كانت عضويتها حتى ذلك الحين مقتصرة على الفنانين من الرجال.
كانت لو بران فنانة غزيرة الإنتاج، فقد رسمت عشرات البورتريهات للملكة وأفراد عائلتها وللنبلاء الأوربيين ولها شخصيا.
لكن في العام 1789 اضطرّت لمغادرة فرنسا بسبب قيام الثورة وعلاقتها الوثيقة بماري انطوانيت. وقد وصمتها الثورة بالعمالة لـ "النظام البائد" وسارع زوجها إلى تطليقها لحماية ممتلكاته من المصادرة. وخلال سنوات النفي سافرت إلى ايطاليا والمانيا والنمسا وحققت هناك المزيد من الحضور والشهرة. وفي 1802 سمح لها الحكم الجديد بالعودة إلى البلاد بعد الضغوط والمطالبات التي تقدّم بها زملاؤها.
كانت لو بران امرأة جميلة وذكيّة وموهوبة. وقد عاشت 87 سنة قضت 20 منها مع صديقتها المقرّبة ماري انطوانيت.
وبورتريهاتها تتميّز بأناقتها اللافتة وبغنى ألوانها ودقّة تفاصيلها التي لا تخلو من رومانسية.
في هذا البورتريه الجميل الذي رسمته لنفسها، تبدو فيجي لو بران امرأة حقيقية وفنانة أصيلة. وهي هنا تقف بثقة، ممسكة بعدّة الرسم والالوان، ومرتدية زيّا حديثا وقبّعة من القشّ.
في اللوحة لا بودرة ولا مكياج ولا شعر مرتّب بعناية. وهو نفس الأسلوب التي أخذته لو بران معها إلى البلاط الملكي. حتى في البورتريهات التي رسمتها لـ ماري انطوانيت، تبدو الملكة في هيئة بسيطة، وهي سمة تتناقض كليّا مع ما كان يُشاع عن الملكة من بذخ وإسراف. وقبّعة القشّ البسيطة التي ترتديها الفنانة لا تدلّ بالضرورة على الفقر، بدليل ظهور القرطين النفيسين اللذين تضعهما في أذنيها.
ومثل ماري انطوانيت التي كانت تروج الشائعات عن مغامراتها العاطفية ومجونها، كانت فيجي لو بران هي الأخرى موضوعا للكثير من الشائعات، إذ يقال بأنها كانت تنام مع الرجال الذين كانت ترسمهم.
عاشت لو بران في عصر كانت تغلب عليه الأفكار القائلة بذكورية الفن. ومع ذلك استطاعت أن تتحدّى تلك المفاهيم وان تؤسّس لنفسها وجودا مستقلا. وأصبحت في ما بعد اشهر فنانة امرأة رسمت البورتريه. وفي العصور اللاحقة اصبح اسم فيجي لو بران يظهر جنبا إلى جنب مع أسماء كبار الفنانين من الرجال الذين برزوا في رسم البورتريه من أمثال رمبراندت و غينسبورو و سارجنت وسواهم.
بورتريه فيجي لو بران هو اليوم من ضمن مقتنيات الناشيونال غاليري بلندن.