بورتريه للفنان في سن السادسة والعشرين
للفنان الألماني البـريخـت ديورر، 1498
كان البريخت ديورر فنانا وشاعرا ورحالة. وإن كانت شهرته كفنّان هي الغالبة.
ورغم انه رسم العديد من اللوحات، فإن هذا البورتريه الذي رسمه لنفسه في العام 1498 هو أحد اشهر أعماله واكثرها انتشارا ودلالةً على تميّزه الفني.
ويرى بعض النقاد أن ديورر هو أهمّ فناني عصر النهضة الشمالية. وقد مكّنه العيش في نورمبيرغ، أي في منتصف المسافة بين هولندا وايطاليا، من العثور على الإلهام الذي كان ينشده في أعمال رموز مركزي الفنّ الأوربي الكبيرين في ذلك الوقت.
ولم يكتفِ الفنان بتقليد أعمال الفنانين الكبار، بل حاول دائما ابتكار أساليب فنية جديدة.
على أن أهمّ سمة في فنّ ديورر هو تنوّع مهاراته الفنية. فبالإضافة إلى الرسم، كان نقاشا ونحّاتا بارعا على الخشب.
في هذا البورتريه، يقف الفنّان بطريقة مستقيمة وواثقة، مميلا يده اليمنى إلى الطاولة. وهو هنا يرتدي قفّازين وسترة أنيقة بنّية اللون بحوافّ سوداء، وتحتها قميص مطرّز. وقد ثبّت الفنان فوق رأسه قبّعة ذات خطوط بنية وسوداء ملامسةً أعلى اللوحة. بينما راح الضوء يتسرّب إلى الغرفة تاركا وهجا على وجه الفنان وشعره المتموّج الطويل.
والى جواره هناك نافذة تطلّ على منظر طبيعي في جبال الألب. وفي هذا تذكير برحلاته الكثيرة إلى روما والبندقية وغيرهما من حواضر شمال وغرب أوربا.
أما الوجه فمرسوم بأسلوب واقعي وبراعة واضحة. وملامحه هنا وطريقة وقوفه تذكّر إلى حدّ كبير باللوحات التي تصوّر المسيح. وربّما أراد الفنان أن يقول إن موهبته مستمدّة من الله الذي خلق المسيح والإنسان على هيئته.
قبيل وفاته عن 57 عاما، رسم ديورر لوحته "رجل الأحزان"، وفيها يظهر المسيح بملامح وجه الفنان وبجسده الذي أصابه الضعف والبلى بفعل الشيخوخة وتقدّم العمر.