بورتريـه نبيــل عجــوز
للفنان الإسبـاني إل غـريكــو، 1595
ولد إل غريكو "ومعنى الاسم باللاتينية: اليوناني" في العام 1541 بمقاطعة كريت التي كانت في ذلك الوقت جزءا من فينيسيا الإيطالية.
بدأ الفنان تجربته الفنية برسم لوحات ذات مضامين دينية مستمدّة من العصر الروماني. وكانت تلك اللوحات، كما هو الحال مع بقية أعماله التي أنجزها في ما بعد، مكثّفة بالانفعالات القويّة.
ُعُرف عن إل غريكو تركيزه على نقل التعبير الانفعالي لشخصياته والتأكيد على الملامح الروحية لتلك الشخصيات. ويمكن النظر إلى لوحاته باعتبارها دراسات معمّقة عن حياة المجتمع الإسباني الذي عاش فيه معظم حياته.
وله من الأعمال حوالي 84، معظمها بورتريهات لأشخاص.
في مستهلّ حياته هاجر إل غريكو إلى فينيسيا ثم إلى روما حيث درس أعمال تيشيان واعجب بألوانه الساطعة واطلع عن كثب على لوحات ميكيل انجيلو واعماله النحتية.
ولم يلبث الفنان أن انتقل بعد ذلك إلى مدريد. وعندما لم يحصل على الحظوة التي كان يطمح إليها في بلاط الملك فيليب الثاني انتقل إلى طليطلة حيث عاش هناك بقية حياته. وفي طليطلة أنجز أهم أعماله الفنية ومن ضمنها لوحته الشهيرة منظر لطليطلة.
بعض النقاد ينظرون إلى إل غريكو باعتباره رائد عصر النهضة الإسباني بلا منازع.
وحتى منتصف القرن التاسع عشر، كان إل غريكو قد ذهب في غياهب النسيان ولم يعد يذكره أحد إلا بالكاد. لكنه ما لبث أن عاد إلى دائرة الاهتمام من جديد مع ظهور المدرسة الانطباعية التي كان بعض رموزها ينظرون إليه باعتباره فنانا ثوريا ومجدّدا.
بورتريه رجل نبيل هو أحد اشهر أعمال إل غريكو، وهو يصوّر رجلا مجهولا يرتدي ملابس قاتمة وبسيطة، وهيئته تخلو من الفخامة والبذخ الذي كان يميّز بورتريهات ذلك الزمان.
ملامح الرجل البسيطة وهيئته الوقورة تعكس بوضوح رؤية إل غريكو وأسلوبه الفني. إذ كان يركّز على قيمة الشخص كهويّة متفرّدة وكإنسان أولا. هنا أيضا تبدو بعض ملامح أسلوب ال غريكو من قبيل إبرازه للتباينات الحادّة بين الألوان ودرجات الضوء وميله إلى إطالة وجوه وأنوف وذقون شخصياته. كما رسم العينين ببؤبؤين واسعين نسبيا وكأنهما تدعوان الناظر للولوج إلى روح الشخص وعالمه الداخلي.
مظهر الرجل في اللوحة يعطي انطباعا بالكرم والمروءة والتضحية والشهامة والعطف على الفقراء، وتلك كانت خصال الوجهاء والأشراف الذين يظهرون كثيرا في لوحات إل غريكو وأدب سرفانتيس بشكل خاص.