يــدان تـرسُـمَــان
للفنان الهولندي موريتـس ايشـــر، 1948
في لوحاته الكثيرة لم يكن ايشر يعبّر عن انفعالات أو مواقف معيّنة، بل كان يحاول استقصاء الحقائق وسبر غور الأشياء على طريقته الخاصّة وبدافع من فضوله المعرفي.
كما لم يكن من نوعية الفنّانين الذين يضمّنون لوحاتهم رسائل سياسية أو أخلاقية أو انفعالية معيّنة.
كان كلّ همّه منصبّا على رسم الألغاز البصرية والغامضة.
في هذه اللوحة نرى قطعة من الورق مثبّتة بدبابيس من أطرافها. ومن الورقة تنبثق يدان ترسم كلّ منهما خطوط عروة اليد الأخرى.
وقد ُرسمت اليدان بطريقة تنمّ عن براعة فائقة كما هو واضح.
لكن لا احد يعلم على وجه التحديد ماذا كان في ذهن الفنان وهو يرسم اللوحة أو ما الذي قصده من ورائها.
ويبدو أن أكثر الناس احتفاءً بأعمال ايشر هم علماء الرياضيات الذين يستمتعون بطريقة استخدامه للمجسّمات ذات الأسطح الكثيرة وإبرازه للتشوّهات الهندسية.
كان ايشر يفهم كثيرا في الرياضيات مع انه لم يدرسها دراسة منهجية أو أكاديمية وإنما من خلال الحدس والتجريب البصري.
وفي الكثير من لوحاته يحاول تصوير العلاقة بين الأشكال والأشخاص والفراغ، وتحتشد رسوماته بالأشكال الهندسية المختلفة من دوائر ومكعّبات ومثلثات وأشكال حلزونية.
في إحدى لوحاته نرى طوابير من الناس تصعد وتنزل عبر سلالم في فراغ لا نهائي، وفي أخرى مشهد فانتازي لبناء تمّ تشويه منظوره لتتداخل فيه السلالم بالقاعات والأعمدة وقد امتلأ ببشر وحيوانات ومخلوقات وأشياء غريبة ومتناقضة.
وطوال حياته التي ناهزت السبعين عاما، كان ايشر كثيرا ما يتكلم عن كيفية انجازه للوحاته لكنه لم يكن يتحدّث عن المعنى الذي يقصده أو الفكرة التي يريد إيصالها.