راقـصـون في بـوجيفــال
للفنان الفرنسي بييـر رينـوار، 1883
يعتبر رينوار أحد اكثر الرسامين الانطباعيين شعبية وشهرة. وتحتشد لوحاته بصور الأطفال والنساء ومناظر الطبيعة الخلابة.
وبخلاف غالبية الفنانين الانطباعيين، لم يركّز رينوار على رسم المناظر الطبيعية فقط، بل أنجز لوحات عديدة تظهر الناس في لحظات انسهم وصفائهم.
في لوحاته الأولى يبدو جليا تأثّر رينوار بـ اوجين ديلاكروا، غير انه تأثّر اكثر بصديقه الحميم كلود مونيه الذي ابتكر معه المدرسة الانطباعية في الرسم.
وقد رسم الاثنان معا في البداية، ويصعب أحيانا تمييز أعمال كل منهما عن الآخر خاصة في مراحلهما المبكّرة.
عرف عن رينوار براعته في الحديث ووفاؤه لأصدقائه وعائلته، واشتهر عنه قوله: إذا لم يتضمّن الفن عنصر المتعة فمن الأفضل للفنان أن يمتهن وظيفة أخرى.
ومشاهد لوحاته العامرة بأجواء السعادة والأضواء المبهرة والحسية الدافئة جعلها من بين اكثر الأعمال الفنية شعبية واستنساخا في تاريخ الفن.
راقصو بوجيفال هي من بين أجمل لوحات رينوار وأكثرها احتفاء. وتصوّر اللوحة رجلا يراقص امرأة بمنتجع بوجيفال الباريسي. أما الأشخاص في الخلفية فهم مجموعة تنتمي إلى مستويات اجتماعية مختلفة بينهم فنانون وتجار وأدباء.
والمرأة التي استخدمها الفنان كموديل في اللوحة هي سوزان فالادون، وهي سيدة مثقفة كانت تتمتّع بجمال باهر وكانت حديث أوساط الثقافة والفن وقتذاك، كما ربطتها برينوار أحوال صداقة وعشق.
في اللوحة يبدو واضحا تناغم الخطوط وجمال الألوان ودفء المشهد وآنيّته، وكلها عناصر استخدمها الفنان لتصوير سعادة الناس ورضاهم عن الحياة.
كان رينوار يركّز في لوحاته على القيم الزخرفية والمتعة البصرية، ومنذ البدايات فهم الرسم على انه وسيلة لمنح الإحساس بالسعادة وابراز مواطن الجمال في الطبيعة وفي الحياة. وكان ينفر دائما من فكرة توظيف الفن لأغراض سياسية أو أيديولوجية.
راقصو بوجيفال عمل فني متميّز جدا يجمع بين الحميمية والرومانسية، وقد طافت اللوحة على اكبر متاحف العالم إلى أن استقرّت منذ سنوات في متحف بوسطن للفنون التشكيلية.