Saturday, April 21, 2018

لوحات عالميـة – 461

النافـورة، فيللا تورلونيا، فراسكاتي، ايطاليا
للفنان الأمريكي جون سنغـر سارجنـت، 1907

كان كلّ من الرسّام ويلفريد دي غلين وزوجته الرسّامة جين ايميت صديقين لجون سنغر سارجنت. وقد رافقاه في السنوات التي سبقت نشوب الحرب العالمية الأولى في رحلات لرسم الطبيعة في بعض مناطق أوربّا. وكان من عادتهم قضاء فصل الصيف من كلّ عام في فرنسا.
كان الثلاثة رسّامين معروفين. وقد زاروا معا أماكن مثل اسبانيا وجنوب فرنسا وايطاليا وفينيسيا والألب.
وكان سارجنت قد قابل كلا من الزوجين على حدة، ثم لعب دورا مهمّا في التقريب بينهما وتسهيل زواجهما. وأصبح الزوجان جزءا من دائرة الرسم الأنجلو أميركي التي كانت تجتمع حول سارجنت.
وقبل ذلك، كان سارجنت ودي غلين قد عملا معا على انجاز بعض الجداريات في الولايات المتحدة. ومع مرور الوقت جمعتهما صداقة قويّة وظلا صديقين حميمين على الدوام.
ولد دي غلين باسم "فون غلين". وبسبب دواعي الحرب، غيّر اسمه إلى دي غلين كي يتخلّص من عبء حمله اسما ألمانيّا وليتبرّأ من جذوره القديمة. وكان جدّه بارونا ألمانيّا يملك قصرا قديما في تالين عاصمة استونيا.
عُرف دي غلين بكونه رسّاما انطباعيا انجليزيّا. وقد درس الرسم في لندن وباريس وعرض أولى لوحاته في روما عام 1894، ثم في باريس في السنة التالية. وفي السنة التي بعدها عرض أعماله في الأكاديمية الملكية في لندن. وكان ذا شعبية لا بأس بها في انجلترا في بدايات القرن الماضي.
أما زوجته جين ايميت دي غلين فكانت رسّامة بورتريه. وقد ولدت في نيويورك وكانت اصغر أشقّائها العشرة. وهي تمتّ بصلة قرابة للروائيّ هنري جيمس. كانت الصغرى بين ثلاث شقيقات موهوبات. وكلّهن أصبحن فنّانات من نوع ما. وقد درست هي الرسم في نيويورك قبل أن تسافر إلى أوربّا لترى لوحات المعلّمين العظام ولتتلقّى دورات في بعض ورش باريس الفنّية. لكن لم يُقدَّر للناس أن يروا لوحاتها في معارض.
وبعد زواجها من دي غلين عام 1904، قرّر الاثنان الاستقرار في لندن بشكل دائم. ولسبب ما لم تنجب أطفالا، لذا اختارت هي وزوجها أسلوب حياة مترحّلا وسافرا كثيرا مع سارجنت في العديد من أرجاء أوربّا.
وكانا متأثّرين بسارجنت وأسلوبه في الرسم ويجدان نوعا من الإلهام في رسم عالَم وأسلوب حياة لم يعودا موجودين اليوم.
في عام 1907، كان سارجنت يقضي وقته في ايطاليا متنقّلا بين فلورنسا وسيينا. وأثناء رحلاته تلك، كان يجرّب الرسم في الهواء الطلق وفي بيئات خارجية. وقد طلب من صديقه دي غلين وزوجته أن يلتحقا به هناك.
والمعروف انه كان من عادة سارجنت أن يرسم أصدقائه كنوع من المجاملة. فعل هذا مع كلود مونيه ومع كارلوس دُوران الذي سبق أن علّم سارجنت فنّ رسم البورتريه السائل في باريس.
في هذه اللوحة، يرسم سارجنت صديقه دي غلين وزوجته بألوان سميكة وفرشاة معبّرة في حديقة مشمسة في فيللا في وسط بلدة ايطالية تُدعى فراسكاتي. وتظهر الزوجة في الصورة مرتدية فستانا ابيض وخمارا شاحبا تعلوه قبّعة صفراء، بينما هي منهمكة في رسم الحديقة التي يجلسان فيها والمغمورة بضوء الشمس.
ويظهر الزوج وهو ينظر إليها بلا حراك بينما تبدو خلفه نافورة. الوضعية الغريبة التي يبدو عليها الزوج في اللوحة اهتدى إليها سارجنت بعد طول تفكير.
مثل هذا المنظر كان يمثّل أسلوب حياة مفضّلا بسبب خصوصيّته. لكن نوعية الحياة تلك ستختفي بعد بضع سنوات مع بداية نشوب الحرب العالمية الأولى. إذ لم يمرّ وقت طويل حتى التحق الزوجان دي غلين بالصليب الأحمر في فرنسا. وفي طريق عودتهما إلى انجلترا في السنة التالية، أُرسل الزوج مع رسّامين آخرين إلى جبهة القتال في ايطاليا.
ممّا يجدر ذكره أن سارجنت رسم الزوجين دي غلين في لوحة أخرى وهما يزاولان الرسم على أطراف غابة. كما رسم صورة أخرى للزوجة تظهر فيها بملابس أنيقة بينما تقرأ كتابا في حديقة.