Posts

Showing posts from 2016

لوحات عالميـة – 381

Image
شروق الشمس على قلعة نورهام للفنان البريطاني جوزيف تيرنر، 1845 كان جوزيف تيرنر قد رأى لأوّل مرّة قلعة نورهام التاريخية الواقعة على الحدود ما بين انجلترا وسكوتلندا في العام 1797، وكان يزور آنذاك مناطق شمال انجلترا. وقد أعجب بالمكان وقرّر أن يعاود زيارته من وقت لآخر. ويُرجّح أن يكون قد رسم هذا المنظر كـ "اسكتش" للوحة كان يفكّر في رسمها في ما بعد. غير أن اللوحة تبدو لمعظم الناس اليوم لوحة كاملة وجميلة ومقبولة بهيئتها هذه. وثمّة احتمال بأن تيرنر كان يراها كذلك، وربّما كان قد رسمها من اجل إرضاء نفسه فحسب. وفي السنوات التالية رسم نسخا أخرى من هذه اللوحة التي مثّلت ذروة افتتانه الذي رافقه طوال حياته بهذا المكان. كما أن اللوحة تُعتبر أحد أعظم أعماله في تصويرها للضوء والتأثيرات الجوّية. الألوان النقيّة في المنظر أكثر من الألوان المتباينة وتعبّر عن الضوء المتألّق، بينما تتداخل أشكال المباني التاريخية مع المنظر الطبيعي. وقد ذابت كلّ الأشكال الممكن تمييزها في ضوء الشمس المشرقة. الرسّام تعامل مع القلعة ومع الأشكال الصلبة الأخرى كعناصر شفّافة من الضوء واللون. وا...

لوحات عالميـة – 380

Image
فجـر بـلا أمـل للفنان البريطاني فـرانك بـراملـي، 1888 عندما عُرضت هذه اللوحة لأوّل مرّة في الأكاديمية الملكية في لندن قبل 130 عاما وُضع معها اقتباس من مقالة كتبها الناقد جون راسكين يقول فيها: الإنسان والحزن متلازمان إلى الأبد، ومن عصر إلى عصر تجري الأمواج دائما والرياح تعوي والقلوب المؤمنة تعاني وتمرض والرجال الشجعان يواجهون الشطآن الثائرة بضراوة. لكن خلف دفّة كلّ قارب أو سفينة، ثمّة يد الله التي تمنح البحّارة مفاتيح السماء". واللوحة تصوّر مشهدا حزينا من العصر الفيكتوري. فالمرأة الجاثية تدرك أن زوجها توفّي في البحر أثناء رحلة صيد، بينما تحاول حماتها أو أمّ زوجها مواساتها والتخفيف عنها. وعبر النافذة يمكن رؤية بحر هائج وأنوار الفجر في سماء عاصفة. الكتاب المقدّس المفتوح والطاولة على شكل مذبح على الجدار تتضمّنان تلميحا بأن الدين يساعد في تعزية الإنسان والتخفيف عنه. لكن كلا المرأتين فقدتا الأمل في عودة الزوج والابن بعد أن انتظرتا خبرا عنه ليومين كاملين. وهما لم تناما طوال الليل، تقرآن الصلوات والأدعية وتنتظران بلا أمل عودته. الرسّام يخلق تباينا بين ضوء الصب...

لوحات عالميـة – 379

Image
لقاء عند البوّابة الذهبية للفنان الايطالي جيوتو دي بوندوني، 1305 طبقا للعقيدة المسيحية، فإن مريم العذراء وُلدت بنفخة من روح الربّ. وفي روايات الرهبان الأوائل فإن أبوي مريم أيضا أنجباها من دون اتصال جنسي. كان يجب أن تبدأ حياة العذراء بمعجزة عندما حملت بها امرأة في سنّ اليأس. وهذه الفكرة، أي الحمل الإعجازي، تتخلّل عددا كبيرا من القصص الواردة في الإنجيل. تصوّر هذه اللوحة قصّة والدي مريم، يواكيم و حنّة. كان قد مضى على زواجهما ثلاثون عاما دون أن يُرزقا بأطفال. وكانا محبّين لبعضهما، لكنهما لم يكونا سعيدين لأنهما كانا يحلمان بطفل. وكانا يظنّان أن الله لا بدّ وأن يكون غير راض عنهما. وقد ذهب يواكيم إلى معبد أورشليم ليقدّم قربانا لعلّ أمنيته تتحقّق. لكن الكهّان صدّوه، لذا اتخذ له ملجئا عند الرعاة. ثم أتاه ملاك وأخبره بأن صلاته استجيب لها. وقد وجّه الملاك الزوجين بأن يذهب كلّ في طريق وأن يلتقيا عند البوّابة الذهبية لأورشليم وأن يقبّل كلّ واحد منهما الآخر هناك. وعند البوّابة اجتمع شمل الزوجين للمرّة الأولى منذ أن غادر يواكيم البيت ليسأل الكهنة عن الحدث الكبير والوشيك الذي سيغ...

لوحات عالميـة – 378

Image
ليـدا اتـوميكـا للفنان الاسباني سلفادور دالي، 1949 لم يكن هناك شيء عاديّ في شخصية سلفادور دالي أو في أعماله أو في أسلوب حياته. لذا لم يكن مستغربا أن تعكس لوحاته طبيعته الغريبة. كانت زوجته غالا مصدر إلهام كبير له. وعندما يستحضرها كان يصنع أعمالا متسامية. وقد قال انه عندما رسم هذه اللوحة إنما أراد من خلالها أن يمجّدها. كان أيضا متأثّرا بفنّ وميثولوجيا وتاريخ اليونان. ويقال أنه رسم صورة لهيلين أميرة طروادة قبل بلوغه سنّ العاشرة. وتتضمّن أعماله العديد من الإشارات الميثولوجية. موضوع هذه اللوحة استلهمه الرسّام من الأسطورة الكلاسيكية المشهورة عن ليدا ابنة ملك اتوليا. وتحكي الأسطورة أن زيوس، كبير آلهة اليونان القديمة، وقع في حبّ ليدا. وعندما تمنّعت عليه حوّل نفسه إلى إوزّة ثمّ نام معها وأحبلها. قصّة ليدا والإوزّة ظلّت دائما تتمتّع بالرواج والشعبية طوال تاريخ الفنّ. غير أن دالي حوّلها إلى قصّة داخلية عن الجمال والإغراء. وقد بدأ رسم هذه اللوحة في الولايات المتحدة، ويصوّر فيها زوجته وملهمته غالا على أنها ليدا. وتبدو وهي تجلس عارية على قاعدة تمثال بينما تداعب بيدها ال...

لوحات عالميـة – 377

Image
نهاية العشاء للفنان الفرنسي جـول الكسنـدر غـرون، 1913 كان جول الكسندر غرون أحد رموز الرسم الأكاديميّ في عصره، ومع ذلك كان معروفا بارتباطه بالمدرسة الانطباعية. كان يتمتّع بموهبة ممتازة، وإحدى لوحاته المبكّرة امتدحها النقّاد ولاقت نجاحا مدوّيا، رغم انه في ذلك الوقت بالكاد تجاوز الثامنة عشرة من عمره. إحدى المطبوعات التي تعود إلى مطلع القرن الماضي تصفه بأنه "فرنسيّ كان الفنّ والحياة عنده ممتزجين ببعضهما. وقد اختار الرسم لأنه كان يحبّ الحياة ويحتاج إلى التعبير عن مشاعره بطريقة ملوّنة وحيّة". صحيح أن فنّ غرون يُنظر إليه اليوم كموضة قديمة، لكن انجازاته يجب أن تُعطى قدرها، مثل هذه اللوحة الفخمة التي يصوّر فيها أشخاصا كثيرين يحضرون مأدبة عشاء. كانت حفلات العشاء في ذلك الوقت، وكما هو الحال اليوم، جزءا لا يتجزّأ من حياة الأوربّيين وواجبا من أهمّ واجبات الزوجات في الطبقات الاجتماعية الرفيعة. فالمضيفة أو ربّة البيت يجب أن تهتمّ بأدقّ تفاصيل الحفل، من قائمة الضيوف إلى أماكن الجلوس إلى الديكور ونوعية الأطباق المقدّمة. كان الغرض من هذه الحفلات الحفاظ على علاقات اجتماع...

لوحات عالميـة – 376

Image
امرأتان في الشارع للفنان الألماني إرنست لودفيغ كيرشنر، 1914 هذه اللوحة هي واحدة من سلسلة من سبع لوحات رسمها إرنست كيرشنر، يصوّر فيها الحياة في شوارع برلين على مدى عامين. والموتيف الرئيسي في هذه اللوحات هي فتيات الليل، وهو اختيار غير مألوف كرمز للمدينة. وقد وظّف الرسّام فيها اللغة البصرية للأشكال الخشنة وضربات الفرشاة المتوتّرة. واللوحات تستدعي التناقضات الصارخة لمجتمع المدينة الحديثة، حيث الوهج والخطر والحميمية والانحلال والوحدة تتعايش مع بعضها البعض وحيث كل شيء للبيع. كما أن هذه اللوحات تمثّل نقطة تحوّل في مسيرة الفنّان الفنّية، إذ انه انتقل فيها من الألوان الساطعة والخطوط المنحنية التي كان يوظّفها في أعماله المبكّرة إلى ألوان أشدّ قتامة وأشكال أكثر حدّة، في محاولته تصوير مجتمع برلين الحيويّ والمتوهّج آنذاك. والمزاج المتوتّر الذي تشيعه هذه المجموعة من اللوحات يعزّزه الشعور بالاضطراب والقلق عشيّة اندلاع الحرب العالمية الأولى. في ما بعد، تحدّث كيرشنر عن هذه السلسلة فقال: لقد رسمتها في أكثر أوقات حياتي إحساسا بالوحدة. التوتّر والألم دفعا بي إلى الخارج، إلى الشوارع...

لوحات عالميـة – 375

Image
شعراء كلاسيكيون على شاطئ مقمر في اليونان القديمة للفنان الروسي ايفان ايفازوفسكي، 1886 الفكرة الرئيسية المهيمنة على فنّ ايفان ايفازوفسكي إجمالا هي صراع الإنسان مع الطبيعة والعناصر. لكن في أوقات الحروب كان يرسم مشاهد عسكرية. وكان معجبا كثيرا بالقصص البطولية التي كان يسمعها عن اليونانيين وعن حروب الماضي. ومن وقت لآخر، كان ايفازوفسكي يتناول في أعماله موضوع الشعراء العظام من العالم الكلاسيكيّ القديم ومن العصور المتأخّرة مثل دانتي وبايرون وبوشكين. وقد تحدّث بعض مؤرّخي الفنّ عن الأسباب التي يمكن أن تدفع رسّاما كبيرا عُرف عنه شغفه الكبير برسم المناظر البحرية لأن يصوّر رجال فكر وأدب. ولوحاته المخصّصة للشعراء الكلاسيكيين تمثّل برأي البعض فصلا غريبا وغامضا في سيرة حياته. وإحداها هي هذه اللوحة التي تتمتّع بألوانها الجذلة وبمقدرتها الغريبة على ملامسة المشاعر. وربّما لهذا السبب أصبحت من أعظم انجازات هذا الرسّام التي أكسبته إعجاب واعتراف النقّاد والجمهور. المعروف أن ايفازوفسكي رسم الشاعر الروسيّ الكبير الكسندر بوشكين عندما تقابل الاثنان في أكاديمية الفنون بسانت بطرسبورغ. وفي...

لوحات عالميـة – 374

Image
العنكبـوت المبتـسم للفنان الفرنسـي اوديـلـون رِيـدون، 1881 كان اوديلون ريدون يقول إن الخوارق ليست من مصادر إلهامه وأنه يكتفي بتأمّل العالم الخارجيّ والحياة عموما، ومن ثمّ يرسم انطباعاته عن ما يراه. لكن هناك عدّة مصادر أسطورية وأدبية وشعرية يُعتقد أنها أسهمت في تشكيل ثقافته الصُورية وتغذية خياله. كان، مثلا، صديقا لستيفان مالارميه، كما استوحى بعضا من رسوماته من عالم شكسبير، وممّا لا شك فيه انه تأثّر أيضا بأعمال إدغار آلان بو وفلوبير. وهناك مفارقة صارخة بين الأسلوب المنزليّ لهذا الرسّام الأنيق الذي كان يعيش حياة هادئة مع زوجته وطفله في شقّة باريسية، وبين الشخصيات الفانتازية، والمخيفة أحيانا، التي كان يضمّنها رسوماته. وما زاد في غموض أعماله الغريبة حقيقة انه كان دائما يرفض تفسيرها أو شرحها أو الحديث عن أصولها. في تلك الفترة أيضا كان ريدون منكبّا على قراءة قصص ثيودور غراندفيل المستمدّة من عالم الخيال. وربّما من تلك العوالم الفانتازية خرج هذا العنكبوت العملاق الظاهر في اللوحة بعينين وابتسامة غامضة بينما يبدو منهمكا في رقصة مخيفة. وكان زميله غوستاف دوريه قد رسم قب...

لوحات عالميـة – 373

Image
عقـوبة البـذخ للفنان الايطالي جيوفـاني سيغانتيـني، 1891 كان اسم هذه اللوحة في البداية "عقاب الشهوة". وكان يُعتقد بأن هذا الاسم مستفزّ، لذا تمّ تغييره إلى "عقاب البذخ". واللوحة واحدة من ثلاث لوحات رسمها جيوفاني سيغانتيني، مستلهما إيّاها من مقطع من قصيدة ايطالية بعنوان "نيرفانا" كتبها في القرن الثاني عشر راهب مسيحيّ يُدعى "لويجي ايليكا" يحاكي فيها نصّا هنديّا قديما. يقول المقطع واصفاً العقوبة الأخروية المخصّصة للنساء اللاتي يرفضن الدور البيولوجيّ للمرأة كأمّ: الأمّ الرديئة في الوادي القاحل تدور دون توقّف في البرد الأبديّ، حيث لا غصن يخضرّ ولا زهرة تتفتّح". سيغانتيني أصبح يتيما في سنّ الثامنة، وقضى بقيّة طفولته في عهدة أقاربه في ميلانو. وفي سنّ الشباب، عاش على عوائد أعماله الزخرفية، بينما كان يأخذ دروسا مسائية في الزخرفة والرسم الديكوري. وحوالي العام 1880، اكتشفه متعهّد فنّي يُدعى فيتوريو دي دراغون ودعم مشاركته في معارض محليّة ودوليّة. وقد أصبح معروفا في ألمانيا خاصّة. وفي عام 1896، أقام معرضا منفردا في ميونيخ، كم...

لوحات عالميـة – 372

Image
عائلـة داريـوس أمـام الاسكنـدر للفنان الايطالي باولـو فيـرونيـزي، 1565 تصوّر هذه اللوحة حادثة مهمّة ذكرها المؤرّخون القدامى. وأصل القصّة يعود إلى العام 333 قبل الميلاد، عندما ألحق الاسكندر المقدوني الهزيمة بداريوس ملك الفرس وآخر ملوك الدولة الإخمينية في معركة ايسوس. وقد نجا داريوس من الأسر عندما فرّ من ميدان المعركة. لكنّ والدته وزوجته وابنتيه اُخذوا أسرى. وطبقا لـ بلوتارك، فقد منحهم الاسكندر العفو وعاملهم باحترام. وفي تفاصيل القصّة أن الاسكندر ذهب إلى خيمة عائلة الملك المهزوم مصطحبا معه هيفاستيون مساعده ومستشاره وصديق طفولته، لتأمينهم وطمأنتهم. واللوحة تصوّر ذلك المشهد الدرامي المهيب. والدة داريوس تجثو أمام الاسكندر وتتوسّل إليه بأن يُبقي على حياتها وعائلتها. وخلف الأمّ تقف زوجة داريوس وابنتاه، بينما الاسكندر يقف إلى اليمين مرتديا ملابس حمراء ومحاطا بجنوده وحرسه ومشيرا بيده إلى مساعده المقرّب الواقف إلى يساره. بعض المصادر التاريخية تذكر أن والدة داريوس ركعت أمام هيفاستيون ظنّا منها انه الاسكندر، لكن احد المرافقين لفت انتباهها لذلك الخطأ، فما كان من الاسكندر إل...

لوحات عالميـة – 371

Image
صـانعـات التبـغ للفنان الاسباني غونثـالو مارتينـيز بيلبـاو، 1915 هناك ثلاث ملاحظات أوّلية عن هذه اللوحة. الأولى أنها أشهر أعمال الرسّام غونثالو بيلباو. والثانية أن اللوحة أصبحت منذ ظهورها بمثابة تحيّة ورمز للمرأة العاملة. والملاحظة الثالثة اختيارها لتظهر في فيلم "كارمن" المأخوذ عن أوبرا للمؤلّف الموسيقيّ الفرنسيّ جورج بيزيه. أمّا المكان الذي يصورّه الرسّام فكان أوّل مصنع للتبغ تمّ افتتاحه في مدينة اشبيلية. وكانت شركة خاصّة قد افتتحت المصنع في بدايات القرن الثامن عشر، أي قبل رسم اللوحة بحوالي قرنين. المعروف أن اشبيلية أصبحت منذ ذلك الحين مركز تجارة التبغ وذلك بعد أن لاحظ الإسبان أن سكّان أمريكا الأصليين، أي الهنود الحمر، يدخّنون النبتة. في اللوحة ينقل الفنّان بطريقة واقعية جوّ يوم من أيّام العمل في المصنع. في المقدّمة، نرى أمّين ترضعان طفليهما وسط ابتسامات زميلاتهما، بينما تتابع النساء الأخريات أعمالهنّ الروتينية. تفاصيل اللوحة وألوانها شديدة الواقعية كما هو واضح. الضوء يغمر الداخل من خلال الممرّ والفتحات الجانبية، وهناك تلاعب جميل بالمنظور. أسلوب مقا...

لوحات عالميـة – 370

Image
تابلو رقم 2 (أو توليف رقم 7) للفنان الهولنـدي بِـيـت مـونـدريــان، 1913 مثل العديد من روّاد الرسم التجريدي، كان دافع بيت موندريان الأساسيّ روحيّا، وكان فنّه مرتبطا جدّا بدراساته الروحانية والفلسفية. وهو من خلال لوحاته كان يهدف إلى تصفية العالم وإعادته إلى جوهره النقيّ. ولكي يحقّق هذا الهدف، كان يفضّل مبادئ معيّنة، كالاستقرار والثبات والروحانية. وإطاره الفلسفيّ كان أفكار الأفلاطونية الجديدة ونصوص الكتّاب المنتمين للمجتمع الثيوصوفي الهولنديّ الذي كان موندريان احد رموزه منذ عام 1909. منذ ذلك الوقت، أصبح موندريان مهتمّا بالحركة الثيوصوفية التي أطلقتها هيلينا بلافاتسكي في أواخر القرن قبل الماضي. كانت بلافاتسكي تعتقد أن الإنسان من خلال المعرفة الروحية يمكن أن يتحصّل على معرفة أكثر عمقا بالطبيعة ممّا لو استخدم لذلك أساليب تجريبية. وكلّ أعمال موندريان وحتى نهاية حياته كانت بحثا عن تلك المعرفة واستلهاما لها. "تابلو رقم 2 أو توليف رقم 7" رسمها موندريان بعد عام من وصوله إلى فرنسا. واللوحة تمثّل احترامه وانجذابه المستمرّ نحو المدارس والأساليب الجديدة في الرسم. وقد ...

لوحات عالميـة – 369

Image
دانتي يقابل بياتريس في بونتي سانتا ترينيتا للفنان البريطاني هنـري هـوليـداي، 1883 هذه اللوحة الأيقونية هي أهمّ وأشهر أعمال الرسّام هنري هوليداي. وفكرتها مستلهمة من السيرة الذاتية لشاعر القرون الوسطى الايطالي دانتي الليغييري (1265-1321). وفيها يصوّر الرسّام اللحظة المصيرية التي يقابل فيها دانتي ملهمته بياتريس بوتيناري على ضفاف نهر الآرنو في فلورنسا. ونفس هذه اللحظة هي التي سبق لدانتي أن ذكرها بتفاصيل شعرية دقيقة في كتابه "لا فيتا نوفا" أو الحياة الجديدة. كان الرسّام هوليداي مهتمّا كثيرا بدانتي. وكان قد رسم للشاعر وبياتريس لوحة أخرى قبل ذلك وهما طفلان أثناء لقاء لهما في حديقة والدها. في اللوحة نرى منظرا لشارع في فلورنسا يقع في لوغارنو بمنطقة بونتي سانتا ترينيتا. هنا يقابل دانتي بياتريس التي تظهر مرتدية فستانا أصفر، ترافقها وصيفتاها جيوفانا بفستان أحمر ومونا فانا التي ترتدي فستانا ازرق. دانتي يظهر في الجزء الأيمن من اللوحة وهو ينظر بخجل وارتباك، بينما تحوّل بياتريس نظرها بعيدا عنه. إنها تتجاهله ولا تردّ تحيّته بعد أن سمعت شائعات عن حبّه لنساء أخريات. ...

لوحات عالميـة – 368

Image
خـلـق الطيـور للفنانة الاسبانية ريميـديـوس فـارو، 1957 بعض النقّاد يقلّلون من قيمة الفانتازيا، لكن هذا لا ينفي أنها أداة ضرورية لاكتشاف ذواتنا والعالم من حولنا والعلاقة بين الاثنين. والسوريالية كانت تستشرف عالم الأحلام والذكريات والروح في محاولة للتعبير عن النفس وعن الوظيفة الفعلية للأفكار. الرسّامة الاسبانية ريميديوس فارو كانت فنّانة سوريالية مشهورة، وكان أسلوبها يجمع بين الاهتمام العلميّ بعالم الطبيعة والتأثيرات السحرية والدينية في القرون الوسطى. وفي بعض لوحاتها ثمّة أفكار عن البعث أو الولادة الثانية، وكلّ هذه الاهتمامات كانت انعكاسا لافتتانها بالخيمياء والتصوّف وتحليلات عالم النفس الشهير كارل يونغ. كانت ترى كلّ هذه الأشياء كمصادر لتحقيق الذات وتحوّل أو تغيّر الوعي. في لوحتها هذه ترسم فارو بومة على هيئة إنسان تجلس إلى طاولة وترسم على الورق طيورا بقلم موصول بآلة كمان تتدلّى من صدرها. الطيور ينيرها ضوء قمر يتسلّل من نافذة جانبية ويمرّ عبر عدسة مكبّرة. ريش البوم مرسوم ببراعة وبضربات فرشاة دقيقة. وعيناها تبدوان مغمضتين أو نائمتين أو في حالة تأمّل أو تأهّب لاستقبا...

لوحات عالميـة – 367

Image
انتحـار لوكـريشيـا للفنان الهولندي رمبـرانــدت، 1666 وصف فان غوخ رمبراندت ذات مرّة بأنه "رجل غامض جدّا يقول من خلال فنّه أشياء لا توجد لها كلمات في أيّ لغة". كان الهاجس الذي رافق رمبراندت طوال حياته هو رسم الحياة الداخلية للآخرين. العمق السيكولوجي في معظم صوره مصدره موهبة استثنائية من التعاطف، مع مقدرة غير عاديّة على إسقاط مشاعر الرسّام نفسه على الموضوع. ومن الواضح أن رمبراندت استجمع كلّ مواهبه الشخصية ووضعها في هذه اللوحة الحزينة والمؤثّرة التي تشبه الصرخة والتي رسمها في نهايات حياته. وهو هنا يصوّر حادثة موت لوكريشيا التي تسبّبت في نشوب ثورة أطاحت في النهاية بالملكية في ايطاليا وأسّست لقيام جمهورية روما. وقبل الحديث عن اللوحة يحسن التوقّف قليلا عند قصّة هذه المرأة والدور المهمّ الذي لعبته في تاريخ الرومان. كانت لوكريشيا امرأة تنحدر من عائلة من نبلاء روما. وقد حدثت قصّتها في القرن السادس قبل الميلاد وذكرها المؤرّخ سانت اوغستين في كتابه "مدينة الربّ" في معرض دفاعه عن النساء المسيحيات اللاتي اغتصبن في روما ولم يقدمن على الانتحار. تذكر القص...

لوحات عالميـة – 366

Image
عائلة بيلووي أو بورتريه عائلي للفنان الفرنسي إدغــار ديغـــا، 1858 قد يبدو هذا البورتريه غريبا بالنسبة للذين اعتادوا رؤية أعمال إدغار ديغا المشهور بتابلوهاته الفخمة عن راقصات الباليه وسباقات الخيول وأنشطة الحياة الاجتماعية في باريس منتصف القرن التاسع عشر. ومع ذلك يُعتبر البورتريه إحدى التحف التي رسمها ديغا في حياته المبكّرة وصوّر فيها طبيعة التوتّرات العائلية التي تعزل كلّ فرد من أفراد العائلة عن الآخر. وقد وظّف فيها الخبرة والمعرفة التي اكتسبها في ايطاليا أثناء دراسته هناك. كان ديغا قد غادر باريس إلى ايطاليا لمواصلة دراسته للرسم في يوليو من عام 1856. وقد أقام في ايطاليا ثلاث سنوات، وهناك واتته فكرة رسم هذه اللوحة التي بدأ رسمها في نابولي عندما كان في زيارة عمّته "شقيقة والده" لورا وزوجها البارون جينارو بيلووي وابنتيهما غيوليا وجيوفانا. ثم أتمّ رسمها عندما عاد إلى باريس. كان عمر ديغا وقتها أربعة وعشرين عاما. ويمكن أن يقال عن اللوحة أنها دراسة في العلاقات الإنسانية. وبعض النقّاد وصفها بأنها اقرب صورة لأجواء روايات القرن التاسع عشر. كانت عمة الرسّام ق...