حـدائق خلف بوّابـة الخـريف
للفنان الأمريكي تومـاس كينـكيـد، 1994
للفنان الأمريكي تومـاس كينـكيـد، 1994
كان توماس كينكيد من أكثر الرسّامين شعبية ورواجا في الولايات المتحدة. ولوحاته توصل إحساسا بالسكينة والتفاؤل والسلام بفضل الضوء الذي يشعّ من ألوانه التي تبعث الأمل والإلهام في النفس.
وتصوّر رسوماته قمم جبال مغطّاة بالثلوج وسماوات ذهبية ومنارات مضيئة وغابات وأنهارا حالمة وبيوتا وأكواخا مغمورة بالضوء. وهذه اللوحات ليست من ذلك النوع الذي يتطلّب منك النظر إليها طويلا كي تفهمها، كما لا يلزمك شهادة في الفنّ كي تقرّر إن كانت جيّدة أو رديئة.
كينكيد يركّز في رسوماته على القيم العائلية والإيمان بالله من خلال الجمال المضيء للطبيعة. وعادة ما يُطلق عليه لقب رسّام الضوء بالنظر إلى مهارته العالية في توظيف الضوء في لوحاته.
وهناك ما يربو على التسعين ورشة فنّية تعرض جميعها أعمال الرسام التي يتسابق هواة الفنّ والناس العاديّون إلى شرائها واقتنائها. ويقال إن لوحاته تُعلّق في واحد من كلّ عشرين منزل أمريكي. كما أن دخل لوحاته السنوي يُقدّر بأكثر من مائة وخمسين مليون دولار.
وهناك من النقّاد من يقارن كينكيد بـ مونيه ورينوار من حيث انه عاش حياة صعبة في البداية وجاهد وتعب كثيرا وهو يبحث لنفسه عن أسلوب فنّي متفرّد.
في بداياته، درس كينكيد باستفاضة أعمال رمبراندت وكارافاجيو وتعلّم منهما طريقتهما في توظيف الضوء والظلّ، كما تجوّل طويلا في الطبيعة الأمريكية دارسا ومنقّبا ومتأمّلا.
من بين أشهر لوحاته وأكثرها رواجا هذه اللوحة التي يصوّر فيها بركة ماء صغيرة تتوسّطها مزهرية عبر ممرّ تتناثر على جانبيه الورود والأزاهير في كرنفال لونيّ بديع. وفي الأعلى قليلا نرى منظرا لمنزل صغير تتسلّل عبر نوافذه الأنوار التي تشعّ مبدّدة بعض ما علق في الأجواء من ضباب الليلة الفائتة.
المعجبون بـ كينكيد والذين يبتاعون لوحاته يقولون إنه يقدّم لهم الجمال في عالم قبيح. وهم يجدون فيها ما لا يجدونه في الفنّ الحديث الذي يركّز على بؤس الحياة وقبحها وعدميّتها.
لكن على الرغم من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الفنّان في أوساط الجمهور، ظلّت المؤسّسة الفنّية تتجاهله والنقاّد يرفضونه ويعتبرونه رسّاما تقليديا وغير جدير بالدراسة. وبعضهم يصف أعماله بأنها ساذجة وتعكس نظرة هروبية بإغراقها في الخيال وابتعادها عن الواقع وعن مشاكل الناس.
في البيوت التي يرسمها توماس كينكيد، لا نرى أشخاصا أو أشياءً في الداخل. فقط الضوء الذي يأتي من النوافذ، وأحيانا دخان المداخن الذي يرمز إلى الدفء الإنساني. وثمّة احتمال بأن الأشخاص الذين يهوون اقتناء هذه المناظر يتماهون مع أجوائها لا شعوريّا ويتخيّلون أنهم هم من يسكن هذه البيوت ويتمتّعون بالدفء والحميمية اللذين تشيعهما.
مناظر كينكيد المشبعة بألوان الباستيل تخلو من أيّ اثر للحزن أو التوتّر. وربّما كان هذا هو احد أسباب افتتان الناس بها. فهو ينقل الناظر إلى أماكن مثالية تشبه الجنّة. كما انه يثير في نفس من يرى هذه المناظر حلم العودة إلى هذه الأماكن برغم أنها قد لا توجد إلا في الخيال. ومن الواضح أنه يشيّد عوالمه الفانتازية من آثار الماضي ومن مفاهيم الأدب القديم والحكايات الخيالية.
وعندما انتشر خبر وفاة كينكيد المفاجئة في السادس من ابريل عام 2012 عن أربعة وخمسين عاما، تدفّق الناس بالآلاف على الغاليريهات والمعارض والمتاجر لشراء نسخ من لوحاته.
كان توماس كينكيد يطمح لأن يرى أثناء حياته تقييما أكثر ايجابية لفنّه من قبل النقّاد. ولكنّه كان يشكّ في أن هذا سيحدث. النقّاد يفترضون أن على الفنّان أن يعاني الفقر والتشرّد. ومثال كينكيد هو على النقيض تماما، لأنه لا يجسّد الصورة الرومانسية عن الفنّان المكافح والجائع. فقد كان ناجحا في الترويج لفنّه واستطاع طوال سنوات أن يراكم ثروة تقدّر بمئات ملايين الدولارات من بيع أعماله. وهناك من يقدّر قيمة مبيعاته السنوية من نسخ لوحاته بحوالي مائة مليون دولار.
توماس كينكيد يظلّ أيقونة ثقافية، على الرغم من كلّ ما قيل ويقال عنه وعن فنّه. في الأيّام القليلة التي تلت وفاته، تقاطر المعجبون بفنّه على المتاجر والمعارض الفنّية وعلى موقعه الالكتروني للبحث عن لوحاته واقتنائها.
(تمّ تحديث الموضوع في فبراير 2013م).
موضوع ذو صلة: توماس كينكيد.. أماكن في القلب
وتصوّر رسوماته قمم جبال مغطّاة بالثلوج وسماوات ذهبية ومنارات مضيئة وغابات وأنهارا حالمة وبيوتا وأكواخا مغمورة بالضوء. وهذه اللوحات ليست من ذلك النوع الذي يتطلّب منك النظر إليها طويلا كي تفهمها، كما لا يلزمك شهادة في الفنّ كي تقرّر إن كانت جيّدة أو رديئة.
كينكيد يركّز في رسوماته على القيم العائلية والإيمان بالله من خلال الجمال المضيء للطبيعة. وعادة ما يُطلق عليه لقب رسّام الضوء بالنظر إلى مهارته العالية في توظيف الضوء في لوحاته.
وهناك ما يربو على التسعين ورشة فنّية تعرض جميعها أعمال الرسام التي يتسابق هواة الفنّ والناس العاديّون إلى شرائها واقتنائها. ويقال إن لوحاته تُعلّق في واحد من كلّ عشرين منزل أمريكي. كما أن دخل لوحاته السنوي يُقدّر بأكثر من مائة وخمسين مليون دولار.
وهناك من النقّاد من يقارن كينكيد بـ مونيه ورينوار من حيث انه عاش حياة صعبة في البداية وجاهد وتعب كثيرا وهو يبحث لنفسه عن أسلوب فنّي متفرّد.
في بداياته، درس كينكيد باستفاضة أعمال رمبراندت وكارافاجيو وتعلّم منهما طريقتهما في توظيف الضوء والظلّ، كما تجوّل طويلا في الطبيعة الأمريكية دارسا ومنقّبا ومتأمّلا.
من بين أشهر لوحاته وأكثرها رواجا هذه اللوحة التي يصوّر فيها بركة ماء صغيرة تتوسّطها مزهرية عبر ممرّ تتناثر على جانبيه الورود والأزاهير في كرنفال لونيّ بديع. وفي الأعلى قليلا نرى منظرا لمنزل صغير تتسلّل عبر نوافذه الأنوار التي تشعّ مبدّدة بعض ما علق في الأجواء من ضباب الليلة الفائتة.
المعجبون بـ كينكيد والذين يبتاعون لوحاته يقولون إنه يقدّم لهم الجمال في عالم قبيح. وهم يجدون فيها ما لا يجدونه في الفنّ الحديث الذي يركّز على بؤس الحياة وقبحها وعدميّتها.
لكن على الرغم من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها الفنّان في أوساط الجمهور، ظلّت المؤسّسة الفنّية تتجاهله والنقاّد يرفضونه ويعتبرونه رسّاما تقليديا وغير جدير بالدراسة. وبعضهم يصف أعماله بأنها ساذجة وتعكس نظرة هروبية بإغراقها في الخيال وابتعادها عن الواقع وعن مشاكل الناس.
في البيوت التي يرسمها توماس كينكيد، لا نرى أشخاصا أو أشياءً في الداخل. فقط الضوء الذي يأتي من النوافذ، وأحيانا دخان المداخن الذي يرمز إلى الدفء الإنساني. وثمّة احتمال بأن الأشخاص الذين يهوون اقتناء هذه المناظر يتماهون مع أجوائها لا شعوريّا ويتخيّلون أنهم هم من يسكن هذه البيوت ويتمتّعون بالدفء والحميمية اللذين تشيعهما.
مناظر كينكيد المشبعة بألوان الباستيل تخلو من أيّ اثر للحزن أو التوتّر. وربّما كان هذا هو احد أسباب افتتان الناس بها. فهو ينقل الناظر إلى أماكن مثالية تشبه الجنّة. كما انه يثير في نفس من يرى هذه المناظر حلم العودة إلى هذه الأماكن برغم أنها قد لا توجد إلا في الخيال. ومن الواضح أنه يشيّد عوالمه الفانتازية من آثار الماضي ومن مفاهيم الأدب القديم والحكايات الخيالية.
وعندما انتشر خبر وفاة كينكيد المفاجئة في السادس من ابريل عام 2012 عن أربعة وخمسين عاما، تدفّق الناس بالآلاف على الغاليريهات والمعارض والمتاجر لشراء نسخ من لوحاته.
كان توماس كينكيد يطمح لأن يرى أثناء حياته تقييما أكثر ايجابية لفنّه من قبل النقّاد. ولكنّه كان يشكّ في أن هذا سيحدث. النقّاد يفترضون أن على الفنّان أن يعاني الفقر والتشرّد. ومثال كينكيد هو على النقيض تماما، لأنه لا يجسّد الصورة الرومانسية عن الفنّان المكافح والجائع. فقد كان ناجحا في الترويج لفنّه واستطاع طوال سنوات أن يراكم ثروة تقدّر بمئات ملايين الدولارات من بيع أعماله. وهناك من يقدّر قيمة مبيعاته السنوية من نسخ لوحاته بحوالي مائة مليون دولار.
توماس كينكيد يظلّ أيقونة ثقافية، على الرغم من كلّ ما قيل ويقال عنه وعن فنّه. في الأيّام القليلة التي تلت وفاته، تقاطر المعجبون بفنّه على المتاجر والمعارض الفنّية وعلى موقعه الالكتروني للبحث عن لوحاته واقتنائها.
(تمّ تحديث الموضوع في فبراير 2013م).
موضوع ذو صلة: توماس كينكيد.. أماكن في القلب