لاتـونا وطفـلاها أبوللـو وديـانا
للفنان الأمريكي وليـام هنـري راينهـارت، 1871
للفنان الأمريكي وليـام هنـري راينهـارت، 1871
بفضل التكنولوجيا المتطوّرة المتاحة هذه الأيّام، أصبح باستطاعة النحّات أن يصنع أيّ شي، وذلك بخلاف ما كان عليه الحال في الماضي، أي قبل مئات السنين، عندما لم يكن هناك كمبيوتر ولا أدوات متطوّرة وكان النحّاتون يضطرّون للاحتفاظ في ورشهم بمساعدين يعهدون إليهم بمهمّة بناء منحوتاتهم قطعة قطعة.
قَطْع الرخام فنّ موجود منذ زمن الرومان. وقد جرت العادة أن يبدأ العمل بتفتيت كتل الرخام بواسطة الإزميل والمطرقة والمثقاب، ومن تلك النقطة تأخذ القطعة في التشكّل. والعديد من التماثيل الموجودة في المتاحف اليوم صُنع بعضها منذ آلاف السنين، ومع ذلك استطاعت أن تتحدّى أثار الحروب والصراعات وأن تصمد بوجه امتحان الزمن.
كان وليام هنري راينهارت احد آخر النحّاتين الأمريكيين الكبار الذين تبنّوا الأسلوب الكلاسيكيّ في النحت. وهو وغيره من النحّاتين الأمريكيين والأوربّيين من القرن التاسع عشر وجدوا في الأساطير الكلاسيكية موضوعات كثيرة مفضّلة. واتّسم العصر الذي عاشوا فيه بالاهتمام بقصص وأحداث الأزمنة القديمة، خاصّة مع انتشار الحفريات الكثيرة التي كشفت عن الكثير من فنون العصور الكلاسيكية.
وقد ذهب راينهارت إلى ايطاليا وأقام فيها سنوات طوالا كي يدرس ويتدرّب على أيدي كبار النحّاتين في روما وفلورنسا وغيرهما من مدن ايطاليا. وكانت ايطاليا وقتها المكان الأمثل الذي يمكن لأيّ فنّان واعد أن يعثر على راعٍ يدعمه وزبائن يقدّرون موهبته ويشترون أعماله. وكان من بين المعجبين بفنّه العديد من الأمريكيين والأوربّيين الذين كانوا يقصدون ايطاليا للسياحة. وقد تعاقد العديد من هؤلاء مع راينهارت على أن ينفّذ لهم مشاريع في أمريكا وأوربّا.
هذا التمثال هو احد أشهر منحوتات راينهارت، وفيه يصوّر لاتونا "أو ليتو بالإغريقية" إلهة الليل والأمومة الرومانية وهي تجلس مع طفليها التوأم ابوللو وديانا وتنظر إليهما بمحبّة وحنوّ.
تذكر الأساطير أن لاتونا حملت من زيوس كبير الآلهة بعد أن فتنه جمالها ثم وضعت طفليها التوأم على ارض جزيرة ديلوس. وقد انتهى دورها في الأساطير بعد ولادتها للطفلين.
من الأشياء اللافتة في هذا العمل النعومة الفائقة واللمعان الرائع اللذان نحت بهما الفنّان شخوصه، وتجسيده البديع لملابس الأمّ والوضعية المسترخية للطفلين النائمين ببراءة. وهناك أيضا الأسلوب الكلاسيكيّ الواضح والمحسوب الذي تعامل به النحّات مع وجه المرأة وملامحها وشعرها. ومن الواضح أنه في ترجمته للأسطورة تجنّب التفاصيل الكثيرة والنواحي العاطفية التي كان يفضّلها عادةً زملاؤه الآخرون.
عندما كبر ابوللو، أصبح واحدا من أهمّ آلهة الأوليمب. وفي الأساطير هو إله الموسيقى والحقيقة والنبوءات والشفاء والشعر والشمس والضوء والمعرفة، كما ارتبط اسمه بالملهمات السبع. وطبقا لهوميروس، لعب ابوللو دورا مهمّا في حرب طروادة، فقد سلّط الوباء على معسكر الإغريق وساعد باريس على قتل البطل أخيل.
أما ديانا فقد أصبحت إلهة الصيد. لكنها أيضا كانت إلهة الغابات والطفولة والخصوبة والحيوانات المتوحّشة. وكانت تكلّم السباع وتسيطر على حركاتها وتصرّفاتها. وكثيرا ما تُصوّر في الرسم وهي توجّه حركة القمر من عربتها، ومن هنا جاء الاعتقاد بأنها إلهة النور. وعلى الرغم من الطبيعة الناعمة نوعا ما لديانا، إلا أنها كانت تميل للانتقام أحيانا، بدليل قصّتها مع اكتيان الصيّاد الذي فاجأها وهي تستحمّ في النهر عارية. وقد انتقمت منه بأن حوّلته إلى أيل ثم أطلقت عليه كلابه لتمزّقه إربا.
كانت لديانا جوانب متعدّدة وسمات متناقضة، لكنّها اليوم تُصوّر على أنها الأمّ الأولى للخليقة وما يزال الأدباء والشعراء والرسّامون يتغنّون بأسطورتها الخالدة والمستمرّة.
الغريب أن الرومان لم يتقبّلوا فكرة أن ديانا هي شقيقة أبوللو التوأم من لاتونا إلا في القرن الرابع قبل الميلاد، أي عندما أصبح اوغستوس أوّل إمبراطور على روما. وقد اختار هذه العائلة كي ترمز لعائلته هو في محاولة لتعزيز منصبه كخليفة ليوليوس قيصر. وقد زعم قرابته مع لاتونا وابنيها فعزا لنفسه خصائص ابوللو بينما منح خصائص ديانا لأخته اوكتافيا.
رسم هذا الموضوع فنّانون كثر منهم البيرت ديورر وجاك لوي دافيد ولوكاس كراناك وجاكوبو دي بارباري وغيرهم.
ولد وليم هنري راينهارت في سبتمبر من عام 1825 في ميريلاند بالولايات المتحدة. وعمل في بدايات حياته في منجم للرخام، ثم أصبح مساعدا لقاطع أحجار. وهناك تعلّم تقنيات القطع والتشكيل والصقل، ثم سجّل في معهد الفنّ الميكانيكيّ في ميريلاند.
وفي مرحلة تالية، قابل جامع فنون مشهورا يُدعى وليام والترز. وقام الأخير بتمويل رحلة راينهارت إلى فلورنسا عام 1855. وعندما عاد من رحلته، كان قد أصبح نحّاتا متمكّنا. وفي عام 1858، عاد إلى روما وكان وقتها في سنّ الثلاثين. وقد عاش فيها وعمل حتى وفاته بالسلّ عام 1874 عن واحد وأربعين عاما.
منحوتات راينهارت موجودة اليوم في بعض اكبر المتاحف الأمريكية مثل المتروبوليتان في نيويورك ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن ومتحف كارنيغي وغيرها.
قَطْع الرخام فنّ موجود منذ زمن الرومان. وقد جرت العادة أن يبدأ العمل بتفتيت كتل الرخام بواسطة الإزميل والمطرقة والمثقاب، ومن تلك النقطة تأخذ القطعة في التشكّل. والعديد من التماثيل الموجودة في المتاحف اليوم صُنع بعضها منذ آلاف السنين، ومع ذلك استطاعت أن تتحدّى أثار الحروب والصراعات وأن تصمد بوجه امتحان الزمن.
كان وليام هنري راينهارت احد آخر النحّاتين الأمريكيين الكبار الذين تبنّوا الأسلوب الكلاسيكيّ في النحت. وهو وغيره من النحّاتين الأمريكيين والأوربّيين من القرن التاسع عشر وجدوا في الأساطير الكلاسيكية موضوعات كثيرة مفضّلة. واتّسم العصر الذي عاشوا فيه بالاهتمام بقصص وأحداث الأزمنة القديمة، خاصّة مع انتشار الحفريات الكثيرة التي كشفت عن الكثير من فنون العصور الكلاسيكية.
وقد ذهب راينهارت إلى ايطاليا وأقام فيها سنوات طوالا كي يدرس ويتدرّب على أيدي كبار النحّاتين في روما وفلورنسا وغيرهما من مدن ايطاليا. وكانت ايطاليا وقتها المكان الأمثل الذي يمكن لأيّ فنّان واعد أن يعثر على راعٍ يدعمه وزبائن يقدّرون موهبته ويشترون أعماله. وكان من بين المعجبين بفنّه العديد من الأمريكيين والأوربّيين الذين كانوا يقصدون ايطاليا للسياحة. وقد تعاقد العديد من هؤلاء مع راينهارت على أن ينفّذ لهم مشاريع في أمريكا وأوربّا.
هذا التمثال هو احد أشهر منحوتات راينهارت، وفيه يصوّر لاتونا "أو ليتو بالإغريقية" إلهة الليل والأمومة الرومانية وهي تجلس مع طفليها التوأم ابوللو وديانا وتنظر إليهما بمحبّة وحنوّ.
تذكر الأساطير أن لاتونا حملت من زيوس كبير الآلهة بعد أن فتنه جمالها ثم وضعت طفليها التوأم على ارض جزيرة ديلوس. وقد انتهى دورها في الأساطير بعد ولادتها للطفلين.
من الأشياء اللافتة في هذا العمل النعومة الفائقة واللمعان الرائع اللذان نحت بهما الفنّان شخوصه، وتجسيده البديع لملابس الأمّ والوضعية المسترخية للطفلين النائمين ببراءة. وهناك أيضا الأسلوب الكلاسيكيّ الواضح والمحسوب الذي تعامل به النحّات مع وجه المرأة وملامحها وشعرها. ومن الواضح أنه في ترجمته للأسطورة تجنّب التفاصيل الكثيرة والنواحي العاطفية التي كان يفضّلها عادةً زملاؤه الآخرون.
عندما كبر ابوللو، أصبح واحدا من أهمّ آلهة الأوليمب. وفي الأساطير هو إله الموسيقى والحقيقة والنبوءات والشفاء والشعر والشمس والضوء والمعرفة، كما ارتبط اسمه بالملهمات السبع. وطبقا لهوميروس، لعب ابوللو دورا مهمّا في حرب طروادة، فقد سلّط الوباء على معسكر الإغريق وساعد باريس على قتل البطل أخيل.
أما ديانا فقد أصبحت إلهة الصيد. لكنها أيضا كانت إلهة الغابات والطفولة والخصوبة والحيوانات المتوحّشة. وكانت تكلّم السباع وتسيطر على حركاتها وتصرّفاتها. وكثيرا ما تُصوّر في الرسم وهي توجّه حركة القمر من عربتها، ومن هنا جاء الاعتقاد بأنها إلهة النور. وعلى الرغم من الطبيعة الناعمة نوعا ما لديانا، إلا أنها كانت تميل للانتقام أحيانا، بدليل قصّتها مع اكتيان الصيّاد الذي فاجأها وهي تستحمّ في النهر عارية. وقد انتقمت منه بأن حوّلته إلى أيل ثم أطلقت عليه كلابه لتمزّقه إربا.
كانت لديانا جوانب متعدّدة وسمات متناقضة، لكنّها اليوم تُصوّر على أنها الأمّ الأولى للخليقة وما يزال الأدباء والشعراء والرسّامون يتغنّون بأسطورتها الخالدة والمستمرّة.
الغريب أن الرومان لم يتقبّلوا فكرة أن ديانا هي شقيقة أبوللو التوأم من لاتونا إلا في القرن الرابع قبل الميلاد، أي عندما أصبح اوغستوس أوّل إمبراطور على روما. وقد اختار هذه العائلة كي ترمز لعائلته هو في محاولة لتعزيز منصبه كخليفة ليوليوس قيصر. وقد زعم قرابته مع لاتونا وابنيها فعزا لنفسه خصائص ابوللو بينما منح خصائص ديانا لأخته اوكتافيا.
رسم هذا الموضوع فنّانون كثر منهم البيرت ديورر وجاك لوي دافيد ولوكاس كراناك وجاكوبو دي بارباري وغيرهم.
ولد وليم هنري راينهارت في سبتمبر من عام 1825 في ميريلاند بالولايات المتحدة. وعمل في بدايات حياته في منجم للرخام، ثم أصبح مساعدا لقاطع أحجار. وهناك تعلّم تقنيات القطع والتشكيل والصقل، ثم سجّل في معهد الفنّ الميكانيكيّ في ميريلاند.
وفي مرحلة تالية، قابل جامع فنون مشهورا يُدعى وليام والترز. وقام الأخير بتمويل رحلة راينهارت إلى فلورنسا عام 1855. وعندما عاد من رحلته، كان قد أصبح نحّاتا متمكّنا. وفي عام 1858، عاد إلى روما وكان وقتها في سنّ الثلاثين. وقد عاش فيها وعمل حتى وفاته بالسلّ عام 1874 عن واحد وأربعين عاما.
منحوتات راينهارت موجودة اليوم في بعض اكبر المتاحف الأمريكية مثل المتروبوليتان في نيويورك ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن ومتحف كارنيغي وغيرها.