بونابـرت واقفاً أمام تمثـال أبي الهـول
للفنان الفرنسي جـان ليـون جيـروم، 1886
للفنان الفرنسي جـان ليـون جيـروم، 1886
زار الرسّام جان ليون جيروم مصر لأوّل مرّة عام 1855. ثم زارها بعد ذلك ثلاث مرّات وأصبح على دراية كبيرة بثقافة وجغرافيا وتاريخ هذا البلد.
وقد سلك في أسفاره نفس المسار الذي اتّبعه من أتوا قبله من الرحّالة والرسّامين الأوربّيين. فذهب أوّلا إلى الفيّوم ثم إلى أبو سمبل فصحراء سيناء ووادي عربة ثم إلى القدس وأخيرا دمشق.
ومع رحلاته تلك، بدأ رسم سلسلة من اللوحات الاستشراقية التي تصوّر بعض مظاهر الثقافة العربية والإسلامية في مصر وشمال أفريقيا.
وكان نابليون بونابرت قد وصل بجيشه إلى مصر قبل ذلك التاريخ بأكثر من خمسين عاما، أي في يوليو 1798، على رأس جيش قوامه خمسون ألف جنديّ. وكان الهدف المعلن له هو القضاء على حكم المماليك المستبدّين وجلب عصر الأنوار للمصريين.
وبعد أن ألحق القائد الفرنسيّ الهزيمة بالمماليك، قرّر أن يبني تحالفات مع رجال الدين والأعيان على أمل أن يساعده ذلك على حكم البلاد.
وأشيع بين الأهالي أن بونابرت أعلن إسلامه وأصبح يحضر بانتظام الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية في محاولة لكسب ودّ المصريين. لكن جهوده تلك باءت بالفشل عندما ثار عليه الناس، ما دفعه إلى قمعهم بعنف.
وبعد اقلّ من ثلاث سنوات من إطاحة الفرنسيين بالحكم القمعيّ السابق، أي المماليك، أصبح المصريون ينظرون إلى نابليون وجيشه باعتبارهم غزاة ومستبدّين جددا.
لكن بالنسبة للفرنسيين، كان نابليون يمثّل عهدا مجيدا في التاريخ الفرنسيّ لدرجة انه أصبح أسطورة. وترسّخت الأسطورة أكثر مع نهاية الإمبراطورية الفرنسية الثانية.
كان جيروم معجبا كثيرا ببونابرت وقرّر أن يصوّر تلك المرحلة من حياة الإمبراطور، أي حملته على مصر. وكانت تلك فرصة للرسّام كي يصوّر مجدّدا الشرق الذي طالما فُتن به وبثقافته.
وقد استمدّ من الحملة الفرنسية مواضيع مزَجها مع حبّه القديم للاستشراق. ومع اقتراب الذكرى المائة لميلاد بونابرت عام 1867، كان جيروم قد أكمل رسم سلسلة من اللوحات التي تصوّر الجنرال وجيشه في مصر.
وقد رسمه في بعضها وهو واقف أمام قبور المماليك في مدينة الموتى أو وهو يسرج حصانه ويتأمّل صروح القاهرة التاريخية وتلك الفخامة التي تنطق بها حضارة عظيمة سادت زمنا ثم تلاشت.
وبعض اللوحات التي رسمها الفنّان لنابليون تستدعي فكرة القدَر، إذ يظهر فيها الجنرال الفرنسيّ وهو مستغرق في تفكير عميق. وهذه تختلف عن اللوحات التي تصوّر انتصاراته وبطولاته أو تتناول أحداثا بعينها وقعت أثناء حملته على مصر.
في هذه اللوحة، نرى نابليون على صهوة جواده واقفا أمام تمثال أبي الهول الذي ينظر من علوّ تحت سماء زرقاء صافية. والجنرال يقف ساهما أمام هذا الأثر القديم الذي يهيمن على نصف مساحة اللوحة، بينما يتأمّل وجهه الحجريّ الضخم والغامض.
في اللوحة، يتجمّد الحدث ويتوقّف الزمن في لحظة، بينما تجاهل الرسّام كلّ التفاصيل الأخرى بما فيها الأهرام وركّز على هذه المواجهة بين عملاقين.
وما نراه في الصورة هو طبيعة فخمة وشاسعة يظهر فيها رجل منعزل وفي حالة تأمّل. لكن هناك عناصر أخرى داخل اللوحة تشير إلى أن الحياة مستمرّة، مثل ظلّ حرس بونابرت ورؤساء أركانه، وأيضا مثل جيشه الذي يبدو متناهي الصغر في خلفية هذا المنظر.
هؤلاء هم جنود نابليون الذين يستعدّون لخوض معركة الهرم المشهورة التي حدثت في يوليو 1798 وواجه فيها الفرنسيون ثلّة من جيش المماليك.
كان جيروم مغرما كثيرا بهذه اللوحة، وقد عرضها في صالون باريس واختار لها اسم اوديب. وكان يشير إلى الأسطورة الإغريقية المعروفة، كي يعقد مقارنة بين الرجل الذي حرّر طيبة والبطل الذي جلب الخلاص لفرنسا، أي نابليون.
الشبه اللافت بين قبّعة نابليون ووجه أبو الهول وجد فيه رسّامو الكاريكاتير في ذلك الوقت فرصة للسخرية. وقد رسم احدهم صورة تشبه هذه اللوحة وكتب تحتها تعليقا يقول: نابليون يصاب بصدمة بعد أن عثر في وسط الصحراء على تمثال لنابليون".
وقد سلك في أسفاره نفس المسار الذي اتّبعه من أتوا قبله من الرحّالة والرسّامين الأوربّيين. فذهب أوّلا إلى الفيّوم ثم إلى أبو سمبل فصحراء سيناء ووادي عربة ثم إلى القدس وأخيرا دمشق.
ومع رحلاته تلك، بدأ رسم سلسلة من اللوحات الاستشراقية التي تصوّر بعض مظاهر الثقافة العربية والإسلامية في مصر وشمال أفريقيا.
وكان نابليون بونابرت قد وصل بجيشه إلى مصر قبل ذلك التاريخ بأكثر من خمسين عاما، أي في يوليو 1798، على رأس جيش قوامه خمسون ألف جنديّ. وكان الهدف المعلن له هو القضاء على حكم المماليك المستبدّين وجلب عصر الأنوار للمصريين.
وبعد أن ألحق القائد الفرنسيّ الهزيمة بالمماليك، قرّر أن يبني تحالفات مع رجال الدين والأعيان على أمل أن يساعده ذلك على حكم البلاد.
وأشيع بين الأهالي أن بونابرت أعلن إسلامه وأصبح يحضر بانتظام الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية في محاولة لكسب ودّ المصريين. لكن جهوده تلك باءت بالفشل عندما ثار عليه الناس، ما دفعه إلى قمعهم بعنف.
وبعد اقلّ من ثلاث سنوات من إطاحة الفرنسيين بالحكم القمعيّ السابق، أي المماليك، أصبح المصريون ينظرون إلى نابليون وجيشه باعتبارهم غزاة ومستبدّين جددا.
لكن بالنسبة للفرنسيين، كان نابليون يمثّل عهدا مجيدا في التاريخ الفرنسيّ لدرجة انه أصبح أسطورة. وترسّخت الأسطورة أكثر مع نهاية الإمبراطورية الفرنسية الثانية.
كان جيروم معجبا كثيرا ببونابرت وقرّر أن يصوّر تلك المرحلة من حياة الإمبراطور، أي حملته على مصر. وكانت تلك فرصة للرسّام كي يصوّر مجدّدا الشرق الذي طالما فُتن به وبثقافته.
وقد استمدّ من الحملة الفرنسية مواضيع مزَجها مع حبّه القديم للاستشراق. ومع اقتراب الذكرى المائة لميلاد بونابرت عام 1867، كان جيروم قد أكمل رسم سلسلة من اللوحات التي تصوّر الجنرال وجيشه في مصر.
وقد رسمه في بعضها وهو واقف أمام قبور المماليك في مدينة الموتى أو وهو يسرج حصانه ويتأمّل صروح القاهرة التاريخية وتلك الفخامة التي تنطق بها حضارة عظيمة سادت زمنا ثم تلاشت.
وبعض اللوحات التي رسمها الفنّان لنابليون تستدعي فكرة القدَر، إذ يظهر فيها الجنرال الفرنسيّ وهو مستغرق في تفكير عميق. وهذه تختلف عن اللوحات التي تصوّر انتصاراته وبطولاته أو تتناول أحداثا بعينها وقعت أثناء حملته على مصر.
في هذه اللوحة، نرى نابليون على صهوة جواده واقفا أمام تمثال أبي الهول الذي ينظر من علوّ تحت سماء زرقاء صافية. والجنرال يقف ساهما أمام هذا الأثر القديم الذي يهيمن على نصف مساحة اللوحة، بينما يتأمّل وجهه الحجريّ الضخم والغامض.
في اللوحة، يتجمّد الحدث ويتوقّف الزمن في لحظة، بينما تجاهل الرسّام كلّ التفاصيل الأخرى بما فيها الأهرام وركّز على هذه المواجهة بين عملاقين.
وما نراه في الصورة هو طبيعة فخمة وشاسعة يظهر فيها رجل منعزل وفي حالة تأمّل. لكن هناك عناصر أخرى داخل اللوحة تشير إلى أن الحياة مستمرّة، مثل ظلّ حرس بونابرت ورؤساء أركانه، وأيضا مثل جيشه الذي يبدو متناهي الصغر في خلفية هذا المنظر.
هؤلاء هم جنود نابليون الذين يستعدّون لخوض معركة الهرم المشهورة التي حدثت في يوليو 1798 وواجه فيها الفرنسيون ثلّة من جيش المماليك.
كان جيروم مغرما كثيرا بهذه اللوحة، وقد عرضها في صالون باريس واختار لها اسم اوديب. وكان يشير إلى الأسطورة الإغريقية المعروفة، كي يعقد مقارنة بين الرجل الذي حرّر طيبة والبطل الذي جلب الخلاص لفرنسا، أي نابليون.
الشبه اللافت بين قبّعة نابليون ووجه أبو الهول وجد فيه رسّامو الكاريكاتير في ذلك الوقت فرصة للسخرية. وقد رسم احدهم صورة تشبه هذه اللوحة وكتب تحتها تعليقا يقول: نابليون يصاب بصدمة بعد أن عثر في وسط الصحراء على تمثال لنابليون".