Posts

Showing posts from 2015

لوحات عالميـة – 365

Image
منظر طبيعيّ مع بورتريه للناسك جيروم للفنان الهولندي يواكيم باتينير، 1520 كان جيل الرسّامين الهولنديين الأوائل هم الأشهر في أوربّا في زمانهم. ومن بينهم اكتسب الفنّان انطوني فان ايك بالذات مكانة أسطورية باعتباره مبتكر الرسم بالزيت. وأعمال هؤلاء كان يطلبها الملوك والأمراء والتجّار في أرجاء القارّة لجودة ألوانها وتنفيذها ولدقّتها التعبيرية الكبيرة. وما غذّى صناعة وسوق الرسم آنذاك هو الاقتصاد النشط والمتعافي في الأراضي المنخفضة وكذلك ازدهار التجارة الدولية بشكل عام. وجزء مهمّ ممّا تزخر به المتاحف العالمية اليوم من أعمال فنّية مصدره مدينتا انتويرب وبروغيس. وسواءّ كانت الرسومات الهولندية أشياءً للتقديس أو سجلات لوجود الإنسان في زمن ومكان معيّنين أو لزخرفة أو تزيين المساكن والمعابد، فإن ممّا لا شكّ فيه أن الأعمال المبكّرة تكشف عن هدف مشترك ألا وهو جعل الصورة المرسومة حاضرة بقوّة وجعل غير المنظور محسوسا وملاحَظا. ومن أشهر الرسّامين الهولنديين الأوائل يواكيم باتينير الذي وصفه مواطنه البريخت ديورر بأنه كان بارعا على وجه الخصوص في رسم المناظر الطبيعية. وهناك العديد من ا...

لوحات عالميـة – 364

Image
الملكة ماري انطوانيت وأطفالها للفنانة الفرنسية لويـز فيجـي لـو بـران، 1787 هذه اللوحة، التي تصوّر امرأة جميلة مع أطفالها، قد توحي بعائلة سعيدة ومستريحة. لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الثورة كانت على وشك أن تعصف بكلّ هذا وتُعرّض للخطر كلّ ما كان بحوزة هذه المرأة وعائلتها من سلطة وثراء. وقريبا سيزحف الناس لاقتحام قصر فرساي في باريس عنوة، ومن ثمّ سيُودَع الملك لويس السادس عشر والملكة ماري انطوانيت وأبناؤهما وأقاربهما السجن تمهيدا لمحاكمتهم ومن ثمّ إعدامهم. بعبارة أخرى، تستطيع أن تقول أن هذا بورتريه مثاليّ لعائلة تسير نحو مصير مأساوي. ومع ذلك فالصورة نفسها تخلو من أيّ نوع من المشاعر أو الدراما أو العنف. كان عمر الملكة ماري انطوانيت عندما رُسمت لها هذه اللوحة اثنين وثلاثين عاما. وهي هنا تظهر بصحبة أطفالها الثلاثة في غرفة الجلوس. وكان من المفترض أن تضمّ اللوحة أيضا ابنتها الرابعة الرضيعة الأميرة صوفي لولا أنها توفّيت قبل ذلك بفترة وجيزة، ما دفع الرسّامة لأن تكتفي برسم مهدها أو سريرها الأزرق بدلا منها. الملكة ترتدي فستانا بنفسجيا نفيسا وتسند قدميها إلى أريكة، في إشا...

لوحات عالميـة – 363

Image
ساتير يبكي حزنا على حوريّة للفنان الايطالي بييرو دي كوزيمو، 1495 أحيانا نعرف طبيعة وموضوع لوحة ما عندما تكون مستندة إلى عمل أدبيّ؛ مسرحية أو رواية أو قصيدة، أو إلى واقعة تاريخية. لكن هذه اللوحة لا تدخل ضمن هذا التوصيف، بل إن بعض مؤرّخي الفنّ يعتبرونها واحدة من أكثر اللوحات غموضا في تاريخ الرسم الكلاسيكيّ الغربيّ. حتى الفنّان الذي رسمها لا يُعرف عنه وعن حياته سوى النزر اليسير. ولوحاته الباقية حتى اليوم قليلة جدّا، كما أنها لا تحمل توقيعه ولا أيّ تاريخ. في اللوحة، يرسم بييرو دي كوزيمو حورية بحر ميّتة على ارض معشبة وعلى يديها ومعصمها وعنقها آثار جروح، بينما ينحني فوق جثمانها مخلوق نصف إنسان "أو ساتير: وهو إله من آلهة الغابات عند الإغريق له ذيل وأذُنا وقائمتا فَرَس" تبدو على ملامحه علامات الحزن والتأثّر، وعند قدميها يقف كلب صيد متأثّرا بالمشهد. يقال أن اللوحة ترجمة صورية لحكاية أوردها اوفيد في كتابه "التحوّلات" عندما تحدّث عن موت الأميرة بروكريس ابنة ملك أثينا التي قُتلت عن طريق الخطأ على يد زوجها الأمير سيفالوس أثناء رحلة لصيد الغزلان. ويبدو أ...

لوحات عالميـة – 362

Image
جندي وفتاة ضاحكة للفنان الهولندي يوهـان فيـرميـر، 1657 في الرسم الهولنديّ من القرن السابع عشر، كثيرا ما نرى منظرا لجنديّ وامرأة وهما يجلسان حول طاولة ويزجيان وقتهما في الحديث والتسلية. ويبدو أن هذه كانت فكرة رائجة في الرسم من ذلك العصر. وفيرمير أيضا رسم نفس الفكرة في هذه اللوحة التي أراد لها أن تكون بنفس الوقت دراسة للفراغ المملوء بالضوء. ويُرجّح أنه أخذ الفكرة من مواطنه الرسّام بيتر دي هوك الذي كان قد رسم مناظر عدّة لجنود ونساء يجلسون حول طاولات ويتبادلون الحديث. وكان دي هوك قد رسم مثل هذه اللوحة قبل هذا الوقت بعشر سنوات. لكنه هو أيضا اقتبس الفكرة من رسّامي مدينة هارلم. وكان رسم مثل هؤلاء الجنود أو الفرسان تقليدا شائعا في ذلك الوقت، مثل ما سبقت الإشارة. غير أن مفهوم فيرمير للفكرة مختلف عن دي هوك كثيرا. فهو في لوحته هذه يجعل المتلقّي مراقبا غير مرئيّ يحاول استراق نظرة من وراء الباب لمعرفة ما يجري في الداخل. لكن، أوّلا، ما الذي يحدث في اللوحة، بل هل هناك أصلا ما يحدث؟ في البداية، ستلفت انتباهك الصورة الصغيرة، وبعدها سرعان ما ستنتبه إلى الدراما التي تكشف عنه...

لوحات عالميـة – 361

Image
رفيقـتـا السفــر للفنان البريطاني اوغستوس ليوبولد ايغ، 1862 للوهلة الأولى، قد تظنّ أن هذه الصورة لامرأة في مرآة عاكسة. لكن بعد تدقيق بسيط، ستكتشف أن هناك فرقا واضحا وأنها لامرأتين، واحدة "إلى اليسار" تجلس في وضع استلقاء وعيناها مغمضتان وإلى جانبها سلّة فواكه، والثانية تجلس وتقرأ كتابا وإلى جوارها باقة ورد. وليس هناك أيّ تفاعل بين المرأتين، فهما لا تنظران إلى بعضهما البعض، كما لا يشدّ أيّا منهما المنظر الطبيعيّ خارج عربة القطار. هذه اللوحة مشهورة، وشهرتها تتجاوز تلك التي للرسّام. وفيها من الخصائص ما ظلّ يغري رسّامي الكاريكاتير بتقليدها وتعديلها وتحويرها. وفي الواقع، ثمّة شيء ما يجعلها تبدو مألوفة، حتى وإن لم تكن كذلك. وبعضنا قد يراها لأوّل مرّة، ومع ذلك يظنّ انه سبق وأن رآها من قبل. والسبب ليس غامضا ولا علاقة له بطبيعة عقل الإنسان، بل لأن الصورة تذكّرنا إلى حدّ ما بالقصص الخيالية. لكن، أوّلا، ما الذي نراه في اللوحة؟ الأحداث هنا تدور داخل مقصورة قطار، مثلما هي الحال في بعض الروايات المشوّقة والمشهورة. والرسّام يصوّر لنا مشهدا من الحياة الحديثة، نرى في...

لوحات عالميـة – 360

Image
غرفة معيشة في الريف للفنان الفرنسي بيـير بـونـار، 1913 يُعتبر بيير بونار واحدا من أعظم الملوّنين في الرسم الحديث. وقد تميّز بمناظره المنزلية الحميمة والمضاءة بنور الشمس. ومواضيع لوحاته بسيطة. لكن طريقته في تصوير هذه الأفكار المألوفة، مثل طاولة محمّلة بالفاكهة أو طبيعة تغسلها الشمس، تُظهر انه كان احد ابرع الرسّامين الكبار في عصره. ولوحات بونار توصل إحساسا بأماكن ممنوعة. تتمعّن في تفاصيل بعضها فيُخيّل إليك أنك تمشي وسط أماكن خاصّة وحميمية. والعلاقة بين الأشياء والأشخاص في صوره تبدو متوتّرة وغير مريحة، ربّما بسبب ميله للتلاعب بقواعد المنظور والنسب. وهو يعبّر عن تجربته الفنّية من خلال اللون. واللون في لوحاته، لا المضمون الوصفيّ، هو الموضوع وهو الوسيلة التي ندخل من خلالها إلى اللوحة. كان بونار صاحب مزاج هادئ، هذا ما يقوله عنه معارفه والذين أرّخوا لحياته. كما كان مستقلا ومتحرّرا من ضغوط وتوتّرات الظروف التي عاش فيها. في العام 1912، تخلّى الرسّام عن بيته القديم في النورماندي واختار أن ينتقل إلى الجنوب. وهناك، في احدى البلدات الريفية الصغيرة التي سح...

لوحات عالميـة – 359

Image
سيّدتان من فينيسيا للفنّان الايطالي فيتوري كارباتشيو، 1490 مثلما تخصّص إدوار كورتيز في رسم مظاهر الحياة في باريس في منتصف القرن الماضي، كان فيتوريو كارباتشيو متخصّصا في رسم فينيسيا وتصوير منازلها وميادينها وقنواتها المائية ووجوه الناس فيها. وأنت تتأمّل مناظره لا بدّ وأن تلاحظ في لوحاته هذا الحبّ الجارف لعالم الماء وحالة البهجة التي يصوّر بها حياة هذه المدينة العائمة. كانت فينيسيا زمن الرسّام مدينة متطوّرة جدّا ومركزا للتجارة والفنون. ومن الواضح أن نظرته إلى حياة المدينة المليئة بالتجاوزات والصخب كانت متسامحة إلى حدّ كبير. وبمعنى ما، يمكن اعتبار أعماله بمثابة بورتريه لعالم فينيسيا المتنوّع والفريد من نوعه. في هذه اللوحة يرسم كارباتشيو امرأتين تجلسان بسكون في شرفة قصر وترتديان ملابس جميلة وقلادتين من الجواهر. صورتا المرأة تكادان تكونان متطابقتين، من حيث شكل وطريقة وضع الملابس أو قصّة الشعر. وإلى اليسار هناك طفل يلهو بين الأعمدة الرخامية، وطائر كبير وبضع حمامات، بالإضافة إلى كلبين أحدهما تداعبه إحدى المرأتين والآخر، الذي لا يظهر سوى رأسه في اللوحة، يمضغ طرف عصا...

لوحات عالميـة – 358

Image
موسيقى في حدائق تويلاري للفنان الفـرنسـي إدوار مـانـيــه، 1862 ذات مرّة، وصف الشاعر والأديب اميل زولا صديقه إدوار مانيه بأنه رسّام تحليلي، وبأنه لم يُظهر مهاراته التحليلية بشكل أكثر إدهاشا كما عرضها في هذه اللوحة. كان زولا يؤمن بأن رسم الحياة الحديثة يُعتبر شيئا بطوليا وأنها تستحقّ أن تُرسم، تماما كما كان يحدث في العالم الكلاسيكي القديم. وكان من عادة الاثنين أن يلتقيا يوميا في حدائق تويلاري. وقد عرض مانيه لوحته هذه لأوّل مرّة في غاليري مارتينيه. وكان الترحاب الذي قوبلت به محفّزا لظهور لوحتيه التاليتين المشهورتين غداء على العشب عام 1863، و أوليمبيا بعد ذلك بعامين. بالنسبة للمتلقّي الحديث، من الصعب أن نرى تفسيرا مقنعا للضجيج الذي أحاط بهذا العمل. فاللوحة هي عبارة عن بورتريه جماعي يصوّر حشدا من عشّاق الموسيقى في إحدى حدائق باريس القريبة من اللوفر. وبالنسبة للبعض، قد تبدو اللوحة وكأنها موضة قديمة. فهي تستذكر يوما جميلا في احد المتنزّهات، حيث كانت تقام الحفلات الموسيقية مرّتين في الأسبوع وتجتذب النخبة الحديثة في الإمبراطورية الفرنسية الثانية. وقبل هذه اللوحة بوقت ...

لوحات عالميـة – 357

Image
الهروب من النقد للفنان الاسباني بير بوريل ديل كاسو، 1874 تُعتبر هذه اللوحة مثالا جيّدا على فنّ الترومبليه، وهو عبارة عن توظيف صور واقعية لخلق نوع من الخداع البصريّ تظهر فيها الأشياء في مجال ثلاثيّ الأبعاد بدلا من بعدين فقط، وذلك من اجل إضافة محور آخر للرؤية غير موجود. هذا النوع من الخداع البصري يضفي غبَشا على الحدّ ما بين الفراغ الواقعي والخيالي. والرسّام هنا يحاول أن يخدع أعيننا بخلق نوع من الإيهام البصريّ المقنّع من خلال تحويله الموادّ الجامدة، كالخشب والرخام والطلاء، إلى وسيلة لتعزيز فهمه للعالم. هنا نرى صبيّاً بملابس رثّة وهو يخطو خارج إطار اللوحة التي هو جزء منها في محاولة يائسة للهرب. وجهه تبدو عليه آثار الخوف أو الصدمة. وضعية اليدين والقدمين والرأس خارج الإطار المرسوم، وكذلك الظلال الهابطة عليها هي التي تخلق وهما بأن الشخص يتسلّق خارج اللوحة. الألوان في الصورة يغلب عليها الأصفر. والضوء يأتي من جهة اليسار لجذب العين إلى وجه الشخص. في الواقع لا يُعرف معنى اللوحة ولا القصد من رسمها. لكن عنوانها ربّما يوحي بالنضال والجهد الذي يبذله الرسّامون الشباب عندما ي...

لوحات عالميـة – 356

Image
لايَقِيـن الشـاعـر للفنان اليوناني جيـورجيـو دي كيـريكــو، 1913 في هذه اللوحة يرسم الفنّان مكانا معتما يقوم على احد جانبيه عدد من القناطر المظلمة والمنذرة بالخطر. وفي مقدّمة المنظر نرى ما يشبه ساحة يقف في مقدّمتها تمثال كلاسيكيّ بلا رأس ولا ذراعين أو ساقين، وإلى جواره فرع موز ضخم وناضج. وفي البعيد، في خلفية المنظر، نلمح شراع سفينة وقطارا مسرعا على وشك أن يخرج من اللوحة نافثاً دخانه الكثيف. ليس من الواضح لماذا رسم دي كيريكو هذا المنظر الغامض والغريب، الذي يسخر فيه من نظريات المنظور والأسطح. كما أن لا أحد يعرف على وجه التأكيد العلاقة بين شراع السفينة والقطار المسرع ولا الرابط بين التمثال الكلاسيكي وثمار الموز. بداية، يبدو التمثال في اللوحة ساكنا وغير قادر على الحركة أو التفاعل. كما انه بلا رأس ولا أطراف أو حواسّ. أي انه لا يستطيع أن يلمس أو يشعر أو يأكل أو يرى. ورغم حقيقة أن التمثال فقد رأسه، إلا انه يبدو كما لو انه ليس مصنوعا من حجر، بل من لحم ودم بفضل حركته الدائرية. في العالم الطبيعي، يُعتبر الموز والتمثال شكلين متعارضين غالبا. التمثال صنعه بشر، وهو يقاوم التلف. أم...