تمثـال بـوليـن بونـابـرت
للفنّان الايطالي انتونيو كانوفا، 1808
للفنّان الايطالي انتونيو كانوفا، 1808
يُعرف هذا التمثال أحيانا بـ فينوس المنتصرة. وهو يصوّر بولين شقيقة نابليون بونابرت وهي تتمدّد نصف عارية على أريكة. والتمثال هو احد أشهر أعمال انتونيو كانوفا. وهو يجسّد التقاليد الفنّية الرومانية القديمة في تصوير الأشخاص على هيئة آلهة. كما انه يُعتبر نقطة تحوّل في مفهوم الجمال النيوكلاسيكي.
وقد كلّف كانوفا بنحته زوج بولين الأمير الايطالي كاميللو بورغيزي في مستهلّ القرن التاسع عشر. ونُفّذ التمثال في روما واستغرق العمل عليه ثلاث سنوات.
في البداية، خَيّر كانوفا بولين بين أن تأخذ في التمثال هيئة دايانا إلهة الصيد، أو مينيرفا إلهة الذكاء، أو فينوس إلهة الحبّ. فاختارت الأخيرة.
وتظهر في التمثال وهي نصف عارية ومستلقية على أريكة، بينما تمسك في يدها اليسرى بتفّاحة. وفي هذه الجزئية استحضار لصورة افرودايت أو فينوس المنتصرة في أسطورة حكم باريس. والتفّاحة تذكير بأن باريس بطل طروادة الشابّ اختار في النهاية، طبقا للأسطورة، أن يهدي التفّاحة الذهبية إلى فينوس باعتبارها أجمل امرأة على الأرض مفضّلا إيّاها على كلّ من أثينا و هيرا. وقد كأفاته فينوس على اختياره بأن سمحت له بإغراء هيلين أميرة طروادة، مع ما نتج عن ذلك في ما بعد من حرب طويلة ودامية.
لذا ليس من الصعب أن نرى في هذا التمثال تعبيرا قويّا عن ثقة هذه المرأة، أي بولين بونابرت، بجمالها وسطوتها.
كانوفا نفسه كان مفتونا بشخصية فينوس، على الرغم من أن مجموعته الكاملة من الأعمال النحتية تتضمّن تصويرا لعدد من الشخصيات الإغريقية الأسطورية الأخرى.
في ذلك الوقت، كانت التماثيل العارية شيئا غير مألوف. وكان الأشخاص من ذوي المكانة الاجتماعية العالية يفضّلون الظهور في تماثيل مغطّاة بالقماش.
لكن يبدو أن بولين لم تأبه كثيرا بالضرر الذي قد يلحق بسمعتها جرّاء تصويرها نصف عارية. ولا يُعرف على وجه التأكيد ما إذا كانت جلست أمام كانوفا عارية من اجل التمثال. لكن من الواضح أن الرأس تمّ نحته بطريقة واقعية إلى حدّ ما. أما بقيّة الجسد فيُرجّح انه نُحت بحيث يضاهي شكل الأنثى المثالي كما يظهر عادة في الأعمال الكلاسيكية.
بنهاية القرن التاسع عشر، كانت بولين بونابرت تُوصف بأنها أجمل امرأة في أوربّا وإحدى اقلّ النساء عفافا وأكثرهن تحرّرا.
وبفضل مكانة عائلتها وعلاقاتها القوّية، أصبح الفنّانون يتسابقون إلى رسمها ونحت صورها.
تزوّجت بولين بونابرت من الأمير كاميللو بورغيزي في أغسطس من عام 1803م. وكانت قد تعرّفت عليه أثناء زواجها الأوّل. كان شابّا اسمر لا يتجاوز عمره الثلاثين. وكان تعليمه بسيطا. بولين أيضا لم تكن متعلّمة. لذا كان هناك عامل مشترك يجمع بين الاثنين.
عائلة بونابرت تعمّدت الإيحاء بأن الزواج كان فكرة عائلة بورغيزي. ولم يصدّق كاميللو أن حلمه يمكن أن يتحقّق عندما قبلت بولين عرضه بالزواج. والغريب أن نابليون كان الشخص الوحيد الذي وقف في البداية ضدّ زواجهما.
وقد تزوّج الاثنان سرّا دون علم نابليون. وعندما بلغه الخبر غضب غضبا شديدا وأرسل إلى شقيقته من يخبرها بأن تقطع عنه زياراتها وأن تحافظ على حشمتها ووقارها مراعاة لسمعة العائلة.
لكن غضبه لم يدم طويلا. فعلى الرغم ممّا حصل، كانت بولين اقرب شقيقات نابليون الثلاث إلى قلبه. واستمرّ في مراسلتها وحثّها على أن تتصرّف بطريقة ناضجة ومعقولة.
كان كاميللو بورغيزي وقتها أغنى رجل في ايطاليا. وقد تزوّج بولين بعد انقضاء سنة على وفاة زوجها الأوّل الذي ترك لها طفلا.
وبعد أن انتقل الزوجان إلى روما، كلّف بورغيزي كانوفا بأن ينحت لـ بولين تمثالا من الرخام تعبيرا عن حبّه لها وإعجابه بها.
غير أن ولع بولين بالحفلات الليلية الصاخبة لازمها حتى بعد أن انتقلت مع زوجها إلى ايطاليا، الأمر الذي أزعج بورغيزي كثيرا ودفعه إلى إجبارها على ملازمة المنزل.
لكن ذلك لم يكبح جموحها وتوقها إلى حياة التحرّر والانطلاق. وهي لم تكن فقط مغرمة بملاحقة الرجال وإنما أيضا بشراء الملابس والمجوهرات النفيسة التي تبرز أكثر جمالها الاحتفالي.
في روما، لم تسر الأحوال على ما يرام بين الزوجين. بدأت بولين تبدي احتقارها لـ كاميللو وتنعته بالمخصي وتتأسّف على فقدان زوجها الأوّل. ولم تتوقّف عن إقامة الحفلات الماجنة والعلاقات الغرامية إمعانا منها في إذلال زوجها وإهانته.
المفارقة هي انه عندما أتمّ كانوفا نحت التمثال، كان كلّ من بولين وزوجها يعيشان منفصلين عن بعضهما في تورين. كان كاميللو وقتها يشغل وظيفة حاكم المدينة بعد أن عيّنه نابليون في ذلك المنصب.
عند الانتهاء من التمثال، نُقل إلى منزل عائلة الزوج. وبعد موت نابليون، نُقل التمثال إلى روما، وبالتحديد إلى غاليري بورغيزي حيث بقي فيه إلى اليوم.
وقد خُصّصت له غرفة بالغاليري تزيّن سقفها نقوش زيتية رسمها الفنّان دومينيكو دي انغيليس عام 1779 واستوحاها من نقش مشهور في فيللا ميديتشي.
من أهمّ خصائص هذا التمثال أن قاعدته الخشبية تبدو مسجّاة مثل النعش. وفي احد الأوقات كانت القاعدة تضمّ جهازا يجعل التمثال يتحرّك بطريقة دائرية كي يتمكّن الناظر من ملاحظة التفاصيل من جميع الزوايا دون أن يتحرّك من مكانه. القاعدة الدوّارة تمثّل عكسا لطبيعة العلاقة ما بين المتلقّي والعمل الفنّي. فالتمثال في هذه الحالة هو الذي يتحّرك بينما يظلّ المتلقّي أو الناظر ساكناً.
انتونيو كانوفا يعتبر أشهر نحّات ايطالي ظهر في الحقبة النيوكلاسيكية. وقد عمل مع الملوك والباباوات ورجال المصارف والأمراء الروس. لكن ارتباطه بـ نابليون كان اكبر. فقد صوّره مرارا. بل إن نابليون اصطفاه لنفسه في النهاية.
وعندما فرغ من نحت تمثال بولين، كان الناس يأتون للنظر إلى التمثال على ضوء الشموع. كان وهجه مُشعّا، ليس بسبب نوعية الرخام العالي الجودة فقط، وإنما أيضا بسبب أسطحه الناعمة والمصقولة بعناية.
أما فينوس أو بولين بونابرت، فعلى الرغم من كثرة فضائحها، إلا أنها ظلّت وفيّة على الدوام لأخيها نابليون. كانت شاهدة على انتصاراته العديدة، وأحيانا مشاركة فيها. وعندما تغيّرت حظوظه وسقط من عليائه بعد هزيمته في ووترلو، كانت بولين الوحيدة من بين شقيقاته التي لحقت به إلى منفاه في جزيرة سينت ايلينا حيث ظلّت تلازمه هناك إلى أن توفّي.
تمثال فينوس المنتصرة يُعتبر اليوم واسطة العقد بين مجموعة الأعمال الفنّية التي يضمّها غاليري بورغيزي. والغاليري نفسه يُعدّ احد أهمّ المتاحف في العالم بالنظر إلى ما يحتويه من كنوز فنّية عظيمة ونادرة من العالم القديم ومن عصري النهضة والباروك، ومن بينها أعمال لـ رافائيل وتيشيان وكارافاجيو وبيرنيني ودافنشي وروبنز وغيرهم.
ومؤخّّرا، احتفل الغاليري بذكرى مرور قرنين ونصف على مولد انتونيو كانوفا وبمرور مائتي عام على انجازه هذا التمثال. وقد وفّرت المناسبة فرصة للنقّاد للحديث عن هذا التمثال وتناول العلاقة التي كانت تربط النحّات بكلّ من عائلتي بورغيزي وبونابرت.
وقد كلّف كانوفا بنحته زوج بولين الأمير الايطالي كاميللو بورغيزي في مستهلّ القرن التاسع عشر. ونُفّذ التمثال في روما واستغرق العمل عليه ثلاث سنوات.
في البداية، خَيّر كانوفا بولين بين أن تأخذ في التمثال هيئة دايانا إلهة الصيد، أو مينيرفا إلهة الذكاء، أو فينوس إلهة الحبّ. فاختارت الأخيرة.
وتظهر في التمثال وهي نصف عارية ومستلقية على أريكة، بينما تمسك في يدها اليسرى بتفّاحة. وفي هذه الجزئية استحضار لصورة افرودايت أو فينوس المنتصرة في أسطورة حكم باريس. والتفّاحة تذكير بأن باريس بطل طروادة الشابّ اختار في النهاية، طبقا للأسطورة، أن يهدي التفّاحة الذهبية إلى فينوس باعتبارها أجمل امرأة على الأرض مفضّلا إيّاها على كلّ من أثينا و هيرا. وقد كأفاته فينوس على اختياره بأن سمحت له بإغراء هيلين أميرة طروادة، مع ما نتج عن ذلك في ما بعد من حرب طويلة ودامية.
لذا ليس من الصعب أن نرى في هذا التمثال تعبيرا قويّا عن ثقة هذه المرأة، أي بولين بونابرت، بجمالها وسطوتها.
كانوفا نفسه كان مفتونا بشخصية فينوس، على الرغم من أن مجموعته الكاملة من الأعمال النحتية تتضمّن تصويرا لعدد من الشخصيات الإغريقية الأسطورية الأخرى.
في ذلك الوقت، كانت التماثيل العارية شيئا غير مألوف. وكان الأشخاص من ذوي المكانة الاجتماعية العالية يفضّلون الظهور في تماثيل مغطّاة بالقماش.
لكن يبدو أن بولين لم تأبه كثيرا بالضرر الذي قد يلحق بسمعتها جرّاء تصويرها نصف عارية. ولا يُعرف على وجه التأكيد ما إذا كانت جلست أمام كانوفا عارية من اجل التمثال. لكن من الواضح أن الرأس تمّ نحته بطريقة واقعية إلى حدّ ما. أما بقيّة الجسد فيُرجّح انه نُحت بحيث يضاهي شكل الأنثى المثالي كما يظهر عادة في الأعمال الكلاسيكية.
بنهاية القرن التاسع عشر، كانت بولين بونابرت تُوصف بأنها أجمل امرأة في أوربّا وإحدى اقلّ النساء عفافا وأكثرهن تحرّرا.
وبفضل مكانة عائلتها وعلاقاتها القوّية، أصبح الفنّانون يتسابقون إلى رسمها ونحت صورها.
تزوّجت بولين بونابرت من الأمير كاميللو بورغيزي في أغسطس من عام 1803م. وكانت قد تعرّفت عليه أثناء زواجها الأوّل. كان شابّا اسمر لا يتجاوز عمره الثلاثين. وكان تعليمه بسيطا. بولين أيضا لم تكن متعلّمة. لذا كان هناك عامل مشترك يجمع بين الاثنين.
عائلة بونابرت تعمّدت الإيحاء بأن الزواج كان فكرة عائلة بورغيزي. ولم يصدّق كاميللو أن حلمه يمكن أن يتحقّق عندما قبلت بولين عرضه بالزواج. والغريب أن نابليون كان الشخص الوحيد الذي وقف في البداية ضدّ زواجهما.
وقد تزوّج الاثنان سرّا دون علم نابليون. وعندما بلغه الخبر غضب غضبا شديدا وأرسل إلى شقيقته من يخبرها بأن تقطع عنه زياراتها وأن تحافظ على حشمتها ووقارها مراعاة لسمعة العائلة.
لكن غضبه لم يدم طويلا. فعلى الرغم ممّا حصل، كانت بولين اقرب شقيقات نابليون الثلاث إلى قلبه. واستمرّ في مراسلتها وحثّها على أن تتصرّف بطريقة ناضجة ومعقولة.
كان كاميللو بورغيزي وقتها أغنى رجل في ايطاليا. وقد تزوّج بولين بعد انقضاء سنة على وفاة زوجها الأوّل الذي ترك لها طفلا.
وبعد أن انتقل الزوجان إلى روما، كلّف بورغيزي كانوفا بأن ينحت لـ بولين تمثالا من الرخام تعبيرا عن حبّه لها وإعجابه بها.
غير أن ولع بولين بالحفلات الليلية الصاخبة لازمها حتى بعد أن انتقلت مع زوجها إلى ايطاليا، الأمر الذي أزعج بورغيزي كثيرا ودفعه إلى إجبارها على ملازمة المنزل.
لكن ذلك لم يكبح جموحها وتوقها إلى حياة التحرّر والانطلاق. وهي لم تكن فقط مغرمة بملاحقة الرجال وإنما أيضا بشراء الملابس والمجوهرات النفيسة التي تبرز أكثر جمالها الاحتفالي.
في روما، لم تسر الأحوال على ما يرام بين الزوجين. بدأت بولين تبدي احتقارها لـ كاميللو وتنعته بالمخصي وتتأسّف على فقدان زوجها الأوّل. ولم تتوقّف عن إقامة الحفلات الماجنة والعلاقات الغرامية إمعانا منها في إذلال زوجها وإهانته.
المفارقة هي انه عندما أتمّ كانوفا نحت التمثال، كان كلّ من بولين وزوجها يعيشان منفصلين عن بعضهما في تورين. كان كاميللو وقتها يشغل وظيفة حاكم المدينة بعد أن عيّنه نابليون في ذلك المنصب.
عند الانتهاء من التمثال، نُقل إلى منزل عائلة الزوج. وبعد موت نابليون، نُقل التمثال إلى روما، وبالتحديد إلى غاليري بورغيزي حيث بقي فيه إلى اليوم.
وقد خُصّصت له غرفة بالغاليري تزيّن سقفها نقوش زيتية رسمها الفنّان دومينيكو دي انغيليس عام 1779 واستوحاها من نقش مشهور في فيللا ميديتشي.
من أهمّ خصائص هذا التمثال أن قاعدته الخشبية تبدو مسجّاة مثل النعش. وفي احد الأوقات كانت القاعدة تضمّ جهازا يجعل التمثال يتحرّك بطريقة دائرية كي يتمكّن الناظر من ملاحظة التفاصيل من جميع الزوايا دون أن يتحرّك من مكانه. القاعدة الدوّارة تمثّل عكسا لطبيعة العلاقة ما بين المتلقّي والعمل الفنّي. فالتمثال في هذه الحالة هو الذي يتحّرك بينما يظلّ المتلقّي أو الناظر ساكناً.
انتونيو كانوفا يعتبر أشهر نحّات ايطالي ظهر في الحقبة النيوكلاسيكية. وقد عمل مع الملوك والباباوات ورجال المصارف والأمراء الروس. لكن ارتباطه بـ نابليون كان اكبر. فقد صوّره مرارا. بل إن نابليون اصطفاه لنفسه في النهاية.
وعندما فرغ من نحت تمثال بولين، كان الناس يأتون للنظر إلى التمثال على ضوء الشموع. كان وهجه مُشعّا، ليس بسبب نوعية الرخام العالي الجودة فقط، وإنما أيضا بسبب أسطحه الناعمة والمصقولة بعناية.
أما فينوس أو بولين بونابرت، فعلى الرغم من كثرة فضائحها، إلا أنها ظلّت وفيّة على الدوام لأخيها نابليون. كانت شاهدة على انتصاراته العديدة، وأحيانا مشاركة فيها. وعندما تغيّرت حظوظه وسقط من عليائه بعد هزيمته في ووترلو، كانت بولين الوحيدة من بين شقيقاته التي لحقت به إلى منفاه في جزيرة سينت ايلينا حيث ظلّت تلازمه هناك إلى أن توفّي.
تمثال فينوس المنتصرة يُعتبر اليوم واسطة العقد بين مجموعة الأعمال الفنّية التي يضمّها غاليري بورغيزي. والغاليري نفسه يُعدّ احد أهمّ المتاحف في العالم بالنظر إلى ما يحتويه من كنوز فنّية عظيمة ونادرة من العالم القديم ومن عصري النهضة والباروك، ومن بينها أعمال لـ رافائيل وتيشيان وكارافاجيو وبيرنيني ودافنشي وروبنز وغيرهم.
ومؤخّّرا، احتفل الغاليري بذكرى مرور قرنين ونصف على مولد انتونيو كانوفا وبمرور مائتي عام على انجازه هذا التمثال. وقد وفّرت المناسبة فرصة للنقّاد للحديث عن هذا التمثال وتناول العلاقة التي كانت تربط النحّات بكلّ من عائلتي بورغيزي وبونابرت.