إمبراطورية الضوء
للفنان البلجيكي رينـيـه مـاغـريـت، 1953
للفنان البلجيكي رينـيـه مـاغـريـت، 1953
ذات مرّة، وصف سلفادور دالي رينيه ماغريت بأنه أوّل رسّام سوريالي حقيقيّ.
وفي الحقيقة كان ماغريت أشهر فنّان بلجيكيّ في القرن العشرين. وقد قضى في بداياته بضع سنوات في العمل كفنّان تجاريّ ينتج الإعلانات ويصمّم الكتب.
ونُقل عنه مرّة قوله إن شغفه بالفنّ بدأ عندما رأى وهو طفل فنّانا يرسم في مقبرة. ومنذ تلك اللحظة، بدأ يرسم. وفي ما بعد، ذهب إلى الأكاديمية الملكية في بروكسل، وبدأ ينجذب إلى الأسلوب التكعيبيّ الذي يمكن رؤية تأثيره عليه في لوحاته المبكّرة.
ثم حاول أن يجرّب الانطباعية، وهو ما جرّ عليه انتقادات زملائه ومعجبيه. ورغم انه قرّر في النهاية اتباع السوريالية، إلا انه حافظ على العناصر اللونية للانطباعية في أعماله.
ويُعرف عن ماغريت انه كان يرسم في لوحاته حالات ذهنية ونادرة يمكن ملاحظتها بتأمّل وصمت. كما اشتهر بميله لمزج فنّه بالكلمات وباختياره أسماء شاعرية للوحاته دون أن يكون للاسم علاقة بالمضمون.
وكان أيضا مهتّما بتصوير مفهومه الخاصّ عن الزمن وبقدرته على مناغمة عناصر الطبيعة مع الزمن كما لو أنها شيء واحد.
لوحة إمبراطورية الضوء تمثّل نموذجا للمفارقات البسيطة التي تميّز معظم لوحات ماغريت الناجحة.
وقد لا تلاحظ المفارقة التي تحتويها هذه اللوحة من النظرة الأولى. لكن لو دقّقت النظر قليلا لاكتشفت أن السماء فيها نهارية بينما يظهر المنزل أثناء الليل. وربّما اعتقدت أنها تصوّر تلك اللحظات من الغسق التي تسبق انبلاج الفجر.
المنظر نفسه عبارة عن بيت يطلّ على ما يشبه بركة أو شارعا مبلّلا. والبيت مرسوم في النهار وأمامه عمود إنارة وحيد، بينما يتسرّب النور من بعض نوافذه إلى الخارج.
لكن فوق البيت تبدو السماء زرقاء شاحبة تزيّنها الغيوم البيضاء. وجمال اللوحة يتمثّل في أنها تقدّم صورة يختلط الليل فيها بالنهار.
المنظر سوريالي إلى حدّ ما، وهو يبدو أشبه ما يكون بصورة فوتوغرافية بسبب التفاصيل الجميلة التي رسم بها الفنّان السماء والغيوم.
ومن الملاحظ أنه رسم الظلام في أسفل اللوحة بحيث يبدو أكثر استعصاءً على الاختراق ممّا لو رُسم في بيئة ظلام طبيعيّ. أيضا يُلاحظ أن الماء إلى أسفل يعكس ظلمة الليل بدلا من سطوع السماء.
يقال أن إمبراطورية الضوء هي أفضل أعمال ماغريت، لكن بعض النقّاد يأخذون عليها أنها بلا روح، كما أنها برأيهم لا تثير أيّة مشاعر، ربّما باستثناء الإحساس بالبرد.
السماء الساطعة فيها تبدو باردة وغير مضيافة، على الرغم من أنها مليئة بالضوء. والظلام الذي يلفّ المنزل يبعث إحساسا بالرهبة قد يكون مبعثه أن المنزل مرسوم ليلا.
وأنت تنظر إلى هذه اللوحة، قد يساورك شعور بأن شيئا ما مشئوما على وشك أن يحدث. وعلى الأرجح هذا هو السبب في أن اللوحة وُظّفت كمشهد من فيلم الرعب الشهير "طارد الأرواح" الذي ظهر في منتصف الستّينات، كما استخدم المخرج اللوحة في تصميم ملصق الفيلم.
خلوّ الصورة من الشعور الإنساني قد يكون مردّه أن البيت يغطّيه الظلام الدامس، باستثناء الإضاءة الصادرة عن العامود ومن أنوار الغرف الفارغة بداخل البيت.
صحيح أن ما نراه في اللوحة بأعيننا لا يمكن أن يكون منظرا من الحياة الواقعية. لكن هناك من النقّاد من يرى أن للنور والظلمة معنى أعمق. فقد يكون الضوء رمزا للخير والظلمة رمزا للشرّ. وهذان العنصران، برغم تناقضهما ظاهريّا، يمكن أن يوجدا في مكان واحد.
هناك أيضا في اللوحة عدد من المتضادّات أو المتقابلات: الضوء الطبيعيّ مقابل ضوء المصابيح الاصطناعية، والطبيعة مقابل الإنسان، ودفء أضواء الطبيعة مقابل قسوة الأضواء الاصطناعية.
اتّبع ماغريت أساليب متعدّدة في الرسم وسلك طرقا جديدة في التعبير عن الفنّ في كلّ أعماله. وقد ازداد اهتمام الناس بفنّه في ستّينات القرن الماضي وأثّرت لوحاته على موسيقى البوب وعلى الفنّ التقليلي والمفاهيمي.
وكان قد رسم خلال العشرينات سلسلة لوحات اسماها "رسم الكلمات"، وفيها تبدو الكلمات والصور في حالة تناقض.
كان الفنّان يحبّ المفارقات الصورية ويهتمّ بالعلاقة بين الصور المرسومة والعالم المنظور. وقد عُرف عنه ميله لحياة الهدوء والتأمّل والعزلة. وبينما عاش زملاؤه الفنّانون الفرنسيون حياة رفاهية، فضّل هو أن يعيش حياة الطبقة الوسطى التي تتّسم عادة بالرتابة والهدوء.
رسم ماغريت عدّة نسخ من هذه اللوحة، ولا يُعرف لماذا فعل ذلك. قد يكون السبب أنها راقت له بعد أن أصبحت مشهورة، وربّما رسمها مرارا كي يرضي رغبات زبائنه.
وقد بيعت إحدى نسخها في مزاد بلندن عام 1996 بمبلغ أربعة ملايين دولار، بينما وجدت النسخ الأخرى طريقها إلى المجموعات الفنّية الخاصّة، والبعض استقرّ في بعض المتاحف الكبيرة مثل متحف الفنّ الحديث في نيويورك ومتحف الفنون الجميلة في بروكسل ومتحف غوغنهايم في نيويورك.
وفي الحقيقة كان ماغريت أشهر فنّان بلجيكيّ في القرن العشرين. وقد قضى في بداياته بضع سنوات في العمل كفنّان تجاريّ ينتج الإعلانات ويصمّم الكتب.
ونُقل عنه مرّة قوله إن شغفه بالفنّ بدأ عندما رأى وهو طفل فنّانا يرسم في مقبرة. ومنذ تلك اللحظة، بدأ يرسم. وفي ما بعد، ذهب إلى الأكاديمية الملكية في بروكسل، وبدأ ينجذب إلى الأسلوب التكعيبيّ الذي يمكن رؤية تأثيره عليه في لوحاته المبكّرة.
ثم حاول أن يجرّب الانطباعية، وهو ما جرّ عليه انتقادات زملائه ومعجبيه. ورغم انه قرّر في النهاية اتباع السوريالية، إلا انه حافظ على العناصر اللونية للانطباعية في أعماله.
ويُعرف عن ماغريت انه كان يرسم في لوحاته حالات ذهنية ونادرة يمكن ملاحظتها بتأمّل وصمت. كما اشتهر بميله لمزج فنّه بالكلمات وباختياره أسماء شاعرية للوحاته دون أن يكون للاسم علاقة بالمضمون.
وكان أيضا مهتّما بتصوير مفهومه الخاصّ عن الزمن وبقدرته على مناغمة عناصر الطبيعة مع الزمن كما لو أنها شيء واحد.
لوحة إمبراطورية الضوء تمثّل نموذجا للمفارقات البسيطة التي تميّز معظم لوحات ماغريت الناجحة.
وقد لا تلاحظ المفارقة التي تحتويها هذه اللوحة من النظرة الأولى. لكن لو دقّقت النظر قليلا لاكتشفت أن السماء فيها نهارية بينما يظهر المنزل أثناء الليل. وربّما اعتقدت أنها تصوّر تلك اللحظات من الغسق التي تسبق انبلاج الفجر.
المنظر نفسه عبارة عن بيت يطلّ على ما يشبه بركة أو شارعا مبلّلا. والبيت مرسوم في النهار وأمامه عمود إنارة وحيد، بينما يتسرّب النور من بعض نوافذه إلى الخارج.
لكن فوق البيت تبدو السماء زرقاء شاحبة تزيّنها الغيوم البيضاء. وجمال اللوحة يتمثّل في أنها تقدّم صورة يختلط الليل فيها بالنهار.
المنظر سوريالي إلى حدّ ما، وهو يبدو أشبه ما يكون بصورة فوتوغرافية بسبب التفاصيل الجميلة التي رسم بها الفنّان السماء والغيوم.
ومن الملاحظ أنه رسم الظلام في أسفل اللوحة بحيث يبدو أكثر استعصاءً على الاختراق ممّا لو رُسم في بيئة ظلام طبيعيّ. أيضا يُلاحظ أن الماء إلى أسفل يعكس ظلمة الليل بدلا من سطوع السماء.
يقال أن إمبراطورية الضوء هي أفضل أعمال ماغريت، لكن بعض النقّاد يأخذون عليها أنها بلا روح، كما أنها برأيهم لا تثير أيّة مشاعر، ربّما باستثناء الإحساس بالبرد.
السماء الساطعة فيها تبدو باردة وغير مضيافة، على الرغم من أنها مليئة بالضوء. والظلام الذي يلفّ المنزل يبعث إحساسا بالرهبة قد يكون مبعثه أن المنزل مرسوم ليلا.
وأنت تنظر إلى هذه اللوحة، قد يساورك شعور بأن شيئا ما مشئوما على وشك أن يحدث. وعلى الأرجح هذا هو السبب في أن اللوحة وُظّفت كمشهد من فيلم الرعب الشهير "طارد الأرواح" الذي ظهر في منتصف الستّينات، كما استخدم المخرج اللوحة في تصميم ملصق الفيلم.
خلوّ الصورة من الشعور الإنساني قد يكون مردّه أن البيت يغطّيه الظلام الدامس، باستثناء الإضاءة الصادرة عن العامود ومن أنوار الغرف الفارغة بداخل البيت.
صحيح أن ما نراه في اللوحة بأعيننا لا يمكن أن يكون منظرا من الحياة الواقعية. لكن هناك من النقّاد من يرى أن للنور والظلمة معنى أعمق. فقد يكون الضوء رمزا للخير والظلمة رمزا للشرّ. وهذان العنصران، برغم تناقضهما ظاهريّا، يمكن أن يوجدا في مكان واحد.
هناك أيضا في اللوحة عدد من المتضادّات أو المتقابلات: الضوء الطبيعيّ مقابل ضوء المصابيح الاصطناعية، والطبيعة مقابل الإنسان، ودفء أضواء الطبيعة مقابل قسوة الأضواء الاصطناعية.
اتّبع ماغريت أساليب متعدّدة في الرسم وسلك طرقا جديدة في التعبير عن الفنّ في كلّ أعماله. وقد ازداد اهتمام الناس بفنّه في ستّينات القرن الماضي وأثّرت لوحاته على موسيقى البوب وعلى الفنّ التقليلي والمفاهيمي.
وكان قد رسم خلال العشرينات سلسلة لوحات اسماها "رسم الكلمات"، وفيها تبدو الكلمات والصور في حالة تناقض.
كان الفنّان يحبّ المفارقات الصورية ويهتمّ بالعلاقة بين الصور المرسومة والعالم المنظور. وقد عُرف عنه ميله لحياة الهدوء والتأمّل والعزلة. وبينما عاش زملاؤه الفنّانون الفرنسيون حياة رفاهية، فضّل هو أن يعيش حياة الطبقة الوسطى التي تتّسم عادة بالرتابة والهدوء.
رسم ماغريت عدّة نسخ من هذه اللوحة، ولا يُعرف لماذا فعل ذلك. قد يكون السبب أنها راقت له بعد أن أصبحت مشهورة، وربّما رسمها مرارا كي يرضي رغبات زبائنه.
وقد بيعت إحدى نسخها في مزاد بلندن عام 1996 بمبلغ أربعة ملايين دولار، بينما وجدت النسخ الأخرى طريقها إلى المجموعات الفنّية الخاصّة، والبعض استقرّ في بعض المتاحف الكبيرة مثل متحف الفنّ الحديث في نيويورك ومتحف الفنون الجميلة في بروكسل ومتحف غوغنهايم في نيويورك.