بورتـريه سيّـدة شـابّـة
للفنان الهولندي بيـتروس كـريستـوس، 1470
للفنان الهولندي بيـتروس كـريستـوس، 1470
كان الرسّامون الهولنديون الأوائل روّادا في فكرة البورتريه الحديث، حيث تصبح صورة الشخص المرسوم سجلا لشخصيّته وانعكاسا لسماته النفسية والمزاجية. وقد اُعجب بهذا التطوّر وقلّده رسّامون كثر في أنحاء متفرّقة من أوربّا. ومنذ البداية جرّب الهولنديون طرقا جديدة في التوليف من خلال التحكّم في فراغات الزوايا وشكل الإطار، بما يعزّز فورية الصورة ويحدّد مكان الشخصية في علاقتها بالمتلقّي ويجعل حضوها أعمق واكبر.
وفي الصور التي رُسمت في ما بعد، أصبح الرجال والنساء المرسومون يتواصلون مع المتلقّي من خلال نوعية حضورهم السيكولوجي الذي تعبّر عنه النظرات أو الإيماءات.
بيتروس كريستوس هو احد أوائل الرسّامين الهولنديين الذين برعوا في رسم البورتريه. كان متأثّرا بأستاذه فان آيك، لكن كان لديه هو أيضا أسلوبه المبتكر. وكان ميّالا إلى تطويع وتعديل أسلوبه من وقت لآخر كي يلبّي رغبات رعاته وزبائنه بما يتناسب مع أذواقهم.
ومع أن سيرته ظلّت لغزا، إلا أن من المعروف أن كريستوس كان أوّل من ادخل المنظور الهندسي إلى الرسم الهولنديّ. والأهميّة التاريخية للرسّام تكمن في اهتمامه القويّ بتحديد الفراغات واستكشاف الزوايا وتوظيف ذلك في رسم البورتريه. وأوّل إشارة إلى اسم كريستوس كانت في العام 1444 عندما مُنح جنسية مدينة بْرُوج، عاصمة اكبر مقاطعة في بلجيكا آنذاك والتي كانت تُسمّى "فينيسيا الشمال" نظرا لأهميّتها الاقتصادية والتجارية.
كانت بورتريهات كريستوس توصف بأنها رسمية ومتكلّفة أكثر ممّا ينبغي. غير أن هذه اللوحة بالذات يصدق عليها قول احد النقّاد أنها لؤلؤة مصقولة تتلألأ فوق أريكة من المخمل الأسود. وقد رسمها في أخريات حياته ونفّذها على لوح من خشب السنديان.
في اللوحة، التي تذكّرنا إلى حدّ ما بـ فيرمير، نرى امرأة شابّة ترتدي ملابس ومجوهرات فاخرة وتتمتّع بأناقة غير عادية وتشيع ملامحها هالة من الاحترام والنبل. نوعية ملابس المرأة توحي بأنها فرنسية. وهي لا تجلس أمام خلفية مسطّحة ومحايدة، وإنما موضوعة في مكان واقعيّ وثلاثيّ الأبعاد ضمن توليف متوازن من الخطوط العمودية والأفقية والقطرية.
المرأة تنظر باتجاه المتلقّي مباشرة وبطريقة مشاكسة، رغم أن نظراتها تخفي أكثر مما تكشف. تعبيرات ونظرات المرأة توحي بأن شيئا أو شخصا ما خارج الإطار استولى على اهتمامها. والتعبيرات الماكرة تعزّزها هيئة العينين اللتين تنظران جانبيّا. وضع المرأة بهذه الطريقة المعمارية الدقيقة أراد من ورائه الرسّام إضفاء لمسة من الديناميكية والحيوية على الصورة.
القبّعة المستطيلة التي تعتمرها يبدو أنها كانت سائدة زمن الرسّام. ومع ذلك يندر وجود مثلها في اللوحات الأخرى التي رُسمت في ذلك العصر.
هذا البورتريه ابتاعته عائلة ميديتشي وضمّته إلى مجموعتها بعد أن أرفقته بسجلّ يصف اللوحة بأنها رسم لرأس سيّدة فرنسية تمّ تنفيذه بالألوان الزيتية. لكنّ السجلّ لا يذكر هويّة المرأة، وإنما يشير فقط إلى أن أهمّية اللوحة تكمن في مضمونها الجماليّ وليس في قيمتها التاريخية.
ولد بيتروس كريستوس في مدينة بارلودوك البلجيكية عام 1410، لكن لا يُعرف أين تلقّى تدريبه ولا أين قضى سنوات دراسته الأولى. ويقال انه زار ايطاليا في بداياته ودرس أعمال رسّاميها العظام وأن بعض زبائنه ممّن اشتروا بعض أعماله كانوا من الايطاليين.
في ما بعد استقرّ الرسّام في مدينة بْرُوج التي كانت مزدهرة اقتصاديا بعد سنوات من الاضطراب السياسي الذي شهدته ما بين عامي 1436 و1440م. كانت بْرُوج وقتها مكانا مفضّلا لإقامة الأمراء والنبلاء ورجال الأعمال المحليين والتجّار الأجانب ورجال المصارف الذين بدءوا في اجتذاب الرسّامين إلى المدينة.
وخلال وقت وجيز برز اسم كريستوس إلى الصدارة باعتباره رسّام بْرُوج الأوّل، خاصّة بعد وفاة فان آيك. وقد تعزّزت مكانته في مجتمع المدينة لدرجة انه كان يُدعى لحضور مناسبات كانت تقتصر عادة على الأمراء والارستقراطيين وعائلات الطبقة الرفيعة.
كان من عادة بيتروس كريستوس أن يضمّن كلّ لوحة من لوحاته علامة خاصّة على شكل قلب إلى جانب توقيعه. ولوحاته الموجودة اليوم لا يتجاوز عددها الثلاثين، خمس منها في متحف المتروبوليتان في نيويورك. لكن هذا البورتريه يظلّ أفضل وأشهر أعماله جميعا. وهو موجود اليوم في احد متاحف برلين.
وفي الصور التي رُسمت في ما بعد، أصبح الرجال والنساء المرسومون يتواصلون مع المتلقّي من خلال نوعية حضورهم السيكولوجي الذي تعبّر عنه النظرات أو الإيماءات.
بيتروس كريستوس هو احد أوائل الرسّامين الهولنديين الذين برعوا في رسم البورتريه. كان متأثّرا بأستاذه فان آيك، لكن كان لديه هو أيضا أسلوبه المبتكر. وكان ميّالا إلى تطويع وتعديل أسلوبه من وقت لآخر كي يلبّي رغبات رعاته وزبائنه بما يتناسب مع أذواقهم.
ومع أن سيرته ظلّت لغزا، إلا أن من المعروف أن كريستوس كان أوّل من ادخل المنظور الهندسي إلى الرسم الهولنديّ. والأهميّة التاريخية للرسّام تكمن في اهتمامه القويّ بتحديد الفراغات واستكشاف الزوايا وتوظيف ذلك في رسم البورتريه. وأوّل إشارة إلى اسم كريستوس كانت في العام 1444 عندما مُنح جنسية مدينة بْرُوج، عاصمة اكبر مقاطعة في بلجيكا آنذاك والتي كانت تُسمّى "فينيسيا الشمال" نظرا لأهميّتها الاقتصادية والتجارية.
كانت بورتريهات كريستوس توصف بأنها رسمية ومتكلّفة أكثر ممّا ينبغي. غير أن هذه اللوحة بالذات يصدق عليها قول احد النقّاد أنها لؤلؤة مصقولة تتلألأ فوق أريكة من المخمل الأسود. وقد رسمها في أخريات حياته ونفّذها على لوح من خشب السنديان.
في اللوحة، التي تذكّرنا إلى حدّ ما بـ فيرمير، نرى امرأة شابّة ترتدي ملابس ومجوهرات فاخرة وتتمتّع بأناقة غير عادية وتشيع ملامحها هالة من الاحترام والنبل. نوعية ملابس المرأة توحي بأنها فرنسية. وهي لا تجلس أمام خلفية مسطّحة ومحايدة، وإنما موضوعة في مكان واقعيّ وثلاثيّ الأبعاد ضمن توليف متوازن من الخطوط العمودية والأفقية والقطرية.
المرأة تنظر باتجاه المتلقّي مباشرة وبطريقة مشاكسة، رغم أن نظراتها تخفي أكثر مما تكشف. تعبيرات ونظرات المرأة توحي بأن شيئا أو شخصا ما خارج الإطار استولى على اهتمامها. والتعبيرات الماكرة تعزّزها هيئة العينين اللتين تنظران جانبيّا. وضع المرأة بهذه الطريقة المعمارية الدقيقة أراد من ورائه الرسّام إضفاء لمسة من الديناميكية والحيوية على الصورة.
القبّعة المستطيلة التي تعتمرها يبدو أنها كانت سائدة زمن الرسّام. ومع ذلك يندر وجود مثلها في اللوحات الأخرى التي رُسمت في ذلك العصر.
هذا البورتريه ابتاعته عائلة ميديتشي وضمّته إلى مجموعتها بعد أن أرفقته بسجلّ يصف اللوحة بأنها رسم لرأس سيّدة فرنسية تمّ تنفيذه بالألوان الزيتية. لكنّ السجلّ لا يذكر هويّة المرأة، وإنما يشير فقط إلى أن أهمّية اللوحة تكمن في مضمونها الجماليّ وليس في قيمتها التاريخية.
ولد بيتروس كريستوس في مدينة بارلودوك البلجيكية عام 1410، لكن لا يُعرف أين تلقّى تدريبه ولا أين قضى سنوات دراسته الأولى. ويقال انه زار ايطاليا في بداياته ودرس أعمال رسّاميها العظام وأن بعض زبائنه ممّن اشتروا بعض أعماله كانوا من الايطاليين.
في ما بعد استقرّ الرسّام في مدينة بْرُوج التي كانت مزدهرة اقتصاديا بعد سنوات من الاضطراب السياسي الذي شهدته ما بين عامي 1436 و1440م. كانت بْرُوج وقتها مكانا مفضّلا لإقامة الأمراء والنبلاء ورجال الأعمال المحليين والتجّار الأجانب ورجال المصارف الذين بدءوا في اجتذاب الرسّامين إلى المدينة.
وخلال وقت وجيز برز اسم كريستوس إلى الصدارة باعتباره رسّام بْرُوج الأوّل، خاصّة بعد وفاة فان آيك. وقد تعزّزت مكانته في مجتمع المدينة لدرجة انه كان يُدعى لحضور مناسبات كانت تقتصر عادة على الأمراء والارستقراطيين وعائلات الطبقة الرفيعة.
كان من عادة بيتروس كريستوس أن يضمّن كلّ لوحة من لوحاته علامة خاصّة على شكل قلب إلى جانب توقيعه. ولوحاته الموجودة اليوم لا يتجاوز عددها الثلاثين، خمس منها في متحف المتروبوليتان في نيويورك. لكن هذا البورتريه يظلّ أفضل وأشهر أعماله جميعا. وهو موجود اليوم في احد متاحف برلين.