الفرسان الثلاثة
للفنان الروسي فيكتور فاسنيتسوف، 1898
للفنان الروسي فيكتور فاسنيتسوف، 1898
للوهلة الأولى، قد لا تثير هذه اللوحة اهتمامك، وربّما ظننت أنها صورة عاديّة لثلاثة فرسان ينتظرون شيئا ما أو أنهم في طريقهم إلى مكان ما.
لكن اللوحة، وباتّفاق كثيرين، تُعتبر أشهر صورة في روسيا. وشعبيّتها لدى الروس كبيرة جدّا، بحيث لا يمكن أن تنافسها لوحة أخرى. وتأتي بعدها مباشرة من حيث الشعبية لوحة ايفان شيشكين الصّباح في غابة الصنوبر .
وموضوع اللوحة مستمدّ من ملحمة سلافية قديمة تتضمّن أساطير وقصصا ملحمية من القرون الوسطى، وتتحدّث عن فرسان روس عاشوا زمن فلاديمير الأوّل الذي كان ملكا على كييف في القرن الحادي عشر.
ومعظم بطولات هؤلاء الفرسان خيالية وتتناول قصص معاركهم مع عمالقة وحيوانات تنّين ومخلوقات أسطورية أخرى.
لكن الفرسان أنفسهم حقيقيون، وأشهرهم هؤلاء الثلاثة الذين يظهرون في اللوحة.
الأوّل في الوسط، واسمه ايليا، هو ابن فلاح صحا ذات يوم وأراد أن يفعل شيئا مفيدا. وقد اشتهر بقوّته الجسدية واستقامته.
والثاني إلى اليمين اسمه دوبرينيا، وهو ابن أمير ومشهور بذكائه وببراعته في الخطابة.
أما الفارس الثالث فاسمه ايليوشا، وهو ابن كاهن، وهو ليس فارسا فحسب، وإنما دبلوماسيّ وخطيب وموسيقيّ أيضا.
وإيليوشا هو الفارس المفضّل عند الملك فلاديمير حاكم السهوب الذي يلقّبه الناس بالشمس المشرقة.
والفرسان الثلاثة جميعهم مقاتلون شجعان وأقوياء، والفنّان لم يرسم شخصيّاتهم فقط، وإنما ميّز كلا منهم بحسب خلفيّته الاجتماعية والعائلية.
فالنسب الأميريّ لدوبرينيا، مثلا، واضح من هيئته، فسلاحه ثمين ومصنوع بعضه من الذهب. كما انه يوشّح صدره بترس من الفضّة، وغِمد سيفه مرصّع بالذهب، وحصانه مختلف عن حصاني زميليه.
أما إيليا فيأخذ هيئة الفلاحين، تفكيره عميق وحسّه متنبّه، ومغامراته البطولية تحكي عنها أشعار أشهر شعراء روسيا.
وأما إيليوشا، ابن الكاهن، فملابسه متواضعة نوعا ما. ولكونه ابن راهب، فليس من حقّه أن يرتدي الذهب.
والفرسان الثلاثة معروفون بإرادتهم القويّة وعزمهم على تحقيق النصر، وكلّ منهم يكمل ضعف الآخر ويؤدّي مهامّ مختلفة عن تلك التي يقوم بها زميلاه.
كما أنهم جميعا يحظون بمحبّة وإعجاب الناس. والفنّان لا يرسمهم في معركة أو أثناء قتال محتدم، وإنما بوضعيّة التأهّب والاستعداد لصدّ أيّ هجوم محتمل.
ورغم أن كلا من الثلاثة له مغامراته الخاصّة، إلا أنهم جميعا يدافعون عن ارض الوطن ويتعاطفون مع الفقراء ويحمون حدود روسيا من الغزاة.
ومن الواضح أن الثلاثة قطعوا مسافة طويلة قبل أن يصلوا إلى هنا، أي إلى ابعد نقطة على الحدود. والطبيعة التي وضع فيها الرسّام الفرسان بسيطة، وهي عبارة عن ارض عشبية تشبه السهل، مع أشجار وبعض التلال الخضراء.
ويُفترض أن الفرسان هم العيون الحذرة والمتيقّظة التي تحمي حدود السهوب من خطر جماعات البدو الذين دأبوا على إثارة المشاكل في تلك المناطق.
ووظيفة الفرسان هي تلقّي التقارير التي ترصد تحرّكات المتسلّلين ومن ثمّ إبلاغها للجنود الذين يكمنون في مكان ما خلفهم بين التلال.
لوحة الفرسان الثلاثة مألوفة لكلّ روسي، وقد استُنسخت في المناهج المدرسية، على أساس أنها تقدّم درسا في الوطنية يجب أن يتعلّمه كلّ تلميذ في روسيا.
كان الرسّام فيكتور فاسنيتسوف منذ طفولته يحبّ الحكايات الشعبية وقصص الملاحم الوطنية. وكان يجد أفكارا سامية ومثالية في تاريخ البلاد القديم، وكان يقدّر تلك الحكايات ويتأثّر بها. وقد أسرت رسوماته للأبطال الملحميين أجيالا متعاقبة من الروس.
بدأ فاسنيتسوف رسم هذه اللوحة عندما كان يقيم في منزل راعيه وصديقه الوجيه سافا مامونتوف. والخيول الظاهرة في اللوحة هي نماذج لخيول صديقه.
وقد اشتغل على اللوحة طوال تسعة عشر عاما، رغم أن الناظر إليها قد يظنّ انه رسمها بضربة فرشاة أو خلال ساعات على الأكثر.
ولد فاسنيتسوف لعائلة من الكهنة في إحدى قرى الريف الروسيّ. لكنه لم يصبح كاهنا كما كان يرغب والده. وقد بدأ يرسم وهو في سنّ مبكّرة. وكان لريف بلدته، بتلالها الخضراء وغاباتها الكثيفة وأنهارها وأوديتها الواسعة، وقع السحر في نفسه.
وفي مرحلة تالية، ذهب لدراسة الرسم في أكاديمية سان بطرسبورغ. وهناك تعرّف إلى ايليا ريبين وايفان كرامسكوي اللذين سيصبحان في ما بعد من أشهر رسّامي روسيا. وقد لمس أساتذة فاسنيتسوف ذكاءه وموهبته ودقّة ملاحظته فشجّعوه وساندوه.
لوحة "الفرسان الثلاثة" حصلت على وسام الشرف من متحف تريتيكوف. كما وُصفت بأنها إحدى أعظم اللوحات في تاريخ روسيا، فهي من ناحية تجسيد حيّ لأساطير الفرسان في الثقافة الروسية، كما أنها تعبّر بصدق عن قوّة الشعب وتثير في النفوس مشاعر الانتماء للأرض والولاء للوطن.
لكن اللوحة، وباتّفاق كثيرين، تُعتبر أشهر صورة في روسيا. وشعبيّتها لدى الروس كبيرة جدّا، بحيث لا يمكن أن تنافسها لوحة أخرى. وتأتي بعدها مباشرة من حيث الشعبية لوحة ايفان شيشكين الصّباح في غابة الصنوبر .
وموضوع اللوحة مستمدّ من ملحمة سلافية قديمة تتضمّن أساطير وقصصا ملحمية من القرون الوسطى، وتتحدّث عن فرسان روس عاشوا زمن فلاديمير الأوّل الذي كان ملكا على كييف في القرن الحادي عشر.
ومعظم بطولات هؤلاء الفرسان خيالية وتتناول قصص معاركهم مع عمالقة وحيوانات تنّين ومخلوقات أسطورية أخرى.
لكن الفرسان أنفسهم حقيقيون، وأشهرهم هؤلاء الثلاثة الذين يظهرون في اللوحة.
الأوّل في الوسط، واسمه ايليا، هو ابن فلاح صحا ذات يوم وأراد أن يفعل شيئا مفيدا. وقد اشتهر بقوّته الجسدية واستقامته.
والثاني إلى اليمين اسمه دوبرينيا، وهو ابن أمير ومشهور بذكائه وببراعته في الخطابة.
أما الفارس الثالث فاسمه ايليوشا، وهو ابن كاهن، وهو ليس فارسا فحسب، وإنما دبلوماسيّ وخطيب وموسيقيّ أيضا.
وإيليوشا هو الفارس المفضّل عند الملك فلاديمير حاكم السهوب الذي يلقّبه الناس بالشمس المشرقة.
والفرسان الثلاثة جميعهم مقاتلون شجعان وأقوياء، والفنّان لم يرسم شخصيّاتهم فقط، وإنما ميّز كلا منهم بحسب خلفيّته الاجتماعية والعائلية.
فالنسب الأميريّ لدوبرينيا، مثلا، واضح من هيئته، فسلاحه ثمين ومصنوع بعضه من الذهب. كما انه يوشّح صدره بترس من الفضّة، وغِمد سيفه مرصّع بالذهب، وحصانه مختلف عن حصاني زميليه.
أما إيليا فيأخذ هيئة الفلاحين، تفكيره عميق وحسّه متنبّه، ومغامراته البطولية تحكي عنها أشعار أشهر شعراء روسيا.
وأما إيليوشا، ابن الكاهن، فملابسه متواضعة نوعا ما. ولكونه ابن راهب، فليس من حقّه أن يرتدي الذهب.
والفرسان الثلاثة معروفون بإرادتهم القويّة وعزمهم على تحقيق النصر، وكلّ منهم يكمل ضعف الآخر ويؤدّي مهامّ مختلفة عن تلك التي يقوم بها زميلاه.
كما أنهم جميعا يحظون بمحبّة وإعجاب الناس. والفنّان لا يرسمهم في معركة أو أثناء قتال محتدم، وإنما بوضعيّة التأهّب والاستعداد لصدّ أيّ هجوم محتمل.
ورغم أن كلا من الثلاثة له مغامراته الخاصّة، إلا أنهم جميعا يدافعون عن ارض الوطن ويتعاطفون مع الفقراء ويحمون حدود روسيا من الغزاة.
ومن الواضح أن الثلاثة قطعوا مسافة طويلة قبل أن يصلوا إلى هنا، أي إلى ابعد نقطة على الحدود. والطبيعة التي وضع فيها الرسّام الفرسان بسيطة، وهي عبارة عن ارض عشبية تشبه السهل، مع أشجار وبعض التلال الخضراء.
ويُفترض أن الفرسان هم العيون الحذرة والمتيقّظة التي تحمي حدود السهوب من خطر جماعات البدو الذين دأبوا على إثارة المشاكل في تلك المناطق.
ووظيفة الفرسان هي تلقّي التقارير التي ترصد تحرّكات المتسلّلين ومن ثمّ إبلاغها للجنود الذين يكمنون في مكان ما خلفهم بين التلال.
لوحة الفرسان الثلاثة مألوفة لكلّ روسي، وقد استُنسخت في المناهج المدرسية، على أساس أنها تقدّم درسا في الوطنية يجب أن يتعلّمه كلّ تلميذ في روسيا.
كان الرسّام فيكتور فاسنيتسوف منذ طفولته يحبّ الحكايات الشعبية وقصص الملاحم الوطنية. وكان يجد أفكارا سامية ومثالية في تاريخ البلاد القديم، وكان يقدّر تلك الحكايات ويتأثّر بها. وقد أسرت رسوماته للأبطال الملحميين أجيالا متعاقبة من الروس.
بدأ فاسنيتسوف رسم هذه اللوحة عندما كان يقيم في منزل راعيه وصديقه الوجيه سافا مامونتوف. والخيول الظاهرة في اللوحة هي نماذج لخيول صديقه.
وقد اشتغل على اللوحة طوال تسعة عشر عاما، رغم أن الناظر إليها قد يظنّ انه رسمها بضربة فرشاة أو خلال ساعات على الأكثر.
ولد فاسنيتسوف لعائلة من الكهنة في إحدى قرى الريف الروسيّ. لكنه لم يصبح كاهنا كما كان يرغب والده. وقد بدأ يرسم وهو في سنّ مبكّرة. وكان لريف بلدته، بتلالها الخضراء وغاباتها الكثيفة وأنهارها وأوديتها الواسعة، وقع السحر في نفسه.
وفي مرحلة تالية، ذهب لدراسة الرسم في أكاديمية سان بطرسبورغ. وهناك تعرّف إلى ايليا ريبين وايفان كرامسكوي اللذين سيصبحان في ما بعد من أشهر رسّامي روسيا. وقد لمس أساتذة فاسنيتسوف ذكاءه وموهبته ودقّة ملاحظته فشجّعوه وساندوه.
لوحة "الفرسان الثلاثة" حصلت على وسام الشرف من متحف تريتيكوف. كما وُصفت بأنها إحدى أعظم اللوحات في تاريخ روسيا، فهي من ناحية تجسيد حيّ لأساطير الفرسان في الثقافة الروسية، كما أنها تعبّر بصدق عن قوّة الشعب وتثير في النفوس مشاعر الانتماء للأرض والولاء للوطن.