طبيعـة قمـريّة مع جسـر
للفنان الهولندي آرت فانـدر نيـر، 1648
للفنان الهولندي آرت فانـدر نيـر، 1648
المشاهد الليلية أمر مألوف في الرسم الغربيّ. ومعظم اللوحات التي تصوّر الليل كانت تتضمّن أفكارا دينية في الأساس وتستخدم ضوء القمر الخافت لخلق جوّ من الغموض والرهبة والقداسة.
ومن الواضح أن الرسّامين القدامى كانوا يجدون متعة كبيرة في رسم السماء الليلية في زمن لم تكن قد ظهرت فيه الأنوار الاصطناعية التي نعرفها اليوم. وربّما بسبب كثرة أضواء العالم اليوم، لم يعد الليل ملهما للرسّامين الآن ويندر أن تجد فنّانا يرسم طبيعة ليليّة.
بدايةً، هناك رمزية خاصّة لرسم المشاهد الليلية، فالألوان البنّية والرمادية والسوداء التي تغلب على هذا النوع من الرسم ترمز عادة للحزن أو الخوف أو الغموض أو الشرّ أو الموت أو الخرافة. أما ضوء القمر فيها فيرمز غالبا إلى الهداية والقداسة أو الأمل.
وفي بعض اللوحات الليليّة المرسومة قديما، نرى الحضور القويّ للألوان الرمادية التي تهيمن على المنظر مع لمحة بسيطة من لون دافئ يحيط بهالة لقمر مكتمل. وأحيانا ينعدم وجود تفاصيل في منطقة الظلّ، وكلّ ما نراه هو صورة ظلّية للمنازل والأشخاص أو القوارب المستقرّة على الماء.
وفي لوحات أخرى مثل رسومات الروسيّ ايفان ايفازوفسكي، يظهر القمر بضوء ذهبيّ بينما الماء والسماء والظلال تغرق كلّها في ظلال الألوان الزرقاء والخضراء التي لا تُظهِر سوى القليل من التفاصيل.
تقليد رسم السماء الليليّة بدأ في عصر النهضة، مع مناظر ليليّة متخيّلة من أحداث التاريخ أو القصص الدينية. وفي عصر الباروك، بدأ رسّامون مثل كارافاجيو وإل غريكو ورمبراندت وغيرهم تصوير مناظر ليليّة تُوظّف فيها قصص من صميم الحياة اليومية.
ومن أشهر الرسّامين الذين رسموا طبيعة ليليّة كلّ من جوزيف تيرنر وفان غوخ وبيتروس فان شندل وكاسبار فريدريش وايفازوفسكي وجورج دي لاتور وغيرهم.
وفي هولندا اشتهر الرسّام آرت فاندر نير الذي كان احد أهمّ رسّامي الطبيعة الليليّة في أوربّا القرن السابع عشر. كان هذا الرسّام متخصّصا في رسم مشاهد ليليّة مهيبة يضيئها ضوء القمر بطريقة غامضة، منعكسا على مياه نهر أو بحيرة هادئة ومصحوبا أحيانا بنار صغيرة مشتعلة.
وأعمال الرسّام في عمومها عبارة عن انطباعات بانورامية للطبيعة، حيث تبدو السماء والغيوم بألوان متعدّدة ولامعة. كما انه في لوحاته يحاول استكشاف التأثيرات المتغيّرة للضوء في أواخر المساء عندما يظهر منعكسا على الأنهار والبحيرات والمروج.
في لوحته الجميلة هذه، نرى الغيوم الكثيفة الداكنة في السماء وقد تباعدت عن بعضها لتكشف عن قمر مكتمل يرسل ضوءه إلى أسفل ويبدو منعكسا فوق مياه النهر الهادئ الذي يقسم القرية إلى نصفين.
وعلى الأرض، نرى انعكاسات ضوء القمر على نوافذ البيوت والأشجار، بينما يظهر في أقصى يمين المنظر امرأة ورجل يقفان بالقرب من بوّابة ومن جسر يوفّر ممرّا للناس الذي يعبرون إلى الجهة الأخرى.
اللوحة تُبرز مهارة فاندر نير الفريدة في جعل هذا المنظر الليليّ ينتج لمعانا أخّاذا ومدهشا وذلك بإضافة عدّة طبقات من الطلاء، وكذلك في إضفاء نوع من الشفافية التي تتيح للأشياء، حتى البعيدة، أن تظهر في الظلام مع تنويعات الألوان البنّية والرماديّة.
عُرف فاندر نير أيضا بلوحاته التي يصوّر فيها طبيعة ثلجية مع نهر أو قنال. وهي تشي بمعرفته بالقنوات والأنهار والغابات في هارلم وليدن التي يرسمها غالبا عند مغيب الشمس أو بعد حلول الظلام.
المعروف أن فاندر نير كان معاصرا لالبيرت كاب، وقد ربطتهما صداقة طويلة واشتركا معا في رسم أكثر من لوحة، وكان كلّ منهما يترك بصمته الخاصّة على الجانب الذي يرسمه.
لكن كاب كان أكثر شهرة، وكان من عادة فاندر نير أن يطلب مساعدة صديقه كي يضيف إلى مناظره صور أشخاص أو ماشية.
وعلى الرغم من أن لوحاته تُعتبر اليوم اقلّ قيمة من لوحات الكثير من معاصريه، إلا أنه يُعتبر من أكثر الرسّامين الذين تُقلَّد أعمالهم هذه الأيّام. ولوحاته ما تزال تحتفظ بسحرها الخاصّ، كما أن جامعي الأعمال الفنّية يبحثون عنها لاقتنائها.
ولد فاندر نير في عام 1604 في بلدة دوردريخت، وعمل في شبابه مضيفا في منزل احد أعيان بلدته قبل أن ينتقل إلى أمستردام.
ولا يُعرف أين درس الرسم أو على يد من، لكن أولى لوحاته تعود إلى عام 1632، وفيها يظهر تأثّره بأسلوب مدرسة هارلم في رسم الطبيعة.
والغريب أن فاندر نير في زمانه لم يكن احد ينافسه كرسّام لضوء القمر والليل في الفنّ الهولنديّ. ومع ذلك لم يكن قادرا على إعالة أسرته لأن رسوماته لم تكن تبيع جيّدا.
وعندما توفّي في أمستردام عام 1677 كان في حالة فقر وعوَز. وبعض لوحاته توجد اليوم في متحف المتروبوليتان في نيويورك وفي الناشيونال غاليري في لندن وكذلك في متحفي لاهاي وريكس الهولنديين.
ومن الواضح أن الرسّامين القدامى كانوا يجدون متعة كبيرة في رسم السماء الليلية في زمن لم تكن قد ظهرت فيه الأنوار الاصطناعية التي نعرفها اليوم. وربّما بسبب كثرة أضواء العالم اليوم، لم يعد الليل ملهما للرسّامين الآن ويندر أن تجد فنّانا يرسم طبيعة ليليّة.
بدايةً، هناك رمزية خاصّة لرسم المشاهد الليلية، فالألوان البنّية والرمادية والسوداء التي تغلب على هذا النوع من الرسم ترمز عادة للحزن أو الخوف أو الغموض أو الشرّ أو الموت أو الخرافة. أما ضوء القمر فيها فيرمز غالبا إلى الهداية والقداسة أو الأمل.
وفي بعض اللوحات الليليّة المرسومة قديما، نرى الحضور القويّ للألوان الرمادية التي تهيمن على المنظر مع لمحة بسيطة من لون دافئ يحيط بهالة لقمر مكتمل. وأحيانا ينعدم وجود تفاصيل في منطقة الظلّ، وكلّ ما نراه هو صورة ظلّية للمنازل والأشخاص أو القوارب المستقرّة على الماء.
وفي لوحات أخرى مثل رسومات الروسيّ ايفان ايفازوفسكي، يظهر القمر بضوء ذهبيّ بينما الماء والسماء والظلال تغرق كلّها في ظلال الألوان الزرقاء والخضراء التي لا تُظهِر سوى القليل من التفاصيل.
تقليد رسم السماء الليليّة بدأ في عصر النهضة، مع مناظر ليليّة متخيّلة من أحداث التاريخ أو القصص الدينية. وفي عصر الباروك، بدأ رسّامون مثل كارافاجيو وإل غريكو ورمبراندت وغيرهم تصوير مناظر ليليّة تُوظّف فيها قصص من صميم الحياة اليومية.
ومن أشهر الرسّامين الذين رسموا طبيعة ليليّة كلّ من جوزيف تيرنر وفان غوخ وبيتروس فان شندل وكاسبار فريدريش وايفازوفسكي وجورج دي لاتور وغيرهم.
وفي هولندا اشتهر الرسّام آرت فاندر نير الذي كان احد أهمّ رسّامي الطبيعة الليليّة في أوربّا القرن السابع عشر. كان هذا الرسّام متخصّصا في رسم مشاهد ليليّة مهيبة يضيئها ضوء القمر بطريقة غامضة، منعكسا على مياه نهر أو بحيرة هادئة ومصحوبا أحيانا بنار صغيرة مشتعلة.
وأعمال الرسّام في عمومها عبارة عن انطباعات بانورامية للطبيعة، حيث تبدو السماء والغيوم بألوان متعدّدة ولامعة. كما انه في لوحاته يحاول استكشاف التأثيرات المتغيّرة للضوء في أواخر المساء عندما يظهر منعكسا على الأنهار والبحيرات والمروج.
في لوحته الجميلة هذه، نرى الغيوم الكثيفة الداكنة في السماء وقد تباعدت عن بعضها لتكشف عن قمر مكتمل يرسل ضوءه إلى أسفل ويبدو منعكسا فوق مياه النهر الهادئ الذي يقسم القرية إلى نصفين.
وعلى الأرض، نرى انعكاسات ضوء القمر على نوافذ البيوت والأشجار، بينما يظهر في أقصى يمين المنظر امرأة ورجل يقفان بالقرب من بوّابة ومن جسر يوفّر ممرّا للناس الذي يعبرون إلى الجهة الأخرى.
اللوحة تُبرز مهارة فاندر نير الفريدة في جعل هذا المنظر الليليّ ينتج لمعانا أخّاذا ومدهشا وذلك بإضافة عدّة طبقات من الطلاء، وكذلك في إضفاء نوع من الشفافية التي تتيح للأشياء، حتى البعيدة، أن تظهر في الظلام مع تنويعات الألوان البنّية والرماديّة.
عُرف فاندر نير أيضا بلوحاته التي يصوّر فيها طبيعة ثلجية مع نهر أو قنال. وهي تشي بمعرفته بالقنوات والأنهار والغابات في هارلم وليدن التي يرسمها غالبا عند مغيب الشمس أو بعد حلول الظلام.
المعروف أن فاندر نير كان معاصرا لالبيرت كاب، وقد ربطتهما صداقة طويلة واشتركا معا في رسم أكثر من لوحة، وكان كلّ منهما يترك بصمته الخاصّة على الجانب الذي يرسمه.
لكن كاب كان أكثر شهرة، وكان من عادة فاندر نير أن يطلب مساعدة صديقه كي يضيف إلى مناظره صور أشخاص أو ماشية.
وعلى الرغم من أن لوحاته تُعتبر اليوم اقلّ قيمة من لوحات الكثير من معاصريه، إلا أنه يُعتبر من أكثر الرسّامين الذين تُقلَّد أعمالهم هذه الأيّام. ولوحاته ما تزال تحتفظ بسحرها الخاصّ، كما أن جامعي الأعمال الفنّية يبحثون عنها لاقتنائها.
ولد فاندر نير في عام 1604 في بلدة دوردريخت، وعمل في شبابه مضيفا في منزل احد أعيان بلدته قبل أن ينتقل إلى أمستردام.
ولا يُعرف أين درس الرسم أو على يد من، لكن أولى لوحاته تعود إلى عام 1632، وفيها يظهر تأثّره بأسلوب مدرسة هارلم في رسم الطبيعة.
والغريب أن فاندر نير في زمانه لم يكن احد ينافسه كرسّام لضوء القمر والليل في الفنّ الهولنديّ. ومع ذلك لم يكن قادرا على إعالة أسرته لأن رسوماته لم تكن تبيع جيّدا.
وعندما توفّي في أمستردام عام 1677 كان في حالة فقر وعوَز. وبعض لوحاته توجد اليوم في متحف المتروبوليتان في نيويورك وفي الناشيونال غاليري في لندن وكذلك في متحفي لاهاي وريكس الهولنديين.