اوغولينو وأبناؤه
للفنان الفرنسي جان باتيست كاربيو، 1865
للفنان الفرنسي جان باتيست كاربيو، 1865
هذه المنحوتة مقتبَسة من مقطع يصف فيه دانتي قصّة سجن الكونت اوغولينو ديلا جيرارديسكا وأبنائه الأربعة في عام 1288 ثم موتهم جوعا.
كان الكونت اوغولينو نبيلا ايطاليّا وسياسيّا وقائدا بحريّا. وقد اتّهم مرارا بالخيانة العظمى، واجتذبت شخصيّته اهتمام الناس ومخاوفهم خلال الجزء الثاني من القرن التاسع عشر.
والمعلومات عن قصّته قليلة ومتضاربة. ويرجّح أنها اشتهرت بسبب الإشارة إليها في الكوميديا الإلهية.
وقد ذكرها أيضا عدد من الأدباء الآخرين مثل تشوسر وبيرسي شيللي والشاعر شيموس هيني والروائي خوسيه ساراماغو. ورسم القصّة فنّانون كثر من أشهرهم وليم بليك وهنري فوسيلي والنحّات اوغست رودان.
في القرن الثالث عشر، كانت ايطاليا تشهد صراعا عنيفا بين حزبين رئيسيين، أحدهما يدعم سلطة الإمبراطور والثاني يدعم سلطة البابا.
واوغولينو كان من عائلة نبيلة يعود أصلها إلى ألمانيا ومعروفة بتحالفها مع الإمبراطور. وقد أثار غضب الناس بتزويج شقيقته من جيوفاني فيسكونتي ثمّ أعلن ولاءه للأخير ضدّ رغبة سكّان مدينته.
وبعد تمرّد في المدينة، قُبض عليه هو وصهره واتُهما بتدبير مؤامرة وحُكم عليهما بالسجن. وبعد ذلك بفترة قصيرة، توفّي صهره جيوفاني في السجن، بينما أطلق سراح اوغولينو بعد أن انتهى خطره، ثم اُرسل إلى المنفى.
وفي المنفى بدأ يخطّط ثانية مع حكّام فلورنسا ولوكا ضدّ مدينته ومسقط رأسه. وفي ما بعد هاجم مدينته ثم اجبرها على توقيع اتفاق سلام بشروط مذلّة. وبعد أن دخل المدينة أجبر عائلاتها الثريّة على مغادرتها ثم قام بتدمير قصورهم وأعلن نفسه حاكما على المدينة.
لكن في النهاية قُبض عليه مع أبنائه الأربعة مختبئين في برج. وفي عام 1289 أمر حاكم المدينة بإلقاء مفاتيح البرج في نهر ارنو وترك المساجين الخمسة ليموتوا جوعا.
ويقال أن أبناءه ماتوا قبله وكان هو آخر من بقي وأنه، بدافع الجوع، اضطرّ لأكل لحومهم. وفي ما بعد دُفنت جثثهم جميعا في إحدى الكنائس.
دانتي ذكر القصّة في الكوميديا الإلهية وأشار إلى أنه عندما التقى اوغولينو في الجحيم، سمع منه كيف انه كان يعضّ أصابعه ندما ويأسا، بينما كان أبناؤه يظنّون انه جائع ويعرضون عليه أجسادهم كي يطفئ جوعه من لحومهم.
ويورد دانتي أبياتا على لسان اوغولينو يقول فيها: عندما عرفت مظهري في الوجوه الأربعة، رفعت يديّ في حزن. وبينما أبنائي يظنّون أني جائع قالوا صائحين: يا أبانا لن نجزع إن أكلتنا".
وفي آخر تلك الأبيات يترك دانتي للقارئ تخيّل ما الذي حصل بعد ذلك، إذ يقول: ثم ثبت أن الجوع أكثر سطوة من الحزن".
وقد عاقب دانتي اوغولينو بوضعه في حجرة من الثلج في المستوى الثاني من الجحيم، وهو مكان محجوز لخونة أقاربهم وأوطانهم والمحسنين إليهم. والغريب أن الشاعر وضع معه في نفس الغرفة قاتله، أي حاكم المدينة الذي أمر بحبسه ومنع عنه وعن أبنائه الطعام حتى الموت.
النحّات جان باتيست كاربيو في هذا التمثال يصوّر لحظة الحكم على الرجل وأبنائه بالموت جوعا. وفي التمثال يبدو اوغولينو بطلا من العصر الرومانسي، ذقنه يستند إلى يده في تفكير حزين، يحيط به أبناؤه الأربعة.
كان كاربيو نحّاتا بارزا وكان متخصّصا في النحت الأكاديمي للقرن التاسع عشر. وتوليفه هنا يعكس تقديره لميكيل انجيلو وكذلك اهتمامه الكبير بالواقعية التشريحية. وقد صُنع التمثال من الجبس في فيللا ميدتشي في روما في عام 1865، وهو آخر عام من إقامة النحّات في الأكاديمية الفرنسية في روما.
هذا العمل يُعتبر شاهدا على براعة كاربيو وكان سببا في شهرته السريعة. وعند عرضه، لفت التمثال أنظار النقّاد والناس وشجّع العديدين على تكليفه بأعمال أخرى. وعندما عاد إلى فرنسا كلّفته وزارة الثقافة الفرنسية بصبّ التمثال من البرونز، ثم عُرض في صالون باريس عام 1863 قبل أن يُنقل بعد ذلك ليُعرض في حدائق تويلاري.
القصّة المأساوية لاوغولينو وأبنائه راجت كثيرا في الأدب والشعر والفنّ. لكنّ العلماء اليوم، واعتمادا على نتائج الحفريات التي أجريت في مقبرة العائلة، يشكّكون كثيرا في قصّة أكل الرجل للحم أبنائه في أيّامه الأخيرة ويعتبرون ذلك ضربا من الخرافة.
كان الكونت اوغولينو نبيلا ايطاليّا وسياسيّا وقائدا بحريّا. وقد اتّهم مرارا بالخيانة العظمى، واجتذبت شخصيّته اهتمام الناس ومخاوفهم خلال الجزء الثاني من القرن التاسع عشر.
والمعلومات عن قصّته قليلة ومتضاربة. ويرجّح أنها اشتهرت بسبب الإشارة إليها في الكوميديا الإلهية.
وقد ذكرها أيضا عدد من الأدباء الآخرين مثل تشوسر وبيرسي شيللي والشاعر شيموس هيني والروائي خوسيه ساراماغو. ورسم القصّة فنّانون كثر من أشهرهم وليم بليك وهنري فوسيلي والنحّات اوغست رودان.
في القرن الثالث عشر، كانت ايطاليا تشهد صراعا عنيفا بين حزبين رئيسيين، أحدهما يدعم سلطة الإمبراطور والثاني يدعم سلطة البابا.
واوغولينو كان من عائلة نبيلة يعود أصلها إلى ألمانيا ومعروفة بتحالفها مع الإمبراطور. وقد أثار غضب الناس بتزويج شقيقته من جيوفاني فيسكونتي ثمّ أعلن ولاءه للأخير ضدّ رغبة سكّان مدينته.
وبعد تمرّد في المدينة، قُبض عليه هو وصهره واتُهما بتدبير مؤامرة وحُكم عليهما بالسجن. وبعد ذلك بفترة قصيرة، توفّي صهره جيوفاني في السجن، بينما أطلق سراح اوغولينو بعد أن انتهى خطره، ثم اُرسل إلى المنفى.
وفي المنفى بدأ يخطّط ثانية مع حكّام فلورنسا ولوكا ضدّ مدينته ومسقط رأسه. وفي ما بعد هاجم مدينته ثم اجبرها على توقيع اتفاق سلام بشروط مذلّة. وبعد أن دخل المدينة أجبر عائلاتها الثريّة على مغادرتها ثم قام بتدمير قصورهم وأعلن نفسه حاكما على المدينة.
لكن في النهاية قُبض عليه مع أبنائه الأربعة مختبئين في برج. وفي عام 1289 أمر حاكم المدينة بإلقاء مفاتيح البرج في نهر ارنو وترك المساجين الخمسة ليموتوا جوعا.
ويقال أن أبناءه ماتوا قبله وكان هو آخر من بقي وأنه، بدافع الجوع، اضطرّ لأكل لحومهم. وفي ما بعد دُفنت جثثهم جميعا في إحدى الكنائس.
دانتي ذكر القصّة في الكوميديا الإلهية وأشار إلى أنه عندما التقى اوغولينو في الجحيم، سمع منه كيف انه كان يعضّ أصابعه ندما ويأسا، بينما كان أبناؤه يظنّون انه جائع ويعرضون عليه أجسادهم كي يطفئ جوعه من لحومهم.
ويورد دانتي أبياتا على لسان اوغولينو يقول فيها: عندما عرفت مظهري في الوجوه الأربعة، رفعت يديّ في حزن. وبينما أبنائي يظنّون أني جائع قالوا صائحين: يا أبانا لن نجزع إن أكلتنا".
وفي آخر تلك الأبيات يترك دانتي للقارئ تخيّل ما الذي حصل بعد ذلك، إذ يقول: ثم ثبت أن الجوع أكثر سطوة من الحزن".
وقد عاقب دانتي اوغولينو بوضعه في حجرة من الثلج في المستوى الثاني من الجحيم، وهو مكان محجوز لخونة أقاربهم وأوطانهم والمحسنين إليهم. والغريب أن الشاعر وضع معه في نفس الغرفة قاتله، أي حاكم المدينة الذي أمر بحبسه ومنع عنه وعن أبنائه الطعام حتى الموت.
النحّات جان باتيست كاربيو في هذا التمثال يصوّر لحظة الحكم على الرجل وأبنائه بالموت جوعا. وفي التمثال يبدو اوغولينو بطلا من العصر الرومانسي، ذقنه يستند إلى يده في تفكير حزين، يحيط به أبناؤه الأربعة.
كان كاربيو نحّاتا بارزا وكان متخصّصا في النحت الأكاديمي للقرن التاسع عشر. وتوليفه هنا يعكس تقديره لميكيل انجيلو وكذلك اهتمامه الكبير بالواقعية التشريحية. وقد صُنع التمثال من الجبس في فيللا ميدتشي في روما في عام 1865، وهو آخر عام من إقامة النحّات في الأكاديمية الفرنسية في روما.
هذا العمل يُعتبر شاهدا على براعة كاربيو وكان سببا في شهرته السريعة. وعند عرضه، لفت التمثال أنظار النقّاد والناس وشجّع العديدين على تكليفه بأعمال أخرى. وعندما عاد إلى فرنسا كلّفته وزارة الثقافة الفرنسية بصبّ التمثال من البرونز، ثم عُرض في صالون باريس عام 1863 قبل أن يُنقل بعد ذلك ليُعرض في حدائق تويلاري.
القصّة المأساوية لاوغولينو وأبنائه راجت كثيرا في الأدب والشعر والفنّ. لكنّ العلماء اليوم، واعتمادا على نتائج الحفريات التي أجريت في مقبرة العائلة، يشكّكون كثيرا في قصّة أكل الرجل للحم أبنائه في أيّامه الأخيرة ويعتبرون ذلك ضربا من الخرافة.