غرفة معيشة في الريف
للفنان الفرنسي بيـير بـونـار، 1913
للفنان الفرنسي بيـير بـونـار، 1913
يُعتبر بيير بونار واحدا من أعظم الملوّنين في الرسم الحديث. وقد تميّز بمناظره المنزلية الحميمة والمضاءة بنور الشمس.
ومواضيع لوحاته بسيطة. لكن طريقته في تصوير هذه الأفكار المألوفة، مثل طاولة محمّلة بالفاكهة أو طبيعة تغسلها الشمس، تُظهر انه كان احد ابرع الرسّامين الكبار في عصره.
ولوحات بونار توصل إحساسا بأماكن ممنوعة. تتمعّن في تفاصيل بعضها فيُخيّل إليك أنك تمشي وسط أماكن خاصّة وحميمية.
والعلاقة بين الأشياء والأشخاص في صوره تبدو متوتّرة وغير مريحة، ربّما بسبب ميله للتلاعب بقواعد المنظور والنسب.
وهو يعبّر عن تجربته الفنّية من خلال اللون. واللون في لوحاته، لا المضمون الوصفيّ، هو الموضوع وهو الوسيلة التي ندخل من خلالها إلى اللوحة.
كان بونار صاحب مزاج هادئ، هذا ما يقوله عنه معارفه والذين أرّخوا لحياته. كما كان مستقلا ومتحرّرا من ضغوط وتوتّرات الظروف التي عاش فيها.
في العام 1912، تخلّى الرسّام عن بيته القديم في النورماندي واختار أن ينتقل إلى الجنوب. وهناك، في احدى البلدات الريفية الصغيرة التي سحره ضوئها والخصائص المتموّجة لطبيعتها النهرية، اشترى منزلا أسماه "القافلة".
في هذه اللوحة، يرسم بونار غرفة الطعام في المنزل مع القطّة وهي تلعب على الكرسي. كما يرسم زوجته مارثا التي تقف عند طرف النافذة.
الطبقات الخفيفة من الأصفر والبنفسجيّ في المنظر تكشف عن سمة اساسية وعنصر مهمّ في أسلوب بونار الفنّي، ألا وهو اكتشافه لمنطقة جنوب فرنسا وضوئها المختلف جدّا.
وقد عاش في ذلك المنزل عشرين عاما برفقة مارثا، ثم لوحده بعد وفاتها عام 1942 وإلى أن توفّي بعد ذلك بخمس سنوات.
الاسم الذي اختاره لبيته، أي القافلة، بالإضافة إلى هذه الصورة، يتضمّنان السمات المتغيّرة والسريعة الزوال التي يضفيها ضوء الشمس على عالم الطبيعة عندما ينعكس عليها.
وقد رسم بونار الشرفات والحديقة وكلّ غرفة من غرف البيت، بالإضافة إلى مارثا التي رسمها من كلّ زاوية تقريبا. منظر وضوء البيت كان يفتنه. كانت ألوانه بمنتهى النشاط والحيوية، خاصّة مع اشتداد وهج شمس منتصف النهار.
كان بونار ينزع نحو استثارة الإحساس بالفراغ، وليس التفاصيل التي يرسمها. وهو هنا في هذه اللوحة مهتمّ باستكشاف تنوّع الأشياء وتفاعلها مع مجال الصورة. وواضح أيضا أنه يركّز على الخصائص التعبيرية للألوان الساطعة وضربات الفرشاة الفضفاضة.
كانت عينا هذا الرسّام مدرّبتين، خاصّة، على الإحساس بالجمال، ليس من خلال الإدراك المباشر للموضوع، وإنّما من خلال الجوّ الذي يحتوي كلّ شيء، من شخص إنسان مع حديقة ومنظر، إلى لمعان ديكور بسيط ولكن مرتّب بعناية مع كراسي وطاولات.
وكان ينقل إلى القماش نمطا من الشكل واللون الذي يسمو بالمنظر وبتفاصيله من الهويّة المادّية إلى مجال الشعر الغنائي. وكان يجمع من تفاعل الضوء واللون عناصر إحساس جديد ومتطوّر بجمال الأشياء المحيطة.
ومثل سيزان، كان بونار مفتونا بحيل المنظور. في غرفة الطعام هذه، وظّف مستويات عديدة من المنظور. كما نوّع في الألوان، من الدافئة إلى الباردة.
لوحته هذه يمكن اعتبارها تجسيدا لسمات أسلوبه الشخصيّ الذي عُرف به ولفت انتباه أهمّ النقّاد في باريس. لاحظ مثلا كيف أن الامتداد الطبيعي في اللوحة هو صورة كاملة بحدّ ذاته، رغم انه لا يشغل سوى اقلّ من نصف مساحتها.
ولاحظ أيضا المناطق الواسعة التي خصّصها للأسطح غير المزخرفة للباب والطاولة، عاكسةً بهدوء الحرارة والضوء من الخارج.
كان بونار بطبيعته منجذبا إلى موتيفات محدّدة مثل النافذة والمرآة. وبعض المرايا في لوحاته تعكس خلفيّة وجانبي الغرفة. وألوانه الساطعة متجانبة، تماما كما في الموزاييك.
وهناك من يرى أن مصادر إلهام هذا الفنّان لم تكن ثورية حقّا، مع أنه لم يكن يعيد إنتاج الواقع حرفيّا، بل يبنيه ويبتكره من جديد في محترفه.
كان بونار يمزج بين أساليب فنّية مختلفة، ما مكّنه من انتاج أعمال ذات حرفية عالية وألوان رائعة. وقد استعار عدّة أشياء من الانطباعيين والوحوشيين، وتأثّر بماتيس.
كما أن في لوحاته شيئا من حدّة ديغا ولمعان وشاعرية روثكو. وأيضا يمكن ملاحظة آثار الحفر اليابانية الواضحة في رسوماته، تماما كما كان لها تأثيرها على جماعة "الأنبياء" التي كان منتسبا إليها.
ولد بيير بونار في أكتوبر من عام 1867. ومنذ صغره، كان يرسم الغرف التي يسكن فيها وجدران الحدائق. وغالبا ما كان يرسم من ذاكرته بمساعدة الاسكتشات والألوان المائية.
درس الرسّام في شبابه الأدب الكلاسيكي ثمّ القانون بناءً على نصيحة والده. وفي ما بعد عمل في وظيفة حكومية مؤقّتة. وكان في الوقت نفسه يحضر دروسا في الرسم بكلّية الفنون الجميلة. وكان من زملائه الذين عاصروه رسّامون مشهورون مثل موريس دونيه وفيليكس فالوتون وإدوار فويار وغيرهم.
ومواضيع لوحاته بسيطة. لكن طريقته في تصوير هذه الأفكار المألوفة، مثل طاولة محمّلة بالفاكهة أو طبيعة تغسلها الشمس، تُظهر انه كان احد ابرع الرسّامين الكبار في عصره.
ولوحات بونار توصل إحساسا بأماكن ممنوعة. تتمعّن في تفاصيل بعضها فيُخيّل إليك أنك تمشي وسط أماكن خاصّة وحميمية.
والعلاقة بين الأشياء والأشخاص في صوره تبدو متوتّرة وغير مريحة، ربّما بسبب ميله للتلاعب بقواعد المنظور والنسب.
وهو يعبّر عن تجربته الفنّية من خلال اللون. واللون في لوحاته، لا المضمون الوصفيّ، هو الموضوع وهو الوسيلة التي ندخل من خلالها إلى اللوحة.
كان بونار صاحب مزاج هادئ، هذا ما يقوله عنه معارفه والذين أرّخوا لحياته. كما كان مستقلا ومتحرّرا من ضغوط وتوتّرات الظروف التي عاش فيها.
في العام 1912، تخلّى الرسّام عن بيته القديم في النورماندي واختار أن ينتقل إلى الجنوب. وهناك، في احدى البلدات الريفية الصغيرة التي سحره ضوئها والخصائص المتموّجة لطبيعتها النهرية، اشترى منزلا أسماه "القافلة".
في هذه اللوحة، يرسم بونار غرفة الطعام في المنزل مع القطّة وهي تلعب على الكرسي. كما يرسم زوجته مارثا التي تقف عند طرف النافذة.
الطبقات الخفيفة من الأصفر والبنفسجيّ في المنظر تكشف عن سمة اساسية وعنصر مهمّ في أسلوب بونار الفنّي، ألا وهو اكتشافه لمنطقة جنوب فرنسا وضوئها المختلف جدّا.
وقد عاش في ذلك المنزل عشرين عاما برفقة مارثا، ثم لوحده بعد وفاتها عام 1942 وإلى أن توفّي بعد ذلك بخمس سنوات.
الاسم الذي اختاره لبيته، أي القافلة، بالإضافة إلى هذه الصورة، يتضمّنان السمات المتغيّرة والسريعة الزوال التي يضفيها ضوء الشمس على عالم الطبيعة عندما ينعكس عليها.
وقد رسم بونار الشرفات والحديقة وكلّ غرفة من غرف البيت، بالإضافة إلى مارثا التي رسمها من كلّ زاوية تقريبا. منظر وضوء البيت كان يفتنه. كانت ألوانه بمنتهى النشاط والحيوية، خاصّة مع اشتداد وهج شمس منتصف النهار.
كان بونار ينزع نحو استثارة الإحساس بالفراغ، وليس التفاصيل التي يرسمها. وهو هنا في هذه اللوحة مهتمّ باستكشاف تنوّع الأشياء وتفاعلها مع مجال الصورة. وواضح أيضا أنه يركّز على الخصائص التعبيرية للألوان الساطعة وضربات الفرشاة الفضفاضة.
كانت عينا هذا الرسّام مدرّبتين، خاصّة، على الإحساس بالجمال، ليس من خلال الإدراك المباشر للموضوع، وإنّما من خلال الجوّ الذي يحتوي كلّ شيء، من شخص إنسان مع حديقة ومنظر، إلى لمعان ديكور بسيط ولكن مرتّب بعناية مع كراسي وطاولات.
وكان ينقل إلى القماش نمطا من الشكل واللون الذي يسمو بالمنظر وبتفاصيله من الهويّة المادّية إلى مجال الشعر الغنائي. وكان يجمع من تفاعل الضوء واللون عناصر إحساس جديد ومتطوّر بجمال الأشياء المحيطة.
ومثل سيزان، كان بونار مفتونا بحيل المنظور. في غرفة الطعام هذه، وظّف مستويات عديدة من المنظور. كما نوّع في الألوان، من الدافئة إلى الباردة.
لوحته هذه يمكن اعتبارها تجسيدا لسمات أسلوبه الشخصيّ الذي عُرف به ولفت انتباه أهمّ النقّاد في باريس. لاحظ مثلا كيف أن الامتداد الطبيعي في اللوحة هو صورة كاملة بحدّ ذاته، رغم انه لا يشغل سوى اقلّ من نصف مساحتها.
ولاحظ أيضا المناطق الواسعة التي خصّصها للأسطح غير المزخرفة للباب والطاولة، عاكسةً بهدوء الحرارة والضوء من الخارج.
كان بونار بطبيعته منجذبا إلى موتيفات محدّدة مثل النافذة والمرآة. وبعض المرايا في لوحاته تعكس خلفيّة وجانبي الغرفة. وألوانه الساطعة متجانبة، تماما كما في الموزاييك.
وهناك من يرى أن مصادر إلهام هذا الفنّان لم تكن ثورية حقّا، مع أنه لم يكن يعيد إنتاج الواقع حرفيّا، بل يبنيه ويبتكره من جديد في محترفه.
كان بونار يمزج بين أساليب فنّية مختلفة، ما مكّنه من انتاج أعمال ذات حرفية عالية وألوان رائعة. وقد استعار عدّة أشياء من الانطباعيين والوحوشيين، وتأثّر بماتيس.
كما أن في لوحاته شيئا من حدّة ديغا ولمعان وشاعرية روثكو. وأيضا يمكن ملاحظة آثار الحفر اليابانية الواضحة في رسوماته، تماما كما كان لها تأثيرها على جماعة "الأنبياء" التي كان منتسبا إليها.
ولد بيير بونار في أكتوبر من عام 1867. ومنذ صغره، كان يرسم الغرف التي يسكن فيها وجدران الحدائق. وغالبا ما كان يرسم من ذاكرته بمساعدة الاسكتشات والألوان المائية.
درس الرسّام في شبابه الأدب الكلاسيكي ثمّ القانون بناءً على نصيحة والده. وفي ما بعد عمل في وظيفة حكومية مؤقّتة. وكان في الوقت نفسه يحضر دروسا في الرسم بكلّية الفنون الجميلة. وكان من زملائه الذين عاصروه رسّامون مشهورون مثل موريس دونيه وفيليكس فالوتون وإدوار فويار وغيرهم.