تمثـال هيـرمـافـرودايـت النـائمـة
القرن الثاني الميلادي
القرن الثاني الميلادي
في الأساطير اليونانية، كان هيرمافرودايت ابنا لهيرميس وأفرودايت. وقد امتزج جسده بجسد سالميسيس حورية الماء فأنتجا مخلوقا خنثويّا "أي نصفه ذكر ونصفه الآخر أنثى" هو هيرمافرودايت.
أفرودايت كان لها قصص حبّ عديدة مع الآلهة. فقد تزوّجت من هيفيستوس إله النار والمعادن، ولكنها في ما بعد ضُبطت متلبّسة بالنوم مع آريس إله الحرب. وكانت قائمة عشّاقها تتضمّن كلا من ديونيسوس "أو باخوس" إله الخمر وهيرميس إله السفر والتجارة الذي أنجبت منه هيرمافرودايت.
في هذا التمثال الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، نرى هذا الكائن ذا المظهر الأنثوي، أي هيرمافرودايت، وهو مستند إلى أريكة ومستغرق في نوم عميق. وضع الاستلقاء هذا مقتبس إلى حدّ ما من الصور القديمة المرسومة لفينوس ولغيرها من الإناث العاريات. الأرداف المكشوفة والوركان المستديران تدعونا لنتجوّل حولها ونلمح جانبا من جمالها.
عندما تنظر إلى التمثال من الخلف، ستظنّ انك أمام شخصية امرأة. لكن هذا الشعور سرعان ما يتبدّد عندما تنظر إلى التمثال من الأمام وتلمح عضوه الذكري.
طبيعة هيرمافرودايت المتشكّلة من مزيج من ملامح الذكر والأنثى كانت موضوعا شعبيّا في الفنّ منذ حوالي عام مائة قبل الميلاد. وفي حين أن الجسد المكشوف يوفّر للمتلقي فرصة للتلصّص واستراق النظر، فإن طبيعته الجنسية المختلطة تثير أسئلة معمّقة حول ماهيّة الرغبة والإثارة وتشير إلى الازدواجية الجنسية والاتحاد المقدّس بين الرجل والمرأة.
عُثر على هذا التمثال عام 1608 عندما كان عمّال يحفرون لوضع أساسات كنيسة سانتا ماريا ديلا فيتوريا في روما. وهو نسخة رومانية من تمثال إغريقي من البرونز يعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وعندما علم الكاردينال سيبيوني بورغيزي ابن شقيق البابا بولس الخامس بهذا الاكتشاف، ذهب إلى موقع الحفر وأمر بجلب التمثال إلى بيته في فيللا بورغيزي حيث خصّص له هناك غرفة خاصّة على مقاسه.
وبعد سنوات، عهد بورغيزي إلى النحّات المشهور جيان لورنزو بيرنيني بمهمّة نحت فراش نوم من الرخام للتمثال. الفراش الوثير الذي نحته بيرنيني كي تنام عليه الخنثى العارية واقعيّ جدّا، لدرجة أن زوّار متحف اللوفر، حيث يوجد التمثال اليوم، يتفحّصون الفراش بأيديهم ظنّا منهم انه مصنوع من الحرير الطبيعي.
وفي عام 1807، اشترى هذا التمثال مع العديد من القطع الأخرى من مجموعة بورغيزي النبيل برينسيبي كاميلو بورغيزي الذي كان متزوّجا من بولين بونابرت. ثم نُقل التمثال إلى متحف اللوفر حيث ظلّ هناك حتى اليوم. وفي عام 1863، ألهم التمثال الشاعر والمسرحيّ الانجليزي تشارلز سوينبيرن كتابة قصيدة مشهورة بعنوان هيرمافرودايت.
في الأساطير اليونانية لم تُعط هيرمافرودايت الكثير من الأهمية حتى الحقبة الهلنستية. ويُرجّح أن فكرة هذه الكائنات ذات الخصائص الذكورية والأنثوية المختلطة جاءت إلى الإغريق من الشرق عن طريق قبرص.
المعروف أن اوفيد هو أوّل من أشار إلى هيرمافرودايت في كتابه "التحوّلات"، إذ يحكي قصّة الحورية سالميسيس مع الشابّ الجميل الذي وقعت في حبّه. ثم يذكر انه كان لهذه الحورية نافورة ذات تأثير سحريّ رهيب تقع بالقرب من ضريح هاليكارناسوس في عاصمة كاريا في آسيا الصغرى. ويقال إن كلّ من يشرب من ماء النافورة يصبح ضعيفا ويتحوّل مع مرور الأيام إلى خنثى. ويبدو أن اوفيد يجعل سبب الخنوثة كامنا في الماء أو الهواء، في حين يذهب المؤرّخ سترابو الذي أتى في ما بعد إلى أن سببها يُعزى إلى الغنى الفاحش أو طريقة العيش.
العالِم فيتروفيوس ، الذي جاء في مرحلة تالية، سعى لتصحيح هذا الخطأ. وهو يروي كيف أن المستوطنين الإغريق في كاريا أسّسوا تجارة بالقرب من النافورة التي كانت معروفة بنقاء مياهها. ثمّ وفدت إلى تلك المنطقة قبائل بدائية. وتدريجيا فقدَ أفراد تلك القبائل أساليبهم الفظّة والمتوحّشة. ومن هنا اكتسبت هذه المياه سمعتها الغريبة، ليس لأنها تتسبّب في الخنوثة أو فقدان العفّة، وإنّما لأنها خفّفت من الطبيعة المتوحّشة لأولئك البرابرة.
وفي عام 1995، اكتُشفت قصيدة رثائية باليونانية تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وهي تعرض وجهة نظر مختلفة عن الحورية والفتى العفيف اللذين ذكرهما اوفيد. فالحورية في القصيدة تصبح هي المربّية التي تعتني بالشاب وتروّض عقول الرجال الجامحين. كما أن نافورة سالميسيس لا تضعف الرجال وإنما تهذّب طباعهم كي يحترموا القيم العائلية للزواج.
التصاوير الفنّية لهيرمافرودايت تُعتبر أقدم من الأوصاف الأدبية. وبعض اللوحات والمنحوتات التي تعود للحقبة الهلنستية غالبا ما تصوّر وبطريقة هزلية مشاهد لآلهة الجبال والغابات وهي تتسلّل باتجاه ما تعتقد انه حورية نائمة، لتفاجأ في نهاية الأمر بعضوها الذكري المنتصب.
هناك اليوم تماثيل عديدة ومتناثرة حول العالم للخنثى العارية النائمة. ولكن نسخة متحف اللوفر تظلّ الأكثر شهرة. ويمتلك متحف بورغيزي في روما نسخة أخرى من هذا التمثال اقلّ شهرة عُثر عليها عام 1781. وهناك أيضا نسخة أخرى رومانية في متحف أوفيزي. وفي كلّ من متحف برادو في مدريد والمتروبوليتان في نيويورك نسخة من البرونز بالحجم الطبيعي للتمثال.
أفرودايت كان لها قصص حبّ عديدة مع الآلهة. فقد تزوّجت من هيفيستوس إله النار والمعادن، ولكنها في ما بعد ضُبطت متلبّسة بالنوم مع آريس إله الحرب. وكانت قائمة عشّاقها تتضمّن كلا من ديونيسوس "أو باخوس" إله الخمر وهيرميس إله السفر والتجارة الذي أنجبت منه هيرمافرودايت.
في هذا التمثال الذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي، نرى هذا الكائن ذا المظهر الأنثوي، أي هيرمافرودايت، وهو مستند إلى أريكة ومستغرق في نوم عميق. وضع الاستلقاء هذا مقتبس إلى حدّ ما من الصور القديمة المرسومة لفينوس ولغيرها من الإناث العاريات. الأرداف المكشوفة والوركان المستديران تدعونا لنتجوّل حولها ونلمح جانبا من جمالها.
عندما تنظر إلى التمثال من الخلف، ستظنّ انك أمام شخصية امرأة. لكن هذا الشعور سرعان ما يتبدّد عندما تنظر إلى التمثال من الأمام وتلمح عضوه الذكري.
طبيعة هيرمافرودايت المتشكّلة من مزيج من ملامح الذكر والأنثى كانت موضوعا شعبيّا في الفنّ منذ حوالي عام مائة قبل الميلاد. وفي حين أن الجسد المكشوف يوفّر للمتلقي فرصة للتلصّص واستراق النظر، فإن طبيعته الجنسية المختلطة تثير أسئلة معمّقة حول ماهيّة الرغبة والإثارة وتشير إلى الازدواجية الجنسية والاتحاد المقدّس بين الرجل والمرأة.
عُثر على هذا التمثال عام 1608 عندما كان عمّال يحفرون لوضع أساسات كنيسة سانتا ماريا ديلا فيتوريا في روما. وهو نسخة رومانية من تمثال إغريقي من البرونز يعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وعندما علم الكاردينال سيبيوني بورغيزي ابن شقيق البابا بولس الخامس بهذا الاكتشاف، ذهب إلى موقع الحفر وأمر بجلب التمثال إلى بيته في فيللا بورغيزي حيث خصّص له هناك غرفة خاصّة على مقاسه.
وبعد سنوات، عهد بورغيزي إلى النحّات المشهور جيان لورنزو بيرنيني بمهمّة نحت فراش نوم من الرخام للتمثال. الفراش الوثير الذي نحته بيرنيني كي تنام عليه الخنثى العارية واقعيّ جدّا، لدرجة أن زوّار متحف اللوفر، حيث يوجد التمثال اليوم، يتفحّصون الفراش بأيديهم ظنّا منهم انه مصنوع من الحرير الطبيعي.
وفي عام 1807، اشترى هذا التمثال مع العديد من القطع الأخرى من مجموعة بورغيزي النبيل برينسيبي كاميلو بورغيزي الذي كان متزوّجا من بولين بونابرت. ثم نُقل التمثال إلى متحف اللوفر حيث ظلّ هناك حتى اليوم. وفي عام 1863، ألهم التمثال الشاعر والمسرحيّ الانجليزي تشارلز سوينبيرن كتابة قصيدة مشهورة بعنوان هيرمافرودايت.
في الأساطير اليونانية لم تُعط هيرمافرودايت الكثير من الأهمية حتى الحقبة الهلنستية. ويُرجّح أن فكرة هذه الكائنات ذات الخصائص الذكورية والأنثوية المختلطة جاءت إلى الإغريق من الشرق عن طريق قبرص.
المعروف أن اوفيد هو أوّل من أشار إلى هيرمافرودايت في كتابه "التحوّلات"، إذ يحكي قصّة الحورية سالميسيس مع الشابّ الجميل الذي وقعت في حبّه. ثم يذكر انه كان لهذه الحورية نافورة ذات تأثير سحريّ رهيب تقع بالقرب من ضريح هاليكارناسوس في عاصمة كاريا في آسيا الصغرى. ويقال إن كلّ من يشرب من ماء النافورة يصبح ضعيفا ويتحوّل مع مرور الأيام إلى خنثى. ويبدو أن اوفيد يجعل سبب الخنوثة كامنا في الماء أو الهواء، في حين يذهب المؤرّخ سترابو الذي أتى في ما بعد إلى أن سببها يُعزى إلى الغنى الفاحش أو طريقة العيش.
العالِم فيتروفيوس ، الذي جاء في مرحلة تالية، سعى لتصحيح هذا الخطأ. وهو يروي كيف أن المستوطنين الإغريق في كاريا أسّسوا تجارة بالقرب من النافورة التي كانت معروفة بنقاء مياهها. ثمّ وفدت إلى تلك المنطقة قبائل بدائية. وتدريجيا فقدَ أفراد تلك القبائل أساليبهم الفظّة والمتوحّشة. ومن هنا اكتسبت هذه المياه سمعتها الغريبة، ليس لأنها تتسبّب في الخنوثة أو فقدان العفّة، وإنّما لأنها خفّفت من الطبيعة المتوحّشة لأولئك البرابرة.
وفي عام 1995، اكتُشفت قصيدة رثائية باليونانية تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد. وهي تعرض وجهة نظر مختلفة عن الحورية والفتى العفيف اللذين ذكرهما اوفيد. فالحورية في القصيدة تصبح هي المربّية التي تعتني بالشاب وتروّض عقول الرجال الجامحين. كما أن نافورة سالميسيس لا تضعف الرجال وإنما تهذّب طباعهم كي يحترموا القيم العائلية للزواج.
التصاوير الفنّية لهيرمافرودايت تُعتبر أقدم من الأوصاف الأدبية. وبعض اللوحات والمنحوتات التي تعود للحقبة الهلنستية غالبا ما تصوّر وبطريقة هزلية مشاهد لآلهة الجبال والغابات وهي تتسلّل باتجاه ما تعتقد انه حورية نائمة، لتفاجأ في نهاية الأمر بعضوها الذكري المنتصب.
هناك اليوم تماثيل عديدة ومتناثرة حول العالم للخنثى العارية النائمة. ولكن نسخة متحف اللوفر تظلّ الأكثر شهرة. ويمتلك متحف بورغيزي في روما نسخة أخرى من هذا التمثال اقلّ شهرة عُثر عليها عام 1781. وهناك أيضا نسخة أخرى رومانية في متحف أوفيزي. وفي كلّ من متحف برادو في مدريد والمتروبوليتان في نيويورك نسخة من البرونز بالحجم الطبيعي للتمثال.