السيّـد انـدروز وزوجتـه
للفنان البريطاني توماس غينسبورو، 1750
للفنان البريطاني توماس غينسبورو، 1750
تتمتّع هذه اللوحة بشعبيّة كبيرة في بريطانيا وقد أصبحت مع مرور الأيّام رمزا للحياة في تلك البلاد خلال القرن الثامن عشر. كما أنها تحفة الرسّام توماس غينسبورو بلا منازع.
اللوحة تصوّر زواج روبرت اندروز من فرانسيس كارتر في نوفمبر من عام 1748م، أي قبل رسمها بعامين. وقد أراد الزوج على ما يبدو أن يكون هذا البورتريه احتفالا بذكرى ذلك الزواج.
الزوجان اندروز كانا ينتميان لعائلتين موسرتين. وربّما يكونان أرادا من خلال صورتهما هذه أن يُظهرا مقدار ثرائهما. وبناءً عليه، فإن البورتريه لا يحتفل بذكرى زواج العروسين الشابّين فقط، وإنما يبرهن أيضا على أن اتحادهما خلق ثروة معتبرة يملكانها الآن معا.
الزوج يقف إلى أقصى يسار اللوحة ممسكا ببندقيّته وإلى جواره كلبه. كما انه يبدو غير مكترث بشيء وهو يضع يده في جيبه بينما ترك أزرار قميصه مفتوحة. طريقته في الوقوف وهندامه لا يتركان شكّاً في علوّ مكانته في المجتمع.
زوجته فرانسيس كان عمرها ثمانية عشر عاما آنذاك. وتظهر جالسة على مقعد من الخشب وهي ترتدي فستانا أزرق لامعا تبدو فيه كالدمية وفردتي حذاء فضّيتين. سَمْت المرأة، مثل زوجها، يوحي بالثروة والاحترام والثقة بالنفس.
الطبيعة التي يقف عليها الزوجان هي جزء من مزرعة روبرت في سافولك. ومن الواضح أن الألوان الخضراء والذهبيّة للحقول الخصبة وللمزرعة المرتّبة بعناية رُسمت كلّها بطريقة جميلة. ورغم أننا إزاء بورتريه، إلا أن الطبيعة تأخذ أكثر من نصف مساحته. وهذا تذكير ضمني بأن الأرض هي أساس ثروة الزوجين وسلطتهما السياسية وأن ما نراه هو عبارة عن زواج رُتّب له مسبقا، على غرار ما كان شائعا في أوساط الارستقراطيين الانجليز في ذلك الوقت.
التركيز على الطبيعة يسمح للرسّام بأن يعرض بعض مهاراته في رصد الطقس المتغيّر وإبراز تفاصيل المنظر الطبيعيّ، وهو شيء كان جديدا آنذاك. وقد نجح غينسبورو في المزج بين رسم الطبيعة ورسم البورتريه الارستقراطي الذي كان بارعا فيه. ويقال انه كان ينوي أن يجعل السيّدة في اللوحة تمسك بكتاب أو طائر اصطاده زوجها لأن هناك في حضنها فراغا لم يُملأ.
من الأشياء اللافتة للاهتمام في المنظر أن الزوجين يبدوان غريبين إلى حدّ ما على هذا المكان، إذ لا تشبه ملابسهما ملابس المزارعين كما أن ألوانها متباينة مع ظلال وألوان الطبيعة من حولهما. وما هو أغرب من هذا هو غياب العمّال الذين أنتج جهدهم ثروة الزوج وزوجته عن عموم المنظر، ما يضفي على البورتريه غموضا إضافيّا. لكن قد يكون الرسّام تعمّد إغفال العمّال كي لا يصرف انتباه الناظر عن حضور الشخصين المهمّين في اللوحة.
في خلفية المنظر تظهر غيوم عاصفة تتجمّع في الأفق كما لو أنها إشارة إلى بداية عصر الثورة الصناعية التي سرعان ما قوّضت احتكار طبقة ملاك الأراضي للاقتصاد ولأدوات الإنتاج.
هذا النوع من الرسم كان يُسمّى بورتريه المحادثة، وهو مصطلح يطلق على لوحات يظهر فيها شخصان بكامل طولهما وهما يتحدّثان أو يمارسان نشاطا اجتماعيّا ما ضمن منظر طبيعيّ.
الرسّام توماس غينسبورو ينتمي إلى عصر كان من ابرز شخصيّاته الرسّام جون كونستابل والمؤلّفان الموسيقيّان فون وليامز وإدوارد إيلغار. كان غينسبورو نفسه مغرما بالموسيقى التي درسها في احد نوادي العزف. وقد اكتشف أن متعة رسم لوحة تشبه المقطع الأوّل من معزوفة أو لحن، أي انك تستطيع أن تخمّن ما الذي سيأتي بعد ذلك.
في ذلك العصر شاعت فكرة تُصوّر الريف الانجليزي على انه جنّة أو "اركاديا" من نوع ما. وقد روّج لهذه الصورة أناس من سكّان المدن كانوا ينظرون إلى الريف كمكان صالح للرؤية أكثر منه للعيش أو السكن. وظهرت فكرة "انجلترا الريفية الخالدة" لأوّل مرّة عندما أصبح الريف أوّل مكان يتمّ اختياره لمشاريع التصنيع والتحديث.
الزوجان اندروز كان لديهما كلّ ما يتمنّيانه ويحلمان به في حياتهما. لكن المحزن هو أن فرانسيس، بعد أن منحت زوجها تسعة أطفال، ماتت وهي بعدُ في سنّ صغيرة نسبيّا، أي في الخامسة والأربعين. وقد تزوّج بعدها روبرت مرّة ثانية وعاش حياة طويلة إلى ما بعد الثمانين. وعندما توفّي دُفن إلى جوارها في إحدى مقابر لندن.
بورتريه "السيّد اندروز وزوجته" كان غير معروف حتى بداية ثلاثينات القرن الماضي. كان البورتريه مملوكا لعائلتي الزوجين طوال مائتي عام. وعندما عُرض للبيع عام 1960 قرّر الناشيونال غاليري بلندن ابتياعه وضمّه إلى مجموعته من اللوحات والأعمال الفنّية.
اللوحة تصوّر زواج روبرت اندروز من فرانسيس كارتر في نوفمبر من عام 1748م، أي قبل رسمها بعامين. وقد أراد الزوج على ما يبدو أن يكون هذا البورتريه احتفالا بذكرى ذلك الزواج.
الزوجان اندروز كانا ينتميان لعائلتين موسرتين. وربّما يكونان أرادا من خلال صورتهما هذه أن يُظهرا مقدار ثرائهما. وبناءً عليه، فإن البورتريه لا يحتفل بذكرى زواج العروسين الشابّين فقط، وإنما يبرهن أيضا على أن اتحادهما خلق ثروة معتبرة يملكانها الآن معا.
الزوج يقف إلى أقصى يسار اللوحة ممسكا ببندقيّته وإلى جواره كلبه. كما انه يبدو غير مكترث بشيء وهو يضع يده في جيبه بينما ترك أزرار قميصه مفتوحة. طريقته في الوقوف وهندامه لا يتركان شكّاً في علوّ مكانته في المجتمع.
زوجته فرانسيس كان عمرها ثمانية عشر عاما آنذاك. وتظهر جالسة على مقعد من الخشب وهي ترتدي فستانا أزرق لامعا تبدو فيه كالدمية وفردتي حذاء فضّيتين. سَمْت المرأة، مثل زوجها، يوحي بالثروة والاحترام والثقة بالنفس.
الطبيعة التي يقف عليها الزوجان هي جزء من مزرعة روبرت في سافولك. ومن الواضح أن الألوان الخضراء والذهبيّة للحقول الخصبة وللمزرعة المرتّبة بعناية رُسمت كلّها بطريقة جميلة. ورغم أننا إزاء بورتريه، إلا أن الطبيعة تأخذ أكثر من نصف مساحته. وهذا تذكير ضمني بأن الأرض هي أساس ثروة الزوجين وسلطتهما السياسية وأن ما نراه هو عبارة عن زواج رُتّب له مسبقا، على غرار ما كان شائعا في أوساط الارستقراطيين الانجليز في ذلك الوقت.
التركيز على الطبيعة يسمح للرسّام بأن يعرض بعض مهاراته في رصد الطقس المتغيّر وإبراز تفاصيل المنظر الطبيعيّ، وهو شيء كان جديدا آنذاك. وقد نجح غينسبورو في المزج بين رسم الطبيعة ورسم البورتريه الارستقراطي الذي كان بارعا فيه. ويقال انه كان ينوي أن يجعل السيّدة في اللوحة تمسك بكتاب أو طائر اصطاده زوجها لأن هناك في حضنها فراغا لم يُملأ.
من الأشياء اللافتة للاهتمام في المنظر أن الزوجين يبدوان غريبين إلى حدّ ما على هذا المكان، إذ لا تشبه ملابسهما ملابس المزارعين كما أن ألوانها متباينة مع ظلال وألوان الطبيعة من حولهما. وما هو أغرب من هذا هو غياب العمّال الذين أنتج جهدهم ثروة الزوج وزوجته عن عموم المنظر، ما يضفي على البورتريه غموضا إضافيّا. لكن قد يكون الرسّام تعمّد إغفال العمّال كي لا يصرف انتباه الناظر عن حضور الشخصين المهمّين في اللوحة.
في خلفية المنظر تظهر غيوم عاصفة تتجمّع في الأفق كما لو أنها إشارة إلى بداية عصر الثورة الصناعية التي سرعان ما قوّضت احتكار طبقة ملاك الأراضي للاقتصاد ولأدوات الإنتاج.
هذا النوع من الرسم كان يُسمّى بورتريه المحادثة، وهو مصطلح يطلق على لوحات يظهر فيها شخصان بكامل طولهما وهما يتحدّثان أو يمارسان نشاطا اجتماعيّا ما ضمن منظر طبيعيّ.
الرسّام توماس غينسبورو ينتمي إلى عصر كان من ابرز شخصيّاته الرسّام جون كونستابل والمؤلّفان الموسيقيّان فون وليامز وإدوارد إيلغار. كان غينسبورو نفسه مغرما بالموسيقى التي درسها في احد نوادي العزف. وقد اكتشف أن متعة رسم لوحة تشبه المقطع الأوّل من معزوفة أو لحن، أي انك تستطيع أن تخمّن ما الذي سيأتي بعد ذلك.
في ذلك العصر شاعت فكرة تُصوّر الريف الانجليزي على انه جنّة أو "اركاديا" من نوع ما. وقد روّج لهذه الصورة أناس من سكّان المدن كانوا ينظرون إلى الريف كمكان صالح للرؤية أكثر منه للعيش أو السكن. وظهرت فكرة "انجلترا الريفية الخالدة" لأوّل مرّة عندما أصبح الريف أوّل مكان يتمّ اختياره لمشاريع التصنيع والتحديث.
الزوجان اندروز كان لديهما كلّ ما يتمنّيانه ويحلمان به في حياتهما. لكن المحزن هو أن فرانسيس، بعد أن منحت زوجها تسعة أطفال، ماتت وهي بعدُ في سنّ صغيرة نسبيّا، أي في الخامسة والأربعين. وقد تزوّج بعدها روبرت مرّة ثانية وعاش حياة طويلة إلى ما بعد الثمانين. وعندما توفّي دُفن إلى جوارها في إحدى مقابر لندن.
بورتريه "السيّد اندروز وزوجته" كان غير معروف حتى بداية ثلاثينات القرن الماضي. كان البورتريه مملوكا لعائلتي الزوجين طوال مائتي عام. وعندما عُرض للبيع عام 1960 قرّر الناشيونال غاليري بلندن ابتياعه وضمّه إلى مجموعته من اللوحات والأعمال الفنّية.