سـوق ليـلـيّ تضيـئه الشمـوع
للفنان الهولندي بيتـروس فـان شيـندل، 1863
للفنان الهولندي بيتـروس فـان شيـندل، 1863
كان بيتروس فان شيندل رسّاما متخصّصا في رسم الأسواق التي تضيئها الشموع ليلا. ويبدو أن هذا كان موضوعه المفضّل الذي لم يكن ينافسه فيه احد تقريبا.
وفي لوحاته كان ينقل، مع شيء من الدراما، أنواعا شتّى من أنشطة الناس في الليل، محاولا إبراز الفروق الدقيقة بين مستويات وتأثيرات متعدّدة من الأضواء والظلال والانعكاسات. ولكلّ لوحة من لوحاته أناقتها الخاصّة التي تجعلها مفعمة بالحركة والحيوية.
وفي ما بعد، رسم الفنّان لوحات أخرى مع مصادر ضوء إضافية غير الشموع وضوء القمر، مثل مصابيح الزيت والألعاب الناريّة والنار المفتوحة.
وخلال فترة قصيرة، أصبح فان شيندل سيّد هذا النوع من الرسم في العصر الرومانسيّ، أي في القرن التاسع عشر.
وبعض لوحاته تصلح لأن تكون سجلا عن طبيعة مدينة أمستردام وتضاريسها ومبانيها في القرن التاسع عشر. وبالنسبة إلى الذين لا يعرفون الكثير عن لاهاي أو روتردام في تلك الفترة، ربّما تُوفّر بعض تلك الصور انطباعا مُقنعا عن مشاهد الأسواق الليلية في مدن هولندا الكبيرة في منتصف القرن قبل الماضي.
وهذه اللوحة تُعتبر من أفضل أعماله، وهي توفّر نموذجا واضحا لبراعته الفنّية. وفيها يصوّر سوقا ليليّا للخضار والفاكهة والسمك في لاهاي، تظهر فيه مجموعة من النساء وهنّ يعرضن سلعهنّ على ضوء الشموع، بينما تتكدّس أمامهنّ أنواع مختلفة من الخضار والفاكهة والأسماك.
المرأة الجالسة إلى اليسار هي نقطة الارتكاز في المشهد، وضوء الشمعة يسقط على وجهها ويديها. والمرأتان الأخريان الواقفتان تحملان السّلال بينما تفاصلان البائعة الجالسة حول الأسعار.
وفي الجوار تقف مجموعة أخرى من النساء يبعن الأسماك. وفي خلفية الصورة، تظهر عدّة مبانٍ يضيئها نور القمر. ومن بين هذه المباني جزء من قاعة المدينة القديمة، بالإضافة إلى برج كنيسة كان محيطها يُستخدم في ذلك الوقت كسوق لبيع اللحوم.
ضوء القمر في اللوحة يأتي من ناحية اليسار، أي من فوق مبنى البلدية. وهناك أشخاص يتفرّجون أو يمرّون بالمكان لرؤية ما تعرضه الأكشاك الأخرى من سلع وبضائع.
منظر السماء المبهر والمباني الضخمة التي تخيّم على المكان تضيف إلى المشهد قدرا من الدراما والإثارة.
على مرّ السنوات، انتقلت هذه اللوحة من مالك لآخر إلى أن اشتراها مالكها الحاليّ من تاجر في غلاسغو عام 1916 بمبلغ زهيد لا يتجاوز الأربعين غيلدر هولنديّ.
ولد بيتروس فان شيندل في ابريل عام 1806 لعائلة من المزارعين التجّار في بلدة بريدا الهولندية. وقد ظهرت موهبته في الرسم منذ صغره، فأرسله والده إلى انتويرب كي يدرس الرسم في أكاديميّتها للفنون.
ثم انتقل بعد ذلك إلى أمستردام حيث رسم أوّل لوحة له، وكانت عبارة عن منظر لسوق ليليّ يستحمّ في ضوء الشموع. وكانت تلك صورة رومانسية أضاف إليها الفنّان من خياله، والاهمّ أنها أكسبته سمعة كبيرة في هولندا وخارجها.
تأثّر فان شيندل في بداياته بأعمال مواطنَيه الرسّامَين غودفريد شالكن وغيريت دو . وبعد ذلك تعرّف على رسّام يُدعى ماثيو فان بري. وقد علّمه الأخير المزيد من المهارات وشجّعه على أن يولي أهميّة اكبر للتفاصيل. ثم بدأ يهتمّ بالإكسسوارات والنسيج وتعلّم كيف ينتج طبقات متعدّدة من الألوان فوق سطح القماش.
وفي تلك الأثناء، تعرّف الرسّام إلى امرأة تُدعى اليزابيث غراسفيلد فتزوّجها وأنجب منها ثلاثة عشر طفلا. في ذلك الوقت، كان ما يزال يناضل من اجل تحسين أحواله المعيشية، فغادر هو وزوجته ليستقرّا في روتردام حيث عمل هناك بوظيفة معلّم للرسم.
وفي روتردام، رسم عددا من اللوحات، وكلّها كانت تؤكّد موهبته الاستثنائية في رسم الأضواء الاصطناعية. ومع مرور الوقت، صار له رعاة وزبائن وأصبح يتلقّى المزيد من طلبات الرسم.
وبعد ذلك انتقل فان شيندل إلى لاهاي التي نظّم فيها أوّل معرض لأعماله اجتذب المزيد من العملاء. وكان ذلك المعرض فرصته لاستكشاف مواهبه الأخرى التي لم يكن يعرفها الناس. وقد كوفيء على عدّة براءات اختراع في مجالات السّكك الحديد والملاحة البحرية والزراعة.
وأثناء إقامته في لاهاي، ترسّخ اسمه أكثر في سوق الفنّ وباع عدّة لوحات على بعض مجموعات الفنّ الملكية في أوربّا. وأصبح من بين زبائنه الملك وليام الثاني والملكة فيكتوريا وملك بلجيكا والعائلة الحاكمة في روسيا. كما نال عدّة جوائز من معارض أقيمت في بروكسل وباريس ومانشيستر وغيرها.
قبل وفاته بعام تقريبا، رسم فان شيندل لنفسه بورتريها يظهر فيه بهيئة شخص ملتحٍ ووقور، يرتدي ملابس أنيقة ويعتمر قبّعة، بينما يجلس متطلّعا إلى البعيد بنظرة متأمّلة.
وبعد وفاته في عام 1870، نسي الناس اسم وفنّ بيتروس فان شيندل مع ظهور مدارس الفنّ الحديث. لكن لوحاته تُقيّم عاليا هذه الأيّام وتحظى باهتمام وإعجاب خبراء الفنّ والجمهور على السواء.
وفي لوحاته كان ينقل، مع شيء من الدراما، أنواعا شتّى من أنشطة الناس في الليل، محاولا إبراز الفروق الدقيقة بين مستويات وتأثيرات متعدّدة من الأضواء والظلال والانعكاسات. ولكلّ لوحة من لوحاته أناقتها الخاصّة التي تجعلها مفعمة بالحركة والحيوية.
وفي ما بعد، رسم الفنّان لوحات أخرى مع مصادر ضوء إضافية غير الشموع وضوء القمر، مثل مصابيح الزيت والألعاب الناريّة والنار المفتوحة.
وخلال فترة قصيرة، أصبح فان شيندل سيّد هذا النوع من الرسم في العصر الرومانسيّ، أي في القرن التاسع عشر.
وبعض لوحاته تصلح لأن تكون سجلا عن طبيعة مدينة أمستردام وتضاريسها ومبانيها في القرن التاسع عشر. وبالنسبة إلى الذين لا يعرفون الكثير عن لاهاي أو روتردام في تلك الفترة، ربّما تُوفّر بعض تلك الصور انطباعا مُقنعا عن مشاهد الأسواق الليلية في مدن هولندا الكبيرة في منتصف القرن قبل الماضي.
وهذه اللوحة تُعتبر من أفضل أعماله، وهي توفّر نموذجا واضحا لبراعته الفنّية. وفيها يصوّر سوقا ليليّا للخضار والفاكهة والسمك في لاهاي، تظهر فيه مجموعة من النساء وهنّ يعرضن سلعهنّ على ضوء الشموع، بينما تتكدّس أمامهنّ أنواع مختلفة من الخضار والفاكهة والأسماك.
المرأة الجالسة إلى اليسار هي نقطة الارتكاز في المشهد، وضوء الشمعة يسقط على وجهها ويديها. والمرأتان الأخريان الواقفتان تحملان السّلال بينما تفاصلان البائعة الجالسة حول الأسعار.
وفي الجوار تقف مجموعة أخرى من النساء يبعن الأسماك. وفي خلفية الصورة، تظهر عدّة مبانٍ يضيئها نور القمر. ومن بين هذه المباني جزء من قاعة المدينة القديمة، بالإضافة إلى برج كنيسة كان محيطها يُستخدم في ذلك الوقت كسوق لبيع اللحوم.
ضوء القمر في اللوحة يأتي من ناحية اليسار، أي من فوق مبنى البلدية. وهناك أشخاص يتفرّجون أو يمرّون بالمكان لرؤية ما تعرضه الأكشاك الأخرى من سلع وبضائع.
منظر السماء المبهر والمباني الضخمة التي تخيّم على المكان تضيف إلى المشهد قدرا من الدراما والإثارة.
على مرّ السنوات، انتقلت هذه اللوحة من مالك لآخر إلى أن اشتراها مالكها الحاليّ من تاجر في غلاسغو عام 1916 بمبلغ زهيد لا يتجاوز الأربعين غيلدر هولنديّ.
ولد بيتروس فان شيندل في ابريل عام 1806 لعائلة من المزارعين التجّار في بلدة بريدا الهولندية. وقد ظهرت موهبته في الرسم منذ صغره، فأرسله والده إلى انتويرب كي يدرس الرسم في أكاديميّتها للفنون.
ثم انتقل بعد ذلك إلى أمستردام حيث رسم أوّل لوحة له، وكانت عبارة عن منظر لسوق ليليّ يستحمّ في ضوء الشموع. وكانت تلك صورة رومانسية أضاف إليها الفنّان من خياله، والاهمّ أنها أكسبته سمعة كبيرة في هولندا وخارجها.
تأثّر فان شيندل في بداياته بأعمال مواطنَيه الرسّامَين غودفريد شالكن وغيريت دو . وبعد ذلك تعرّف على رسّام يُدعى ماثيو فان بري. وقد علّمه الأخير المزيد من المهارات وشجّعه على أن يولي أهميّة اكبر للتفاصيل. ثم بدأ يهتمّ بالإكسسوارات والنسيج وتعلّم كيف ينتج طبقات متعدّدة من الألوان فوق سطح القماش.
وفي تلك الأثناء، تعرّف الرسّام إلى امرأة تُدعى اليزابيث غراسفيلد فتزوّجها وأنجب منها ثلاثة عشر طفلا. في ذلك الوقت، كان ما يزال يناضل من اجل تحسين أحواله المعيشية، فغادر هو وزوجته ليستقرّا في روتردام حيث عمل هناك بوظيفة معلّم للرسم.
وفي روتردام، رسم عددا من اللوحات، وكلّها كانت تؤكّد موهبته الاستثنائية في رسم الأضواء الاصطناعية. ومع مرور الوقت، صار له رعاة وزبائن وأصبح يتلقّى المزيد من طلبات الرسم.
وبعد ذلك انتقل فان شيندل إلى لاهاي التي نظّم فيها أوّل معرض لأعماله اجتذب المزيد من العملاء. وكان ذلك المعرض فرصته لاستكشاف مواهبه الأخرى التي لم يكن يعرفها الناس. وقد كوفيء على عدّة براءات اختراع في مجالات السّكك الحديد والملاحة البحرية والزراعة.
وأثناء إقامته في لاهاي، ترسّخ اسمه أكثر في سوق الفنّ وباع عدّة لوحات على بعض مجموعات الفنّ الملكية في أوربّا. وأصبح من بين زبائنه الملك وليام الثاني والملكة فيكتوريا وملك بلجيكا والعائلة الحاكمة في روسيا. كما نال عدّة جوائز من معارض أقيمت في بروكسل وباريس ومانشيستر وغيرها.
قبل وفاته بعام تقريبا، رسم فان شيندل لنفسه بورتريها يظهر فيه بهيئة شخص ملتحٍ ووقور، يرتدي ملابس أنيقة ويعتمر قبّعة، بينما يجلس متطلّعا إلى البعيد بنظرة متأمّلة.
وبعد وفاته في عام 1870، نسي الناس اسم وفنّ بيتروس فان شيندل مع ظهور مدارس الفنّ الحديث. لكن لوحاته تُقيّم عاليا هذه الأيّام وتحظى باهتمام وإعجاب خبراء الفنّ والجمهور على السواء.