عقـوبة البـذخ
للفنان الايطالي جيوفـاني سيغانتيـني، 1891
للفنان الايطالي جيوفـاني سيغانتيـني، 1891
كان اسم هذه اللوحة في البداية "عقاب الشهوة". وكان يُعتقد بأن هذا الاسم مستفزّ، لذا تمّ تغييره إلى "عقاب البذخ".
واللوحة واحدة من ثلاث لوحات رسمها جيوفاني سيغانتيني، مستلهما إيّاها من مقطع من قصيدة ايطالية بعنوان "نيرفانا" كتبها في القرن الثاني عشر راهب مسيحيّ يُدعى "لويجي ايليكا" يحاكي فيها نصّا هنديّا قديما.
يقول المقطع واصفاً العقوبة الأخروية المخصّصة للنساء اللاتي يرفضن الدور البيولوجيّ للمرأة كأمّ: الأمّ الرديئة في الوادي القاحل تدور دون توقّف في البرد الأبديّ، حيث لا غصن يخضرّ ولا زهرة تتفتّح".
سيغانتيني أصبح يتيما في سنّ الثامنة، وقضى بقيّة طفولته في عهدة أقاربه في ميلانو. وفي سنّ الشباب، عاش على عوائد أعماله الزخرفية، بينما كان يأخذ دروسا مسائية في الزخرفة والرسم الديكوري.
وحوالي العام 1880، اكتشفه متعهّد فنّي يُدعى فيتوريو دي دراغون ودعم مشاركته في معارض محليّة ودوليّة. وقد أصبح معروفا في ألمانيا خاصّة.
وفي عام 1896، أقام معرضا منفردا في ميونيخ، كما كان محطّ إعجاب رسّامين مثل فان غوخ وإنسور ومونك. أما كاندينسكي فقد وصفه بأنه احد أوائل من تبنّوا الروحانية في الفنّ.
أعمال سيغانتيني المبكّرة تتضمّن مشاهد ريفية خارج البيوت. وفي مرحلة تالية، شجّعه راعيه دي دراغون على أن يتبنّى التقسيمية أو النقطية. وكان الهمّ الأساس لهذه المدرسة هو الكيفية التي ترى بها العين الضوء والتجانب وطبقات اللون على رقعة القماش لإنتاج اهتزازات لامعة الألوان.
وقد استخدم الرسّام التقسيمية للإيحاء بالصفات الغامضة والصوفية ولتكثيف ردّ فعل المتلقّي الانفعالي، مع انه كان يسود اعتقاد آنذاك بأن كلّ من يرسم بالأسلوب التقسيميّ أو النقطي يعاني من الهستيريا وأمراض العيون.
في اللوحة نرى مجموعة من النساء وهنّ يعاقبن لارتكابهنّ خطيئة الإجهاض عن وعي أو بدافع الإهمال. أرواحهنّ تطفو على خلفية ثلجية من جبال الألب السويسرية حيث قضى سيغانتيني جانبا كبيرا من حياته.
عظمة وروحانية منطقة الألب كانت مصدر إلهام مستمرّ للرسّام الذي قيل أن آخر كلمات لفظها قبيل وفاته كانت عبارة عن مناجاة لتلك الجبال الباردة.
كان سيغانتيني قد فقد أمّه عندما كان في السابعة، وربّما كانت تحدوه الرغبة في تصوير صدمته الشخصية بفقدان والدته في تلك السنّ الغضّة.
كان يَعتقد أن دور المرأة في الحياة هي أن تكون أمّاً، وأن المرأة التي ترفض مسئوليات الأمومة لا بدّ وأن تكون بالضرورة امرأة شرّيرة وسيّئة وأنانية. وقد استمدّ هذا التصوّر من الأفكار الدينية ومن قداسة مريم العذراء وأيضا من خصوبة الطبيعة.
الشجرة الكبيرة إلى يمين اللوحة قد تكون رمزا دينيّا لشجرة الحياة. فرغم أنها تبدو متيّبسة وميّتة في الشتاء، إلا أنه مقدّر لها أن تولد من جديد وتزهر في فصل الربيع.
القصيدة نفسها التي ألهمت الرسّام توحي بإمكانية التجدّد والتحوّل، والأمّ الرديئة قد تعود في النهاية إلى فطرتها الطبيعية كما تكتسي شجرة ميّتة في فصل الشتاء بالأوراق والأغصان من جديد مع بوادر حلول فصل الربيع.
المعروف أن سيغانتيني أتى من بلد محكوم بالكاثوليكية، وهذا هو السبب في أن معظم أعماله متأثّرة بالأفكار الدينية. ومع ذلك يقال أنه لم يكن في حياته الخاصّة منسجما تماما مع العقيدة الكاثوليكية. فقد رفض، مثلا، أن يتزوّج من رفيقته وأمّ أولاده الأربعة.
ورغم الفكرة المأساوية للوحة، إلا أن التأثير والشعور الذي تثيره طقوسيّ وحالم بسبب الفرشاة الريشية الموظّفة فيها. أما الجوّ الغامض للمنظر فينسجم مع رؤية سيغانتيني الغيبية عن العلاقة ما بين الإنسان وعالم الطبيعة.
ولد جيوفاني سيغانتيني في ترينتينو التي كانت آنذاك جزءا من الإمبراطورية النمساوية المجرية. وقضى أولى سنوات عمره في رعاية أمّه التي مرّت بتجربة اكتئاب شديد بعد موت أخيه الأصغر. وقد اتسمت تلك السنوات بالفقر والجوع وقلّة التعليم نظرا لضعف حيلة الأمّ.
في شبابه المبكّر اكتسب سيغانتيني رزقه من رعي الغنم في الجبال. وكان يقضي ساعات طويلة هناك في عزلة وهو يرسم. ثم انتقل بعد ذلك إلى ميلانو حيث عمل بتدريس الرسم ورسم الصور الشخصية. وفي تلك الفترة كرّس جهده لدراسة الحياة في الجبال وأصبح يوصف بأنه "رسّام جبال الألب".
سيغانتيني معروف جيّدا في ايطاليا وسويسرا والنمسا، لكنه ما يزال شبه مجهول خارج هذه البلدان. والمؤسف أن لوحاته غالبا موجودة في مجموعات فنّية خاصّة ولا يمكن العثور على أيّ منها في أيّ متحف.
وقد قضى هذا الرسّام حياته كلّها في سويسرا كشخص بلا جنسية، رغم انه تقدّم مرارا يطلب نيل الجنسية السويسرية. لكن بعد أن أصبح مشهورا وطاعنا في السنّ وافقت سويسرا على منحه جنسيّتها. لكنه رفضها رغم مشاكله قائلا إن ايطاليا هي موطنه الحقيقيّ.
كان سيغانتيني منجذبا دائما نحو الطبيعة. وشغفه هذا أدّى في النهاية إلى موته، إذ أصيب أثناء إحدى جولاته في الجبال بالتهاب في الغشاء الداخلي للبطن، ولم يكن ممكنا إسعافه أو نقله بسرعة إلى البلدة، فتوفّي في الطريق.
واللوحة واحدة من ثلاث لوحات رسمها جيوفاني سيغانتيني، مستلهما إيّاها من مقطع من قصيدة ايطالية بعنوان "نيرفانا" كتبها في القرن الثاني عشر راهب مسيحيّ يُدعى "لويجي ايليكا" يحاكي فيها نصّا هنديّا قديما.
يقول المقطع واصفاً العقوبة الأخروية المخصّصة للنساء اللاتي يرفضن الدور البيولوجيّ للمرأة كأمّ: الأمّ الرديئة في الوادي القاحل تدور دون توقّف في البرد الأبديّ، حيث لا غصن يخضرّ ولا زهرة تتفتّح".
سيغانتيني أصبح يتيما في سنّ الثامنة، وقضى بقيّة طفولته في عهدة أقاربه في ميلانو. وفي سنّ الشباب، عاش على عوائد أعماله الزخرفية، بينما كان يأخذ دروسا مسائية في الزخرفة والرسم الديكوري.
وحوالي العام 1880، اكتشفه متعهّد فنّي يُدعى فيتوريو دي دراغون ودعم مشاركته في معارض محليّة ودوليّة. وقد أصبح معروفا في ألمانيا خاصّة.
وفي عام 1896، أقام معرضا منفردا في ميونيخ، كما كان محطّ إعجاب رسّامين مثل فان غوخ وإنسور ومونك. أما كاندينسكي فقد وصفه بأنه احد أوائل من تبنّوا الروحانية في الفنّ.
أعمال سيغانتيني المبكّرة تتضمّن مشاهد ريفية خارج البيوت. وفي مرحلة تالية، شجّعه راعيه دي دراغون على أن يتبنّى التقسيمية أو النقطية. وكان الهمّ الأساس لهذه المدرسة هو الكيفية التي ترى بها العين الضوء والتجانب وطبقات اللون على رقعة القماش لإنتاج اهتزازات لامعة الألوان.
وقد استخدم الرسّام التقسيمية للإيحاء بالصفات الغامضة والصوفية ولتكثيف ردّ فعل المتلقّي الانفعالي، مع انه كان يسود اعتقاد آنذاك بأن كلّ من يرسم بالأسلوب التقسيميّ أو النقطي يعاني من الهستيريا وأمراض العيون.
في اللوحة نرى مجموعة من النساء وهنّ يعاقبن لارتكابهنّ خطيئة الإجهاض عن وعي أو بدافع الإهمال. أرواحهنّ تطفو على خلفية ثلجية من جبال الألب السويسرية حيث قضى سيغانتيني جانبا كبيرا من حياته.
عظمة وروحانية منطقة الألب كانت مصدر إلهام مستمرّ للرسّام الذي قيل أن آخر كلمات لفظها قبيل وفاته كانت عبارة عن مناجاة لتلك الجبال الباردة.
كان سيغانتيني قد فقد أمّه عندما كان في السابعة، وربّما كانت تحدوه الرغبة في تصوير صدمته الشخصية بفقدان والدته في تلك السنّ الغضّة.
كان يَعتقد أن دور المرأة في الحياة هي أن تكون أمّاً، وأن المرأة التي ترفض مسئوليات الأمومة لا بدّ وأن تكون بالضرورة امرأة شرّيرة وسيّئة وأنانية. وقد استمدّ هذا التصوّر من الأفكار الدينية ومن قداسة مريم العذراء وأيضا من خصوبة الطبيعة.
الشجرة الكبيرة إلى يمين اللوحة قد تكون رمزا دينيّا لشجرة الحياة. فرغم أنها تبدو متيّبسة وميّتة في الشتاء، إلا أنه مقدّر لها أن تولد من جديد وتزهر في فصل الربيع.
القصيدة نفسها التي ألهمت الرسّام توحي بإمكانية التجدّد والتحوّل، والأمّ الرديئة قد تعود في النهاية إلى فطرتها الطبيعية كما تكتسي شجرة ميّتة في فصل الشتاء بالأوراق والأغصان من جديد مع بوادر حلول فصل الربيع.
المعروف أن سيغانتيني أتى من بلد محكوم بالكاثوليكية، وهذا هو السبب في أن معظم أعماله متأثّرة بالأفكار الدينية. ومع ذلك يقال أنه لم يكن في حياته الخاصّة منسجما تماما مع العقيدة الكاثوليكية. فقد رفض، مثلا، أن يتزوّج من رفيقته وأمّ أولاده الأربعة.
ورغم الفكرة المأساوية للوحة، إلا أن التأثير والشعور الذي تثيره طقوسيّ وحالم بسبب الفرشاة الريشية الموظّفة فيها. أما الجوّ الغامض للمنظر فينسجم مع رؤية سيغانتيني الغيبية عن العلاقة ما بين الإنسان وعالم الطبيعة.
ولد جيوفاني سيغانتيني في ترينتينو التي كانت آنذاك جزءا من الإمبراطورية النمساوية المجرية. وقضى أولى سنوات عمره في رعاية أمّه التي مرّت بتجربة اكتئاب شديد بعد موت أخيه الأصغر. وقد اتسمت تلك السنوات بالفقر والجوع وقلّة التعليم نظرا لضعف حيلة الأمّ.
في شبابه المبكّر اكتسب سيغانتيني رزقه من رعي الغنم في الجبال. وكان يقضي ساعات طويلة هناك في عزلة وهو يرسم. ثم انتقل بعد ذلك إلى ميلانو حيث عمل بتدريس الرسم ورسم الصور الشخصية. وفي تلك الفترة كرّس جهده لدراسة الحياة في الجبال وأصبح يوصف بأنه "رسّام جبال الألب".
سيغانتيني معروف جيّدا في ايطاليا وسويسرا والنمسا، لكنه ما يزال شبه مجهول خارج هذه البلدان. والمؤسف أن لوحاته غالبا موجودة في مجموعات فنّية خاصّة ولا يمكن العثور على أيّ منها في أيّ متحف.
وقد قضى هذا الرسّام حياته كلّها في سويسرا كشخص بلا جنسية، رغم انه تقدّم مرارا يطلب نيل الجنسية السويسرية. لكن بعد أن أصبح مشهورا وطاعنا في السنّ وافقت سويسرا على منحه جنسيّتها. لكنه رفضها رغم مشاكله قائلا إن ايطاليا هي موطنه الحقيقيّ.
كان سيغانتيني منجذبا دائما نحو الطبيعة. وشغفه هذا أدّى في النهاية إلى موته، إذ أصيب أثناء إحدى جولاته في الجبال بالتهاب في الغشاء الداخلي للبطن، ولم يكن ممكنا إسعافه أو نقله بسرعة إلى البلدة، فتوفّي في الطريق.