فينـوس وأدونيـس
للفنان الهولندي بيتـر بـول روبنــز، 1635
للفنان الهولندي بيتـر بـول روبنــز، 1635
كان الفنّ في عصر الباروك يتسم بالحسّية وسيادة اللون وحيوية الأشخاص والجاذبية العاطفية. وكان بيتر بول روبنز احد أشهر رسّامي ذلك العصر. وقد عُرف بتوليفاته الضخمة التي تفيض بالنساء المثيرات وبالكيوبيدات والشخصيات الأسطورية.
كان هذا الرسّام يلخّص المثل والقيم الجمالية لهولندا أو البلاد المنخفضة في القرن السابع عشر. وقد تأثّر بلوحات عصر النهضة وبالمنحوتات الكلاسيكية والأدب الإنساني بعد أسفاره المتعدّدة إلى كلّ من ايطاليا واسبانيا.
وعلى الرغم من انه كان كاثوليكيا متديّنا، إلا انه لم يكن ملتزما بالأفكار المتشدّدة في عصره ولم يطبّق الأساليب الأكاديمية والتقليدية السائدة آنذاك. وإلى جانب كونه رسّاما مشهورا، كان روبنز أيضا عالما ودبلوماسيا. وكان يتحدّث الفرنسية والألمانية والاسبانية، بالإضافة إلى لغته الأصلية.
من أشهر لوحاته هذه اللوحة عن الأسطورة الإغريقية التي تحكي قصّة فينوس وأدونيس.
أدونيس، كما تقول الأسطورة، كان أجمل إنسان في العالم. كان مولودا من شجرة. ولم يكن يحبّ شيئا قدر حبّه لصيد الحيوانات.
وقد أحبّته فينوس إلهة الحبّ والجمال وأصبحت متيّمة به بعد سهم أطلقه عليها ابنها كيوبيد. وفي محاولة للفت إعجابه، بدأت ترتدي ثياب ديانا إلهة الصيد. كان أدونيس أحبّ إليها من أيّ شيء آخر. في ما مضى، كان كلّ همّها الاستلقاء تحت ظلال الأشجار أو إظهار جمالها وفتنتها. وهي الآن ترافقه أينما ذهب مع كلابها وأرانبها وأيائلها وتتنزّه معه في الغابات والتلال وعلى ضفاف الأنهار.
لكن فينوس كانت تتجنّب الذئاب والدببة وتحذّر أدونيس من مواجهة الحيوانات الخطيرة بقولها: كن شجاعا مع الجبان، لكن لا تهاجم السباع التي وهبتها الطبيعة سلاحا. واحذر أن تُظهر شجاعتك مع الحيوانات القويّة فتعرّض حياتك، ومعها سعادتي، للخطر. شبابك وجمالك ليس لهما تأثير على قلوب الأسود والنمور. فقط فكّر في مخالبها القويّة. ولا تصطد كلّ ما هو ناعم ورقيق الملمس".
غير أن أدونيس كان من النبل وحبّ المغامرة بحيث لم يستمع لنصائحها. وفي احد الأيّام، هاجمت كلابه خنزيرا برّيّا في مخبئه. وعندما رأى أدونيس ما حدث، تصدّى للخنزير الهائج وطعنه برمح وجرحه. لكن الخنزير انتزع الرمح بأنيابه ثم اندفع وراء أدونيس ونهشه بشراسة، ثم سحبه على الأرض وتركه ينزف حتى الموت.
سمعت فينوس أنين حبيبها المحتضر وهي في عربتها السماوية، ثم رأت من بعيد على الأرض جثّته الساكنة والغارقة في الدم. كان أثر موته عليها رهيبا، فضربت صدرها ومزّقت شعرها وبكته بألم. ثم خلّدت قصّة حبّها له بتحويل دمه إلى زهرة حمراء بلون الدم.
وروبنز في اللوحة يصوّر اللحظة التي تحاول فيها فينوس، وبمساعدة ابنها كيوبيد، عبثا إقناع عشيقها القابل للفناء بالعدول عن قراره بالذهاب لرحلة الصيد لأنهما يعلمان عن مصيره مسبقا وأنه سيتعرّض للأذى.
هذه اللوحة تمثّل الأسلوب المغري الذي تبنّاه روبنز بعد مكوثه الطويل نسبيّا في ايطاليا. وقد رسمها بالقرب من نهاية حياته. وكان وقتها يعاني من آلام المفاصل المزمن. اللون الأحمر اللامع والمبهج فيها يذكّر بكلام الرسّام الايطالي غويدو ريني الذي وصف روبنز ذات مرّة بأنه "الرجل الذي يمزج ألوانه بالدم".
في عصر الباروك، كان يُطلب من الرسّامين عادة أن يرسموا صورا انفعالية ومثيرة تعلن عن تفوّق الكنيسة الكاثوليكية كردّ فعل على ظهور المصلح الديني مارتن لوثر. وكان لوثر قد أسّس آنذاك المذهب البروتستانتي متحدّيا سلطة الكنيسة الكاثوليكية. غير أن هذه اللوحة تتناول موضوعا مختلفا عمّا كان سائدا في تلك الأيّام. وقد كلّف روبنز برسمها الامبراطور جوزيف الأوّل الذي قدّمها بدوره هديّة إلى دوق مارلبورو الانجليزي.
أسطورة فينوس وأدونيس كانت موضوعا مفضّلا في فنّ وأدب عصري النهضة والباروك. ومن أشهر من رسمها بالإضافة إلى روبنز كلّ من تيشيان وفيرونيزي. كما كتب شكسبير قصيدة من وحي القصّة.
ومن الواضح أن روبنز استلهم هذه اللوحة من تيشيان الذي رسم الموضوع في لوحة كان روبنز قد رآها في متحف برادو الاسباني ثم قام باستنساخها عام 1628. وكان تيشيان قد رسم نسختين من لوحته تلك، توجد إحداهما في المتروبوليتان بنيويورك والأخرى في متحف برادو بمدريد.
روبنز كان معجبا بالفنّ القديم. ورغم ذلك فإن شخوص لوحاته واقعيون ومملوءون بالحياة، خاصّة نساءه العاريات اللاتي يبدين اقلّ صرامة وأكثر حسّية. وقد شاع في ما بعد مصطلح الفنّ الروبنزي ليصف رسوماته التي تصوّر نساء بدينات وذوات خصور واسعة ومثيرة.
كان روبنز يدير ورشة رسم كبيرة. وكان من بين مساعديه كلّ من مواطنيه يان بريغل وانطوني فان ايك. كان من عادته أن يرسم الاسكتش الأوّلي للوحة، ثم يعهد به إلى مساعديه، قبل أن يباشر هو وضع اللمسات الأخيرة على العمل. وفكرة أن يتولّى الفنان لوحده رسم اللوحة بالكامل هي فكرة حديثة نسبيّا ولم تكن موجودة زمن روبنز.
كان هذا الرسّام يلخّص المثل والقيم الجمالية لهولندا أو البلاد المنخفضة في القرن السابع عشر. وقد تأثّر بلوحات عصر النهضة وبالمنحوتات الكلاسيكية والأدب الإنساني بعد أسفاره المتعدّدة إلى كلّ من ايطاليا واسبانيا.
وعلى الرغم من انه كان كاثوليكيا متديّنا، إلا انه لم يكن ملتزما بالأفكار المتشدّدة في عصره ولم يطبّق الأساليب الأكاديمية والتقليدية السائدة آنذاك. وإلى جانب كونه رسّاما مشهورا، كان روبنز أيضا عالما ودبلوماسيا. وكان يتحدّث الفرنسية والألمانية والاسبانية، بالإضافة إلى لغته الأصلية.
من أشهر لوحاته هذه اللوحة عن الأسطورة الإغريقية التي تحكي قصّة فينوس وأدونيس.
أدونيس، كما تقول الأسطورة، كان أجمل إنسان في العالم. كان مولودا من شجرة. ولم يكن يحبّ شيئا قدر حبّه لصيد الحيوانات.
وقد أحبّته فينوس إلهة الحبّ والجمال وأصبحت متيّمة به بعد سهم أطلقه عليها ابنها كيوبيد. وفي محاولة للفت إعجابه، بدأت ترتدي ثياب ديانا إلهة الصيد. كان أدونيس أحبّ إليها من أيّ شيء آخر. في ما مضى، كان كلّ همّها الاستلقاء تحت ظلال الأشجار أو إظهار جمالها وفتنتها. وهي الآن ترافقه أينما ذهب مع كلابها وأرانبها وأيائلها وتتنزّه معه في الغابات والتلال وعلى ضفاف الأنهار.
لكن فينوس كانت تتجنّب الذئاب والدببة وتحذّر أدونيس من مواجهة الحيوانات الخطيرة بقولها: كن شجاعا مع الجبان، لكن لا تهاجم السباع التي وهبتها الطبيعة سلاحا. واحذر أن تُظهر شجاعتك مع الحيوانات القويّة فتعرّض حياتك، ومعها سعادتي، للخطر. شبابك وجمالك ليس لهما تأثير على قلوب الأسود والنمور. فقط فكّر في مخالبها القويّة. ولا تصطد كلّ ما هو ناعم ورقيق الملمس".
غير أن أدونيس كان من النبل وحبّ المغامرة بحيث لم يستمع لنصائحها. وفي احد الأيّام، هاجمت كلابه خنزيرا برّيّا في مخبئه. وعندما رأى أدونيس ما حدث، تصدّى للخنزير الهائج وطعنه برمح وجرحه. لكن الخنزير انتزع الرمح بأنيابه ثم اندفع وراء أدونيس ونهشه بشراسة، ثم سحبه على الأرض وتركه ينزف حتى الموت.
سمعت فينوس أنين حبيبها المحتضر وهي في عربتها السماوية، ثم رأت من بعيد على الأرض جثّته الساكنة والغارقة في الدم. كان أثر موته عليها رهيبا، فضربت صدرها ومزّقت شعرها وبكته بألم. ثم خلّدت قصّة حبّها له بتحويل دمه إلى زهرة حمراء بلون الدم.
وروبنز في اللوحة يصوّر اللحظة التي تحاول فيها فينوس، وبمساعدة ابنها كيوبيد، عبثا إقناع عشيقها القابل للفناء بالعدول عن قراره بالذهاب لرحلة الصيد لأنهما يعلمان عن مصيره مسبقا وأنه سيتعرّض للأذى.
هذه اللوحة تمثّل الأسلوب المغري الذي تبنّاه روبنز بعد مكوثه الطويل نسبيّا في ايطاليا. وقد رسمها بالقرب من نهاية حياته. وكان وقتها يعاني من آلام المفاصل المزمن. اللون الأحمر اللامع والمبهج فيها يذكّر بكلام الرسّام الايطالي غويدو ريني الذي وصف روبنز ذات مرّة بأنه "الرجل الذي يمزج ألوانه بالدم".
في عصر الباروك، كان يُطلب من الرسّامين عادة أن يرسموا صورا انفعالية ومثيرة تعلن عن تفوّق الكنيسة الكاثوليكية كردّ فعل على ظهور المصلح الديني مارتن لوثر. وكان لوثر قد أسّس آنذاك المذهب البروتستانتي متحدّيا سلطة الكنيسة الكاثوليكية. غير أن هذه اللوحة تتناول موضوعا مختلفا عمّا كان سائدا في تلك الأيّام. وقد كلّف روبنز برسمها الامبراطور جوزيف الأوّل الذي قدّمها بدوره هديّة إلى دوق مارلبورو الانجليزي.
أسطورة فينوس وأدونيس كانت موضوعا مفضّلا في فنّ وأدب عصري النهضة والباروك. ومن أشهر من رسمها بالإضافة إلى روبنز كلّ من تيشيان وفيرونيزي. كما كتب شكسبير قصيدة من وحي القصّة.
ومن الواضح أن روبنز استلهم هذه اللوحة من تيشيان الذي رسم الموضوع في لوحة كان روبنز قد رآها في متحف برادو الاسباني ثم قام باستنساخها عام 1628. وكان تيشيان قد رسم نسختين من لوحته تلك، توجد إحداهما في المتروبوليتان بنيويورك والأخرى في متحف برادو بمدريد.
روبنز كان معجبا بالفنّ القديم. ورغم ذلك فإن شخوص لوحاته واقعيون ومملوءون بالحياة، خاصّة نساءه العاريات اللاتي يبدين اقلّ صرامة وأكثر حسّية. وقد شاع في ما بعد مصطلح الفنّ الروبنزي ليصف رسوماته التي تصوّر نساء بدينات وذوات خصور واسعة ومثيرة.
كان روبنز يدير ورشة رسم كبيرة. وكان من بين مساعديه كلّ من مواطنيه يان بريغل وانطوني فان ايك. كان من عادته أن يرسم الاسكتش الأوّلي للوحة، ثم يعهد به إلى مساعديه، قبل أن يباشر هو وضع اللمسات الأخيرة على العمل. وفكرة أن يتولّى الفنان لوحده رسم اللوحة بالكامل هي فكرة حديثة نسبيّا ولم تكن موجودة زمن روبنز.