قـارئـة الحـظّ
للفنان الفرنسي جـورج دو لا تــور، 1630
للفنان الفرنسي جـورج دو لا تــور، 1630
كان الغشّ أو الخداع موضوعا شائعا بين الرسّامين الأوربّيين المتأثّرين بأفكار كارافاجيو في القرن السابع عشر. وهذه اللوحة تُعتبر إحدى اللوحات المشهورة التي تتناول هذا الموضوع المثير. وهي تصوّر شابّا ثريّا يتقدّم لامرأة طاعنة في السنّ كي تقرأ له طالعه. وتبدو العجوز وهي تلتقط عملة معدنية من يد الشابّ كأجر للخدمة وكجزء من طقوس المهنة.
الشابّ يرتدي أشياء نفيسة تشي بطبقته الاجتماعية الرفيعة، مثل الملابس الحريريّة والسلسلة التي تنتهي بميدالية ذهبيّة.
المرأة إلى أقصى اليسار تبدو وهي تسرق محفظة الشابّ من جيبه، بينما شريكتها الأخرى المرسومة جانبيّا تمدّ يدها لتلقّي الغنيمة.
المرأة ذات الوجه الشاحب والواقفة إلى يسار الشابّ تبدو، هي الأخرى، منهمكة في دورها وهي تقطع الميدالية التي يرتديها الشابّ وتفصلها عن سلسلتها. لاحظ نظراتها الحادّة ووجهها الصارم. إنها تصوّب عينا متفحّصة على الضحيّة. وهي تستخدم النظرات عوضا عن حركة الرأس التي قد تجلب الانتباه وتتسبّب في بعض المخاطر.
معظم أو جميع النساء في هذه اللوحة من الغجر. وهنّ يُصوّرن كلصوص أو نشّالات، جرياً على الصورة النمطية الشائعة عن الغجر الذين يقال إنهم شعب شرقيّ، وعادة ما يرتدون العباءات والأردية المربوطة فوق الكتف ولباس رأس يشبه العمامة.
في الجزء الأسفل من فستان المرأة العجوز، يمكن رؤية نقوش لصقور تحوم فوق أزهار وتهاجم أرانب بيضاء. وفي هذا تشبيه طريف بأن للغجر عيون الصقور وهم على وشك أن ينقضّوا على فريستهم الذي يبدو كالأرنب المذعور.
قد يكون التوليف في اللوحة مستوحى من مشهد مسرحيّ أو من الحياة اليومية الواقعية. وقد يكون له علاقة بالقصّة الدينية المشهورة عن الابن الضّالّ الذي يبدّد أموال عائلته الثريّة على الشراب والنساء والقمار ثمّ يصبح لصّا وينتهي به الأمر في زريبة للخنازير قبل أن يعود ثانية إلى عائلته نادما تائبا.
اكتشف هذه اللوحة احد سجناء الحرب بعد أن رآها في إحدى القلاع القديمة في فرنسا عام 1949. وقد تدخّل متحف اللوفر وقتها وحاول شراءها. لكن اللوحة ذهبت في النهاية لتاجر دفع لاقتنائها حوالي ثمانية ملايين فرنك فرنسي. وظلّت بحوزته إلى أن اشتراها متحف المتروبوليتان في نيويورك عام 1960 مقابل مبلغ كبير لم يُكشف عنه.
الطريقة التي غادرت بها اللوحة فرنسا ظلّت لغزا وأثارت جدلا في الصحف الفرنسية في ذلك الوقت. وقد حاول اندريه مالرو، وزير الثقافة الفرنسية آنذاك، أن يشرح لماذا لم يفلح اللوفر في شرائها. وقيل إن الشخص المسئول عن إجازة تصدير اللوحة إلى الولايات المتحدة، وهو خبير في الأعمال الفنّية القديمة، فعل ذلك لأنه كان يشكّك في أصالتها.
والحقيقة أن أصالة اللوحة كانت مثار شكوك بعض مؤرّخي الفنّ. ففي عام 1984، نشر مؤرّخ فنّ بريطانيّ يُدعى كريستوفر رايت كتابا بعنوان "فنّ التزوير" زعم فيه أن اللوحة الموجودة في المتروبوليتان، مع أعمال أخرى تُعزى لدي لا تور، هي نسخ مزوّرة منذ العشرينات وأن من زيّفها هو فنّان ومرمّم لوحات يُدعى اميل ديلوريه.
غير أن هناك اليوم شبه إجماع بأن هذه اللوحة لدي لا تور. وهي لا تحمل تاريخا. لكن يظهر في طرفها العلويّ توقيع أنيق وبارز باسم الرسّام. وقد استُخدمت اللوحة غلافا لكتاب بعنوان عندما تحدث أشياء سيّئة للآخرين ، وهو عبارة عن دراسة لظاهرة الغشّ والخداع. كما أن لهذه اللوحة علاقة مباشرة بلوحة أخرى لدي لا تور اسمها الخدعة توجد منها نسختان: واحدة في اللوفر، والثانية في متحف كيمبل للفنون في الولايات المتحدة.
جورج دي لا تور نفسه لم يكن معروفا سوى بالكاد وذلك حتى بداية القرن العشرين. وطوال القرون الثلاثة التي تلت وفاته كان منسيّا تماما تقريبا. لكنّه أصبح رسّاما معروفا منذ العشرينات. وقد ظهر من النسيان عدد كبير من اللوحات المنسوبة إليه وأصبحت أعماله عالية الثمن.
مناظر دي لا تور تتّسم بسكون الشخوص وبالتوتّر الرائع الذي تخلقه قصصه وبجاذبيّة لوحاته بالنسبة للذوق الحديث. وتُنسب له أربعون لوحة أتمّها خلال فترة اشتغاله بالرسم والتي قاربت الثلاثين عاما. وهو مشهور خاصّة بسلسلة لوحاته عن الليل الذي تضيئه القناديل.
ولد دي لا تور لخبّاز من اللورين التي كانت دوقيّة مستقلّة على الحدود بين فرنسا وألمانيا. كان رسّاما مبتكرا. لكن حياته الدنيئة ومزاجه السيّئ وغطرسته سبّبت له العديد من المشاكل وقادته مرارا إلى قاعات المحاكم والسجون. ولهذا السبب عرف أشياء كثيرة عن حياة المزوّرين واللصوص والمغفّلين الذين كان يرسمهم في لوحاته.
موضوع ذو صلة: عودة أمير الظلام
الشابّ يرتدي أشياء نفيسة تشي بطبقته الاجتماعية الرفيعة، مثل الملابس الحريريّة والسلسلة التي تنتهي بميدالية ذهبيّة.
المرأة إلى أقصى اليسار تبدو وهي تسرق محفظة الشابّ من جيبه، بينما شريكتها الأخرى المرسومة جانبيّا تمدّ يدها لتلقّي الغنيمة.
المرأة ذات الوجه الشاحب والواقفة إلى يسار الشابّ تبدو، هي الأخرى، منهمكة في دورها وهي تقطع الميدالية التي يرتديها الشابّ وتفصلها عن سلسلتها. لاحظ نظراتها الحادّة ووجهها الصارم. إنها تصوّب عينا متفحّصة على الضحيّة. وهي تستخدم النظرات عوضا عن حركة الرأس التي قد تجلب الانتباه وتتسبّب في بعض المخاطر.
معظم أو جميع النساء في هذه اللوحة من الغجر. وهنّ يُصوّرن كلصوص أو نشّالات، جرياً على الصورة النمطية الشائعة عن الغجر الذين يقال إنهم شعب شرقيّ، وعادة ما يرتدون العباءات والأردية المربوطة فوق الكتف ولباس رأس يشبه العمامة.
في الجزء الأسفل من فستان المرأة العجوز، يمكن رؤية نقوش لصقور تحوم فوق أزهار وتهاجم أرانب بيضاء. وفي هذا تشبيه طريف بأن للغجر عيون الصقور وهم على وشك أن ينقضّوا على فريستهم الذي يبدو كالأرنب المذعور.
قد يكون التوليف في اللوحة مستوحى من مشهد مسرحيّ أو من الحياة اليومية الواقعية. وقد يكون له علاقة بالقصّة الدينية المشهورة عن الابن الضّالّ الذي يبدّد أموال عائلته الثريّة على الشراب والنساء والقمار ثمّ يصبح لصّا وينتهي به الأمر في زريبة للخنازير قبل أن يعود ثانية إلى عائلته نادما تائبا.
اكتشف هذه اللوحة احد سجناء الحرب بعد أن رآها في إحدى القلاع القديمة في فرنسا عام 1949. وقد تدخّل متحف اللوفر وقتها وحاول شراءها. لكن اللوحة ذهبت في النهاية لتاجر دفع لاقتنائها حوالي ثمانية ملايين فرنك فرنسي. وظلّت بحوزته إلى أن اشتراها متحف المتروبوليتان في نيويورك عام 1960 مقابل مبلغ كبير لم يُكشف عنه.
الطريقة التي غادرت بها اللوحة فرنسا ظلّت لغزا وأثارت جدلا في الصحف الفرنسية في ذلك الوقت. وقد حاول اندريه مالرو، وزير الثقافة الفرنسية آنذاك، أن يشرح لماذا لم يفلح اللوفر في شرائها. وقيل إن الشخص المسئول عن إجازة تصدير اللوحة إلى الولايات المتحدة، وهو خبير في الأعمال الفنّية القديمة، فعل ذلك لأنه كان يشكّك في أصالتها.
والحقيقة أن أصالة اللوحة كانت مثار شكوك بعض مؤرّخي الفنّ. ففي عام 1984، نشر مؤرّخ فنّ بريطانيّ يُدعى كريستوفر رايت كتابا بعنوان "فنّ التزوير" زعم فيه أن اللوحة الموجودة في المتروبوليتان، مع أعمال أخرى تُعزى لدي لا تور، هي نسخ مزوّرة منذ العشرينات وأن من زيّفها هو فنّان ومرمّم لوحات يُدعى اميل ديلوريه.
غير أن هناك اليوم شبه إجماع بأن هذه اللوحة لدي لا تور. وهي لا تحمل تاريخا. لكن يظهر في طرفها العلويّ توقيع أنيق وبارز باسم الرسّام. وقد استُخدمت اللوحة غلافا لكتاب بعنوان عندما تحدث أشياء سيّئة للآخرين ، وهو عبارة عن دراسة لظاهرة الغشّ والخداع. كما أن لهذه اللوحة علاقة مباشرة بلوحة أخرى لدي لا تور اسمها الخدعة توجد منها نسختان: واحدة في اللوفر، والثانية في متحف كيمبل للفنون في الولايات المتحدة.
جورج دي لا تور نفسه لم يكن معروفا سوى بالكاد وذلك حتى بداية القرن العشرين. وطوال القرون الثلاثة التي تلت وفاته كان منسيّا تماما تقريبا. لكنّه أصبح رسّاما معروفا منذ العشرينات. وقد ظهر من النسيان عدد كبير من اللوحات المنسوبة إليه وأصبحت أعماله عالية الثمن.
مناظر دي لا تور تتّسم بسكون الشخوص وبالتوتّر الرائع الذي تخلقه قصصه وبجاذبيّة لوحاته بالنسبة للذوق الحديث. وتُنسب له أربعون لوحة أتمّها خلال فترة اشتغاله بالرسم والتي قاربت الثلاثين عاما. وهو مشهور خاصّة بسلسلة لوحاته عن الليل الذي تضيئه القناديل.
ولد دي لا تور لخبّاز من اللورين التي كانت دوقيّة مستقلّة على الحدود بين فرنسا وألمانيا. كان رسّاما مبتكرا. لكن حياته الدنيئة ومزاجه السيّئ وغطرسته سبّبت له العديد من المشاكل وقادته مرارا إلى قاعات المحاكم والسجون. ولهذا السبب عرف أشياء كثيرة عن حياة المزوّرين واللصوص والمغفّلين الذين كان يرسمهم في لوحاته.
موضوع ذو صلة: عودة أمير الظلام