مصيـدة الطيـور
للفنان الهولندي بيـتر بـريغــل الأبّ، 1601
للفنان الهولندي بيـتر بـريغــل الأبّ، 1601
قد تكون هذه أقدم لوحة عن الشتاء في الفنّ الأوربّي. كما أنها إحدى أكثر اللوحات التي رسمها بيتر بريغل الأبّ شعبيةً. وقد استُنسخت اللوحة مرّات عديدة. ويقال أن هناك ما لا يقلّ عن مائة نسخة أصلية منها موجودة اليوم في عدد من المتاحف العالمية. واللوحة تنتمي إلى تلك النوعية من الأعمال التشكيلية التي يحتاج الناظر إليها لعدسات مكبّرة كي يلمّ بتفاصيلها الصغيرة والكثيرة.
في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، ساد في أوربّا ما عُرف بالعصر الجليدي الصغير، عندما كانت درجات الحرارة اقلّ ممّا هي اليوم بكثير وعندما كان الشتاء أطول وأقسى برودة. كان ثلج الطبيعة مبعث إثارة للهولنديين على نحو خاصّ. وكان من عادتهم عندما يحلّ الشتاء أن يذهبوا، صغارا وكبارا وأغنياء وفقراء، إلى حيث الأنهار والغدران المتجمّدة لممارسة المشي أو التزلّج. كانت الحياة وقتها تتأثّر كثيرا بالظواهر المناخية. لذا لم يكن مستغربا أن يصبح الشتاء موضوعا أساسيّا في الرسم الهولندي.
بريغل يرسم في هذه اللوحة قرية هادئة يغمرها ضوء خافت ومغطّاة بالثلج، بينما يستمتع سكّانها بالمشي أو التزلّج فوق مياه النهر المتجمّد. وفي مقدّمة المنظر وتحت الشجرة العالية إلى اليمين، نُصبت مصيدة للطيور تتضمّن بابا مُقاما على عصا بحيث إذا حرّك الطائر الحبل المتّصل بالعصا فإن المصيدة تُغلق عليه تلقائيا.
ثمّة احتمال بأن يكون بريغل أراد فقط أن يرسم منظرا عاديّا لقرية. لكن كان من عادة الرسّامين في ذلك الوقت استخدام مناظر التزلّج للتعبير عن الطبيعة المشكوك فيها للوجود الإنساني.
وبناءً عليه، قد تكون المصيدة رمزا للحيَل التي يستخدمها الشيطان ليُضلّ الإنسان. البشر في اللوحة يبدون مثل الطيور والشتاء قد يكون المصيدة. المتزلّجون والطيور يتشابهون هنا في لا مبالاتهم وهشاشتهم أمام المخاطر التي تواجههم.
وطبقا للمفاهيم التي كانت سائدة في ذلك الوقت فإن الطائر يرمز للروح، ومن ثمّ فإن الإنسان النقيّ يعبر الحياة المليئة بالأخطار والمغريات التي ينبغي عليه تجنّبها كي يصل إلى الخلاص.
هذه اللوحة تبدو حديثة ومختلفة عن مناظر الشتاء التي ألفنا رؤيتها من قبل. فالألوان الخفيفة فيها مونوكرومية تقريبا. والطبيعة مرسومة بحرّية كبيرة.
وهناك من يقول إن بريغل رسم اللوحة بمفرده أو بمساعدة آخرين. وقد يكون أراد من خلالها أن يؤرّخ لمنظر الشتاء الهولنديّ في بدايات القرن السابع عشر. وربّما كان يلمّح إلى شتاء العام 1565 الذي يقال انه كان قارساً بشكل غير عاديّ، حسب ما تذكره سجلات ذلك العصر.
أسطورة الخلق في معظم الحضارات الكبرى تتفق على أن الشتاء يأتي إلى الأرض لمعاقبة البشر. وفي أساطير شمال أوربّا، فإن نهاية العالم تحلّ بعد ثلاث سنوات من المناخ الجليديّ. والرسومات التي تصوّر جيش نابليون الجرّار وقد هزمه شتاء روسيا القارس هي المعادل لتلك السيناريوهات القديمة عن نهاية العالم.
أما الرؤية المعاكسة فتقرن الشتاء بالهدوء والراحة، على نحو ما تُظهره مناظر الريف المغطّى بالثلوج مع أشخاص يمتّعون أنفسهم على الغدران والأنهار المتجمّدة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، راجت بكثرة مناظر الشتاء التي تضفي عليه بعض الرومانسية، من قبيل ما كان يفعله الفنّانون الهولنديون الذين رسموا مهرجانات الشتاء مصحوبة ببعض الاحتفالات والطقوس.
بريغل (أو بروغيل كما يُنطق الاسم أحيانا) هو اسم لعائلة كاملة من الرسّامين المبدعين ذوي المواهب الاستثنائية الذين عاشوا في القرنين السادس عشر والسابع عشر وعلى امتداد تاريخ فنّي يقارب المائة والخمسين عاما. وأشهر هؤلاء بريغل الأبّ والابن.
ورغم أن بريغل كان مشهورا في عصره، إلا أنه كان يتبنّى أسلوبا قديما في معظم لوحاته ويرفض رسم الأشخاص بأسلوب مثاليّ على نحو ما كان يفعله فنّانو عصر النهضة الايطالي. والغريب أن أعماله لم تكن تتوافق مع النظريات الجمالية في زمانه، إلا أنها تتماشى بشكل رائع مع ذوق المتلقّي المعاصر.
عُرف بريغل الأبّ بمناظره عن الطبيعة وحياة الفلاحين. كانت الطبيعة مصدر إلهامه الأكبر. وكان يرسمها ويملؤها بالفلاحين ويضمّنها طقوسا من حياة القرية من زراعة وصيد ومهرجانات وألعاب ورقصات. وقد لُقّب بـ "بريغل الفلاح" لتمييزه عن بقيّة فنّاني أسرة بريغل. ولوحاته تتناول كلّ ما هو غريب وشاذّ وتَعرض أيضا لضعف الإنسان وحماقته. ويمكن النظر إلى رسوماته كنوافذ على طبيعة الحياة الاجتماعية في القرن السادس عشر.
ولد بيتر بريغل الأبّ في هولندا عام 1525م. وتأثّر في بداياته بمواطنه الرسّام هيرونيموس بوش. وقضى بعض الوقت في فرنسا وايطاليا، ثمّ ذهب إلى انتويرب فـ بروكسل التي استقرّ فيها إلى أن توفّي في سبتمبر من عام 1569م. وهو والد كلّ من بريغل الابن ويان بريغل الأكبر، والاثنان أصبحا، هما أيضا، رسّامَين مشهورين.
في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، ساد في أوربّا ما عُرف بالعصر الجليدي الصغير، عندما كانت درجات الحرارة اقلّ ممّا هي اليوم بكثير وعندما كان الشتاء أطول وأقسى برودة. كان ثلج الطبيعة مبعث إثارة للهولنديين على نحو خاصّ. وكان من عادتهم عندما يحلّ الشتاء أن يذهبوا، صغارا وكبارا وأغنياء وفقراء، إلى حيث الأنهار والغدران المتجمّدة لممارسة المشي أو التزلّج. كانت الحياة وقتها تتأثّر كثيرا بالظواهر المناخية. لذا لم يكن مستغربا أن يصبح الشتاء موضوعا أساسيّا في الرسم الهولندي.
بريغل يرسم في هذه اللوحة قرية هادئة يغمرها ضوء خافت ومغطّاة بالثلج، بينما يستمتع سكّانها بالمشي أو التزلّج فوق مياه النهر المتجمّد. وفي مقدّمة المنظر وتحت الشجرة العالية إلى اليمين، نُصبت مصيدة للطيور تتضمّن بابا مُقاما على عصا بحيث إذا حرّك الطائر الحبل المتّصل بالعصا فإن المصيدة تُغلق عليه تلقائيا.
ثمّة احتمال بأن يكون بريغل أراد فقط أن يرسم منظرا عاديّا لقرية. لكن كان من عادة الرسّامين في ذلك الوقت استخدام مناظر التزلّج للتعبير عن الطبيعة المشكوك فيها للوجود الإنساني.
وبناءً عليه، قد تكون المصيدة رمزا للحيَل التي يستخدمها الشيطان ليُضلّ الإنسان. البشر في اللوحة يبدون مثل الطيور والشتاء قد يكون المصيدة. المتزلّجون والطيور يتشابهون هنا في لا مبالاتهم وهشاشتهم أمام المخاطر التي تواجههم.
وطبقا للمفاهيم التي كانت سائدة في ذلك الوقت فإن الطائر يرمز للروح، ومن ثمّ فإن الإنسان النقيّ يعبر الحياة المليئة بالأخطار والمغريات التي ينبغي عليه تجنّبها كي يصل إلى الخلاص.
هذه اللوحة تبدو حديثة ومختلفة عن مناظر الشتاء التي ألفنا رؤيتها من قبل. فالألوان الخفيفة فيها مونوكرومية تقريبا. والطبيعة مرسومة بحرّية كبيرة.
وهناك من يقول إن بريغل رسم اللوحة بمفرده أو بمساعدة آخرين. وقد يكون أراد من خلالها أن يؤرّخ لمنظر الشتاء الهولنديّ في بدايات القرن السابع عشر. وربّما كان يلمّح إلى شتاء العام 1565 الذي يقال انه كان قارساً بشكل غير عاديّ، حسب ما تذكره سجلات ذلك العصر.
أسطورة الخلق في معظم الحضارات الكبرى تتفق على أن الشتاء يأتي إلى الأرض لمعاقبة البشر. وفي أساطير شمال أوربّا، فإن نهاية العالم تحلّ بعد ثلاث سنوات من المناخ الجليديّ. والرسومات التي تصوّر جيش نابليون الجرّار وقد هزمه شتاء روسيا القارس هي المعادل لتلك السيناريوهات القديمة عن نهاية العالم.
أما الرؤية المعاكسة فتقرن الشتاء بالهدوء والراحة، على نحو ما تُظهره مناظر الريف المغطّى بالثلوج مع أشخاص يمتّعون أنفسهم على الغدران والأنهار المتجمّدة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، راجت بكثرة مناظر الشتاء التي تضفي عليه بعض الرومانسية، من قبيل ما كان يفعله الفنّانون الهولنديون الذين رسموا مهرجانات الشتاء مصحوبة ببعض الاحتفالات والطقوس.
بريغل (أو بروغيل كما يُنطق الاسم أحيانا) هو اسم لعائلة كاملة من الرسّامين المبدعين ذوي المواهب الاستثنائية الذين عاشوا في القرنين السادس عشر والسابع عشر وعلى امتداد تاريخ فنّي يقارب المائة والخمسين عاما. وأشهر هؤلاء بريغل الأبّ والابن.
ورغم أن بريغل كان مشهورا في عصره، إلا أنه كان يتبنّى أسلوبا قديما في معظم لوحاته ويرفض رسم الأشخاص بأسلوب مثاليّ على نحو ما كان يفعله فنّانو عصر النهضة الايطالي. والغريب أن أعماله لم تكن تتوافق مع النظريات الجمالية في زمانه، إلا أنها تتماشى بشكل رائع مع ذوق المتلقّي المعاصر.
عُرف بريغل الأبّ بمناظره عن الطبيعة وحياة الفلاحين. كانت الطبيعة مصدر إلهامه الأكبر. وكان يرسمها ويملؤها بالفلاحين ويضمّنها طقوسا من حياة القرية من زراعة وصيد ومهرجانات وألعاب ورقصات. وقد لُقّب بـ "بريغل الفلاح" لتمييزه عن بقيّة فنّاني أسرة بريغل. ولوحاته تتناول كلّ ما هو غريب وشاذّ وتَعرض أيضا لضعف الإنسان وحماقته. ويمكن النظر إلى رسوماته كنوافذ على طبيعة الحياة الاجتماعية في القرن السادس عشر.
ولد بيتر بريغل الأبّ في هولندا عام 1525م. وتأثّر في بداياته بمواطنه الرسّام هيرونيموس بوش. وقضى بعض الوقت في فرنسا وايطاليا، ثمّ ذهب إلى انتويرب فـ بروكسل التي استقرّ فيها إلى أن توفّي في سبتمبر من عام 1569م. وهو والد كلّ من بريغل الابن ويان بريغل الأكبر، والاثنان أصبحا، هما أيضا، رسّامَين مشهورين.