لقطـة سريعـة في بياريتـز
للفنان الإسباني يواكيـن سـورويـا، 1906
للفنان الإسباني يواكيـن سـورويـا، 1906
يُعتبر يواكين سورويا احد أشهر الرسّامين في اسبانيا. وهو معروف بمناظره الطبيعية التي يشعّ منها الضوء وببراعته في رسم البورتريه.
وقد ارتبط اسم سورويا بالانطباعية عندما كانت الحركة تعيش في فرنسا أزهى فتراتها. ولوحاته تغلب عليها الملامح الأساسيّة للانطباعيين، كالرسم خارج الأماكن المفتوحة، والبحث عن اللحظة الفورية في حركة الطبيعة، والإمساك بتأثيرات الضوء، بالإضافة إلى غياب خطوط الحوّاف واستخدام فرشاة صغيرة وفضفاضة.
هذه اللوحة تعدّ إحدى أشهر لوحاته، وفيها يرسم زوجته وهي تجلس على شاطئ البحر مرتدية فستانا ابيض وقبّعة وممسكة بآلة تصوير.
رسم سورويا المنظر في صيف عام 1906، حيث كان يقضي إجازته بصحبة زوجته على شاطئ ميرامار في بياريتز، وهو منتجع سياحيّ يقع على شاطئ الأطلسي جنوب غرب فرنسا وعلى مسافة قريبة من الحدود مع اسبانيا. والمكان مشهور بشطآنه الطويلة وبحياة الليل، ما جعله مكان جذب للسيّاح من أماكن شتّى.
ويبدو أن الرسّام كان متأثّرا بالأجواء الصافية في بياريتز. فالألوان البنفسجية والبيضاء والفضّية اللامعة والشفّافة تغلب على هذه اللقطة التي لا تخلو من تناغم وأناقة وانسجام. تشعر وأنت تتأمّل هذه الصورة بنسيم البحر وبأضوائه التي يقال إن رسّاما لم يمسك بها في أعماله بمثل ما فعل سورويا.
في ذلك العام، كان الفنّان قد حقّق شهرة ونجاحا ماليّا بعد أن نظّم أوّل معرض ناجح للوحاته في باريس. ووصلت سمعته العالمية إلى الولايات المتحدة وأجزاء من أوربّا. ورافق ذلك اهتمام اكبر من قبل الزبائن بشراء واقتناء أعماله.
قابل سورويا زوجته كلوتيلدا ديل كاستيللو لأوّل مرّة عام 1881 عندما كان عمره 18 عاما وكان يعمل مصوّرا في محلّ والدها انطونيو غارسيا، ثمّ تزوّجا عام 1889م واستقرّا في مدريد. وقد رسمها مرّات عديدة، أحيانا لوحدها وأحيانا بصحبة أطفالهما.
كانت كلوتيلدا ملهمة سورويا الأولى ورفيقته وأمّ أطفاله الثلاثة. وهي تظهر في لوحاته بأوضاع مختلفة، أحيانا كسيّدة بورجوازية، وأحيانا كأمّ، وفي بعض اللوحات تبدو كمرآة تعكس النجاح الذي حقّقه زوجها. كما أن حضورها يشعّ في غرف متحف الرسّام في مدريد والذي يضمّ العديد من اللوحات والرسائل والمقتنيات الشخصيّة. وطوال حياتهما، تبادل الاثنان أكثر من ألفي رسالة تعكس الحبّ العظيم الذي كان يربط بينهما.
كلوتيلدا ديل كاستيللو كانت بالنسبة لـ سورويا رمزا للرّقي والأناقة. ومن الواضح انه لم يكن يحتاج لموديل خاصّة كي يرسمها، لأن زوجته كانت بالنسبة له كلّ شيء. وهي لم تكن تتمتّع بجمال خارق أو خاصّ، لكن كان لديها الأناقة وسحر الشخصية. ومن السهل متابعة مراحل حياتها من خلال اللوحات الكثيرة التي رسمها لها والتي تصوّر حتى آثار مرور الزمن على وجهها. وهذه اللوحات يمكن اعتبارها شهادات حيّة وتلقائية عن حياتهما العائلية، وفيها تبدو إمّا وهي تقرأ، أو وهي نائمة على الأريكة، أو تمشي على الشاطئ أو تلعب مع أطفالها.
في إحدى لوحاته الأخرى، يرسم سورويا زوجته واثنتين من بناته وهنّ يمشين على الشاطئ. المنظر يوصل إحساسا بأجواء البحر المتوسّط. الألوان ساطعة وحيّة، ونسيم البحر يتجسّد من خلال حركة الملابس. هنا أيضا، لم يستخدم الرسّام الأسود كلون للظلال، بل البنفسجيّ والأبيض والبنّي كما هي عادة الانطباعيين.
ورغم أن سورويا كان دائم السفر وزار العديد من البلدان والمدن، إلا أن بلنسية ظلّت مدينته المفضّلة والأثيرة إلى نفسه. ولوحاته عنها وعن شطآنها مليئة بالأضواء الذهبية والساطعة، مع صور لصيّادين وأطفال ونساء يمارسون أنشطة يومية مختلفة.
ولد يواكين سورويا في بلنسية في فبراير من عام 1863م وكان الابن الأكبر لوالده التاجر. وقد توفّي والده وعمره لا يتجاوز العامين، فتربّى في كنف عمّه. وتلقّى أوّل تعليم له في مدينته. وفي سنّ الثامنة عشرة سافر إلى مدريد ودرس لوحات كبار الرسّامين في متحف برادو. بعد ذلك قضى أربع سنوات في روما لدراسة الرسم. وقد تأثّر بلوحات كل من جول باستيان لوباج وأدولف فون مينزل .
في بعض الأوقات، كان سورويا يتردّد على أشبيلية وغرناطة وقصر الحمراء. وقد أثمرت زياراته المتكرّرة لتلك الأماكن عددا من الصور غير العاديّة لحدائق الريف الأندلسي التي تتفجّر منها الألوان البرتقالي والمشمشي وشلالات الأزهار البيضاء والزهرية. غير أن لوحاته تلك تثير التأمّل الحزين على عكس ما توحي به لوحاته الأخرى التي يصوّر فيها الشواطئ التي تضجّ بالحياة وبضروب التسلية واللهو.
وقد تأمّل سورويا المعمار الأندلسيّ طويلا ووجده في بادئ الأمر متقشّفا وبعيدا عن ذوقه. وشرح ذلك الانطباع مرّة في رسالة إلى زوجته يقول فيها: يوجد هنا الكثير من الرخام والأفنية المرصوفة. الحمراء ليست مكانا للحدائق بل مجرّد فراغ صغير وحزين. إنها أشبه ما تكون بدير للراهبات".
غير أن الصمت الخفيّ لتلك الأماكن التي لا يبدّد سكونها سوى أصوات خرير النوافير بدأ يثير افتتان الرسّام شيئا فشيئا. فعاد إليها مرّة تلو مرّة ليصوّر جوهرها ويجسّد طبيعتها على رقعة الرسم. وفي بعض المرّات كان يُحضِر معه من هناك أنواعا من الحجارة والبلاط والنباتات ليزرعها في حديقة منزله. وعندما نمت الحديقة أصبحت موضوعا لبعض لوحاته التي كان يصوّر فيها أفراد عائلته وبعض أصدقائه.
الوجود الرعوي والهادئ الذي كان سورويا ينقله في لوحاته عن البيت والحدائق والنوافير لم يُقدّر له أن يعيش طويلا. ففي عام 1920 وبينما كان يرسم في حديقة منزله في مدريد، فاجأته جلطة دماغية قويّة أصيب على إثرها بالشلل وتوفّي بعدها بثلاث سنوات، أي في أغسطس من عام 1923م. وبعد وفاته وهبت زوجته الكثير من لوحاته للشعب الاسباني. ثم قرّرت الحكومة الاسبانية تحويل منزله إلى متحف يحمل اسمه.
وقد ارتبط اسم سورويا بالانطباعية عندما كانت الحركة تعيش في فرنسا أزهى فتراتها. ولوحاته تغلب عليها الملامح الأساسيّة للانطباعيين، كالرسم خارج الأماكن المفتوحة، والبحث عن اللحظة الفورية في حركة الطبيعة، والإمساك بتأثيرات الضوء، بالإضافة إلى غياب خطوط الحوّاف واستخدام فرشاة صغيرة وفضفاضة.
هذه اللوحة تعدّ إحدى أشهر لوحاته، وفيها يرسم زوجته وهي تجلس على شاطئ البحر مرتدية فستانا ابيض وقبّعة وممسكة بآلة تصوير.
رسم سورويا المنظر في صيف عام 1906، حيث كان يقضي إجازته بصحبة زوجته على شاطئ ميرامار في بياريتز، وهو منتجع سياحيّ يقع على شاطئ الأطلسي جنوب غرب فرنسا وعلى مسافة قريبة من الحدود مع اسبانيا. والمكان مشهور بشطآنه الطويلة وبحياة الليل، ما جعله مكان جذب للسيّاح من أماكن شتّى.
ويبدو أن الرسّام كان متأثّرا بالأجواء الصافية في بياريتز. فالألوان البنفسجية والبيضاء والفضّية اللامعة والشفّافة تغلب على هذه اللقطة التي لا تخلو من تناغم وأناقة وانسجام. تشعر وأنت تتأمّل هذه الصورة بنسيم البحر وبأضوائه التي يقال إن رسّاما لم يمسك بها في أعماله بمثل ما فعل سورويا.
في ذلك العام، كان الفنّان قد حقّق شهرة ونجاحا ماليّا بعد أن نظّم أوّل معرض ناجح للوحاته في باريس. ووصلت سمعته العالمية إلى الولايات المتحدة وأجزاء من أوربّا. ورافق ذلك اهتمام اكبر من قبل الزبائن بشراء واقتناء أعماله.
قابل سورويا زوجته كلوتيلدا ديل كاستيللو لأوّل مرّة عام 1881 عندما كان عمره 18 عاما وكان يعمل مصوّرا في محلّ والدها انطونيو غارسيا، ثمّ تزوّجا عام 1889م واستقرّا في مدريد. وقد رسمها مرّات عديدة، أحيانا لوحدها وأحيانا بصحبة أطفالهما.
كانت كلوتيلدا ملهمة سورويا الأولى ورفيقته وأمّ أطفاله الثلاثة. وهي تظهر في لوحاته بأوضاع مختلفة، أحيانا كسيّدة بورجوازية، وأحيانا كأمّ، وفي بعض اللوحات تبدو كمرآة تعكس النجاح الذي حقّقه زوجها. كما أن حضورها يشعّ في غرف متحف الرسّام في مدريد والذي يضمّ العديد من اللوحات والرسائل والمقتنيات الشخصيّة. وطوال حياتهما، تبادل الاثنان أكثر من ألفي رسالة تعكس الحبّ العظيم الذي كان يربط بينهما.
كلوتيلدا ديل كاستيللو كانت بالنسبة لـ سورويا رمزا للرّقي والأناقة. ومن الواضح انه لم يكن يحتاج لموديل خاصّة كي يرسمها، لأن زوجته كانت بالنسبة له كلّ شيء. وهي لم تكن تتمتّع بجمال خارق أو خاصّ، لكن كان لديها الأناقة وسحر الشخصية. ومن السهل متابعة مراحل حياتها من خلال اللوحات الكثيرة التي رسمها لها والتي تصوّر حتى آثار مرور الزمن على وجهها. وهذه اللوحات يمكن اعتبارها شهادات حيّة وتلقائية عن حياتهما العائلية، وفيها تبدو إمّا وهي تقرأ، أو وهي نائمة على الأريكة، أو تمشي على الشاطئ أو تلعب مع أطفالها.
في إحدى لوحاته الأخرى، يرسم سورويا زوجته واثنتين من بناته وهنّ يمشين على الشاطئ. المنظر يوصل إحساسا بأجواء البحر المتوسّط. الألوان ساطعة وحيّة، ونسيم البحر يتجسّد من خلال حركة الملابس. هنا أيضا، لم يستخدم الرسّام الأسود كلون للظلال، بل البنفسجيّ والأبيض والبنّي كما هي عادة الانطباعيين.
ورغم أن سورويا كان دائم السفر وزار العديد من البلدان والمدن، إلا أن بلنسية ظلّت مدينته المفضّلة والأثيرة إلى نفسه. ولوحاته عنها وعن شطآنها مليئة بالأضواء الذهبية والساطعة، مع صور لصيّادين وأطفال ونساء يمارسون أنشطة يومية مختلفة.
ولد يواكين سورويا في بلنسية في فبراير من عام 1863م وكان الابن الأكبر لوالده التاجر. وقد توفّي والده وعمره لا يتجاوز العامين، فتربّى في كنف عمّه. وتلقّى أوّل تعليم له في مدينته. وفي سنّ الثامنة عشرة سافر إلى مدريد ودرس لوحات كبار الرسّامين في متحف برادو. بعد ذلك قضى أربع سنوات في روما لدراسة الرسم. وقد تأثّر بلوحات كل من جول باستيان لوباج وأدولف فون مينزل .
في بعض الأوقات، كان سورويا يتردّد على أشبيلية وغرناطة وقصر الحمراء. وقد أثمرت زياراته المتكرّرة لتلك الأماكن عددا من الصور غير العاديّة لحدائق الريف الأندلسي التي تتفجّر منها الألوان البرتقالي والمشمشي وشلالات الأزهار البيضاء والزهرية. غير أن لوحاته تلك تثير التأمّل الحزين على عكس ما توحي به لوحاته الأخرى التي يصوّر فيها الشواطئ التي تضجّ بالحياة وبضروب التسلية واللهو.
وقد تأمّل سورويا المعمار الأندلسيّ طويلا ووجده في بادئ الأمر متقشّفا وبعيدا عن ذوقه. وشرح ذلك الانطباع مرّة في رسالة إلى زوجته يقول فيها: يوجد هنا الكثير من الرخام والأفنية المرصوفة. الحمراء ليست مكانا للحدائق بل مجرّد فراغ صغير وحزين. إنها أشبه ما تكون بدير للراهبات".
غير أن الصمت الخفيّ لتلك الأماكن التي لا يبدّد سكونها سوى أصوات خرير النوافير بدأ يثير افتتان الرسّام شيئا فشيئا. فعاد إليها مرّة تلو مرّة ليصوّر جوهرها ويجسّد طبيعتها على رقعة الرسم. وفي بعض المرّات كان يُحضِر معه من هناك أنواعا من الحجارة والبلاط والنباتات ليزرعها في حديقة منزله. وعندما نمت الحديقة أصبحت موضوعا لبعض لوحاته التي كان يصوّر فيها أفراد عائلته وبعض أصدقائه.
الوجود الرعوي والهادئ الذي كان سورويا ينقله في لوحاته عن البيت والحدائق والنوافير لم يُقدّر له أن يعيش طويلا. ففي عام 1920 وبينما كان يرسم في حديقة منزله في مدريد، فاجأته جلطة دماغية قويّة أصيب على إثرها بالشلل وتوفّي بعدها بثلاث سنوات، أي في أغسطس من عام 1923م. وبعد وفاته وهبت زوجته الكثير من لوحاته للشعب الاسباني. ثم قرّرت الحكومة الاسبانية تحويل منزله إلى متحف يحمل اسمه.