الحـلـم
للفنان الفرنسي جـان باتيـست دوتـاي، 1888
للفنان الفرنسي جـان باتيـست دوتـاي، 1888
بعض الرسّامين ينجذبون إلى رسم الطبيعة. والبعض الآخر إلى رسم الأشخاص. وهناك فريق ثالث يغريه رسم المعارك والحروب. من هؤلاء جان باتيست دوتاي الذي كرّس جميع لوحاته لرسم مناظر الحروب والصراعات العسكرية.
وهذه اللوحة تُعتبر أشهر أعماله. وقد نال عليها عند عرضها في صالون باريس ميدالية ذهبية. ثم بادرت الدولة إلى شرائها نظرا لقيمتها الوطنية.
اللوحة تنقسم إلى جزأين، احدهما واقعي والآخر فانتازي أو متخيّل.
في الجزء الأيسر نرى مجموعة من الجنود وهم نائمون على الأرض بينما وضعوا أسلحتهم وعتادهم جانبا.
الجزء الأيمن من اللوحة يصوّر أجواء معركة حقيقية، غير أنها في الواقع متخيّلة. في هذا الجانب تشتعل ساحة المعركة بنيران القذائف والمدفعية بينما ينتشر الدخان الكثيف في كلّ مكان. ومن بين سحب الدخان يظهر في الأفق مجموعة من المقاتلين وهم يعتلون ظهور الخيول ويرفعون أعلاما بألوان مختلفة.
من الواضح أن هؤلاء الجنود النائمين يحلمون. وطبيعة الحلم الذي يراودهم هو ما يظهر في الجانب الأيمن وفي أفق اللوحة.
المنظر يتضمّن رسالة سياسية واضحة. فالجنود، من خلال الحلم، إنما يتذكّرون جانبا من تاريخ فرنسا المجيد. وهم يحنّون إلى زمن انتصار الثورة والإمبراطورية في عصر نابليون.
في الوقت الذي رسم فيه دوتاي اللوحة كان اليأس قد تسرّب إلى نفوس الناس نتيجة الإخفاقات السياسية والعسكرية المتتالية التي شهدتها الفترة الأولى من الحكم الجمهوري. وقتها تمّ سَنّ قانون التجنيد الإلزامي الذي يتيح للشباب الانخراط في الخدمة العسكرية.
نجاح هذه اللوحة وشعبيّتها الكبيرة أغرت الرسّام بأن يتخصّص في رسم المناظر الحربية المستمدّة من التاريخ الفرنسي. وقد كان للحرب الفرنسية البروسية تأثير كبير عليه لأنها وفّرت له، ولأوّل مرّة، فرصة رؤية الحرب عيانا. بل لقد شارك دوتاي فعليا في تلك الحرب ورأى بشكل مباشر مناظر القتال وعمليات الالتحام بين الجند. وقد مكّنته هذه التجربة من رسم لوحات متعدّدة ومثيرة عن الحرب.
ولد جان باتيست دوتاي في باريس عام 1847م. ومنذ سنوات صباه الأولى كان محاطا بالمظاهر العسكرية، حيث عمل جدّه في جيش نابليون، كما أن بعض قريباته كنّ متزوّجات من أشخاص يعملون في الجيش.
ومنذ الصغر كان طموحه الوحيد أن يصبح رسّاما وأن يدرس على يد كابانيل. وفي ما بعد واتته الفرصة لتلقّي دروس في الرسم في محترف الرسّام جان ميسونيه الذي كان متخصّصا في رسم مناظر الحرب.
وأوّل لوحة له رسمها وهو في سنّ الثامنة عشرة. وكانت تصوّر معركة من نسج خياله عن الثورة الفرنسية.
كان دوتاي كثير الترحال. وقد أخذته أسفاره إلى العديد من الدول الأوربّية. كما زار تونس والجزائر. وذهب إلى انجلترا التي رسم فيها بورتريها للملك ادوارد مع أمير ويلز آنذاك.
كانت الحروب دائما احد المواضيع المفضّلة في الرسم. بعض الفنّانين صوّروا في أعمالهم الجانب الشرّير والوحشي من الحرب، مثل ليوناردو دافنشي وفرانشيسكو دي غويا وسلفادور دالي وفاسيلي فيرتشاغن واوتو ديكس وفرناندو بوتيرو.
والبعض الآخر رسموا الحرب من منظور تاريخي أو كظاهرة بشرية مثل يوهان لينغلباك وبيرسي موران ولوي لوجون.
والبعض الثالث رسم الحرب من حيث ارتباطها بالمشاعر الوطنية أو القومية، مثل جاك لوي دافيد وفوتجيك كوساك وايمانويل لويتسا.
بعض هؤلاء كانوا مجرّد شهود عيان على الحرب. والبعض الآخر كانوا مشاركين فعليين فيها.
وقبل ظهور التصوير الضوئي، كان من عادة الدول أن ترسل رسّامين يرافقون الجيوش كي يسجّلوا مراحل الحرب وعمليات القتال في الميدان. وكثيرا ما كان يُحتفظ بهذه اللوحات كسجلات صُورية توثّق لتاريخ الجيوش وحروبها.
في جميع لوحاته عن الحرب، كان دوتاي يحرص على إبراز نوعية الملابس والأسلحة في محاولة لإضفاء طابع واقعي على لوحاته.
وجزء كبير من أعماله صوّر فيها حملات نابليون وحروبه الكثيرة بالإضافة إلى حصار باريس. وقد اضطرّ في إحدى المرّات إلى سحب اثنتين من لوحاته من العرض كي لا يثير استياء الألمان.
كان دوتاي يولي في لوحاته أهميّة فائقة للتفاصيل. كما كان يهتمّ كثيرا بدقّة رسوماته وواقعيّتها. وكانت أعماله مثار إعجاب معاصريه لقوّتها التعبيرية ودقّة تفاصيلها. ويقال أن سلفادور دالي كان يعتبره أفضل رسّام فرنسي على الإطلاق. وقد ألّف كتابا عن الجيش الفرنسي ضمّنه مئات من رسوماته التي تحكي عن تاريخ جيش بلاده والحروب التي خاضها.
ومن اللافت أن مارسيل بروست ذكره في إحدى رواياته باسم "راسم الحلم"، في إشارة إلى لوحته هذه.
توفّي جان باتيست دوتاي في شهر ديسمبر عام 1912. وبالإمكان اليوم رؤية بعض أعماله في أشهر المتاحف العالمية مثل الارميتاج الروسي والمتروبوليتان الأمريكي.
وهذه اللوحة تُعتبر أشهر أعماله. وقد نال عليها عند عرضها في صالون باريس ميدالية ذهبية. ثم بادرت الدولة إلى شرائها نظرا لقيمتها الوطنية.
اللوحة تنقسم إلى جزأين، احدهما واقعي والآخر فانتازي أو متخيّل.
في الجزء الأيسر نرى مجموعة من الجنود وهم نائمون على الأرض بينما وضعوا أسلحتهم وعتادهم جانبا.
الجزء الأيمن من اللوحة يصوّر أجواء معركة حقيقية، غير أنها في الواقع متخيّلة. في هذا الجانب تشتعل ساحة المعركة بنيران القذائف والمدفعية بينما ينتشر الدخان الكثيف في كلّ مكان. ومن بين سحب الدخان يظهر في الأفق مجموعة من المقاتلين وهم يعتلون ظهور الخيول ويرفعون أعلاما بألوان مختلفة.
من الواضح أن هؤلاء الجنود النائمين يحلمون. وطبيعة الحلم الذي يراودهم هو ما يظهر في الجانب الأيمن وفي أفق اللوحة.
المنظر يتضمّن رسالة سياسية واضحة. فالجنود، من خلال الحلم، إنما يتذكّرون جانبا من تاريخ فرنسا المجيد. وهم يحنّون إلى زمن انتصار الثورة والإمبراطورية في عصر نابليون.
في الوقت الذي رسم فيه دوتاي اللوحة كان اليأس قد تسرّب إلى نفوس الناس نتيجة الإخفاقات السياسية والعسكرية المتتالية التي شهدتها الفترة الأولى من الحكم الجمهوري. وقتها تمّ سَنّ قانون التجنيد الإلزامي الذي يتيح للشباب الانخراط في الخدمة العسكرية.
نجاح هذه اللوحة وشعبيّتها الكبيرة أغرت الرسّام بأن يتخصّص في رسم المناظر الحربية المستمدّة من التاريخ الفرنسي. وقد كان للحرب الفرنسية البروسية تأثير كبير عليه لأنها وفّرت له، ولأوّل مرّة، فرصة رؤية الحرب عيانا. بل لقد شارك دوتاي فعليا في تلك الحرب ورأى بشكل مباشر مناظر القتال وعمليات الالتحام بين الجند. وقد مكّنته هذه التجربة من رسم لوحات متعدّدة ومثيرة عن الحرب.
ولد جان باتيست دوتاي في باريس عام 1847م. ومنذ سنوات صباه الأولى كان محاطا بالمظاهر العسكرية، حيث عمل جدّه في جيش نابليون، كما أن بعض قريباته كنّ متزوّجات من أشخاص يعملون في الجيش.
ومنذ الصغر كان طموحه الوحيد أن يصبح رسّاما وأن يدرس على يد كابانيل. وفي ما بعد واتته الفرصة لتلقّي دروس في الرسم في محترف الرسّام جان ميسونيه الذي كان متخصّصا في رسم مناظر الحرب.
وأوّل لوحة له رسمها وهو في سنّ الثامنة عشرة. وكانت تصوّر معركة من نسج خياله عن الثورة الفرنسية.
كان دوتاي كثير الترحال. وقد أخذته أسفاره إلى العديد من الدول الأوربّية. كما زار تونس والجزائر. وذهب إلى انجلترا التي رسم فيها بورتريها للملك ادوارد مع أمير ويلز آنذاك.
كانت الحروب دائما احد المواضيع المفضّلة في الرسم. بعض الفنّانين صوّروا في أعمالهم الجانب الشرّير والوحشي من الحرب، مثل ليوناردو دافنشي وفرانشيسكو دي غويا وسلفادور دالي وفاسيلي فيرتشاغن واوتو ديكس وفرناندو بوتيرو.
والبعض الآخر رسموا الحرب من منظور تاريخي أو كظاهرة بشرية مثل يوهان لينغلباك وبيرسي موران ولوي لوجون.
والبعض الثالث رسم الحرب من حيث ارتباطها بالمشاعر الوطنية أو القومية، مثل جاك لوي دافيد وفوتجيك كوساك وايمانويل لويتسا.
بعض هؤلاء كانوا مجرّد شهود عيان على الحرب. والبعض الآخر كانوا مشاركين فعليين فيها.
وقبل ظهور التصوير الضوئي، كان من عادة الدول أن ترسل رسّامين يرافقون الجيوش كي يسجّلوا مراحل الحرب وعمليات القتال في الميدان. وكثيرا ما كان يُحتفظ بهذه اللوحات كسجلات صُورية توثّق لتاريخ الجيوش وحروبها.
في جميع لوحاته عن الحرب، كان دوتاي يحرص على إبراز نوعية الملابس والأسلحة في محاولة لإضفاء طابع واقعي على لوحاته.
وجزء كبير من أعماله صوّر فيها حملات نابليون وحروبه الكثيرة بالإضافة إلى حصار باريس. وقد اضطرّ في إحدى المرّات إلى سحب اثنتين من لوحاته من العرض كي لا يثير استياء الألمان.
كان دوتاي يولي في لوحاته أهميّة فائقة للتفاصيل. كما كان يهتمّ كثيرا بدقّة رسوماته وواقعيّتها. وكانت أعماله مثار إعجاب معاصريه لقوّتها التعبيرية ودقّة تفاصيلها. ويقال أن سلفادور دالي كان يعتبره أفضل رسّام فرنسي على الإطلاق. وقد ألّف كتابا عن الجيش الفرنسي ضمّنه مئات من رسوماته التي تحكي عن تاريخ جيش بلاده والحروب التي خاضها.
ومن اللافت أن مارسيل بروست ذكره في إحدى رواياته باسم "راسم الحلم"، في إشارة إلى لوحته هذه.
توفّي جان باتيست دوتاي في شهر ديسمبر عام 1912. وبالإمكان اليوم رؤية بعض أعماله في أشهر المتاحف العالمية مثل الارميتاج الروسي والمتروبوليتان الأمريكي.