القارئة غير المركّزة
للفنان الفرنسي هنري ماتيس، 1919
للفنان الفرنسي هنري ماتيس، 1919
كثيرا ما يُوصف هنري ماتيس بأنه أعظم ملوّن في القرن العشرين. كما انه أحد الفنّانين الذين أحدثوا تغييرات ثورية في الفنون البصرية. وبراعته في إظهار السمات التعبيرية للألوان واضحة في أعماله الكثيرة التي رسمها على امتداد نصف قرن.
في إحدى المرّات لخّص ماتيس رؤيته عن وظيفة الفنّ بقوله: ما احلم به هو فنّ متوازن ونقيّ وخال من المواضيع المزعجة والمحبطة؛ فنّ يجد فيه الكاتب والمثقّف ورجل الأعمال والمعماريّ ما يجلو همّه ويريح عقله، تماما مثلما يوفّر كرسيّ جيّد الراحة والاسترخاء لجسد متعب".
كانت فنون شمال أفريقيا واليابان احد مصادر إلهام الرسّام. وقد مزج في العديد من لوحاته بعض الخصائص الزخرفية للفنّ الإسلامي. والكثير من المزهريات والأباريق وقطع الديكور الأخرى التي تظهر في لوحاته كان قد اشتراها أثناء رحلاته إلى الجزائر والمغرب واسبانيا.
كان من عادته أن يتردّد على المحلات التي تبيع التحف والأشياء القديمة المجلوبة من المستعمرات الأوربّية كي يشتريها ويضمّنها في لوحاته. وكانت هذه القطع تنمّي شعوره وتغذّي خياله كفنّان.
المرأة المستغرقة في حلم يقظة كانت احد أفكاره ماتيس الأساسية. وكان يعود إلى هذه الفكرة من وقت لآخر. وهو في هذه اللوحة يرسم امرأة في لحظة من لحظات التأمّل الغامض بينما تمسك بيدها كتابا.
عنوان اللوحة يشي بأن المرأة تحاول التخلّص من شعورها بالوحدة وذلك من خلال القراءة والاطلاع. والمشهد، على بساطته، يدفع الناظر لأن يفترض قصصا واحتمالات مختلفة.
والرسّام يحاول إبراز شخصية المرأة من خلال الألوان وتفاصيل الديكور المختلفة. لكن جمال الألوان والطرز والنسيج والهدوء الذي تثيره يتناقض مع ملامح القارئة التي تبدو منهكة وغير سعيدة على الرغم من الأشياء المبهجة التي تحيط بها.
كان ماتيس قد رسم اللوحة أثناء إقامته في احد فنادق مدينة نيس في جنوب فرنسا. وهو فيها يحاول أن يخلق إحساسا بالحميمية ويوظّف التفاصيل في هذا المكان كي يثير فكرة أو حالة ما.
وإسناد المرأة رأسها على يدها يُفهم منه أنها حزينة وربّما منشغلة الذهن. أما وجود الأزهار والمرآة فترتبط تقليديّا في الرسم بفكرة أن الحياة مؤقّتة وزائلة.
المناظر الداخلية المرسومة خلف أبواب مغلقة غالبا ما تكون وسيلة يحاول الفنّان من خلالها تصوير العلاقة بينه وبين شخوصه.
و ماتيس كان يجد إمكانيات إبداعية كبيرة في العودة إلى بعض الأفكار والصور الأساسية. ومن الملاحظ أن لوحته هذه هي تنويع على بعض أعماله المبكّرة، مثل "القارئة" و"امرأة تقرأ".
لكن هذه اللوحة أكثر تميّزا، وهو فيها يجمع أشياء متنوّعة، مثل أزهار الخشخاش الموضوعة في آنية زجاجية، والمرآة المذهّبة، والكرسيّ ذي القماش الحريريّ، والستائر البرتقالية، والسجّادة الزهرية.
ومن الأشياء التي تلفت الانتباه المزيج الرائع للألوان الزهرية والزرقاء. واللوحة بأكملها تكتسب سمة الألوان الزهرية التي تغلب على جوّها مثيرةً إحساسا بالتفاؤل والسلام.
وجزء مهمّ من جمالها ربّما يعود إلى أنها مرسومة بألوان الباستيل، كما أن فيها مسحة من الفنّ الساذج أو الطفوليّ، كما تعبّر عنه الخطوط والكتل ذات الألوان الفضفاضة.
وبعض التفاصيل الأخرى، مثل جدران الغرفة وبلاط الأرضية وكرسيّ المرأة الذي لا يتناسب مع جسمها، توضّح أنها رُسمت دون اعتبار للمنظور.
بعد أن عثر ماتيس على أسلوبه الخاصّ، أصبح يتمتّع بنجاح اكبر مكّنه من السفر إلى ايطاليا واسبانيا وألمانيا وأمريكا الشمالية طلبا للإلهام.
وطوال عشرينات القرن الماضي استمرّ يتحف جمهوره بالمزيد من الأعمال ذات الألوان المشبعة والفراغات المسطّحة، مع اقلّ قدر من التفاصيل. ثم بدأ يدرس ويستكشف سمات التكعيبية.
ورغم انه تبنّى أسلوبا ثوريّا في الشكل واللون، إلا أن مواضيعه كانت في الغالب تقليدية، تتراوح بين رسم بورتريهات لأصدقائه وعائلته وتصوير أشخاص في الغرف وفي الطبيعة بالإضافة إلى مشاهد من محترفه.
وأثناء الغزو النازيّ لفرنسا في بداية الأربعينات، عاش الرسّام في عزلة في منزله في جنوب فرنسا، رغم أن العديد من أفراد عائلته كانوا منخرطين في عمليات المقاومة.
وقد اُعتقلت زوجته أثناء تلك الفترة، كما تعرّضت ابنته للسجن والتعذيب بسبب أنشطتها في المقاومة قبل أن تُرسل إلى احد معسكرات الاعتقال في ألمانيا.
توفّي هنري ماتيس في نوفمبر من عام 1954 عن أربعة وثمانين عاما إثر نوبة قلبية، بعد أن حقّق لنفسه مكانة بارزة واعتُبر بنظر الكثيرين احد أبرز روّاد فنّ الحداثة.
وفي عام 2005، بيعت لوحته ازهار الخوخ بمبلغ خمسة وعشرين مليون دولار. وكان احد أعماله النحتية قد بيع في عام 2002 بمبلغ تسعة ملايين دولار أمريكي.
في إحدى المرّات لخّص ماتيس رؤيته عن وظيفة الفنّ بقوله: ما احلم به هو فنّ متوازن ونقيّ وخال من المواضيع المزعجة والمحبطة؛ فنّ يجد فيه الكاتب والمثقّف ورجل الأعمال والمعماريّ ما يجلو همّه ويريح عقله، تماما مثلما يوفّر كرسيّ جيّد الراحة والاسترخاء لجسد متعب".
كانت فنون شمال أفريقيا واليابان احد مصادر إلهام الرسّام. وقد مزج في العديد من لوحاته بعض الخصائص الزخرفية للفنّ الإسلامي. والكثير من المزهريات والأباريق وقطع الديكور الأخرى التي تظهر في لوحاته كان قد اشتراها أثناء رحلاته إلى الجزائر والمغرب واسبانيا.
كان من عادته أن يتردّد على المحلات التي تبيع التحف والأشياء القديمة المجلوبة من المستعمرات الأوربّية كي يشتريها ويضمّنها في لوحاته. وكانت هذه القطع تنمّي شعوره وتغذّي خياله كفنّان.
المرأة المستغرقة في حلم يقظة كانت احد أفكاره ماتيس الأساسية. وكان يعود إلى هذه الفكرة من وقت لآخر. وهو في هذه اللوحة يرسم امرأة في لحظة من لحظات التأمّل الغامض بينما تمسك بيدها كتابا.
عنوان اللوحة يشي بأن المرأة تحاول التخلّص من شعورها بالوحدة وذلك من خلال القراءة والاطلاع. والمشهد، على بساطته، يدفع الناظر لأن يفترض قصصا واحتمالات مختلفة.
والرسّام يحاول إبراز شخصية المرأة من خلال الألوان وتفاصيل الديكور المختلفة. لكن جمال الألوان والطرز والنسيج والهدوء الذي تثيره يتناقض مع ملامح القارئة التي تبدو منهكة وغير سعيدة على الرغم من الأشياء المبهجة التي تحيط بها.
كان ماتيس قد رسم اللوحة أثناء إقامته في احد فنادق مدينة نيس في جنوب فرنسا. وهو فيها يحاول أن يخلق إحساسا بالحميمية ويوظّف التفاصيل في هذا المكان كي يثير فكرة أو حالة ما.
وإسناد المرأة رأسها على يدها يُفهم منه أنها حزينة وربّما منشغلة الذهن. أما وجود الأزهار والمرآة فترتبط تقليديّا في الرسم بفكرة أن الحياة مؤقّتة وزائلة.
المناظر الداخلية المرسومة خلف أبواب مغلقة غالبا ما تكون وسيلة يحاول الفنّان من خلالها تصوير العلاقة بينه وبين شخوصه.
و ماتيس كان يجد إمكانيات إبداعية كبيرة في العودة إلى بعض الأفكار والصور الأساسية. ومن الملاحظ أن لوحته هذه هي تنويع على بعض أعماله المبكّرة، مثل "القارئة" و"امرأة تقرأ".
لكن هذه اللوحة أكثر تميّزا، وهو فيها يجمع أشياء متنوّعة، مثل أزهار الخشخاش الموضوعة في آنية زجاجية، والمرآة المذهّبة، والكرسيّ ذي القماش الحريريّ، والستائر البرتقالية، والسجّادة الزهرية.
ومن الأشياء التي تلفت الانتباه المزيج الرائع للألوان الزهرية والزرقاء. واللوحة بأكملها تكتسب سمة الألوان الزهرية التي تغلب على جوّها مثيرةً إحساسا بالتفاؤل والسلام.
وجزء مهمّ من جمالها ربّما يعود إلى أنها مرسومة بألوان الباستيل، كما أن فيها مسحة من الفنّ الساذج أو الطفوليّ، كما تعبّر عنه الخطوط والكتل ذات الألوان الفضفاضة.
وبعض التفاصيل الأخرى، مثل جدران الغرفة وبلاط الأرضية وكرسيّ المرأة الذي لا يتناسب مع جسمها، توضّح أنها رُسمت دون اعتبار للمنظور.
بعد أن عثر ماتيس على أسلوبه الخاصّ، أصبح يتمتّع بنجاح اكبر مكّنه من السفر إلى ايطاليا واسبانيا وألمانيا وأمريكا الشمالية طلبا للإلهام.
وطوال عشرينات القرن الماضي استمرّ يتحف جمهوره بالمزيد من الأعمال ذات الألوان المشبعة والفراغات المسطّحة، مع اقلّ قدر من التفاصيل. ثم بدأ يدرس ويستكشف سمات التكعيبية.
ورغم انه تبنّى أسلوبا ثوريّا في الشكل واللون، إلا أن مواضيعه كانت في الغالب تقليدية، تتراوح بين رسم بورتريهات لأصدقائه وعائلته وتصوير أشخاص في الغرف وفي الطبيعة بالإضافة إلى مشاهد من محترفه.
وأثناء الغزو النازيّ لفرنسا في بداية الأربعينات، عاش الرسّام في عزلة في منزله في جنوب فرنسا، رغم أن العديد من أفراد عائلته كانوا منخرطين في عمليات المقاومة.
وقد اُعتقلت زوجته أثناء تلك الفترة، كما تعرّضت ابنته للسجن والتعذيب بسبب أنشطتها في المقاومة قبل أن تُرسل إلى احد معسكرات الاعتقال في ألمانيا.
توفّي هنري ماتيس في نوفمبر من عام 1954 عن أربعة وثمانين عاما إثر نوبة قلبية، بعد أن حقّق لنفسه مكانة بارزة واعتُبر بنظر الكثيرين احد أبرز روّاد فنّ الحداثة.
وفي عام 2005، بيعت لوحته ازهار الخوخ بمبلغ خمسة وعشرين مليون دولار. وكان احد أعماله النحتية قد بيع في عام 2002 بمبلغ تسعة ملايين دولار أمريكي.