وقت الشاي (امرأة مع ملعقة شاي)
للفنان الفرنسي جان دومينيك ميتسينغر، 1911
للفنان الفرنسي جان دومينيك ميتسينغر، 1911
شهدت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ظهور العديد من الاكتشافات والابتكارات التكنولوجية المهمّة، مثل السيّارة والتليفون والطائرة. كما ظهر أيضا، ولأوّل مرّة، التصوير الضوئي الذي بدأ يحلّ شيئا فشيئا محلّ الرسم في تسجيل وتوثيق الأحداث.
وقد شعر الفنّانون في ذلك الوقت بأنهم بحاجة إلى شيء ما مختلف يعكس مظاهر العالم الحديث ويثير اهتمام الناس. وكان هذا هو الدافع الأساس وراء ظهور التكعيبية على يد كلّ من بابلو بيكاسو وجورج بْراك في العام 1907م.
كانت التكعيبية أوّل شكل من أشكال الفنّ التجريدي الذي لا يرى حاجة لإنتاج نسخة دقيقة عن الواقع الخارجي. في بداية الثورة الفنّية، تم تعطيل التمثيل "أي تصوير الأشخاص والأشياء واقعيّا"، ثم عُطّل المنظور، وأصبح الرسّام يقول: هذه لوحة وليست نافذة، هذه اللوحة هي عن نفسها وليست عن شيء ما خارجها. وبدلا من رسم موضوع ما بشكل تمثيلي، فإنه صار يُرسم من خلال الأشكال الهندسية، وأصبحت اللوحة أشبه ما يكون بقالب من الزجاج المكسور.
في البداية تحفّظ الناس على الفكرة، لكنّها، في ما بعد، أصبحت تحظى بشعبية كبيرة، مع أن الحركة التكعيبية لم تستمرّ إلا حتى حوالي العام 1922م. وكان من أبرز رموزها، بالإضافة إلى بيكاسو وبْراك، جان دومينيك ميتسينغر الذي كان رسّاما ومنظّرا وكاتبا وناقدا وشاعرا.
من أشهر أعمال ميتسينغر هذه اللوحة، التي وصفها احد النقّاد عند عرضها لأوّل مرّة في صالون باريس بالموناليزا التكعيبية. واللوحة تذكّر إلى حدّ كبير بلوحة بيكاسو رجل مع غيتار، مع فارق مهمّ هو أن بيكاسو رسم لوحة خالية تقريبا من الألوان، بينما رسم ميتسينغر لوحته بألوان نشطة، وإن كانت متقشّفة نوعا ما.
وبخلاف الكثير من الأعمال التكعيبية، فإن موضوع هذه اللوحة من السهل التعرّف عليه. فالفنّان استخدم أشكالا وأسطحا هندسية مختلفة ليرسم امرأة عارية تمسك بملعقة شاي. الأسطح والأشكال تبدو شفّافة بحيث تكشف عن أسطح وأشكال أخرى خلفها وتتقاطع وتندمج معها. واللوحة تبدو اقلّ غموضا من مثيلاتها، ربّما لأن الرسّام كان يسعى إلى خطب ودّ المؤسّسة الفنية آنذاك والحصول على اعتراف منها.
ملعقة الشاي والطبق نراهما من زاويتين مختلفتين، وهو أمر يستحيل تحقيقه لو أن الرسّام اعتمد المنظور التقليدي الذي يسمح بالنظر من زاوية واحدة فقط. المنظور المتحرّك الجديد الذي وظّفه ميتسينغر يسمح أيضا برؤية وجه المرأة جانبيّا ومن الأمام في نفس الوقت. والأمر يشبه شخصا يدور حول تمثال لكي يراه من كلّ جانب في وقت واحد.
بيكاسو وبْراك كانا يسعيان إلى تجريد الأشخاص من مادّيتهم في لوحاتهما التي تتشابك فيها الأسطح وتتقدّم وتتراجع إلى أن يصبح الجسم ضائعا بدلا من أن يكشف عن نفسه. وميتسينغر فعل العكس تماما في هذه اللوحة. واقتصاده في استخدام الألوان قد تكون الغاية منه تجنّب أي إيحاء بالمزاج أو الانفعال، وإبقاء اللوحة خالية من الارتباطات الرمزية أو السردية، كي يسمح للمتلقّي بالتركيز على النواحي المتعلّقة ببناء وشكل اللوحة نفسه.
الرسومات التكعيبية التحليلية هي في الأساس ذات لون واحد "مونوكروم"، وعادة ما تُستخدم فيها الألوان البنّية أو الرمادية الدافئة. لكنّ بعض التكعيبيين، ومن ضمنهم ميتسينغر، لم يكونوا سعداء بالمونوكروم، فأدخلوا ألوانا إضافية إلى لوحاتهم.
جان دومينيك ميتسينغر يحظى بمكانة خاصّة في الرسم الحديث. وقد لعب دورا مهمّا في تأسيس التكعيبية وفي صياغة تاريخ الفنّ الحديث في النصف الأوّل من القرن العشرين. ولد الرسّام في فرنسا عام 1883م ودرس الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في نان. لوحاته المبكّرة تشي بتأثّره بالانطباعية الجديدة التي كان يمثلها جورج سورا وإدمون كروس. وفي ما بعد، أصبح منظّرا للحركة التكعيبية.
وقد شعر الفنّانون في ذلك الوقت بأنهم بحاجة إلى شيء ما مختلف يعكس مظاهر العالم الحديث ويثير اهتمام الناس. وكان هذا هو الدافع الأساس وراء ظهور التكعيبية على يد كلّ من بابلو بيكاسو وجورج بْراك في العام 1907م.
كانت التكعيبية أوّل شكل من أشكال الفنّ التجريدي الذي لا يرى حاجة لإنتاج نسخة دقيقة عن الواقع الخارجي. في بداية الثورة الفنّية، تم تعطيل التمثيل "أي تصوير الأشخاص والأشياء واقعيّا"، ثم عُطّل المنظور، وأصبح الرسّام يقول: هذه لوحة وليست نافذة، هذه اللوحة هي عن نفسها وليست عن شيء ما خارجها. وبدلا من رسم موضوع ما بشكل تمثيلي، فإنه صار يُرسم من خلال الأشكال الهندسية، وأصبحت اللوحة أشبه ما يكون بقالب من الزجاج المكسور.
في البداية تحفّظ الناس على الفكرة، لكنّها، في ما بعد، أصبحت تحظى بشعبية كبيرة، مع أن الحركة التكعيبية لم تستمرّ إلا حتى حوالي العام 1922م. وكان من أبرز رموزها، بالإضافة إلى بيكاسو وبْراك، جان دومينيك ميتسينغر الذي كان رسّاما ومنظّرا وكاتبا وناقدا وشاعرا.
من أشهر أعمال ميتسينغر هذه اللوحة، التي وصفها احد النقّاد عند عرضها لأوّل مرّة في صالون باريس بالموناليزا التكعيبية. واللوحة تذكّر إلى حدّ كبير بلوحة بيكاسو رجل مع غيتار، مع فارق مهمّ هو أن بيكاسو رسم لوحة خالية تقريبا من الألوان، بينما رسم ميتسينغر لوحته بألوان نشطة، وإن كانت متقشّفة نوعا ما.
وبخلاف الكثير من الأعمال التكعيبية، فإن موضوع هذه اللوحة من السهل التعرّف عليه. فالفنّان استخدم أشكالا وأسطحا هندسية مختلفة ليرسم امرأة عارية تمسك بملعقة شاي. الأسطح والأشكال تبدو شفّافة بحيث تكشف عن أسطح وأشكال أخرى خلفها وتتقاطع وتندمج معها. واللوحة تبدو اقلّ غموضا من مثيلاتها، ربّما لأن الرسّام كان يسعى إلى خطب ودّ المؤسّسة الفنية آنذاك والحصول على اعتراف منها.
ملعقة الشاي والطبق نراهما من زاويتين مختلفتين، وهو أمر يستحيل تحقيقه لو أن الرسّام اعتمد المنظور التقليدي الذي يسمح بالنظر من زاوية واحدة فقط. المنظور المتحرّك الجديد الذي وظّفه ميتسينغر يسمح أيضا برؤية وجه المرأة جانبيّا ومن الأمام في نفس الوقت. والأمر يشبه شخصا يدور حول تمثال لكي يراه من كلّ جانب في وقت واحد.
بيكاسو وبْراك كانا يسعيان إلى تجريد الأشخاص من مادّيتهم في لوحاتهما التي تتشابك فيها الأسطح وتتقدّم وتتراجع إلى أن يصبح الجسم ضائعا بدلا من أن يكشف عن نفسه. وميتسينغر فعل العكس تماما في هذه اللوحة. واقتصاده في استخدام الألوان قد تكون الغاية منه تجنّب أي إيحاء بالمزاج أو الانفعال، وإبقاء اللوحة خالية من الارتباطات الرمزية أو السردية، كي يسمح للمتلقّي بالتركيز على النواحي المتعلّقة ببناء وشكل اللوحة نفسه.
الرسومات التكعيبية التحليلية هي في الأساس ذات لون واحد "مونوكروم"، وعادة ما تُستخدم فيها الألوان البنّية أو الرمادية الدافئة. لكنّ بعض التكعيبيين، ومن ضمنهم ميتسينغر، لم يكونوا سعداء بالمونوكروم، فأدخلوا ألوانا إضافية إلى لوحاتهم.
جان دومينيك ميتسينغر يحظى بمكانة خاصّة في الرسم الحديث. وقد لعب دورا مهمّا في تأسيس التكعيبية وفي صياغة تاريخ الفنّ الحديث في النصف الأوّل من القرن العشرين. ولد الرسّام في فرنسا عام 1883م ودرس الرسم في مدرسة الفنون الجميلة في نان. لوحاته المبكّرة تشي بتأثّره بالانطباعية الجديدة التي كان يمثلها جورج سورا وإدمون كروس. وفي ما بعد، أصبح منظّرا للحركة التكعيبية.