Friday, August 12, 2005

لوحـات عالميـة - 13


الفتاة ذات القرط اللؤلؤي
للفنان الهولندي يـوهـان فيـرميــر، 1666

كلّ ما يمكن ذكره عن هذه اللوحة الشهيرة هو أنها اشتريت لاول مرة في بدايات العام 1882 في مزاد بمدينة لاهاي لحساب مجموعة دي تومب التي كانت مفتوحة للعامة.
هذه اللوحة الرائعة أصبحت اليوم بحالة سيّئة بسبب ظروف الحفظ الرديئة وعمليات الترميم المكثفة التي خضعت لها.
وعندما أعيد اكتشاف هذه اللوحة أصبحت مشهورة جدّا لدرجة أن يعض نقاد الفن المتحمسين أطلقوا عليها "موناليزا الشمال".
ولحسن الحظ ما تزال النسخة الأصلية من اللوحة تحتفظ بما يكفي لان يستمتع الناظر بمشاهدة عمل فنّي نادر وغريب معا.
تقف الفتاة أمام خلفية محايدة، مظلمة إلى حد ما، تاركة أثرا قويا ذا بعد ثلاثي.
وعند النظر إلى اللوحة جانبيا، تبدو الفتاة وهي تنظر إلينا بينما افترّت شفتاها قليلا كما لو أنها على وشك أن تقول شيئا. انه الأسلوب المخاتل والغامض الذي يتّسم به الفن الهولندي.
في اللوحة تميل الفتاة رأسها قليلا إلى جنب كما لو أنها مستغرقة في التفكير، ومع ذلك تظلّ نظراتها ثابتة.
وهي هنا ترتدي معطفا بنيا يميل إلى الصفرة ومن دون زركشة، بينما توفّر الياقة البيضاء المشعّة عنصر تباين واضح مع ألوان المعطف.
أما العمامة الزرقاء فتوفر تباينا آخر مع شريط القماش الليموني المنسدل من رأسها حتى منكبيها.
استخدم فيرمير في هذه اللوحة الألوان الأصلية للحدّ من نطاقات تدرّج الألوان. وجاء غطاء رأس الفتاة ذا تأثير غريب إلى حد ما.
في تلك الأيام كان غطاء الرأس موضة شائعة عند النساء الأوربيات.
وخلال الحرب ضد الأتراك ثبت أن أساليب الحياة واللباس الخاصة بـ "أعداء المسيحية" أي الأتراك كانت أمورا ُينظر إليها بافتتان شديد.
في هذه اللوحة هناك ملمح ملحوظ وخاص ألا وهو قرط اللؤلؤ الضخم على شكل دمعة الذي يتدلى من أذن الفتاة وقد ظهر جزء منه باعثا بريقا ذهبيا في ذلك الجانب من العنق الذي يقع في الظلّ.
ومن الواضح أن قرط اللؤلؤ في لوحة فيرمير هو رمز للعفة والطهر، ولذلك معنى روحيّ مستمدّ من قصّة النبي اسحق الذي أرسل إلى ريبيكا العفيفة قرطا من اللؤلؤ تعبيرا عن محبّته لها.
وبالإضافة إلى القرط، يظهر أن غطاء الرأس الذي تضعه الفتاة هو تأكيد آخر على البعد الشرقي للقصّة.
وربما تكون اللوحة قد ُرسمت بمناسبة زواج هذه المرأة الشابة.
وفي النهاية لا بد وان يعجب المرء بالتكنيك الفني الذي اتبعه فيرمير في اللوحة من حيث وضع الألوان بطريقة متجاورة وإذابتها لتجنّب رسم خطوط مستقيمة ولإنتاج تأثير ظلي جميل.